متحف «ركن فاروق» الملكي يستقبل الزوار بعد 5 سنوات من إغلاقه

عمره 53 عامًا ويضم مقتنيات الملك فاروق وآخر ملكات مصر

إحدى قاعات «ركن فاروق» مزينة بالتماثيل الفرنسية - مجسم لمتحف «ركن فاروق» ({الشرق الأوسط})
إحدى قاعات «ركن فاروق» مزينة بالتماثيل الفرنسية - مجسم لمتحف «ركن فاروق» ({الشرق الأوسط})
TT

متحف «ركن فاروق» الملكي يستقبل الزوار بعد 5 سنوات من إغلاقه

إحدى قاعات «ركن فاروق» مزينة بالتماثيل الفرنسية - مجسم لمتحف «ركن فاروق» ({الشرق الأوسط})
إحدى قاعات «ركن فاروق» مزينة بالتماثيل الفرنسية - مجسم لمتحف «ركن فاروق» ({الشرق الأوسط})

جانب من تاريخ مصر الملكي وحياة الملك فاروق وزوجتيه فريدة وناريمان آخر ملكات مصر والسودان، أصبح متاحا لزوار استراحة «ركن فاروق» بحلوان على أطراف القاهرة، التي تقع في بقعة ساحرة على النيل تجمع بين هواء النيل العليل وهواء الصحراء الجاف.
وأعيد افتتاح المتحف صباح الثلاثاء بعد فترة إغلاق دامت خمس سنوات في أعقاب أحداث ثورة يناير (كانون الثاني) 2011، وحضر الافتتاح وزير الآثار المصري د. خالد العناني، ووزير الثقافة المصري حلمي النمنم، ووزير السياحة يحيى راشد، واللواء أحمد تيمور، القائم بأعمال محافظ القاهرة.
وقال وزير الثقافة: إن «ركن فاروق واحد من المعالم المهمة في تاريخ مصر الحديث، وإعادة افتتاحه اليوم، تؤكد اهتمام الدولة بالتراث والحضارة المصرية القديمة، وأنها تدعم الحفاظ عليها بصفة مستمرة». بينما قال وزير الآثار: إن «(ركن فاروق) أنشئ في أربعينيات القرن الماضي، وأغلق بعد عملية الانفلات الأمني في بداية 2011»، لافتا إلى كونه منارة مهمة للتوعية الثقافية، حيث يحتوي على بعض مقتنيات الملك فاروق. وأكد أن افتتاحه اليوم هو رسالة إلى العالم بأن مصر تحافظ على آثارها، وأعلن وزير الآثار افتتاح المتحف لمدة أسبوع بالمجان للجمهور. كما حضر الافتتاح، الدكتورة لميس جابر، عضو مجلس الشعب، وأعضاء لجنة الثقافة والآثار والإعلام بمجلس النواب، والدكتور ماجد نجم، القائم بأعمال رئيس جامعة حلوان ونائب رئيس الجامعة لشؤون الدراسات العليا والبحوث، إلى جانب عدد من سفراء الدول، منهم الأرجنتين والنمسا، والمستشار الثقافي للسفارة الأميركية بالقاهرة.
بمجرد دخولك للاستراحة الملكية ستجد في استقبالك نافورة رخامية ضخمة مطعمة بتماثيل ذات طراز روماني. وصممت الاستراحة على هيئة سفينة ترسو على النيل، وأول انطباع سيصلك هو عشق الملك فاروق للتراث الفرعوني، الذي حرص أن يضفي لمسات منه على كل جانب من جوانب الاستراحة الملكية، ولا عجب في ذلك، خصوصا أن الاستراحة على مقربة من مقر أول عاصمة مصرية قديمة «ممفيس».
وكان الملك فاروق أثناء جولاته قد أعجب بالموقع الساحر والمجاور لفندق «جراند أوتيل» الذي شيد عليه كازينو، ويرجع تاريخ الاستراحة لعام 1916 عندما اختار المهندس الإيطالي أرسان جيوفاني هذه البقعة لإنشاء كشك للشاي (كافيتريا) تتبع فندق «جراند أوتيل»، وفي عام 1932 اشترى الكشك الثري المصري محمد بك حافظ، حتى عام 1935 عندما اشتراها الملك فاروق بوصفها قطعة أرض فضاء تصل مساحتها بعدما أضيف إليها من حدائق إلى 11 ألف متر مربع، وشيدت الاستراحة الملكية عام 1936 على مساحة 440 مترا مربعا منها، وهي مشيدة من 3 طوابق تحيطها حدائق غناء، واستقدم شتلات لأشجار نادرة.
تبدأ الجولة بالطابق الأول وهو عبارة عن مبنى يخص الحاشية الملكية، أما الطابق الثاني ذو سلالم من الرخام متجه إلى بوابة من الخشب تؤدي إلى بهو به أهم تمثال بالمتحف، وهو تمثال صممه النحات الفرنسي «كوردير» لامرأة مصرية بزي فرعوني تعزف على آلة الهارب. وتضم قاعات هذا الطابق تحفا كثيرة، البعض منها من استراحة الهرم الملكية، وهي التحف التي على الطراز الفرعوني وباقي المقتنيات في دولاب على شكل واجهة المعابد الفرعونية، وهي عبارة عن هدايا أهديت للملك فاروق من ملوك العالم وأمرائه.
وتقول مروة محمود، مديرة قصر «ركن فاروق» بحلوان: «إن الملك فاروق برغم اهتمامه وحبه للموقع الجميل لم يحضر إلى الاستراحة إلا مرتين، يوم افتتاحها ويوما آخر قبل تسليمه العرش». الاستراحة تم ترميمها في عام 2007 وافتتحت في عام 2009، إلا أنها أغلقت عقب ثورة الخامس والعشرين من يناير نظرا للظروف الأمنية.
وتضيف: «إن من أبرز مقتنيات المتحف تمثال لأبي الهول من البرونز وساعة مكتب معدن مذهبة عبارة عن لوحة من البلور عليها 12 فصا عتيقا والعقارب من الذهب، وتزين لوحة البلور تماثيل لتماسيح فرعونية من الذهب. كما يضم لوحات رائعة لأشهر فناني العالم آنذاك، منها لوحة القاهرة القديمة «لايكوهمان»، وتمثال الفلاحة والجرة من الأنتيمون للفنان «كوديه» ويرجع تاريخها إلى عام 1866».
كما تضم الاستراحة غرفة الملكة ناريمان، وبها سريرها وقد اكتسى بمفرش باللون الوردي ومرآة وصورة لها والملك في حفل زفافهما الأسطوري آنذاك، وسرير «مهد» لولي العهد الملك أحمد فؤاد الثاني المقيم حاليا بسويسرا، والسرير مطعم بتمثال فرعوني، إلى جانب هذه المقتنيات يوجد «راديو» مزود بجهاز للأسطوانات داخل صندوق من خشب الجوز التركي عبارة عن شكل معبد تزينه بعض العواميد المخروطية بتيجان مزخرفة على شكل زهرة اللوتس وعليه اسم الملك باللغة الهيروغليفية.
وبداخل الاستراحة مجموعة من العرائس التي أهديت لملكتي مصر السابقتين فريدة وناريمان، وعددها 379 عروسا تنتمي إلى 33 دولة بأزيائها المختلفة وأشكالها المتميزة، كما يوجد كرسي العرش المذهب وكرسي ولي العهد، وهما نسخة مقلدة بإتقان لكرسي عرش الملك «توت عنخ آمون» الأصلي الموجودة في المتحف المصري. وتعد الساعة التي أهداها ملك إنجلترا السابق للخديو إسماعيل من أثمن ما يضمه المتحف في هذا الطابق. ويضم الطابق الثاني مجموعة من القاعات بها مستنسخات لآثار مصرية مهمة، كطريق وادي الكباش ومعابد القصر وأسوان، وغرف للطعام. أما الطابق الثالث بالاستراحة فيصل الزائر إليه عن طريق سلم رخامي يؤدي إلى السطح، والذي كان مخصصا للملك حيث يطل على بانوراما رائعة للنيل.
ويأتي افتتاح هذه الاستراحة لينضم إلى مجموعة من القصور والمتاحف الملكية التي تجسد حياة الأسرة العلوية وأبناء محمد علي مؤسس الدولة المصرية الحديثة لتكون شاهدة على حقبة مهمة من تاريخ مصر.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».