نظام الأسد يشطب «الفتوحات العثمانية» من مناهجه.. ويجرد محمد الفاتح من لقبه

ناشطون: في ظل تحالفاتنا سيصبح تاريخ روسيا القيصرية جزءًا من تاريخنا

نظام الأسد يشطب «الفتوحات العثمانية» من مناهجه.. ويجرد محمد الفاتح من لقبه
TT

نظام الأسد يشطب «الفتوحات العثمانية» من مناهجه.. ويجرد محمد الفاتح من لقبه

نظام الأسد يشطب «الفتوحات العثمانية» من مناهجه.. ويجرد محمد الفاتح من لقبه

وصف سوريون النظام السوري بنظام «المطلقات» تعليقا على قرار وزارة التربية السورية تعديل منهاج مادة التاريخ للصف الثامن في المرحلة الثانية من التعليم الأساسي، حيث تم استبدال عدد من التوصيفات والمصطلحات الخاصة بمرحلة التوسع العثماني في أوروبا.
وجاءت التعديلات من قبيل «فتح العثمانيين القسطنطينية» التي باتت «استيلاء العثمانيين على القسطنطينية»، وعبارة «لدى فتح العثمانيين القسطنطينية»، أصبحت «لدى دخول العثمانيين القسطنطينية»، أما «محمد الفاتح» فأصبح اسمه «محمد الثاني» ولم يعد سابع السلاطين العثمانيين، المعروف بفتوحاته وقضائه على الدولة البيزنطية نهائيا. وشملت التغييرات الفتوحات المرتبطة بالعثمانيين في البلقان، إذ صارت خارج الفتوحات الإسلامية، وبات اسمها «دخول البلقان».
وقالت وزارة التربية والتعليم السورية التي بدأت يوم أمس عملية توزيع الكتاب المدرسي للعام الدراسي الجديد، إن «التعديلات في عبارات كتاب التاريخ للصف الثامن جاءت لتصويب (الأخطاء) في الكتب المدرسية»، في الوقت الذي تزداد فيه العلاقة سوءًا بين نظام الأسد وتركيا.
سوريون وصفوا القرار بأنه أشبه بكلام المطلقات اللواتي ينسبن كل الأفعال والصفات السيئة إلى أزواجهن السابقين، ولفت محمد. بـوهو مدرس تاريخ، إلى أن المناهج بالكامل تحتاج إلى تجديد لا إلى تعديلات تأتي كرد فعل على موقف سياسي متغير، وقال: «هذا تاريخ لا يجوز العبث به، تاريخ العثمانية جزء من التاريخ الإنساني والعربي والإسلامي، وليس مقالا في مجلة ولا كتاب موقف ورأي». ولفت مدرس التاريخ محمد إلى أن نظام حافظ الأسد حرّم التعامل مع العراق في عهد صدام حسين وبات أي متعاطف مع العراق موضع شبهات، كما ربى عدة أجيال على أن الحزب القومي السوري الاجتماعي هو حزب رجعي، رغم أن الحزب كان ينضوي في صفوفه آل مخلوف عائلة أنيسة مخلوف زوجة حافظ الأسد، وذلك على خلفية الصدام بين هذا الحزب وحزب البعث الحاكم في سوريا وتبادل الاتهامات حول اغتيال العقيد عدنان المالكي، إلا أنه وبعد وصول بشار الأسد إلى السلطة، دخل الحزب القومي الاجتماعي الجبهة الوطنية التقدمية (تحالف الأحزاب التقليدية في سوريا مع حزب البعث)، واليوم يعتبر الحزب القومي السوري أحد حلفاء النظام ويقاتل إلى جانبه المتمردين على نظام الأسد.
رولا وهي مدرسة تاريخ أيضا في مدرسة إعدادية، علقت على تغير منهج التاريخ بالقول إنه «لن يدوم طويلا، فقد سبق وخلال فترة التقارب مع تركيا أن طلب من المدرسين التركيز على التاريخ العثماني كتاريخ مشترك»، كما تم مسح لواء إسكندرون السليب من الخريطة السورية المدرسية إرضاء لتركيا إردوغان». وعلى صعيد الأعمال الدرامية تقول رولا التي كانت تعمل أحيانا في تدقيق الأعمال التاريخية، «إن الدراما قبل فترة التقارب شهدت الكثير من الأعمال التي تتحدث عن ظلم العثمانيين للعرب، وخلال التقارب تم وقف تلك الأعمال، وفتح الباب لدبلجة وترويج الدراما التركية التي كان لها تأثير كبير على الجمهور السوري». ثم صدر قرار العام الماضي بوقف دبلجة المسلسلات التركية من سوريا.
ومنذ اندلاع الثورة السورية ضد نظام الأسد اتخذت تركيا موقفا معارضا للأسد ودعمت المعارضة السورية، فيما راح الأسد يدعم الأكراد الذين يثيرون قلق الأتراك.
ونشرت صفحة «دمشق الآن» الموالية للنظام على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، ما قالت إنه تعديلات على مادة التاريخ المتعلقة بـ«الدولة العثمانية»، وتعتبر دمشق إردوغان وريثا لها.
وحسب الصفحة التي نشرت الصورة مساء الأحد، فإن التعديل الجديد سيدخل حيز التنفيذ في العام الدراسي الجديد 2016 – 2017، وسخر متابعو الصفحة من تلك التعديلات واعتبروها سخيفة، وعلق أحدهم بأنه في ظل تحالف إيران وروسيا مع نظام الأسد سيصبح تاريخ روسيا القيصرية جزءا من تاريخنا، كما سيدخل مذهب الاثناعشرية في مناهج التعليم الديني.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».