كيري «استفسر» في الجزائر عن الصراع بين بوتفليقة وقائد المخابرات العسكرية

رئيس حركة مجتمع السلم: الأميركيون يدركون أن النظام القائم بحاجة إليهم

كيري «استفسر» في الجزائر عن الصراع بين بوتفليقة وقائد المخابرات العسكرية
TT

كيري «استفسر» في الجزائر عن الصراع بين بوتفليقة وقائد المخابرات العسكرية

كيري «استفسر» في الجزائر عن الصراع بين بوتفليقة وقائد المخابرات العسكرية

أبدى وزير الخارجية الأميركي جون كيري، خلال زيارته للجزائر يومي الأربعاء والخميس الماضيين، اهتماما كبيرا بالصراع المفترض بين الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وقائد جهاز المخابرات العسكرية الجنرال محمد مدين (توفيق)، حول ترشح الأول لولاية رابعة بمناسبة انتخابات الرئاسة التي ستجري في 17 من الشهر الجاري.
وأفادت مصادر عليمة لـ«الشرق الأوسط» أن كيري التقى سيد أحمد غزالي رئيس الحكومة الأسبق الأربعاء الماضي بأحد أهم الفنادق بالعاصمة الجزائرية، وأن حديثا جرى بينهما حول «أزمة الشتاء» التي تفجرت على خلفية تصريحات نارية، أطلقها عمار سعداني أمين عام «جبهة التحرير الوطني» (أغلبية برلمانية)، ضد الجنرال توفيق.
سعداني حمل الجنرال توفيق مسؤولية أحداث أمنية خطيرة وقعت في البلاد، مثل محاولة اغتيال بوتفليقة في 2007، ودعاه إلى الاستقالة.
وذكرت المصادر أن كيري التقى غزالي منفردا على مأدبة عشاء، وسأله عن تطورات هذه الأزمة التي أعطت مؤشرا قويا على وجود «مقاومة» داخل الجيش، أو على الأقل جزء منه وهو «مديرية الاستعلام والأمن» (المخابرات)، ضد ترشح بوتفليقة لولاية رابعة.
وكان سعداني ذكر بوضوح، في تصريحاته التي نشرت مطلع فبراير (شباط) الماضي، أن ضابط المخابرات الكبير، الذي لا يظهر أبدا في العلن، يعارض استمرار بوتفليقة في الحكم، واتهمه بـ«الوقوف وراء القلاقل التي حدثت داخل أحزاب المعارضة بهدف إضعافها». وظل الصراع المفترض بين بوتفليقة والجنرال توفيق حديث الصحافة والصالونات في الغالب، ولم يصرح بوجوده كحقيقة أي طرف في السلطة.
ولم توضح المصادر ما قاله غزالي لكيري بخصوص هذا الصراع، بينما قال رئيس الحكومة الأسبق في تصريح هاتفي لـ«الشرق الأوسط»: «السيد كيري صديق قديم وقد دعاني لتناول عشاء معه ولبّيت الدعوة، أما ما جرى بيني وبينه من حديث فهو شأن خاص».
ورفض غزالي إعطاء تفاصيل حول المواضيع التي تطرق إليها مع المسؤول الأميركي الكبير، بينما أوضحت المصادر أن الرجلين تحدثا في قضايا الأمن بالساحل والإصلاحات التي تعهد بوتفليقة بإدخالها على القوانين ذات الصلة بالحريات، وعلى الدستور، والتي تقول الصحافة إنها «مغالطة كبيرة».
يشار إلى أن غزالي هو الوحيد من غير الرسميين الذي التقاه كيري خارج الاجتماعات التي جرت مع المسؤولين في وزارة الخارجية والرئاسة.
وفي سياق متصل، كتب عبد الرزاق مقري رئيس «حركة مجتمع السلم»، وهي أكبر حزب إسلامي في البلاد، على صفحته في «فيسبوك» أمس، أن زيارة كيري وزيارة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني (حدثان في يوم واحد) «جاءتا في غير وقتهما، لأن بلدنا يشهد حملة انتخابية يشارك فيها رئيس مرشح مريض، ويعرف صراعا حادا بين أجنحته (حول الولاية الرابعة) وتهزه اضطرابات اجتماعية تبعث على القلق».
وقال مقري إن «الجزائريين لا يريدون أن تتفاوض حكومتهم حول قضايا دولية ذات صلة بمصالحهم، وهم في حالة ضعف سواء تعلق الأمر بالغاز أو المسائل الأمنية والجيوستراتيجية، أو قضية فلسطين أو أي قضية أخرى». وأضاف: «الأميركيون يبحثون عن مصالحهم فقط، ويدركون أن النظام القائم بحاجة إليهم.. إننا قلقون جدا على سيادة ومصالح بلادنا».
وتساءل مقري، الذي يقود حاليا المعارضة الراديكالية في البلاد: «لسنا ممن يزايد في مجال العلاقات الدولية، إذ يحق لأي دولة أن تقيم علاقات مع الحكومات غير الاستعمارية (مثل الكيان الصهيوني)، ولكن لماذا يأتي كيري في عز الحملة الانتخابية؟ هل هو دعم لمجموعة الولاية الرابعة؟ (جماعة الرئيس) هل هو استغلال لضعف النظام السياسي لمزيد من الابتزاز لصالح المصالح الغربية؟».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.