جانب من تاريخ مصر الملكي وحياة الملك فاروق وزوجتيه فريدة وناريمان آخر ملكات مصر والسودان، أصبح متاحا لزوار استراحة «ركن فاروق» بحلوان على أطراف القاهرة، التي تقع في بقعة ساحرة على النيل تجمع بين هواء النيل العليل وهواء الصحراء الجاف.
وأعيد افتتاح المتحف صباح الثلاثاء بعد فترة إغلاق دامت خمس سنوات في أعقاب أحداث ثورة يناير (كانون الثاني) 2011، وحضر الافتتاح وزير الآثار المصري د. خالد العناني، ووزير الثقافة المصري حلمي النمنم، ووزير السياحة يحيى راشد، واللواء أحمد تيمور، القائم بأعمال محافظ القاهرة.
وقال وزير الثقافة: إن «ركن فاروق واحد من المعالم المهمة في تاريخ مصر الحديث، وإعادة افتتاحه اليوم، تؤكد اهتمام الدولة بالتراث والحضارة المصرية القديمة، وأنها تدعم الحفاظ عليها بصفة مستمرة». بينما قال وزير الآثار: إن «(ركن فاروق) أنشئ في أربعينيات القرن الماضي، وأغلق بعد عملية الانفلات الأمني في بداية 2011»، لافتا إلى كونه منارة مهمة للتوعية الثقافية، حيث يحتوي على بعض مقتنيات الملك فاروق. وأكد أن افتتاحه اليوم هو رسالة إلى العالم بأن مصر تحافظ على آثارها، وأعلن وزير الآثار افتتاح المتحف لمدة أسبوع بالمجان للجمهور. كما حضر الافتتاح، الدكتورة لميس جابر، عضو مجلس الشعب، وأعضاء لجنة الثقافة والآثار والإعلام بمجلس النواب، والدكتور ماجد نجم، القائم بأعمال رئيس جامعة حلوان ونائب رئيس الجامعة لشؤون الدراسات العليا والبحوث، إلى جانب عدد من سفراء الدول، منهم الأرجنتين والنمسا، والمستشار الثقافي للسفارة الأميركية بالقاهرة.
بمجرد دخولك للاستراحة الملكية ستجد في استقبالك نافورة رخامية ضخمة مطعمة بتماثيل ذات طراز روماني. وصممت الاستراحة على هيئة سفينة ترسو على النيل، وأول انطباع سيصلك هو عشق الملك فاروق للتراث الفرعوني، الذي حرص أن يضفي لمسات منه على كل جانب من جوانب الاستراحة الملكية، ولا عجب في ذلك، خصوصا أن الاستراحة على مقربة من مقر أول عاصمة مصرية قديمة «ممفيس».
وكان الملك فاروق أثناء جولاته قد أعجب بالموقع الساحر والمجاور لفندق «جراند أوتيل» الذي شيد عليه كازينو، ويرجع تاريخ الاستراحة لعام 1916 عندما اختار المهندس الإيطالي أرسان جيوفاني هذه البقعة لإنشاء كشك للشاي (كافيتريا) تتبع فندق «جراند أوتيل»، وفي عام 1932 اشترى الكشك الثري المصري محمد بك حافظ، حتى عام 1935 عندما اشتراها الملك فاروق بوصفها قطعة أرض فضاء تصل مساحتها بعدما أضيف إليها من حدائق إلى 11 ألف متر مربع، وشيدت الاستراحة الملكية عام 1936 على مساحة 440 مترا مربعا منها، وهي مشيدة من 3 طوابق تحيطها حدائق غناء، واستقدم شتلات لأشجار نادرة.
تبدأ الجولة بالطابق الأول وهو عبارة عن مبنى يخص الحاشية الملكية، أما الطابق الثاني ذو سلالم من الرخام متجه إلى بوابة من الخشب تؤدي إلى بهو به أهم تمثال بالمتحف، وهو تمثال صممه النحات الفرنسي «كوردير» لامرأة مصرية بزي فرعوني تعزف على آلة الهارب. وتضم قاعات هذا الطابق تحفا كثيرة، البعض منها من استراحة الهرم الملكية، وهي التحف التي على الطراز الفرعوني وباقي المقتنيات في دولاب على شكل واجهة المعابد الفرعونية، وهي عبارة عن هدايا أهديت للملك فاروق من ملوك العالم وأمرائه.
وتقول مروة محمود، مديرة قصر «ركن فاروق» بحلوان: «إن الملك فاروق برغم اهتمامه وحبه للموقع الجميل لم يحضر إلى الاستراحة إلا مرتين، يوم افتتاحها ويوما آخر قبل تسليمه العرش». الاستراحة تم ترميمها في عام 2007 وافتتحت في عام 2009، إلا أنها أغلقت عقب ثورة الخامس والعشرين من يناير نظرا للظروف الأمنية.
وتضيف: «إن من أبرز مقتنيات المتحف تمثال لأبي الهول من البرونز وساعة مكتب معدن مذهبة عبارة عن لوحة من البلور عليها 12 فصا عتيقا والعقارب من الذهب، وتزين لوحة البلور تماثيل لتماسيح فرعونية من الذهب. كما يضم لوحات رائعة لأشهر فناني العالم آنذاك، منها لوحة القاهرة القديمة «لايكوهمان»، وتمثال الفلاحة والجرة من الأنتيمون للفنان «كوديه» ويرجع تاريخها إلى عام 1866».
كما تضم الاستراحة غرفة الملكة ناريمان، وبها سريرها وقد اكتسى بمفرش باللون الوردي ومرآة وصورة لها والملك في حفل زفافهما الأسطوري آنذاك، وسرير «مهد» لولي العهد الملك أحمد فؤاد الثاني المقيم حاليا بسويسرا، والسرير مطعم بتمثال فرعوني، إلى جانب هذه المقتنيات يوجد «راديو» مزود بجهاز للأسطوانات داخل صندوق من خشب الجوز التركي عبارة عن شكل معبد تزينه بعض العواميد المخروطية بتيجان مزخرفة على شكل زهرة اللوتس وعليه اسم الملك باللغة الهيروغليفية.
وبداخل الاستراحة مجموعة من العرائس التي أهديت لملكتي مصر السابقتين فريدة وناريمان، وعددها 379 عروسا تنتمي إلى 33 دولة بأزيائها المختلفة وأشكالها المتميزة، كما يوجد كرسي العرش المذهب وكرسي ولي العهد، وهما نسخة مقلدة بإتقان لكرسي عرش الملك «توت عنخ آمون» الأصلي الموجودة في المتحف المصري. وتعد الساعة التي أهداها ملك إنجلترا السابق للخديو إسماعيل من أثمن ما يضمه المتحف في هذا الطابق. ويضم الطابق الثاني مجموعة من القاعات بها مستنسخات لآثار مصرية مهمة، كطريق وادي الكباش ومعابد القصر وأسوان، وغرف للطعام. أما الطابق الثالث بالاستراحة فيصل الزائر إليه عن طريق سلم رخامي يؤدي إلى السطح، والذي كان مخصصا للملك حيث يطل على بانوراما رائعة للنيل.
ويأتي افتتاح هذه الاستراحة لينضم إلى مجموعة من القصور والمتاحف الملكية التي تجسد حياة الأسرة العلوية وأبناء محمد علي مؤسس الدولة المصرية الحديثة لتكون شاهدة على حقبة مهمة من تاريخ مصر.
متحف «ركن فاروق» الملكي يستقبل الزوار بعد 5 سنوات من إغلاقه
عمره 53 عامًا ويضم مقتنيات الملك فاروق وآخر ملكات مصر
متحف «ركن فاروق» الملكي يستقبل الزوار بعد 5 سنوات من إغلاقه
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة