«تخبط» في بيئة النظام.. و«جيش الفتح» يستعد لإحكام السيطرة على حلب

تبادل للأدوار بين قوات الأسد والمعارضة على الطرق الاستراتيجية

«تخبط» في بيئة النظام.. و«جيش الفتح» يستعد لإحكام السيطرة على حلب
TT

«تخبط» في بيئة النظام.. و«جيش الفتح» يستعد لإحكام السيطرة على حلب

«تخبط» في بيئة النظام.. و«جيش الفتح» يستعد لإحكام السيطرة على حلب

بدأ «جيش الفتح» المعارض في شمال سوريا، أمس، استعداداته لإطلاق المرحلة الرابعة من هجومه على مواقع قوات النظام، الهادف إلى السيطرة على الأكاديمية العسكرية، آخر معاقل النظام العسكرية الكبرى في مدينة حلب في شمال البلاد، استعدادًا للسيطرة على كامل المدينة، وذلك بحشد المئات من المقاتلين من ريفي حلب الغربي وإدلب إلى مدينة حلب، في مقابل استقدام النظام لتعزيزات إلى المدينة، بلغت نحو 2000 مقاتل من جنسيات أجنبية، بحسب ما ذكر «المرصد السوري لحقوق الإنسان».
وقال مصدر قيادي في «جيش الفتح» لـ«الشرق الأوسط» إن السيطرة على مدرسة المدفعية وكلية التسليح والمدرسة الفنية الجوية وكلية التعيينات في جنوب غربي حلب، السبت الماضي «كان إنجازا مهما أسهم في فك الحصار عن أحياء حلب الشرقية»، التي حاصرها النظام قبل أسبوعين، مشيرا إلى أن الهدف المقبل «هو السيطرة على الأكاديمية العسكرية في غرب مدينة حلب، المحاذية لمنطقة الحمدانية، التي تعتبر أهم المواقع العسكرية المتبقية تحت سيطرة النظام، وتتضمن أكبر ترسانته العسكرية في المدينة». وأوضح أن السيطرة عليها «ستكون بوابة السيطرة على كامل مدينة حلب» أكبر مدن شمال سوريا، ويسكنها أكثر من مليون مدني في مناطق سيطرة النظام.
وتتضمن المدينة معاقل مهمة للنظام بينها المربع الأمني الذي يحوي مراكز الأفرع الأمنية ومركز المحافظة، إضافة إلى مطار حلب الدولي الذي قالت مصادر المعارضة إنه «بات بحكم المحاصر»، فضلا عن منطقة معامل الدفاع الواقعة جنوب شرقي مدينة حلب، وخط إمداد النظام الوحيد إلى المدينة على مدى نحو ثلاث سنوات. أما الأكاديمية العسكرية، فتتضمن بحسب ما يقول معارضون، غرفة العمليات الرئيسية للنظام وحلفائه في حلب، وأكبر سجن في المدينة يُحتجز فيه الناشطون السياسيون، وتحيط بها المربعات الأمنية العائدة للأفرع الأمنية في المدينة.
وبالدخول إلى المرحلة الرابعة، تكون قوات المعارضة قد أتمت عمليا الخطة التي رُسمت قبل عشرة أيام، للسيطرة على مدينة حلب. وأوضح القيادي في «حركة أحرار الشام» محمد الشامي أن هدف السيطرة على حلب «كان موضوعا منذ اللحظة الأولى، لكن الهدف النهائي سيتم الوصول إليه تدريجيا»، بدءا من «المرحلة الأولى التي تمثلت في كسر خطوط دفاع النظام، والثانية بالدخول إلى المنشآت العسكرية واقتحامها والسيطرة عليها وقطع خطوط الإمداد على محور الراموسة، والثالثة بفك الحصار على أحياء حلب المحاصرة، والرابعة بالسيطرة على كامل مدينة حلب».
وقال الشامي إن الانهيارات في صفوف قوات النظام «كانت واضحة، وتتواصل بمجرد اقتراب مقاتلي جيش الفتح»، مشيرا إلى أن معظم المنسحبين من كلية المدفعية «توجهوا إلى منطقة الحمدانية»، وأشار إلى «تخبط في صفوف قوات النظام وحلفائه، وفي بيئته إثر المعارك الطاحنة».
وتمثل هذا «التخبط» في إجراءات اتخذها النظام عقب خسارته مناطق واسعة، تصل مساحتها إلى ما يعادل مساحة مدينة إدلب، وتتضمن منشآت عسكرية ومستودعات ذخيرة، بحسب ما يقول معارضون.
وفي موازاة المعارك المستمرة، استقدمت قوات النظام السوري والفصائل المعارضة والمقاتلة تعزيزات تضم المئات من المقاتلين مع عتادهم إلى مدينة حلب وريفها في شمال سوريا، استعدادا لمعركة «مصيرية» يسعى الطرفان من خلالها إلى السيطرة الكاملة على المدينة.
وتأتي هذه التعزيزات بعد إعلان الطرفين استعدادهما لمعركة قريبة بعدما حققت الفصائل المقاتلة تقدما السبت في جنوب غربي حلب، وتمكنت إثر ذلك من فك حصار كانت قوات النظام قد فرضته قبل ثلاثة أسابيع على الأحياء الشرقية، كما قطعت طريق إمداد رئيسية لقوات النظام إلى الأحياء الغربية في حلب.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن: «كلا الطرفين يحشدان المقاتلين تمهيدا لجولة جديدة من معركة حلب الكبرى»، مشددا على أن «معركة حلب باتت مصيرية للمقاتلين وداعميهم»، موضحًا أن «قوات النظام والمجموعات المسلحة الموالية لها أرسلت تعزيزات والكثير من العتاد إلى مدينة حلب وريفها الجنوبي».
وأكد مصدر أمني سوري لوكالة الصحافة الفرنسية، أمس، أن «القوات استوعبت الصدمة وجلبت تعزيزات وثبتت مواقعها بشكل حصين»، لافتا إلى أنها «تتعامل مع الوضع المتشكل بشكل يشمل كل السيناريوهات والاحتمالات».
وفي المقابل، استقدمت الفصائل المعارضة والإسلامية بدورها تعزيزات عسكرية أيضا، وفق المرصد الذي أكد أن «المئات من مقاتلي الفصائل وتحديدا من جبهة فتح الشام ومقاتلين تركستان يصلون تباعا من محافظة إدلب (شمال غرب) وريف حلب الغربي إلى محيط حلب».
وأعلن تحالف «جيش الفتح»، في بيان ليل الأحد - الاثنين «بداية المرحلة الجديدة لتحرير حلب كاملة»، مضيفا: «نبشر بمضاعفة أعداد من المقاتلين ليستوعبوا هذه المعركة المقبلة، ولن نستكين بإذن الله حتى نرفع راية الفتح في قلعة حلب».
وإثر السيطرة على خط إمداد النظام من جهة الراموسة، اعتمدت قوات النظام خطا بديلا إلى مدينة حلب، بدا كأنه تبادل للأدوار مع قوات المعارضة، إذ اعتمدت خط الكاستيلو الذي كان حتى قبل أسبوعين خط إمداد المعارضة إلى مواقعها، اعتمدته خط إمداد لها إلى الأحياء الغربية الخاضعة لسيطرة النظام.
وقال المرصد إن قوات النظام تمكنت منذ ليل أمس حتى الفجر من إدخال عشرات الشاحنات المحملة بالمواد الغذائية والمحروقات إلى مناطق سيطرتها في غرب حلب عبر طريق الكاستيلو. باتت هذه الطريق، بحسب المرصد: «المنفذ الجديد الذي تعمل قوات النظام على تأمينه كبديل مؤقت عن الطريق الرئيسي الذي كانت تعتمده ويمر عبر منطقة الراموسة». وأورد تلفزيون الإخبارية السورية في شريط إخباري عاجل صباح الاثنين «بدء دخول صهاريج المحروقات والمواد الغذائية والخضراوات إلى مدينة حلب».
غير أن هذا الوضع، لا يبدو أنه سيكون آمنًا، وقال الشامي لـ«الشرق الأوسط» إن كتائب حركة «نور الدين الزنكي» استطاعت التحرك عسكريا على المحور الشمالي، حيث أحرزت تقدما بسيطا قرب منطقة حندرات، في محاولة لقطع طريق الكاستيلو ناريا، بموازاة استمرار المعارك جنوبا.
في جنوب المدينة، كثف النظام القصف الجوي حيث استهدفت طائراته ومروحياته حي بعيدين ومناطق في حي الفردوس وأماكن في مناطق القصر العدلي ومحيد دوار المالية بحي جمعية الزهراء في مدينة حلب ومنطقة دوار الجندول ومخيم حندرات، فيما استهدف الطيران الحربي مناطق في بلدة كفرحمرة وطريق حلب - غازي عنتاب بريف حلب الشمالي.
وبحسب المرصد، جدد الطيران الحربي استهدافه لمناطق في الطريق الدولي حلب - دمشق بريف حلب الجنوبي، ومناطق أخرى في بلدات خان طومان والزربة وخان العسل والحاجب ومداين الكبيرة بريف حلب الجنوبي، وبلدة حريتان ومحيطها بريف حلب الشمالي، كذلك سقطت قذائف أطلقتها الفصائل على أماكن في أحياء حلب الجديدة والحمدانية وجمعية الزهراء ومنطقة ساحة سعد الله الجابري بمدينة حلب.



مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
TT

مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)

تسعى الحكومة المصرية، لتعزيز الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، في مجال إدارة الموارد المائية، في ظل تحديات كبيرة تواجهها تتعلق بـ«محدودية مواردها». وخلال لقائه سفيرة الاتحاد الأوروبي في القاهرة أنجلينا إيخورست، الاثنين، ناقش وزير الموارد المائية والري المصري هاني سويلم، التعاون بين الجانبين، في «إعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجتها».

وتعاني مصر عجزاً مائياً، حيث يبلغ إجمالي الموارد المائية، نحو 60 مليار متر مكعب سنوياً، في مقابل احتياجات تصل إلى 114 مليار متر مكعب سنوياً، وبنسبة عجز تقدر 54 مليار متر مكعب، وفق «الري المصرية».

وتعتمد مصر على حصتها من مياه نهر النيل بنسبة 98 في المائة، والبالغة 55.5 مليار متر مكعب سنوياً.

وحسب بيان لـ«الري المصرية»، ناقش سويلم، مع سفيرة الاتحاد الأوروبي، مقترحات تطوير خطة العمل الاستراتيجية (2024-2027)، طبقاً للأولويات المصرية، مشيراً إلى الدعم الأوروبي لبلاده في مجالات «رفع كفاءة الري، وإعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجة المياه، والتكيف مع تغير المناخ».

ووقَّعت الحكومة المصرية، والاتحاد الأوروبي، إعلاناً للشراكة المائية، خلال فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ، COP28، الذي عُقد في دبي عام 2023، بهدف تحقيق الإدارة المستدامة للموارد المائية، وتعزيز الحوار، وتبادل الخبرات.

وأوضح وزير الري المصري أن «الإجراءات التي تتبعها بلاده لرفع كفاءة استخدام المياه، تندرج تحت مظلة الجيل الثاني لمنظومة الري»، منوهاً بقيام الوزارة حالياً «بتأهيل المنشآت المائية، ودراسة التحكم الآلي في تشغيلها لتحسين إدارة وتوزيع المياه، والتوسع في مشروعات الري الحديث»، إلى جانب «مشروعات معالجة وإعادة استخدام المياه، ودراسة تقنيات تحلية المياه من أجل الإنتاج الكثيف للغذاء».

ومن بين المشروعات المائية التي تنفذها الحكومة المصرية، بالتعاون مع عدد من دول الاتحاد الأوروبي، «البرنامج القومي الثالث للصرف، وتحسين نوعية المياه في مصرف (كيتشنر)، وتحديث تقنيات الري لتحسين سبل عيش صغار المزارعين في صعيد مصر، ومراقبة إنتاجية الأراضي والمياه عن طريق الاستشعار عن بعد».

وتعوِّل الحكومة المصرية على الخبرات الأوروبية في مواجهة ندرة المياه، وفق أستاذ الموارد المائية، في جامعة القاهرة، نادر نور الدين، الذي أشار إلى أن «القاهرة سبق أن استعانت بخبراء أوروبيين لصياغة حلول للتحديات المائية التي تواجهها مصر»، وقال إن «كثيراً من المقترحات التي قدمها الخبراء تنفذها الحكومة المصرية في سياستها المائية، ومن بينها التوسع في مشروعات معالجة المياه، وتحلية مياه البحر، واعتماد نظم الري الحديث».

وللتغلب على العجز المائي شرعت الحكومة المصرية في تطبيق استراتيجية لإدارة وتلبية الطلب على المياه حتى عام 2037 باستثمارات تقارب 50 مليون دولار، تشمل بناء محطات لتحلية مياه البحر، ومحطات لإعادة تدوير مياه الصرف بمعالجة ثلاثية، إضافة إلى تطبيق مشروع تحول للري الزراعي الحديث.

ويعتقد نور الدين، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الخبرة الأوروبية في مجال تطوير إدارة المياه والتغيرات المناخية هي الأفضل في هذا المجال»، مشيراً إلى أن «القاهرة تسعى إلى الاستفادة من المنح الأوروبية المقدَّمة في تلك المجالات، وخصوصاً، التكيف مع التغيرات المناخية»، معتبراً أن «التعامل مع العجز المائي في مصر من أولويات السياسة المائية المصرية».

ويُعد الاتحاد الأوروبي من أهم الشركاء في المجال التنموي بالنسبة لمصر، وفق أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، الذي أشار إلى أن «التعاون المائي بين الجانبين يأتي ضمن الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي جرى توقيعها بين الحكومة المصرية والاتحاد الأوروبي، لتطوير التعاون بمختلف المجالات».

ويرى شراقي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاتحاد الأوروبي يمتلك التكنولوجيا والخبرات الحديثة بشأن تطوير استخدام المياه، خصوصاً في الدول التي تعاني من شح مائي».