القضاء العراقي يفرج عن الجبوري.. ويغلق دعوى العبيدي ضده

خبير قانوني: القرار لا يعني البراءة والملف قد يفتح مجددًا إذا قدمت أدلة جديدة

صورة أرشيفية لرئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري في مؤتمر صحافي بمقر مجلس النواب في بغداد (رويترز)
صورة أرشيفية لرئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري في مؤتمر صحافي بمقر مجلس النواب في بغداد (رويترز)
TT

القضاء العراقي يفرج عن الجبوري.. ويغلق دعوى العبيدي ضده

صورة أرشيفية لرئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري في مؤتمر صحافي بمقر مجلس النواب في بغداد (رويترز)
صورة أرشيفية لرئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري في مؤتمر صحافي بمقر مجلس النواب في بغداد (رويترز)

في غضون ساعة تقريبا من تصويت البرلمان العراقي على رفع الحصانة عن رئيسه سليم الجبوري بطلب منه، أعلنت السلطة القضائية العراقية الإفراج عن الجبوري وغلق الدعوى المقامة ضده من قبل وزير الدفاع خالد العبيدي.
وقال المتحدث باسم السلطة القضائية، القاضي عبد الستار بيرقدار، في بيان أمس إن «الهيئة القضائية التحقيقية المكلفة بما ورد في أقوال وزير الدفاع خالد العبيدي بالاتهامات التي وجهها خلال جلسة استجوابه قررت الإفراج عن رئيس مجلس النواب سليم الجبوري لعدم كفاية الأدلة». وأضاف بيرقدار أن «الأدلة المتحصلة بحق المتهم سليم الجبوري غير كافية، لذا قررت الإفراج عنه وغلق الدعوى بحقه استنادًا لأحكام المادة 130 - ب من قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971».
وكان الجبوري تعهد بإثبات براءته أمام الشعب بعد موافقة البرلمان على طلبه التنازل عن حصانته البرلمانية. وقال الجبوري في كلمة له أمام البرلمان التي ترأسها نائبه الثاني، آرام شيخ محمد، إثر قرار الجبوري عدم اعتلاء منصة الرئاسة قبل البت قضائيا ببراءته: «سوف أتحدث بصراحة تامة اليوم بخصوص التهم الموجهة إلينا وسوف تنكشف الحقائق قريبًا ويتبين للجميع أننا كنا حافظين للأمانة التي قسمنا بها في عملنا النيابي». وأضاف الجبوري قائلاً: «سأثبت براءتي للشعب العراقي بأن ادعاءات وزير الدفاع خالد العبيدي باطلة».
وفي السياق نفسه، قد تقدم كل من النائبين محمد الكريولي وطالب المعماري بطلب مماثل إلى البرلمان للتصويت برفع الحصانة عنهما وهو ما وافق عليه البرلمان. وقال الكربولي، المتهم الثاني بعد الجبوري من قبل وزير الدفاع خالد العبيدي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «التهم التي وجهها لي وزير الدفاع باطلة ولا تستند إلى أي أدلة وطالما أنني برئ مما نسب لي ومن أجل أن يأخذ التحقيق مجراه فقد قررت التنازل عن حصانتي البرلمانية حتى أفتح الطريق أمام الهيئة القضائية بإجراء التحقيقات اللازمة بهذا الشأن». وأضاف الكربولي، وهو نائب عن محافظة الأنبار وعضو الهيئة السياسية لتحالف القوى العراقية التي ينتمي إليها الوزير العبيدي نفسه، أن «مثولي أمام القضاء بكامل حريتي دليل على ثقتي بنفسي وأنا أثق تماما بالقضاء العراقي الذي سوف ينصفني من التهم الباطلة التي ساقها العبيدي جزءا من عمليات التسقيط السياسي».
إلى ذلك، قال المستشار القانوني، أحمد العبادي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «قرار الإفراج عن الجبوري جاء لعدم كفاية الأدلة وهو من الناحية القانونية لا يعني البراءة بل يعني أن الأدلة المقدمة في سياق هذه الدعوى غير كافية وهو ما يستدعي غلقها وإعادة الأمور إلى نصابها لا سيما فيما يتعلق برفع الحصانة والمنع من السفر».
وردا على سؤال عما إذا كانت الحصانة تعود تلقائيا بعد غلق الدعوى أم ترتبط بإجراءات معينة، أوضح العبادي أن «رفع الحصانة يرفع حال وصول كتاب غلق الدعوى إلى البرلمان دون الحاجة إلى التصويت»، مشيرا إلى أنه «في حال قدمت أدلة جديدة يعاد فتح الدعوى ثانية وتعاد الإجراءات نفسها».
وبشأن ما بدا أنه إجراءات سريعة بين قرار رفع الحصانة ومثول الجبوري أمام القضاء والإفراج عنه، قال العبادي إن «القضاء كان قد شكل لجنة من ثلاثة قضاة منذ أكثر من أسبوع تولوا دراسة الدعاوى المقامة ضد كل من رئيس البرلمان سليم الجبوري والنائبين محمد الكربولي وطالب المعماري، وبالتالي فإن الإجراء كان فقط يتوقف على رفع الحصانة الذي كان يحول دون حضور الجبوري أمام القضاء».
وحول الدعوى المرفوعة من قبل الجبوري ضد العبيدي بتهم القذف والسب والتشهير، قال العبادي إن «هذه قضية منفصلة، إذ إن الجبوري هذه المرة هو الذي رفع شكوى بمسألة تتعلق بجنحة أو جناية وهي تحتاج إلى وقت لكي يتم إثباتها وسبق لوزير الدفاع أن حضر إلى محكمة الكرخ التي رفعت الشكوى إليها وقد تم تحديد جلسات للمرافعة حيث إن شكوى العبيدي على الجبوري بتهم فساد ينظر فيها القضاء باسم الشعب بعد أن قدمت من قبل لجنة النزاهة وهيئة النزاهة، فضلا عن تحريك شكوى من قبل الادعاء العام بينما شكوى الجبوري ضد العبيدي مدنية وتختص بها المحاكمة العادية».
على صعيد متصل، واصل ائتلاف متحدون، الذي يتزعمه أسامة النجيفي، دعمه لوزير الدفاع مع الإصرار على إقالة الجبوري من منصبه حتى لو برأه القضاء من التهم الموجهة إليه. وقال بيان لكتلة متحدون إن النجيفي ترأس اجتماعا موسعا حضره وزراء ونواب وقيادات ائتلاف متحدون وتم فيه بحث مجموعة من الملفات المهمة واتخاذ القرارات والتوصيات المناسبة بشأنها. وقال البيان إن الاجتماع واصل دعمه «لوزير الدفاع من منطلق أن الاستجواب تم على خلفية استهداف سياسي، وطريقة تفتقد الشروط القانونية». وفيما يتصل بالموقف من رئيس مجلس النواب، أكد المجتمعون أنهم «ينتظرون استكمال التحقيقات القضائية وعندها يمكن اتخاذ القرار المناسب»، كما جددوا رفضهم مشاركة ميليشيات الحشد الشعبي في معركة تحرير الموصل «للأسباب التي تم توضيحها في بيان قيادة التحالف وما أعقبها من اجتماعات». كما أبدوا «دعمهم وحرصهم على استكمال مقومات فكرة المجلس الذي سيتولى قيادة العمل التنظيمي للأطراف السياسية التي بحثته في اجتماع قيادة تحالف القوى العراقية، وإنجاز نظامه الداخلي بما يؤهله لقيادة العمل التنظيمي في المحافظات الست، وتحقيق التماسك والوحدة بين أطرافه بما ينعكس إيجابا على فعاليته في خدمة جماهيره».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.