قلق غربي بشأن حقول النفط الليبية.. ومطالب بتسليمها إلى حكومة السراج

رئيس حكومة الوفاق الوطني ينوي زيارة موسكو.. وينفي حاجته لقوات أجنبية على الأرض

قلق غربي بشأن حقول النفط الليبية.. ومطالب بتسليمها إلى حكومة السراج
TT

قلق غربي بشأن حقول النفط الليبية.. ومطالب بتسليمها إلى حكومة السراج

قلق غربي بشأن حقول النفط الليبية.. ومطالب بتسليمها إلى حكومة السراج

بدا، أمس، أن الصراع على النفط في ليبيا يتسع، بعدما أعلن الجيش الليبي تصديه لهجومين على حقول نفطية، فيما قالت ست دول غربية من بينها الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا في بيان مشترك، إنها تشعر بالقلق من تصاعد التوتر حول ميناء الزويتينة النفطي في ليبيا.
وقال الجيش الليبي، إنه نجح في إحباط هجوم شنه تنظيم داعش على حقل الناقة النفطي، بينما تصدى لميليشيا ما يسمى «سرايا الدفاع عن بنغازي»، لدى محاولتها التقدم نحو الحقل التابع لشركة الهروج النفطية الواقع جنوب شرقي حوض زلة. وقالت مصادر عسكرية إن جنديين من عناصر سرية مرادة المقاتلة قتلا، بينما لقي 6 من عناصر «داعش»، أغلبهم مصريو الجنسية، مصرعهم خلال هذه الاشتباكات.
وتعرض حقل الناقة لسلسلة اعتداءات من ميليشيات مسلحة بعد انسحاب السرية المكلفة بتأمينه، خوفًا من تعرضهم لهجوم «داعش» الذي استهدف بعض الحقول المجاورة منذ العام الماضي. من جهتها، حثت حكومات الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإسبانيا وإيطاليا في إعلان مشترك على عودة كل منشآت النفط والغاز الليبية إلى سلطة حكومة السراج، ودعت كل الأطراف إلى «الامتناع عن أي عمل عدائي، وتجنب أي تصرف من شأنه الإضرار بالبنية الأساسية للطاقة في البلاد أو تعطيلها».
وطالب الإعلان بعودة كل المنشآت النفطية في ليبيا «من دون تأخير ولا تحفظات» إلى سلطة حكومة السراج، ودعت «كل الأطراف إلى الامتناع عن القيام بأي عمل عدائي، وتجنب أي عمل يمكن أن يضر بالمنشآت النفطية في ليبيا أو يعرقل عملها». وأعربت عن «قلقها إزاء التوتر المتصاعد قرب مرفأ الزويتينة النفطي»، حيث أهم البنى التحتية النفطية على الشاطئ الشرقي للبلاد على بعد نحو 80 كلم جنوب غربي مدينة بنغازي.
وخلص الإعلان المشترك إلى أن «من مصلحة كل الليبيين دعم الجهود التي تبذلها حكومة الوفاق الوطني لتقديم الخدمات الأساسية للشعب الليبي»، معتبرا أن من «الضروري جدا» استئناف صادرات النفط.
وميناء الزويتينة أحد ثلاثة موانئ نفطية في شرق ليبيا أغلقها حرس المنشآت النفطية، الذي وقع اتفاقا لإعادة فتح الموانئ مع حكومة السراج المدعومة من الأمم المتحدة، لكن القوات الموالية لحكومة أخرى تتخذ من شرق البلاد مقرا لها هددت بعرقلة استئناف الصادرات. وقالت المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا يوم الأحد الماضي، إنها تشعر بالقلق بسبب تقارير عن «صراع وشيك» بين حرس المنشآت النفطية والجيش الوطني الليبي الموالي لحكومة شرق البلاد قرب الزويتينة. وأسفرت المعارك والنزاعات السياسية والهجمات المسلحة في تراجع إنتاج النفط في ليبيا بعدما كان يبلغ 1.6 مليون برميل يوميا قبل الإطاحة بمعمر القذافي في 2011.
وهددت القوات الموالية للواء خليفة حفتر المتمركزة في شرق ليبيا والمعارضة لحكومة السراج بالتدخل في الزويتينة ضد حرس المنشآت النفطية في هذا المرفأ. وكانت حكومة السراج أعلنت عزمها على الإشراف مجددا على تصدير النفط الليبي المتوقف منذ أشهر عدة، بسبب الخلافات السياسية وهجمات الجهاديين. وهددت قوات حفتر الشهر الماضي بـ«ضرب» ناقلات النفط التي تتعامل مع سلطات طرابلس، وحشدت عشرات الآليات في مدينة أجدابيا (900 كلم شرق طرابلس) قرب الزويتينة، مما أثار مخاوف من نشوب معارك.
من جهته، اعتبر رئيس الحكومة الليبية فائز السراج، رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية، أن بلاده ليست بحاجة إلى قوات أجنبية على الأراضي الليبية لمساعدة القوات التي تقاتل تنظيم داعش. وقال السراج في مقابلة مع صحيفة «كورييري ديلا سيرا» الإيطالية: «نحن لسنا بحاجة إلى قوات أجنبية على الأراضي الليبية»، مضيفا: «طالبت فقط بضربات جوية أميركية لا بد من أن تكون جراحية جدا ومحدودة في الزمن والمكان، ودائما بالتعاون معنا». وتابع: «بإمكان جنودنا إنجاز المهمة وحدهم بعد الحصول على الغطاء الجوي».
وحذر السراج من «خطورة (داعش) الذي يمكن أن يستخدم كل الوسائل لإرسال عناصره إلى إيطاليا وأوروبا»، مضيفا أنه «لن يفاجأ إذا علم بأن مقاتلين من التنظيم اندسوا بين المهاجرين على الزوارق» المتجهة إلى الشواطئ الإيطالية.
من جهة ثانية، قال السراج إنه «يمكن» أن يزور روسيا «قريبا»، مشددا على أن حكومته تقيم «علاقات جيدة» مع موسكو.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.