{وقائع الكتاب الأول».. معرض للفن العربي المعاصر في لندن

أقيم ضمن أسبوع «لندن ـ آرابيا للفن والأزياء».. وسجل حضورا قويا

من أعمال الفنان السعودي سعد بن محمد آل سعود  - من أعمال الفنانة  السعودية فاطمة النمر - من أعمال المصورة السعودية ريم محمد الفيصل - من أعمال  الفنانة القطرية  فاطمة الشيباني - من أعمال الفنان العراقي محمد الشمري
من أعمال الفنان السعودي سعد بن محمد آل سعود - من أعمال الفنانة السعودية فاطمة النمر - من أعمال المصورة السعودية ريم محمد الفيصل - من أعمال الفنانة القطرية فاطمة الشيباني - من أعمال الفنان العراقي محمد الشمري
TT

{وقائع الكتاب الأول».. معرض للفن العربي المعاصر في لندن

من أعمال الفنان السعودي سعد بن محمد آل سعود  - من أعمال الفنانة  السعودية فاطمة النمر - من أعمال المصورة السعودية ريم محمد الفيصل - من أعمال  الفنانة القطرية  فاطمة الشيباني - من أعمال الفنان العراقي محمد الشمري
من أعمال الفنان السعودي سعد بن محمد آل سعود - من أعمال الفنانة السعودية فاطمة النمر - من أعمال المصورة السعودية ريم محمد الفيصل - من أعمال الفنانة القطرية فاطمة الشيباني - من أعمال الفنان العراقي محمد الشمري

حدث جديد انضم إلى قائمة الفعاليات الثقافية العربية في لندن، حيث افتتح في فندق جميرة كارلتون تاور بوسط العاصمة أسبوع «لندن - آرابيا للفن والأزياء». حضور كثيف شهد انطلاق الأسبوع، وحازت الأعمال الفنية المتنوعة المعروضة اهتماما واضحا من الحاضرين. المعرض الفني الذي حمل عنوان «وقائع الكتاب الأول»، هو الأول لغاليري «آر» في جدة، الذي أسسته المصورة السعودية الفنانة ريم محمد الفيصل، التي صحبتنا في جولة بين اللوحات والأعمال الفنية المتعددة منطلقة من مجموعة من الأعمال الفوتوغرافية من توقيعها، وهي من عرض «كيارسكورو» الذي قدمته مؤخرا في دبي. أعمال ريم الفيصل دائما تنجح في جذب الواقف أمامها حيث يجد نفسه في عالم خاص يعبر عن روحانية راقية ومحاولة للتأمل. عبر الأبيض والأسود والتلاعب بالضوء تستكشف ريم الفيصل الأعماق وتتسلل بنعومة خلف غلالات الصمت المنعكس في المناظر التي تصورها، فهناك باب تقليدي نصف مفتوح نرى من خلاله الضوء الغامر على الجانب الآخر، ولكننا ننظر من الجانب المظلم، يجذبنا الضوء الساطع ربما لنعبر ذلك الباب وربما نتوصل للحظة معرفة، ربما.
الفيصل في لقاء سابق معها علقت على اللعب على الضوء والظلال في الصور حيث قالت: «معظم أعمالي روحانية، والظل والنور كلها رموز للحياة، فالروح الإنسانية تتجاذب بين الظل والنور، بين الأمل والحزن، وبالتأمل إذا رأينا المساحات السوداء الكبيرة إذا داخلتها نقطة ضوء واحدة فقط، فإنها تكسر اللون وتضيئه».
تقول الفيصل إن فكرة المشاركة في أسبوع «لندن – آرابيا» مثلت بالنسبة لها وللقائمين على العرض «محاولة صغيرة لاستكشاف رد الفعل لدى المشاهد الغربي، وأعتقد أن التجاوب كان كبيرا»، وتوضح أكثر العنوان الغامض للمعرض: «أطلقنا عليه (وقائع: الكتاب الأول) بحكم أنه الأول من المعارض القادمة التي تقدم للزائر الغربي نماذج من الفن العربي المعاصر. ما نحاوله هنا هو تقديم أعمال لم يتعود المشاهد الغربي على رؤيتها في معارض الفن العربي». تؤكد الصبغة العربية للمعرض فهو ليس مقتصرا على بلد معين، فالفنانون ينحدرون من بلاد متعددة، قطر والسعودية والعراق ومصر، وتشير إلى أن المعرض التالي سيضم فنانين أكثر وأعمالا أكثر.
الأعمال المتناثرة أمامنا تقدم التصوير الفوتوغرافي والنحت واللوحات المرسومة، تقول: «كل من الفنانين يتناول جانبا من الحياة في العالم العربي، كل منهم يقدم تجربة شخصية وفي الوقت نفسه يصور جانبا من المجتمع العربي».
نتوقف أمام أعمال للفنان العراقي، محمد الشمري، التي تصور أشخاصا مجهولين، لا نرى وجوههم، فقط ظهورهم، ينتظمون صفوفا متساوية، يلبسون اللباس العربي نفسه، من هم؟ ولماذا لا نستطيع التمييز بينهم؟، تشير الفيصل إلى أن الفنان يقدم من خلال أعماله نظرة على تاريخ العراق الحديث. «الفنان كان جنديا في الجيش وشهد أكثر من حرب. يتحدث حول (عسكرة) المجتمع، وكيف فقد فرديته وتميزه. ومن خلال الرجل ذي العقال والثوب العربي يعبر عن تاريخ العراق الحديث وأيضا تاريخه الشخصي».
يلفت نظري مجموعة من اللوحات التي تحمل أسماء أفلام مصرية شهيرة مثل «الأرض»، اللوحات تبدو مثل ملصقات الدعاية، وإن كانت ليست الملصقات الأصلية، تشير الفيصل إلى أن الأعمال للفنان المصري، آدم عبد الغفار، الذي يبدو متأثرا بخلفيته في عالم الإعلانات. اللوحات من ضمن مجموعة تعنى بأفيشات الأفلام التي يعشقها، ويشير دليل العرض إلى أن الفنان قام بإعادة تصميم بعض تلك الملصقات معتمدا على فهم عميق وشغف بالأفلام. ويقول الفنان في ذلك: «كشخص شغوف بالسينما أتمنى أن أستطيع تعليق بعض أفيشات الأفلام التي أحب في منزلي ولكن الحاصل في العالم العربي الآن يخدم الصيغة التجارية والسطحية للفيلم متجاوزا جماليات الأعمال».
من خلال أكثر من لوحة معروضة نكتشف عالم الفنانة السعودية فاطمة النمر، التي تعتمد على صور شخصية للفنانة، حسب ما تذكر الفيصل: «فاطمة النمر تقوم باستخدام صور شخصية لها وتحولها للوحات فنية. هي واحدة من جيل سعودي مر بمرحلة الطفرة الاقتصادية في الثمانينات وأيضا يعاصر حاليا عصر الفوضى العربية». ولعل اللوحة التي تصور الفنانة تطل من داخل برميل نفط ضخم على خلفية كتابات عربية، تعتبر أفضل دليل على أعمال النمر.
نمرّ بمجموعة من أعمال الفنان السعودي، سعد بن محمد آل سعود، التي ترى الفيصل أنها تعبر عن تيمات السريالية: «هناك كثير من الرمزية في أعمال سعد» تشير إلى اللوحات المعروضة. ولعل كلمات الفنان نفسه، التي يضمها دليل المعرض، تعد أفضل تقديم لأعمال الفنان، حيث يقول: «أنا أكتب وأرسم من أجل التنفيس، أفعل ذلك لمتعتي الخاصة»، سعد عرف بكتاباته ويبدو أن الرسم بالنسبة له يعوض ما لا يستطيع قوله بالكلمات.
الفنانة فاطمة الشيباني تعبر بالنحت والتصوير الفوتوغرافي عن أحد أهم معالم رداء المرأة الخليجية وهو «البخنق» وهو غطاء شامل للعنق والرقبة له في ذكريات الخليجيات مكان مميز، فهو من الملابس المفضلة لدى الصغيرات، ولكنه على يد الشيباني يتحول ليعبر عن رؤية خاصة من الفنانة.
في نهاية الجولة يتبدى مجهود فريق «غالير آر»، ريم الفيصل ومنى عبد الله أراغوي، في اختيار مجموعة متماسكة ومتنوعة من الأعمال الفنية المتميزة، وما يميز المعرض أيضا هو أنه بمثابة فاتح للشهية، وهو ما يجعلنا ننتظر بشوق عودة معرض «وقائع: الكتاب الثاني».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».