3 مراحل لإعادة إعمار الضالع في الذكرى الأولى لتحريرها من الانقلابيين

المحافظ الجعدي يجتمع بقضاة المحاكم والنيابة لبحث سبل استئناف سلطات القضاء عملها

مجمع محافظة الضالع استخدمته الميليشيات الانقلابية مقرًا لعملياتها العسكرية («الشرق الأوسط»)
مجمع محافظة الضالع استخدمته الميليشيات الانقلابية مقرًا لعملياتها العسكرية («الشرق الأوسط»)
TT

3 مراحل لإعادة إعمار الضالع في الذكرى الأولى لتحريرها من الانقلابيين

مجمع محافظة الضالع استخدمته الميليشيات الانقلابية مقرًا لعملياتها العسكرية («الشرق الأوسط»)
مجمع محافظة الضالع استخدمته الميليشيات الانقلابية مقرًا لعملياتها العسكرية («الشرق الأوسط»)

في الذكرى السنوية الأولى لتحرير محافظة الضالع من قبضة الميليشيات الانقلابية في 25 مايو (أيار) 2015، حدّد المحافظ فضل محمد الجعدي ثلاث مراحل رئيسية لإعادة إعمار هذه المحافظة التي عانت من حجم كبير من الدمار، خلفته الحرب التي شنها عليها الانقلابيون. وتعد الضالع ذات أهمية كبيرة لدى المقاومة والجيش الوطني، باعتبارها أول محافظة يمنية تعلن تحررها، ورمزًا لانتصار عسكري يحسب له قلب معادلة الحرب لمصلحة السلطة الشرعية.
وقال الجعدي أن من أولوياته التي يسعى جاهدًا لإنجازها خلال المرحلة المقبلة تتمثل في ثلاث قضايا أساسية، هي: إعادة بناء ما خربته الحرب التي شنتها الميليشيات على المحافظة خلال العام الماضي، وترتيب وضعية المقاومة ضمن مؤسسات الدولة العسكرية والمدنية، واستعادة نفوذ الدولة وسلطاتها التنفيذية والقضائية.
وأضاف المحافظ الجعدي في حديث مع «الشرق الأوسط» أن أول من أمس الاثنين صادف الذكرى الأولى لتحرير بقية المناطق التي كانت تحت سيطرة الانقلابيين، ومنها منطقة سناح التي يوجد بها مجمع المحافظة، والذي دمرته الحرب نتيجة لاستخدامه من الميليشيات كمقر لعملياتها العسكرية، وكذا مديرية قعطبة شمالاً وهي أكبر مديريات المحافظة، وحدودها الشمالية والشرقية متاخمة لمحافظة إب التي ما زالت تحت سيطرة الميليشيات الانقلابية.
وأوضح أن لقاءه برجال السلطة القضائية والأمنية ناقش آليات تسيير أعمال القضاء والنيابات في المحافظة ودور الأمن في حمايتها، وتفعيل العلاقة المشتركة بينهما، مشيرًا إلى أن اجتماعه برؤساء المحاكم والنيابات ومديري الأمن والبحث الجنائي بالمحافظة وقف إزاء تفعيل دور القضاء والرفع من أدائه، خصوصًا في الفترة الحالية التي تلت الحرب وراكمت الكثير من القضايا والمشكلات. وأكد المحافظ التزام قيادة السلطة المحلية بالمحافظة بمتابعة توفير هذه الاحتياجات ومواصلة دعمها ومساندتها للقضاء، وتعزيز سلطته، وبحث كل السبل الضامنة لفاعلية أدائه وبما يحقق أهدافه المرجوة.
بدوره، قال رئيس محكمة استئناف المحافظة، القاضي محسن بن يحيى، أن المحاكم على أتم الاستعداد لمزاولة نشاطها عندما يتم تأمين تلك المحاكم الاستئنافية أو الابتدائية بالحماية اللازمة، التي من شأنها قيام السلطة القضائية بكامل واجبها وسلطتها، دونما منغصات أو عراقيل أو مخاوف. وأضاف أن الحرب وما لحقها من انفلات أمني نتيجة لغياب سلطات الدولة تسبب بتأخر عمل المحاكم في أول محافظة جنوبية محررة من الميليشيات الانقلابية، لافتا إلى أنه ورغم تلك الوضعية فإنه على استعداد دائم لتوجيه محاكم المحافظة باستئناف نشاطها مجددًا، مشترطًا لهذه العودة بتوافر الحماية الأمنية اللازمة التي تمكن القضاة وعمال المحاكم من أداء عملهم الطبيعي المعتاد.
إلى ذلك، أشار القاضي يحيى إلى أن محكمة القضايا المستعجلة برئاسة القاضي محمد قائد حنش تكاد تكون المحكمة الوحيدة التي تنظر في القضايا اليومية المستعجلة، منوهًا بأن توقف المحاكم والنيابات يتصدر المشكلات في المحافظات المحررة عدن ولحج والضالع وحضرموت.
من جانبه، قال رئيس نيابة استئناف المحافظة، القاضي جلال المرفدي، أن من أبرز المشكلات الناجمة عن الحرب تضرر السجن المركزي وعدم وجود سجن بديل له، منوهًا بأن الحبس الاحتياطي لا يصلح لاستيعاب كل السجناء. كما أشار إلى هروب عدد من السجناء، علاوة على إرسال سجناء مديريات دمت وجبن والحشاء شرقي المحافظة إلى السجن المركزي في محافظتي إب وذمار، وهما المحافظتان اللتان ما زالتا تحت سيطرة الميليشيات.
وكشف رئيس نيابة استئناف الضالع عن وجود عدد من السجناء في السجن المركزي بصنعاء، وهم من الهاربين من السجن المركزي بالضالع أثناء الحرب، مبيّنًا أن سجناء المحافظة باتوا موجودين في أربع محافظات مختلفة، وهو ما يستدعي سرعة التعيين لمدير جديد على مصلحة السجون كي يتحمل مسؤوليته القانونية والنظامية بدلاً من إسناد المهمة لأشخاص غير موظفين تصعب محاسبتهم إزاء أي إخلال أو تقصير.
ولفت إلى أن النفقات التشغيلية المخصصة لعمل جميع نيابات المحافظة تم وقفها من مكتب النائب العام في العاصمة صنعاء، مشيرًا إلى رفض بعض أعضاء النيابة والوكلاء والموظفين الإداريين لمزاولة عملهم خشية من الأوضاع الأمنية القائمة. كما أفاد بأن هذه الوضعية المختلة أدت إلى تراكم قضايا القتل لدى النيابة، وهناك متهمون في الحبس على ذمة قضايا لم يتم البت فيها، نظرًا لتوقف المحاكم وقضاتها عن النظر في تلك الحالات، منوهًا بأن تأخرها تسبب في حدوث اعتداءات مسلحة على موظفي ومقرات النيابة العامة، فضلاً عن التهديدات بالتصفية لأعضاء النيابة وموظفيها من قبل الخارجين على النظام والقانون.
وردًا على سؤال حول الأضرار الناجمة عن الحرب، قال رئيس نيابة الاستئناف أن مقرات النيابة وممتلكاتها تعرضت للنهب الشامل، «ولم يبق شيء إلا وطاله، بدءًا بأسلحة الحراسات والحواسيب والطابعات والمواد القرطاسية، وليس انتهاء بمولدات الكهرباء والأثاث وغيرها من المواد التي تم نهبها كاملة». وأعرب عن دهشته واستغرابه إزاء تعرّف النيابة على المسؤولين عن النهب دونما توجيه استدعاء لهم، رغم أنهم أمام أعين النيابة، بل ووصل الأمر لحد أن أحد هؤلاء جاء إلى النيابة واعترف ببيع مولد الكهرباء.
وأوضح أن محافظ المحافظة قام بإصلاح أبواب ونوافذ نيابة الاستئناف التي تعرضت للتخريب والعبث، بجهود خاصة، علاوة على دعمه المحدود للنيابة كي تقوم بواجبها، نافيًا أن تكون النيابة حصلت على دعم آخر لتسيير عملها اليومي. وأكد القاضي المرفدي أن النيابة بدأت بمزاولة عملها منذ شهر أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي، وأن عدد القضايا التي استلمتها النيابة 38 قضية، أغلبها قضايا قتل، وتمت إحالتها للمحاكم بعد استيفاء التحقيق.
وتطرق المرفدي إلى أن هناك قضايا تستدعي ذهاب وكلاء النيابة للتحقيق مع سجناء في محافظتي ذمار وإب، وقال إن «من أهم المشكلات المؤرقة في الحاضر تتمثل بمبنى النيابة الاستئنافية الذي يجب نقله إلى قرب محكمة الاستئناف، إلا أن النيابة لا تستطيع دفع إيجار ثلاثة أشهر وبواقع 600 ألف ريال، كمبلغ مقدم لمالك المبنى المراد تأجيره للنيابة». كما عبّر عن قلقه من ارتفاع مخيف لقضايا القتل التي بلغت 38 قضية خلال النصف الأول من العام الحالي 2016، علاوة على قضايا قتل لم تصل إلى النيابة، مؤكدًا أن نيابة الاستئناف والنيابة الابتدائية بالضالع تكاد أن تكونا الوحيدتين اللتين تزاولان نشاطهما في المحافظات الجنوبية المحررة. وكشف عن أن السجناء الفارين من السجن المركزي عددهم 420 سجينًا، بينهم من تم إعدامهم دونما الرجوع لسلطات الدولة، بحسب ما وصل من بلاغات إلى النيابة. ولفت إلى القبض على 35 متهمًا، ثلاثة منهم في صنعاء وتم وضعهم بالسجن المركزي بينهم متهمون خطرون يقومون بالاتصالات بوكلاء النيابة ويهددونهم بالتصفية الجسدية، فيما القليل من تلك القضايا تم التصالح فيها، فضلاً عن أكثر من 100 سجين محكوم عليهم بالإعدام.
وكان محافظ الضالع تطرق خلال لقائه بالقضاة ووكلاء النيابة ومسؤولي الأمن إلى الحلول الممكنة لتلبية الاحتياجات الراهنة للقضاء، والمتعلقة برئاسة المحاكم وكادرها الوظيفي، وتأمين مبانيها واستصلاح السجون، واحتياجات أخرى ذات صلة.
وحث المحافظ على تضافر الجهود، وبذل أقصى الطاقات، وتجاوز الصعاب المتفاقمة، تقديرًا للمرحلة الحساسة الراهنة التي تمر بها محافظة الضالع خاصة والبلاد بشكل عام. وشدد المحافظ الجعدي على أهمية التعاون المشترك بين الجهات الأمنية والقضائية، والعمل على تعزيز هيبة القضاء وصيانة حرمته وترسيخ الثقة في العدالة وضمان أمنها واستقلاليتها.



انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.