جامعة «دار الهدى» في الهند.. تعاليم دينية وعلوم حديثة

مؤسسة سباقة تهدف إلى تنشئة جيل من شباب العلماء المسلمين

حرم جامعة «دار الهدى» الإسلامية التي تقع في ولاية كيرالا الهندية الجنوبية
حرم جامعة «دار الهدى» الإسلامية التي تقع في ولاية كيرالا الهندية الجنوبية
TT

جامعة «دار الهدى» في الهند.. تعاليم دينية وعلوم حديثة

حرم جامعة «دار الهدى» الإسلامية التي تقع في ولاية كيرالا الهندية الجنوبية
حرم جامعة «دار الهدى» الإسلامية التي تقع في ولاية كيرالا الهندية الجنوبية

تُعد جامعة دار الهدى الإسلامية، التي تقع في ولاية كيرالا الهندية الجنوبية، مؤسسة سباقة في التعليم العالي الإسلامي بالهند، إذ توفر الجامعة مناهج دراسية تمزج ما بين الدراسات الدينية والأخرى العلمية، فضلاً عن التركيز على تدريس مختلف اللغات.
ومن منطلق الإيمان بالتطور التدريجي لطراز الجامعة الإسلامية النموذجي، تعد الجامعة قلعة من قلاع تدريس كل التعاليم الإسلامية، كما تعد تراثًا تعليميا بامتياز.
ويقع الحرم الجامعي المترامي الأطراف لهذه الجامعة العريقة على مساحة 13 فدانًا، ويضم ما يزيد على 20 كلية عربية للتعليم الإسلامي العالي تابعة للجامعة، من ولايات كيرالا، وماهاراشترا، وأندرا براديش، والبنغال الغربية، وآسام. وتتبع تلك الكليات الجامعة من حيث المناهج الدراسية والأنشطة التعليمية الأخرى. وبعد إتمام الطلبة لشهاداتهم الجامعية بنجاح، من تلك الكليات التابعة للجامعة، يتوجب عليهم الالتحاق بالحرم الجامعي الرئيسي للجامعة للانخراط في الدراسات العليا لمدة عامين من أجل الحصول على درجة الماجستير.
ورئيس الجامعة الحالي هو الأستاذ الدكتور بن عقاد سيد حيدر علي شهاب، ونائب الرئيس هو الدكتور بهاء الدين محمد الندوي. وفي الوقت الراهن، تضم «دار الهدى» أكثر من ألف طالب، ونحو 60 مدرسًا.
يذكر أن اتحاد علماء السنة بولاية كيرالا، وهي الهيئة التنفيذية التي تدير نحو 8 آلاف مدرسة، أو المدارس الإسلامية والعربية التي تعمل بدوام جزئي في أنحاء كيرالا من أجل إدخال الإصلاحات على نظام التعليم، قد أسس مدرسة تحمل اسم أكاديمية دار الهدى الإسلامية عام 1986. وقدمت رؤيتهم توليفة من التعليم الديني والعلماني والروحي والمادي.
ولاحقًا، خلال عام 2009، أصبحت الأكاديمية جامعة متكاملة الأركان، بعد الخطابات المطولة بين العلماء الحالمين وقادة المجتمع الداعمين. وتهدف الجامعة إلى تنشئة جيل من شباب العلماء المسلمين المسلح بأدوات المعرفة الحديثة.

انتقاء عالي الجودة

وقد وضع نموذج التعليم الذي أرسته جامعة دار الهدى حدًا للصورة النمطية السائدة بأن التعليم الديني يعد خيارا للطلاب الفقراء، أو من هم أقل ذكاء، وللأطفال الأقل كفاءة الذين لا يصلحون لشيء، إذ إن الجامعة تضع معيارا لانتقاء الطلاب الأذكياء المتفوقين الموهوبين فقط، بصرف النظر عن خلفياتهم، بعد اجتيازهم للاختبارات الشفهية والنظرية.
ولدى المؤسسة نظام مميز من التعليم، يعتمد على قبول الطلاب بعد 5 سنوات من التعليم الابتدائي، ومن ثم يمضوا 12 عاما من التعليم بالمؤسسة (5 أعوام من التعليم الثانوي، و2 لما بعد الثانوي، ثم 3 للحصول على الشهادة الجامعية، و2 من أجل درجة الماجستير). وبعد 12 عاما من الدراسة، يتخرج الطالب حاملاً لدرجة الماجستير في الدراسات الإسلامية والتعليم العلماني المعاصر، وعلى درجة إلمام جيدة باللغات المالايامالاية والعربية والإنجليزية والأردية. ومعظم الطلاب في جامعة دار الهدي ينتمون إلى عائلات ثرية، وقد حضروا للدراسة فيها بمحض اختيارهم، وبدافع رغبتهم في أن يصيروا علماء دينيين، وليس لأسباب اقتصادية.
وبدوره، قال الحاج محمد شافي، سكرتير الجامعة: «نظرًا لأننا نقوم بتدريس المواد الإسلامية والعلوم الحديثة، يرسل الآباء من العائلات التي تنتمي للطبقة المتوسطة أطفالهم إلى هنا». وأردف أن من أسباب نجاح التجارب التعليمية في كيرالا ما وصفه بـ«الصلة الوثيقة بين فئة العلماء وفئة العاملين بالعمارة – النخب الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للمسلمين المحليين، وهو الأمر الذي يسمح بمشاركة شعبية واسعة النطاق في مؤسساتنا التعليمية، ولمصداقية أوسع بطبيعة الحال».
ومن جانبه، قال محمد صديق، وهو طالب من شمال الهند، عبر الهاتف: «الأمر هنا مختلف عن المدرسة التي تلقيت فيها تعليمي في بلدتي. فهنا، نحن نتعلم جميع المواد التي تُدرس في المدارس العادية، ولكن العلماء هنا يتسمون بتفتح العقل، ولا يترددون في التعلم أو الاستفادة من العلوم الجيدة الأخرى، أو الانفتاح على المجتمعات الأخرى، وهم لا يحسرون اهتمامهم بين الجدران الأربعة للمدرسة، بل إنهم يشاركون في كل الأنشطة الاجتماعية. وبعكس العلماء الموجودين في شمال الهند، يتحدث العلماء هنا الإنجليزية، ويشجعون على تعلمها. وهم يريدوننا أن نتعلم كل شيء عن العالم، كي نتمكن من خدمة وتوجيه مجتمعنا بشكل أفضل».
ويتحدث الطلاب اللغة الإنجليزية بطلاقة، وبعضهم يريد امتهان الصحافة، في حين يتطلع الآخرون إلى التدريس بالجامعة، غير أن البعض الآخر يود أن ينشئ مؤسسات على غرار «دار الهدى»، ويشترك جميعهم في خدمة الدين والمجتمع، وإن تعددت الطرق في ذلك.
وكثير من المؤتمرات والندوات الدولية التي استضافتها الجامعة كانت تصب في هدف مساعدة الطلاب على الحصول على التعليم الأكاديمي الدولي، بمساعدة الطلبة في التعرف على التعليم الأكاديمي الدولي، فضلا عن توطيد علاقات وثيقة بالشخصيات العالمية. ولا يشكل هذا خطرا على الهوية الدينية والالتزام الديني للطلاب.
وقد شغل كثير من الطلاب الذين تخرجوا من الجامعة مناصب شتى، تشمل: إمامة المساجد، والتدريس في المدارس الحكومية والمدارس الدينية والكليات العربية، إضافة إلى الذين ذهبوا للعمل في الخليج بالشركات ومختلف المؤسسات الدينية والحكومية الأخرى. وقليل منهم يعمل بالصحافة لصالح «هيئة الإذاعة البريطانية» (بي بي سي)، و«الجزيرة».
وحصل أحد خريجي الجامعة، ويدعى «زين العبد»، أيضًا على دبلومة في الاتصال الجماهيري من المعهد الهندي للاتصال الجماهيري بدلهي، وبدأ العمل بوصفه صحافيا في «بي بي سي» عام 2012.
أما بالنسبة للكليات الموجودة داخل الجامعة، فتشتمل الجامعة حاليًا على 5 كليات: كلية الشريعة وأصول الدين، وكلية الألسن، وكلية الدعوة والثقافة الإسلامية، وكلية التربية والتعاليم الإسلامية.
أهداف الجامعة

ومن جانبه، تحدث د. بهاء الدين محمد ندوي، نائب رئيس الجامعة، بحماسة عن تفرد المؤسسة التي يرأسها، قائلاً: «نود إعداد علماء يتمتعون بالفهم الجيد للمجتمع الإسلامي والمجتمع الحديث على حد سواء، لكي يتمكنوا من خدمة المجتمع بشكل أفضل، وأكثر كفاءة. والعلماء بحاجة إلى الإلمام بالعلوم الحديثة، إضافة إلى التعاليم الإسلامية. وبعد ذلك، عليهم أن يتولوا إرشاد المجتمع، ليس فقط فيما يتعلق بالأمور العقائدية، بل أيضًا في شتى الأمور الشخصية المختلفة، وشؤون الحياة العامة. ونحن هنا نجمع ما بين تدريس المواد الدينية والعلوم الحديثة على حد سواء».
وشرح بهاء الدين ندوي، الذي يعمل مدرسًا أول في جامعة دار الهدى، بنية البرامج التدريسية التي توفرها المؤسسة من البداية قبل التعليم الجامعي، موضحًا أن المؤسسة تبدأ في قبول الطلاب الذين نجحوا في الصف الخامس للمدارس النظامية، والذين تلقوا تعليما إسلاميا حتى نفس المرحلة بالمدارس جزئية الدوام.
ويدرس الطلاب لمدة 5 سنوات في المرحلة الابتدائية، ثم 4 سنوات في المرحلة الثانوية، التي يدرسون فيها التخصصات الإسلامية، إضافة إلى المواد الأخرى التي تُدرس في المدارس النظامية، بما فيها مادة الإنجليزية الإجبارية. وهذا يعطيهم الأولوية الخاصة في أثناء التقديم على دراسة اختبارات القبول في المدارس الثانوية العامة الحكومية. وبعد هذه المرحلة، بإمكانهم الاختيار ما بين الانخراط في الدراسة في الجامعات النظامية، أو الاستمرار في جامعة «دار الهدى» لأربع سنوات لدراسة الدراسات الإسلامية المعادلة لشهادة البكالوريوس، ثم الدراسة لعامين آخرين للحصول على درجة الماجستير. وبالنسبة للطلاب في مرحلة ما قبل التخرج بجامعة دار الهدى، يتعين عليهم أيضًا أن يسجلوا بالتزامن مع دراستهم بـ«دار الهدى» للدراسة في جامعة كاليكوت، أو في أي جامعة مفتوحة أخرى، بصفتهم مرشحين خاصين، موضحًا أنهم «غالبا ما يختارون الدراسة في أقسام اللغة الإنجليزية أو العربية أو العلوم الاجتماعية».
جدير بالذكر أن الطلاب المنخرطين في الدراسة بجامعة دار الهدى ملزمون بالإقامة داخل الحرم الجامعي إقامة إجبارية خلال جميع الفصول الدراسية. ويجري تقديم جميع مصاريف الدراسة والإقامة والطعام، وغيرها من النفقات بالمجان، للاستفادة من التعليم العالي الإسلامي، بصرف النظر عن الخلفيات المادية للطلاب. كما توفر الجامعة حرمًا جامعيًا منفصلاً وآمنًا للطالبات الإناث، ويقع هذا الحرم الجامعي للطالبات بالقرب من مركز الحرم الجامعي الرئيسي، ويطلق عليه اسم كلية «فاطمة الزهراء» للمسلمات.

تشجيع الفتيات على الدراسة

تعد كلية فاطمة الزهراء للمسلمات معهدًا إسلاميًا فريدًا من نوعه حصريًا للفتيات فقط، وقد جرى تأسيسها عام 1992 من أجل الارتقاء بالتعليم الإسلامي الموجه والتعليم المعاصر في آن واحد للفتيات المسلمات، لتخريج أجيال من العالمات. ويوفر المعهد، المتاخم للحرم الجامعي الرئيسي، تعليمًا ذا جودة عالية للمسلمات، من أجل التعزيز منهن كأمثلة متجذرة في الثقافة والأخلاقيات والآداب الإسلامية. وتستغرق الدراسة فيه مدة 6 أعوام، تتألف من برنامج إجباري يتضمن شهادة ثانوية عامة، تتبعها دراسة لمدة سنة أو اثنتين من خلال نظام التعليم المفتوح، يعقبها برنامج تخصص اختياري مدته 3 سنوات. ويدرس للطالبات تشكيلة متنوعة من مواد التعاليم الإسلامية والعلوم الإنسانية الحديثة، مثل القرآن والحديث والفقه والتفسير والتصوف، والعلوم والتكنولوجيا والرياضيات والعلوم الاجتماعية والحاسب الآلي وتكنولوجيا المعلومات، وغيرها من المواد. فضلاً عن التركيز على تسليح الطالبات بلغات أربع، وهي: الإنجليزية، والعربية، والهندية، والمالايامية.
وبالإضافة إلى المواد الأكاديمية، توفر المؤسسة تدريبًا عمليًا في التصميم والخياطة والتطريز. وبعد إتمام سنوات الدراسة الست بنجاح، تمنح جامعة «دار الهدى» الإسلامية كل فتاة لقب «الزهراية» الشرفي.
وعلى الرغم من أن الجامعة تركز على تعليم الطلاب المسلمين من الهند، فقد التحق بالجامعة بعض الطلاب القلائل من النيبال ونيوزيلندا. وفي المسقبل القريب، تخطط الجامعة إلى فتح أبوابها أمام الطلاب من كل أنحاء العالم.
وعادة ما يستأنف كثير من الطلاب دراستهم، إما في الجامعات الهندية أو في الجامعات المنتشرة عبر أنحاء العالم. وكثير منهم أكملوا دراساتهم العليا بعد الجامعية في الجامعات النظامية، في فروع عدة لم تقتصر على الدراسات الإسلامية أو العربية فحسب، بل تختطها إلى دراسات الأدب الإنجليزي والصحافة وعلوم الاجتماع وعلوم الأنثروبولوجيا وعلوم الاقتصاد. وكثير منهم ينخرط الآن بالفعل في الدراسة في جامعات مثل جامعة جواهر لال نهرو، والمعهد الهندي للاتصال الجماهيري، والجامعة المالية الإسلامية، وجامعة همدرد، وجامعة حيدر آباد، ومعهد تاتا للعلوم الاجتماعية، والجامعة المركزية في كجرات، وجامعة اللغات الإنجليزية واللغات الأجنبية، ومعهد التكنولوجيا، في الهند. علاوة على ذلك، استأنف كثير من خريجي الجامعة دراستهم ما فوق الجامعية بالخارج، في المؤسسات الكبرى مثل جامعة كاليفورنيا في بيركيلي، وجامعة الإسلامية الدولية في ماليزا، وجامعة الأزهر بمصر، وجامعة لايدن في هولندا.

المكانة الدولية
وقعت جامعة «دار الهدى» الإسلامية كثيرًا من مذكرات التفاهم مع كثير من الجامعات الهندية والدولية، وهي تلقى تقديرًا يعادل مكانة كبار الجامعات، مثل جامعة الأزهر بالقاهرة، والجامعة الإسلامية الدولية في كوالالمبور، وجامعة طرابلس، وجامعة أم درمان الإسلامية في السودان، وجامعة العظيم الأزهري في الخرطوم، وجامعة المصطفى الدولية في إيران، وجامعة يلدرم بايزيد في تركيا، وجامعة الفتح في إسطنبول بتركيا، وجامعة الكويت، وجامعة الزيتونة في تونس. علاوة على أن الجامعة عضو في اتحاد جامعات العالم الإسلامي بالمغرب، ورابطة الجامعات الإسلامية بالقاهرة.



حينما تكون اللهجة معوقاً للنجاح... فالحل بدراسة النطق الصحيح

حينما تكون اللهجة معوقاً للنجاح... فالحل بدراسة النطق الصحيح
TT

حينما تكون اللهجة معوقاً للنجاح... فالحل بدراسة النطق الصحيح

حينما تكون اللهجة معوقاً للنجاح... فالحل بدراسة النطق الصحيح

اللهجات المختلفة تشير أحياناً إلى منشأ المتحدث بها، أو درجة تعليمه، أو وسطه الاجتماعي. وفي بعض الأحيان، تقف اللهجات عائقاً أمام التعلم والفهم، كما أنها في بعض الأحيان تقف عقبة أمام التقدم المهني ونظرة المجتمع للمتحدث. ولهذا يتطلع كثيرون إلى التخلص من لهجتهم، واستبدالها بلغة «راقية» أو محايدة تمنحهم فرصاً عملية للترقي، وتحول دون التفرقة ضدهم بناء على لهجة متوارثة لا ذنب لهم فيها.
هذه الفوارق بين اللهجات موجودة في كل اللغات، ومنها اللغة العربية التي يحاول فيها أهل القرى اكتساب لهجات أهل المدن، ويتحدث فيها المثقفون إعلامياً بلغة فصحى حديثة هي الآن اللغة السائدة في إعلام الدول العربية. ولكن من أجل معالجة وسائل التعامل مع اللهجات واللكنات، سوف يكون القياس على اللغة الإنجليزية التي تعد الآن اللغة العالمية في التعامل.
هناك بالطبع كثير من اللهجات الإنجليزية التي تستخدم في أميركا وبريطانيا وأستراليا ودول أخرى، ولكن معاناة البعض تأتي من اللهجات الفرعية داخل كل دولة على حدة. وفي بريطانيا، ينظر البعض إلى لهجة أهل شرق لندن، التي تسمى «كوكني»، على أنها لهجة شعبية يستخدمها غير المتعلمين، وتشير إلى طبقة عاملة فقيرة. وعلى النقيض، هناك لهجات راقية تستخدم فيها «لغة الملكة»، وتشير إلى الطبقات العليا الثرية، وهذه أيضاً لها سلبياتها في التعامل مع الجماهير، حيث ينظر إليها البعض على أنها لغة متعالية، ولا تعبر عن نبض الشارع. وفي كلا الحالتين، يلجأ أصحاب هذه اللهجات إلى معالجة الموقف عن طريق إعادة تعلم النطق الصحيح، وتخفيف حدة اللهجة الدارجة لديهم.
الأجانب أيضاً يعانون من اللكنة غير المحلية التي تعلموا بها اللغة الإنجليزية، ويمكن التعرف فوراً على اللكنات الهندية والأفريقية والعربية عند نطق اللغة الإنجليزية. ويحتاج الأجانب إلى جهد أكبر من أجل التخلص من اللكنة الأجنبية، والاقتراب أكثر من النطق المحايد للغة، كما يسمعونها من أهلها.
وفي كل هذه الحالات، يكون الحل هو اللجوء إلى المعاهد الخاصة أو خبراء اللغة لتلقي دروس خاصة في تحسين النطق، وهو أسلوب تعلم يطلق عليه (Elocution) «إلوكيوشن»، وله أستاذته المتخصصون. ويمكن تلقي الدروس في مجموعات ضمن دورات تستمر من يوم واحد في حصة تستمر عدة ساعات إلى دورات تجري على 3 أشهر على نحو أسبوعي. كما يوفر بعض الأساتذة دورات شخصية مفصلة وفق حاجات الطالب أو الطالبة، تعالج الجوانب التي يريد الطالب تحسينها.
ومن نماذج الأساتذة الخصوصيين ماثيو بيكوك، الذي يقوم بتدريب نحو 20 طالباً أسبوعياً في لندن على تحسين نطقهم، حيث يتعامل مع حالة طبيب في مستشفى لندني يعاني من لهجته الكوكني، ويريد التخلص منها حتى يكتسب مصداقية أكبر في عمله كطبيب. ويقول الطبيب إنه يكره الفرضيات حول لهجته من المرضى والمجتمع الذي يتعامل معه.
ويقول بيكوك إن الطلب على دروس تحسين اللهجات في ارتفاع دائم في السنوات الأخيرة. كما زاد الطلب على الدروس بنسبة الربع في بريطانيا بعد استفتاء الخروج من الاتحاد الأوروبي في العام الماضي. وكان معظم الطلب من الأوروبيين المقيمين في بريطانيا الذين يريدون التخلص من لكنتهم الأوروبية حتى يمكنهم الاختلاط بسهولة في بريطانيا، وتجنب التفرقة ضدهم من الشعب البريطاني.
ويقدم أحد فروع الأكاديمية الملكية للفنون الدرامية في لندن دروساً شخصية في الإلقاء وتحسين اللهجة. ويقول كيفن تشابمان، مدير فرع الأعمال في الأكاديمية، إن الإقبال في العام الأخير على هذه الدروس زاد من 3 إلى 4 أضعاف. ويتلقى الطلبة دروساً فردية للتخلص من لهجات قروية، ولكن مع تقدم الدروس، يكتشف المدرس أن الطالب يحتاج أيضاً إلى معالجة أمور أخرى غير اللهجة، مثل الاضطراب والضغوط النفسية عند الحديث مع الإعلام وكيفية الإلقاء الصحيح.
وتجرى بعض هذه الدروس عن بعد، عن طريق برامج فيديو مثل «سكايب» يمكن للطالب أن يستمع إلى إلقائه عبر الفيديو من أجل تحسين لهجته. وترتبط دروس تحسين اللهجات في معظم الأحوال بتحسين أساليب التواصل والإلقاء عبر الوسائل الإلكترونية، وهي مقدرة يحتاجها أصحاب الأعمال في توصيل أفكارهم بوضوح وبساطة إلى زبائن الشركة والموردين الذين يتعاملون معهم، خصوصاً أن التعامل في عالم الأعمال الحديث يكون في مناخ دولي من جميع أنحاء العالم.
وبخلاف أصحاب الأعمال، يقبل على دروس تحسين اللهجة والحديث العام شرائح مجتمعية أخرى، مثل المدرسين والمحامين. وتقول فيليستي غودمان، مدربة الصوت التي تعمل في مدينة مانشستر، إنها فوجئت بأن بعض طلبتها اعترفوا بأنهم فشلوا في مقابلات عمل بسبب اللهجة، وهي تعتقد أن أصحاب الأعمال قد يقصدون القدرة اللغوية أو كيفية النطق، بدلاً من اللهجة، عند رفض المتقدمين لوظائف معينة.
ومن شركة متخصصة في تدريب الموظفين الذين يعملون في مجال السلع والخدمات الفاخرة، اسمها «لندن لكشري أكاديمي»، يقول مديرها العام بول راسيل، المتخصص في علم النفس، إن التفرقة ضد بعض اللهجات موجودة فعلاً. وهو يقوم بتدريب موظفي الشركات على التعامل بلهجات واضحة مع كبار الزبائن الأجانب. ويقول إن العامة تحكم على الأشخاص من لهجتهم رغماً عنهم، خصوصاً في بعض المجالات، حيث لا يمكن أن ينجح أي شخص بلهجة قوية في التواصل مع المجتمع المخملي في أي مكان.
ولمن يريد تحسين لهجته أو لغته بوجه عام، مع جوانب كيفية لفظ الكلمات والإلقاء العام، عليه بدورات تدريبية متخصصة، أو بدروس خصوصية من مدرب خاص. وتتراوح التكاليف بين 30 و40 جنيهاً إسترلينياً (40 و52 دولاراً) في الساعة الواحدة. ويحتاج الطالب في المتوسط إلى دورة من 10 دروس.
ولا يلجأ مدرسي النطق الصحيح للغات إلى الإعلان عن أنفسهم لأنهم يكتفون بمواقع على الإنترنت والسمعة بين طلبتهم من أجل الحصول على ما يكفيهم من دفعات الطلبة الجدد الراغبين في التعلم. ويقول روبن وودريدج، من مدرسة برمنغهام، إن تكاليف التعلم اللغوي الصحيح تعادل تكاليف تعلم الموسيقى، وهو يقوم بتعليم ما بين 40 و50 طالباً شهرياً.
ويضيف وودريدج أن سبب الإقبال على دروسه من رجال الأعمال والأكاديميين هو رغبتهم في تجنب الافتراضات المرتبطة بلهجتهم. فعلى رغم جهود التجانس والتعايش الاجتماعي، فإن التفرقة ضد اللهجات ما زالت منتشرة على نطاق واسع في مجتمع مثل المجتمع البريطاني.
وعلى الرغم من أن أكاديمية لندن للموسيقى والفنون الدرامية تقول في شروط اختباراتها إن اللهجات الإقليمية مقبولة، فإن وودريدج يؤكد أن معظم طلبة مدرسة برمنغهام للنطق الصحيح يأتون من مدارس خاصة، ولا يريد ذووهم أن تكون لهجة برمنغهام ذات تأثير سلبي على مستقبلهم.
ويقول أساتذة تعليم النطق اللغوي إن الفرد يحتاج إلى كثير من الشجاعة من أجل الاعتراف بأن لهجته تقف عقبة في سبيل نجاحه، ولذلك يلجأ إلى تغيير هذه اللهجة. ويشير بعض الأساتذة إلى حساسية التعامل مع مسألة اللهجات، والحاجة إلى الخبرة في التعامل مع كيفية تغييرها، ويعتقد أنه في بريطانيا، على الأقل، ما بقيت التفرقة ضد اللهجات، واستمر النظام الطبقي في البلاد، فإن الإقبال على خدمات تحسين اللهجات سوف يستمر في الزيادة لسنوات طويلة.
- كيف تتخلص من لكنتك الأجنبية في لندن؟
> هناك كثير من المعاهد والجامعات والكليات والمدارس الخاصة، بالإضافة إلى المعلمين الذين يمكن اللجوء إليهم في دورات تدريبية، في لندن لتحسين النطق باللغة الإنجليزية، أو التخلص من اللكنة الأجنبية. والنموذج التالي هو لمدرسة خاصة في لندن، اسمها «لندن سبيتش وركشوب»، تقدم دورات خاصة في تعليم النطق الصحيح، وتساعد الطلبة على التخلص من اللكنة الأجنبية في الحديث.
وتقول نشرة المدرسة إنه من المهم الشعور بالثقة عند الحديث، وإن الدورة التدريبية سوف تساهم في وضوح الكلمات، وتخفف من اللكنات، وتلغي الحديث المبهم. وترى المدرسة أن هناك كثيراً من العوامل، بالإضافة إلى اللهجة أو اللكنة الأجنبية، تمنع وضوح الحديث باللغة الإنجليزية، وهي تعالج كل الجوانب ولا تكتفي بجانب واحد.
وتقدم المدرسة فرصة الاستفادة من درس نموذجي واحد أولاً، قبل أن يلتزم الطالب بالدورة التدريبية التي تمتد إلى 10 حصص على 3 أشهر. كما يمكن للطالب اختيار حل وسط بدورة سريعة تمتد لـ5 حصص فقط. وتصل تكلفة الدورة المكونة من 10 حصص إلى 1295 جنيهاً (1685 دولاراً)، ويحصل الطالب بالإضافة إلى الحصص على دليل مكتوب في مائة صفحة للتدريب اللغوي، وخطة عمل مخصصة له، بالإضافة إلى واجبات دراسية أسبوعية. وللمدرسة فرعان في لندن: أحدهما في حي مايفير، والآخر في جي السيتي، شرق لندن بالقرب من بنك إنجلترا.