ولد الشيخ من جدة: الإرهاب يستفيد من الفراغ السياسي في اليمن

منظمة التعاون الإسلامي تجدد رفضها إعلان الانقلابيين إنشاء مجلس رئاسي

إسماعيل ولد الشيخ وإياد مدني خلال مؤتمر صحافي بمقر منظمة التعاون الإسلامي في جدة أمس (أ.ف.ب)
إسماعيل ولد الشيخ وإياد مدني خلال مؤتمر صحافي بمقر منظمة التعاون الإسلامي في جدة أمس (أ.ف.ب)
TT

ولد الشيخ من جدة: الإرهاب يستفيد من الفراغ السياسي في اليمن

إسماعيل ولد الشيخ وإياد مدني خلال مؤتمر صحافي بمقر منظمة التعاون الإسلامي في جدة أمس (أ.ف.ب)
إسماعيل ولد الشيخ وإياد مدني خلال مؤتمر صحافي بمقر منظمة التعاون الإسلامي في جدة أمس (أ.ف.ب)

قال مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد إن الإرهاب يستفيد من الفراغ الأمني والسياسي في توسيع رقعة نفوذه وترهيب المواطنين.
وأشار المبعوث إلى «وجود حلول واضحة للمشكلة اليمنية»، تبدأ بانسحاب المتمردين من المناطق التي سيطروا عليها، وإلقاء السلاح، واعتماد مبدأ الحوار على الطاولة السياسية.
وأطلع ولد الشيخ ممثلي منظمة التعاون الإسلامي في جدة أمس، على مجريات المشاورات الأخيرة التي جرت في الكويت بشأن القضية اليمنية، فيما أشاد ممثلو المنظمة بجهود ولد الشيخ في هذا الشأن في هذه القضية التي تهدف لإيجاد حل سياسي للأزمة اليمنية.
وأكد أن الفترة المقبلة ستخصص لمتابعة مشاورات السلام من خلال دعم استشارات الأطراف مع قياداتها تمهيدًا للعودة للاجتماع على توصيات عملية لتطبيق الآليات التنفيذية وتوقيع اتفاق ينهي النزاع في اليمن حسب المرجعيات الثلاث المتمثلة في قرارات مجلس الأمن بما فيها القرار «2216»، ومبادرة مجلس التعاون وآلية تنفيذها، ومخرجات الحوار الوطني.
وردًا على سؤال «الشرق الأوسط» في مؤتمر صحافي عقد بمقر منظمة التعاون الإسلامي في جدة أمس، حول العودة لصيغة الحل الشامل وتغيير الورقة التي قدمت في الكويت خلال شهر رمضان الماضي، ذكر المبعوث الأممي أن ما قيل في هذا الشأن بأن المبعوث الأممي طرح خطة في رمضان ثم تراجع عنها، مغالطة. وتابع: «لم تقدم أي ورقة في رمضان، والورقة التي قدمناها يوم 30 يوليو (تموز) الماضي، كانت موجودة ونوقش مضمونها خلال التسعين يومًا، ومن الأساسي أن نفهم أن الورقة تمت بلورتها في صيغتها النهائية نهاية رمضان، ولم أتراجع عن أي موقف».
وتابع ولد الشيخ: «ما زالت هناك حلول واضحة فيما يتعلق بتسليم السلاح والانسحابات، ومن الوارد أن نتكلم عن قضية تشكيل الحكومة، وهي قضية لم نتراجع عنها، وهم يعلمون ذلك، وكان هذا موقفًا، لكنها لم تكن الورقة النهائية، والورقة التي قدمت هي الورقة ذاتها التي قدمت للأطراف بتفاصيلها، لكننا لم نقدم ورقة، لأننا لم نكن نرغب بالتسرع في قضايا حساسة مثل هذه، لأن تقديم ورقة يخلق بعض المشكلات».
ولفت إسماعيل ولد الشيخ أحمد، خلال المؤتمر الصحافي بمقر منظمة التعاون الإسلامي، إلى أن ما يسمى «الحزم» في قضية التعاطي مع الملف والتأكد من أن هناك التزاما من كل الأطراف بالمرجعيات، خصوصا القرار «2216»، أمر مفروغ منه.
واعتبر أن المباحثات حققت إنجازا كبيرًا، مبينا أن «من أهم تلك الإنجازات الالتقاء وجهًا لوجًا، وأكبر من هذا الإنجاز أن جميع الأطراف متمسكة بالمرجعيات الثلاث»، مشيرًا إلى أن الحوثيين وصالح، ركزوا على ذلك في مسقط في الصيف الماضي، وكذلك في اجتماعات الكويت.
وعن آخر مستجدات الملف اليمني، أوضح أنه «على مدار أكثر من ثلاثة أشهر، اجتمع وفد الحكومة اليمنية ووفد المؤتمر الشعبي العام و(أنصار الله) وجهًا لوجه في الكويت، مؤكدين التزامهم بضرورة التوصل لحل سلمي ينهي النزاع في اليمن»، وأن «المشاركين تطرقوا إلى أكثر المواضيع دقة وحساسية؛ كالانسحابات العسكرية والترتيبات الأمنية وتسليم السلاح، إضافة إلى مواضيع سياسية شائكة، وسبل تحسين الوضع الاقتصادي والإنساني وإطلاق سراح السجناء والمعتقلين».
وأضاف أن الأمم المتحدة تقدمت بأوراق عمل في أكثر من مرحلة لمعالجة مختلف النقاط، كما تم عمل اجتماعات مكثفة في اليمن والسعودية وعمان، وأيضًا خلال القمة العربية في نواكشوط لبحث المواضيع الأمنية والسياسية والاقتصادية والإنسانية.
وتطرق إلى أن هذه الفترة ستسمح بإجراء سلسلة لقاءات مع المعنيين بالملف اليمني وأعضاء مجلس الأمن لتحفيز الجهود والعمل على حل شامل لأرضية مشتركة يمكن البناء عليها، والتخفيف من خطر الأعمال الإرهابية على اليمن والعالم.
وفي ما يتعلق بالحل السياسي ومدى جدواه، أوضح المبعوث الأممي لليمن أن «هناك مسألتين أساسيتين؛ أولاهما الالتزام بتنفيذ قرارات مجلس الأمن، وأن تنفذ، بما فيها الانسحاب، وتسليم السلاح، والترتيبات الأمنية، وأن يكون الحل السياسي جاذبًا لجميع أبناء اليمن، وأن يرتضي الجميع الالتقاء من أجله على طاولة واحدة؛ كل بحجمه السياسي، على أساس انتخابات ومسار سياسي، بحيث تكون هناك تسلسلية واضحة ضمن ترتيبات أمنية، وحتى توجد هذه الخطة، فلا بد أن تطرح كل القضايا السياسية على الطاولة أمام الجميع».
وركز ولد الشيخ أحمد على أن «العمل العسكري ليس حلاً، وهذا ما قلته منذ أن باشرت عملي في مايو (أيار) 2015 في مؤتمر الرياض، وكررت أن الحل السياسي هو الحل الوحيد الذي بإمكانه أن ينهي الأزمة، ومن يعتقد أن الحسم العسكري سيأتي بحل، عليه التأكد بأن الحلول العسكرية ستأتي بمآس، لكن المسؤولية أولاً وطول النفس الذي تتكلمون عنه هو بيد اليمنيين».
وأشار إلى أن الدم الذي يسيل اليوم كارثة إنسانية تتفاقم كل يوم. وتابع: «كنت منسقًا للشؤون الإنسانية لليمن، ويمكنني القول إن قضية اليمن اليوم تدهورت بشكل كبير خلال السنة والنصف الماضية أكثر مما كانت عليه في السابق، فأكثر من 85 في المائة من الشعب اليمني يعانون من المرض والحالات الإنسانية».
وأبدى المبعوث الأممي اهتماما بتذكير الجميع بأن الخلافات التي شهدها اليمن حدثت أثناء فترة انتقالية لم تكتمل حتى الآن. وتابع: «الفترة التي نحن موجودون فيها هي فترة انتقالية لم تستكمل أصلاً، وكانت بصدد الاستكمال عندما حصلت هذه المشكلات التي بدأت في سبتمبر (أيلول) 2014».
وأبدى رغبته في العودة إلى المسار الذي سبق الخلاف، وذلك «لاستكمال الانتخابات بدستور، وانتخاب رئيس جديد.. وغيره، ونحن نرى أن غدًا الكلام عن شراكة سياسية في إطار تنفيذ قرارات مجلس الأمن، لا تخالف فيه، وهذا رأينا بكل صدق وأمانة».
إلى ذلك، أكد الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي الدكتور إياد مدني استمرار الدعم الذي تقدمه المنظمة للمبعوث الأممي، لدفع الحل السياسي، على غرار ما دأبت عليه في الفترة الماضية.
وأضاف أن الاجتماع الذي عقد أمس مع ممثلي المنظمة، هدف للحديث عن جهوده في الكويت التي لا تزال مستمرة، وأن الأبواب ما زالت مفتوحة والفرص متاحة لاستمرار المشاورات والوصول إلى حل سياسي.
وأكد أن المنظمة ما زالت مستمرة في دعمها للحل السياسي، وأي دعم آخر بإمكانه إنجاح الجهود الموصلة له.
وأعرب أثناء حديثه في المؤتمر الصحافي الذي أقيم على هامش الاجتماع، عن قلق المنظمة من التطور الأخير المتمثل في القرار الانفرادي الذي اتخذه الانقلابيون بإنشاء مجلس رئاسي ودعوة البرلمان لعقد جلسة، معتبرًا أن الاستمرار في هذا الطريق سيؤدي إلى مزيد من التعقيدات «التي ستحفر هوة أعمق وأقوى ليس فقط أمام النقاش الدائر في المفاوضات، ولكن أمام مستقبل اليمن».
ورأى أن الاستمرار في هذا القرار الذي قام به الانقلابيون سيفتح الباب أمام كل من يريد أن يرى اليمن منقسمًا على نفسه ومجزأ إلى أجزاء، وأنه «خطوة غير مبررة تحت أي تصور يحكمه العقل والالتزام ببقاء يمن موحد»، معربًا عن أمله في أن «يكون صوت العقل هو الذي يحكم جميع الأطراف في اليمن».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم