استهجان في مجلس الأمن للموقف الروسي حول «بيان» اليمن.. و14 دولة تعلن تضامنها

الخارجية البريطانية لـ «الشرق الأوسط» : نأسف على عرقلة مشروعنا.. وندعم جهود ولد الشيخ

المبعوث الأممي اسماعيل ولد الشيخ أحمد لدى حضوره لقاء جمعه مع الحوثيين في صنعاء الشهر الماضي (أ.ف.ب)
المبعوث الأممي اسماعيل ولد الشيخ أحمد لدى حضوره لقاء جمعه مع الحوثيين في صنعاء الشهر الماضي (أ.ف.ب)
TT

استهجان في مجلس الأمن للموقف الروسي حول «بيان» اليمن.. و14 دولة تعلن تضامنها

المبعوث الأممي اسماعيل ولد الشيخ أحمد لدى حضوره لقاء جمعه مع الحوثيين في صنعاء الشهر الماضي (أ.ف.ب)
المبعوث الأممي اسماعيل ولد الشيخ أحمد لدى حضوره لقاء جمعه مع الحوثيين في صنعاء الشهر الماضي (أ.ف.ب)

انتقدت مصادر دبلوماسية في الأمم المتحدة الموقف الروسي الأخير الرافض توافق المجلس لإصدار بيان صحافي يدعم جهود المبعوث الأممي لليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، لإيجاد حل للأزمة اليمنية واعتبروا موقف السفير «متعنتا». ويعرب مشروع البيان الذي عرقلته موسكو، عن قلق أعضاء مجلس الأمن من إعلان الانقلابيين (الحوثيين والرئيس السابق علي عبد الله صالح)، تأسيس مجلس سياسي، في حين أعربت الخارجية البريطانية أمس عن أسفها على عدم التمكن من التوصل إلى اتفاق، حول مشروعها المطروح.
وقالت المصادر الدبلوماسية، لـ«الشرق الأوسط»، إن موقف السفير الروسي في الرياض، يختلف تماما عن موقف السفير الروسي في الأمم المتحدة، وكأن هناك وزارتين للخارجية الروسية، وأبدت تلك المصادر استغرابها من موقف المندوب الروسي بالأمم المتحدة الذي «عرقل» البيان الداعم للجهود الأممية ويدين الانقلاب في اليمن.
وبما أن البيانات الصحافية والرئاسية لا تصدر في المجلس إلا بالإجماع، فلم يتمكن المجلس من التصرف. إلا أن الأعضاء قرروا عدم السكوت، وأصدروا بيانات باسم بلادهم تؤكد دعمهم الجهود التي يبذلها إسماعيل ولد الشيخ، وتطالب الحوثيين بالكف عن الخطوات أحادية الجانب. وقال السفير الماليزي، إبراهيم رملي، إن بلاده تدعم ولد الشيخ وتأمل في أن يجد المجلس توافقا حول المضي قدما.
ويشير المشروع البريطاني الذي عارضته روسيا، والذي جاء بعد الإعلان الحوثي عن إنشاء المجلس السياسي، إلى قلق أعضاء المجلس إزاء التصرف الحوثي، ويؤكدون «أن ذلك يتعارض مع التزامات دعم عملية السلام التي تسيرها الأمم المتحدة».
ويرى المندوب الروسي، فيتالي تشوركين، ضرورة تضمين نص البيان فقرة بشأن «حكومة الوحدة الوطنية»، وهو ما يراه بقية أعضاء المجلس لا يتماشى مع مواقف المجلس السابقة، التي ترفض خطوات أحادية الجانب وتطالب بتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2216. ويطالب ولد الشيخ بضرورة أن يقوم المجلس بدعم جهوده بالإجماع، ويعتبر أن الخطوة التي أقدم عليها الطرف الحوثي تهدد محادثات السلام وتنتهك قرار مجلس الأمن رقم 2216، الذي طالب جميع الأطراف بالكف عن الإجراءات أحادية الجانب التي تقوض عملية الانتقال السياسي في اليمن.
كما أصدرت السفيرة الأميركية، سامنا باور، بيانا رحبت فيه بقبول الحكومة اليمنية بالمقترح المقدم من الأمم المتحدة، مشددة على أن الوضع الراهن في اليمن لا يمكن أن يستمر.
وأشارت باور، في بيان صحافي، إلى الحالة الصعبة التي يواجهها سكان اليمن من نقص في المساعدات الإنسانية والرعاية الصحية وتنامي الإرهاب ووصفت حجم المعاناة بالمهولة، وقالت إن «ثمة حاجة ملحة للتوصل إلى اتفاق سلام ناجح.. وسيكون من المؤسف حقا أن وصلت الجولة الحالية من المفاوضات بين الحكومة اليمنية ووفد الحوثيين والمؤتمر الشعبي العام، والتي من المقرر أن تنتهي يوم 7 أغسطس (آب) الحالي إلى طريق مسدود آخر».
وقالت إن بلادها «ترحب بقبول الحكومة بالمقترح المقدم من الأمم المتحدة ونجدد تأكيد حاجة كلا الجانبين في هذا الصراع لإظهار أقصى قدر من المرونة في المفاوضات. بالإضافة إلى ذلك، فإننا نحث وفد الحوثيين والمؤتمر الشعبي العام إلى العمل بصورة بناءة مع الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للتوصل إلى اتفاق بشكل عاجل».
وحذرت باور من فشل العملية السلمية، وقالت: «إذا ما تعرضت العملية السياسية للفشل، فإن المخاطر ستكون وخيمة.
ويجب على جميع الأطراف ممارسة أقصى درجات ضبط النفس والتمسك بوقف الأعمال العدائية، وإزالة أي عوائق تحول دون إيصال المساعدات الإنسانية، وتأكيد التزامها للتوصل إلى حل سياسي دائم لهذا الصراع».
من جهته، قال متحدث باسم وزارة الخارجية البريطانية، لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إن بلاده تأسف على عدم التوصل إلى اتفاق حول البيان الصحافي لمجلس الأمن، الذي تقدمت به لندن، بعد إفادة المبعوث الخاص للأمم المتحدة، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، يوم الأربعاء. وقال: «الحل السياسي هو أفضل وسيلة لتحقيق الاستقرار على المدى الطويل في اليمن ولإنهاء الصراع والأزمة الإنسانية هناك»، مشيرا إلى أن «المملكة المتحدة تدعم بقوة الجهود التي يبذلها المبعوث الخاص للأمم المتحدة، وتثني على جهوده لجلب أطراف النزاع معا في محادثات السلام في الكويت، التي بدأت في 21 أبريل (نيسان)».
وأضاف: «نستمر في دعم المحادثات، وندعو جميع الأطراف إلى الانخراط بشكل بناء مع المحادثات، واحترام وقف الأعمال العدائية».
إلى ذلك، أكد السفير السعودي لدى الأمم المتحدة، عبد الله المعلمي، أن الخيارات الدبلوماسية ما زالت متاحة، بعدما أعاقت روسيا مشروع بيان صحافي يعرب عن قلق أعضاء مجلس الأمن من إعلان الانقلابيين (الحوثيين والرئيس السابق علي عبد الله صالح)، تأسيس مجلس سياسي، في حين أعربت الخارجية البريطانية، أمس، عن أسفها على عدم التمكن من التوصل إلى اتفاق، حول مشروعها في اليمن.
وقال المعلمي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن الأيام المقبلة سنركز من خلالها على استمرار المشاورات حول موقف واضح لمجلس الأمن على رفض الحوثيين توقيع وثيقة السلام التي طرحت في الفترة الماضية.
وأكد أن الحجة التي تقدم بها المندوب الروسي المطالبة بمزيد من التوضيحات من ولد الشيخ بشأن التطورات حول محادثات السلام، غير مبررة، لافتا إلى أنه خلال الاجتماع اعترضت 14 دولة في مجلس الأمن على ما تقدم به المندوب الروسي. وشدد مندوب السعودية في مجلس الأمن على أن المشاورات مستمرة مع روسيا عبر قنوات متعددة لتوضيح الصورة، إضافة إلى جميع الدول الأعضاء في مجلس الأمن.
وقال المعلمي إن المندوب الروسي انسحب أول من أمس من الجلسة المغلقة، واتخذ موقفًا سلبيًا، وفي نهاية الجلسة لم يكن هناك موقف إيجابي من روسيا حول ما طرح في الموضوع اليمني. وجاء حديث مندوب السعودية الدائم في مجلس الأمن، بعد أقل من 24 ساعة على إعاقة روسيا إصدار بيان صحافي يعرب خلاله أعضاء مجلس الأمن عن قلقهم إزاء إعلان المجلس السياسي للانقلابيين، ويؤكدون فيه أن (ذلك يتعارض مع التزامات دعم عملية السلام التي تسيرها الأمم المتحدة).
وذكر دبلوماسيون أن الحجة التي أوردتها روسيا غير منطقية وغير مقنعه، خصوصا أن إسماعيل ولد الشيخ أحمد أفاد في مجلس الأمن بجلسة مغلقة، مواصلة وفد الحوثيين رفض التوقيع على وثيقة الحل الأخيرة.
ويعول مختصون في الشأن السياسي على التحركات الدبلوماسية لدول التحالف العربي الذي تقوده السعودية، خلال الأيام المقبلة، وذلك للضغط على الميليشيا وحليفهم الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح لوقف الحرب والتوقيع على الخطة التي تقدم بها المبعوث الأممي ووقع عليها وفد الحكومة الشرعية في وقت سابق.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.