أنقرة تبدو واثقة من استعادة غولن من واشنطن: «انتهى دوره»

استمرار الاعتقالات وسحب جوازات سفر الصحافيين «احترازيًا»

رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم يتحدث امس امام أعضاء البرلمان من حزب العدالة والتنمية الحاكم في انقرة أمس «ا ف ب}
رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم يتحدث امس امام أعضاء البرلمان من حزب العدالة والتنمية الحاكم في انقرة أمس «ا ف ب}
TT

أنقرة تبدو واثقة من استعادة غولن من واشنطن: «انتهى دوره»

رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم يتحدث امس امام أعضاء البرلمان من حزب العدالة والتنمية الحاكم في انقرة أمس «ا ف ب}
رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم يتحدث امس امام أعضاء البرلمان من حزب العدالة والتنمية الحاكم في انقرة أمس «ا ف ب}

بدت أنقرة أكثر ثقة في إنهاء ملف الداعية التركي فتح الله غولن المقيم في أميركا، الذي تتهمه بالوقوف وراء محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا منتصف يوليو (تموز) الماضي وقيام واشنطن بتسليمه ليحاكم في تركيا.
وقال رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، إن تركيا ستحضر فتح الله غولن، وستحاسبه أشد حساب على إصداره الأوامر بتنفيذ محاولة الانقلاب الفاشلة وقصف البرلمان.
وأضاف يلدريم في كلمة أمام اجتماع الكتلة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية بالبرلمان أمس (الثلاثاء): «لا تشكوا وكونوا على ثقة من أنه سيتم إحضار هذا (الزعيم الإرهابي) ومحاسبته على كل ما فعل»، على حد قوله.
وأشار إلى أن التجمع المليوني في يني كابي في إسطنبول الأحد الماضي، كان أبلغ رد على من يوجهون الانتقادات لتركيا بعد محاولة الانقلاب الفاشلة، ومن يوجهون الانتقادات لرئيسها رجب طيب إردوغان، حيث قدم الأتراك رسالة وحدة وتضامن تؤكد وقوفهم صفًا واحدًا ضد كل من يحاول العبث بتركيا، وأن شعبها قادر على دحر كل المخططات التي تسعى للنيل من وحدتها واستقرارها.
وحضر اجتماع الكتلة البرلمانية للعدالة والتنمية مجموعات من أعضاء الحزب من تنظيمات الشباب والمرأة، رددوا هتافات أثناء كلمة بن على يلدريم، حيث هتفوا باسم الرئيس إردوغان، كما حضر بعض المفتيين من دول البلقان.
وشبه يلدريم ما قام به الأتراك ليلة محاولة الانقلاب والتصدي للدبابات بما فعله المسلمون في غزوة بدر، وما فعله الأتراك في حرب الاستقلال في جناق قلعة. ووجه رسالة، بلهجة التهديد، إلى أنصار فتح الله غولن قائلاً: «انتظروا يوم الرابع عشر من أغسطس (آب)، ذكرى تأسيس حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، لتروا بأنفسكم رد الشعب عليكم».
في الوقت نفسه، حذرت أنقرة، الولايات المتحدة، من التضحية بالعلاقات الثنائية بينهما، إذا لم تسلم واشنطن الداعية فتح الله غولن. وقال وزير العدل التركي بكير بوزداغ في تصريحات بثها التلفزيون التركي أمس: «إذا لم تسلم الولايات المتحدة غولن، فإنها ستضحي بعلاقاتها مع تركيا من أجل (إرهابي)»، على حد قوله. واعتبر بوزداغ أن المشاعر المعادية لأميركا بين الشعب التركي بلغت ذروتها، بسبب الخلاف بين الدولتين بشأن تسليم خصم الرئيس رجب طيب إردوغان.
وكانت واشنطن أعلنت أنها تحتاج لأدلة واضحة على تورط غولن في محاولة الانقلاب، وأنه يجب السماح لعملية التسليم العادية أن تأخذ مجراها.
ونفى غولن، الذي يعيش في منفى اختياري بولاية بنسلفانيا منذ عام 1999، تورطه في محاولة الانقلاب التي أسفرت عن مقتل 237 شخصًا.
وقال بوزداغ إن غولن فقد صفته كأداة بالنسبة للولايات المتحدة، وغيرها من الدول وافتضح أمر «منظمة فتح الله غولن»، وسلسلة المدارس الاستخباراتية (في إشارة لمدارس حركة الخدمة التابعة لغولن التي تسميها الحكومة منظمة فتح الله غولن الإرهابية أو الكيان الموازي)، في تركيا وغيرها من الدول، «لذا ليس من الصواب لأي دولة عاقلة أن تستثمر فيها».
وتابع أن «الولايات المتحدة دولة كبيرة، وستتصرف في النهاية وفق متطلبات ذلك، وأعتقد بأنها ستعيد (الإرهابي فتح الله غولن) إلى تركيا».
ولفت بوزداغ إلى أن السلطات التركية اعتقلت أكثر من 26 ألف شخص إجمالاً فيما يتصل بمحاولة الانقلاب الفاشلة.
في السياق نفسه، قال المتحدث باسم الحكومة التركية نعمان كورتولموش، إن المسؤولين الأميركيين بدأوا جديًا بالتردد حيال مسألة «إبقاء وحماية» فتح الله غولن في بلادهم، عقب التجمع المليوني في إسطنبول الأحد.
وأضاف كورتولموش في مؤتمر صحافي مساء الاثنين عقب اجتماع مجلس الوزراء: «إسطنبول شهدت أمس حشدًا جماهيريًا بعنوان تجمع (الديمقراطية والشهداء)، شارك فيه 5 ملايين شخص، فيما شهدت باقي الولايات تجمعات متزامنة، ليرتفع العدد الإجمالي إلى قرابة 10 ملايين». وشدد على أن «موقف الشعب التركي الرافض لمنظمة فتح الله غولن الإرهابية، الذي ظهر جليًا خلال التجمعات الجماهيرية سيدفع دون شك المسؤولين الأميركيين لإعادة النظر في موقفهم فيما يتعلق بتسليم غولن إلى تركيا». وأوضح أن «25 مليون مواطن شاركوا حتى اليوم في مظاهرات (حراسة الديمقراطية) في عموم البلاد، بحسب إحصائيات الأمن». وحول متابعة وملاحقة عناصر «منظمة غولن»، قال كورتولموش، إن إجمالي عدد العسكريين الانقلابيين الفارين بلغ 216 شخصًا بينهم 9 جنرالات، كما اتخذت السلطات التركية إجراءات قانونية بحق 10 من الرعايا الأجانب لارتباطهم بالمنظمة. وحول ادعاءات فرار عسكريين انقلابيين تابعين لمنظمة غولن إلى جبال قنديل شمال العراق، معقل منظمة حزب العمال الكردستاني، قال كورتولموش: «مصادرنا الرسمية لم تؤكد أبدًا صحة معلومات حول كون الفارين بيد منظمة في شمال العراق أم لا. وهذه الأنباء مجرد شائعات بالنسبة لنا في الوقت الراهن».
وأكد كورتولموش في رسالة إلى الشعب التركي أن «منظمة غولن» لن تتمكن مرة أخرى من القيام بمحاولة انقلاب عسكري، متوقعًا أن تشهد البلاد خلال الفترة المقبلة، زيارات لعدد كبير من الوفود من الخارج لتقديم الدعم الجاد للديمقراطية التركية.
في السياق نفسه، أعلنت رئاسة الأركان العامة للجيش التركي، أن الأنباء التي تحدثت عن فرار عسكريين انقلابيين، ينتمون لـ«منظمة فتح الله غولن» الإرهابية إلى جبال قنديل شمال العراق، أنباء لا تمت إلى الحقيقة بصلة.
وذكر بيان صادر عن دائرة الإعلام والعلاقات العامة بالأركان العامة، أن «وسائل إعلام تناقلت أنباء مفادها أن 57 عسكريًا و3 جنرالات انقلابيين وصلوا إلى بلدة سيلوبي بمحافظة شيرناق، جنوب شرقي تركيا بواسطة مروحية، في 16 يوليو الماضي، ثم انتقلوا منها إلى جبال قنديل، معقل منظمة حزب العمال الكردستاني الانفصالية في شمال العراق».
وأوضح البيان أن «هذه الأنباء لا تعكس الواقع، لأن سيلوبي كانت تحت السيطرة التامة صبيحة 16 يوليو الماضي، ولم تشهد مطلقًا أي تحركات للطائرات».
على صعيد آخر، فتحت السلطات التركية تحقيقًا مع المسؤولين في صحيفة «سوزجو»، بسبب نشرها خبرًا بعنوان «سوزجو عثرت على إردوغان» قبل ساعات من وقوع محاولة الانقلاب الفاشلة.
ووجهت النيابة إلى الصحيفة تهمة «فتح الطريق أمام العصيان المسلح ضد الجمهورية التركية وتنفيذ هجوم ضد رئيس الجمهورية وتسهيل هذا الجرم قبل محاولة الهجوم».
في الوقت نفسه، أصدرت السلطات التركية قرارًا باعتقال 77 أكاديميًا وإداريًا في جامعة دجلة، في إطار تحقيقات محاولة الانقلاب الفاشلة.
وكان قد تم توقيف رئيسة الجامعة السابقة الدكتورة عائشة جول جالا ساراش و9 آخرين، في وقت سابق في إطار التحقيقات نفسها.
وفي ظل استمرار عمليات الاعتقالات وإغلاق الجامعات والمؤسسات التعليمية والجمعيات الخيرية، طرحت الحكومة مشروع قرار جديدًا على البرلمان يمنح القائمين على هذه العمليات حصانة قانونية.
وتضمن مشروع القرار حظر رفع قضايا تعويضات ضد مسؤولي الدولة وعناصر التفتيش والتدقيق، الذين يتولون التحقيق مع مؤسسات وأفراد معروفين بقربهم لحركة غولن (الكيان الموازي).
وفي خطوة تمثل اعتراضًا على حملات الاعتقالات والإقالات الموسعة، قال الرئيس العام لاتحاد صناديق موظفي القطاع العام التركي، إسماعيل كونجوك، في رسالة إلى مجلس الوزراء، إن هناك ظلمًا يقع في حملات الإقالة، موضحًا أن السلطات المدنية تضغط على رؤساء الأقسام لإيجاد أشخاص ينتمون لحركة الخدمة (الكيان الموازي كما تسميه الحكومة)، من أجل طردهم من وظائفهم. وأضاف كونجوك أن البلديات تُجبر العاملين ممن يزعم انتماؤهم إلى حركة الخدمة على الاستقالة من وظائفهم، ويتم تهديد من يمتنع عن تقديم طلب الاستقالة. وتمت إقالة نحو 70 ألف موظف من القطاع العام في أعقاب محاولة انقلاب الخامس عشر من يوليو، من بينهم كثير من أعضاء الصناديق المختلفة بالقطاع العام. وأشار كونجوك أيضًا إلى أنه يتم تصنيف موظفي الحكومة كمقربين من حركة الخدمة (الكيان الموازي)، لمجرد امتلاكهم حسابات في بنك آسيا، الذي تمت مصادرته، كدليل لإدانتهم. وأفاد كونجوك بأن المنشورات التي تتم مشاركتها على مواقع التواصل الاجتماعي للموظفين والمدرسين المقربين من الحركة التي يضعها أطفال الموظف، باتت أيضًا تُستخدم حجة لإقالته وإبعاده عن العمل. وفيما يتعلق بقرار الحكومة بسحب جوازات سفر الصحافيين، قالت نائبة حزب الشعب الجمهوري التركي المعارض عن مدينة إسطنبول، سلينا دوغان، إن مسؤولي الأمن أبلغوها بأن سحب جوازات سفر كثير من الصحافيين عقب الخامس عشر من يوليو، هو إجراء احترازي.
والتقت النائبة مسؤولين أمنيين على خلفية الاستيلاء على جواز سفر الصحافي التركي من أصل أرميني، هايكو بغداد، وسألت النائبة عن سبب إلغاء جواز سفره، وأخبرها أحد المسؤولين من الأمن بأن الحكومة قامت بإلغاء جوازات سفر كثير من الصحافيين إجراء احترازيًا في ظل حالة الطوارئ. وكان أمن مطار أتاتورك تحفظ السبت الماضي على جواز سفر الصحافي بجريدة «ديكان» الإلكترونية، هايكو بغداد، بعد وصوله إلى تركيا قادمًا من اليونان. وأوضح بغداد في بيان على موقع الصحيفة، أن دوغان ونائب حزب الشعوب الديمقراطي جارو بايلان سيطرحان الموضوع على البرلمان، قائلاً: «سيسألون وزير الداخلية أفكان آلا عن الصحافيين الذين تم اتخاذ إجراءات كهذه في حقهم، والصحافيين الذين تم اعتقالهم، والآخرين الذين تم الاستيلاء على جوازات سفرهم. هذه ليست مشكلتي أنا فقط، حيث يدور الحديث عن اتخاذ مثل هذه القرارات بحق آلاف الصحافيين». وذكر بغداد على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي «تويتر» أن المعلومات الصادرة عن مديرية الأمن تشير إلى إلغاء جوازات سفر جميع الصحافيين إجراء احترازيًا في أعقاب محاولة الانقلاب الفاشلة، وأن الحكومة ستقوم بإعادة جوازات السفر لبعض الصحافيين في الفترة المقبلة، «وذلك حسب المعلومات التي وصلت إلي في هذا الصدد».



لندن وطوكيو وروما تطلق مشروعها لبناء طائرة قتالية جديدة

تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
TT

لندن وطوكيو وروما تطلق مشروعها لبناء طائرة قتالية جديدة

تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)

اتفقت المملكة المتحدة وإيطاليا واليابان، اليوم الجمعة، على إنشاء شركة مشتركة لبناء طائرتها المقاتِلة الأسرع من الصوت، والمتوقع أن تجهز في عام 2035، في إطار برنامج يحمل اسم القتال الجوي العالمي «GCAP».

وأعلنت الشركات المصنّعة الثلاث المسؤولة عن تطوير الطائرة المقاتِلة، الجمعة، في بيان، أنها وقّعت على اتفاقية إنشاء الشركة التي تملك كلٌّ منها ثُلثها. والشركات هي: «بي إيه إي سيستمز (BAE Systems)» البريطانية، و«ليوناردو (Leonardo)» الإيطالية، و«جايك (JAIEC)» اليابانية، التي أنشأتها، على وجه الخصوص، شركة ميتسوبيشي للصناعات الثقيلة.

وأنشئت الشركة المشتركة، التي ستبدأ أنشطتها منتصف عام 2025، في إطار برنامج القتال الجوي العالمي الذي أُعلن في عام 2022 بالشراكة بين لندن وروما وطوكيو. وستحلّ الطائرة الضخمة ذات الذيل المزدوج على شكل حرف V محل طائرات «إف-2» (F-2) اليابانية ومقاتِلات يوروفايتر الإيطالية والبريطانية. ومن المتوقع أن يمتد عمرها الافتراضي إلى ما بعد عام 2070، وفقاً للبيان.

وفي حال احترام الجدول الزمني، الذي وضعه القائمون على المشروع، فإنها ستدخل الخدمة قبل خمس سنوات على الأقل من الطائرة التي يبنيها مشروع نظام القتال الجوي المستقبلي «SCAF» الذي تُنفذه فرنسا وألمانيا وإسبانيا.