أهرامات المريخ

TT

أهرامات المريخ

نشرت مؤخرًا وكالة الفضاء الأميركية ناسا صورًا حديثة لسطح كوكب المريخ؛ وبعض هذه الصور تظهر أشكالاً على سطح الكوكب تشبه الأهرامات وتمثال أبو الهول؛ بل هناك صور فسرها البعض بأنها تصور تماثيل فرعونية! وفى الحقيقة فإن الحديث عن أهرامات المريخ قديم أثاره منذ سنوات بعض مجموعات من مجانين الأهرامات المنتشرة بالعالم كله. وهؤلاء يؤمنون بأن بناة الأهرامات بمصر هم سكان من الفضاء، هبطوا بسفنهم الفضائية وعلموا الفراعنة البناء والحضارة، قبل أن يعودوا مرة أخرى إلى الكوكب الذي جاءوا منه! وقد أيد بعض الباحثين عن الشهرة والمجد الزائف هذه الأفكار، وكان منهم الحاقد على الحضارة المصرية، لكونها مصرية وأراد أن يؤكد أن الفراعنة لم يبنوها وإنما قوم سماهم النجميين، ونشر هذا الحاقد عدة كتب لا تمت للعلم بصلة هدفها هو التشكيك في الحضارة المصرية، التي لم يكتف هؤلاء بالقول بأنها حضارة سكان الفضاء، بل ظهر من بينهم من يؤكد أن علماء القارة المفقودة المعروفة بقارة أطلانتس هم من بنوا الأهرامات، ونحتوا أبو الهول، وجعلوا أسفله سراديب وحجرات سرية لإخفاء كنوزهم وكتبهم التي تحفظ علومهم المتقدمة، التي وصلت إلى حد التحكم في المادة والسيطرة على الجاذبية الأرضية. والغريب أن بعض الجهات العلمية ومنها جامعات انساقت وراء هذا الخيال وتقدمت هذه الجهات بطلبات إلى هيئة الآثار المصرية، إما لتحفر أسفل أبو الهول أو لعمل مسح راداري للكشف عن السراديب السرية حول تمثال أبو الهول وأسفله. وبالفعل قام فريق يتبع إحدى الجامعات بعمل مجسات أسفل القدم اليمنى لأبو الهول، وكانت النتيجة المعروفة هي أنهم لم يعثروا لا على حجرات أو سراديب سرية.
الهوس بالأهرامات المصرية شجع قناة History الفضائية أن تقدم برنامجًا عن الأهرامات المصرية، ونظريات بنائها عن طريق سكان الفضاء؛ وكان مقررًا حسب الاتفاق مع القناة أنهم بعد أن ينتهوا من تقديم كل الخرافات التي بحوزتهم للمشاهدين في أكثر من حلقة مشوقة أظهر أنا في الحلقة الأخيرة لأقدم كل ما يثبت أن ما فات مجرد خرافة لا علاقة لها بالحقائق العلمية الأثرية التاريخية؛ وأقدم الأدلة الأثرية الواضحة على أن الأهرامات مصرية، بنيت بفكر وأيادٍ مصرية خالصة. ولكن حدث أن تعلق المشاهدون في الولايات المتحدة الأميركية بالحلقات التي حققت ملايين المشاهدات؛ وظهر إيمان قاطع لدى الأميركيين بأن بناة الأهرام لا بد وأن يكونوا فضائيين وليسوا أرضيين! ولذلك رأت القناة أن بث الحلقة الأخيرة سيسبب صدمة وألمًا لهؤلاء الحالمين بوجود أسرار وخفايا أسفل الأهرامات وأبو الهول؛ ولذلك تقرر عدم إذاعة أي آراء مخالفة لفكرة سكان الفضاء الذين هبطوا إلى مصر، وبنوا أهراماتها ومعابدها، أو فكرة علماء قارة أطلانتس المفقودة.
وعلى الرغم من كل الأدلة الأثرية التي تثبت مصرية الأهرامات، تجد الناس في كل مكان يميلون نحو الأحلام والخيال، ولا يتقبلون فكرة أن كل شيء له تفسير علمي منطقي، وأن التاريخ ليس بأكاذيب إذا ارتبط بعلم الآثار. وأرى في محاضراتي حول العالم غرائب وعجائب ونوادر من مهاويس الأهرامات والحضارة الفرعونية، أقوم حاليًا بتجميعها في مؤلف يتناول رحلاتي حول العالم محاضرًا ومدافعًا عن الحضارة المصرية القديمة. ودائمًا ما أؤكد أن الخيال شيء رائع، ولكن يجب أن نعي أن في الآثار ما هو أروع من الخيال والأحلام!
كلما اقتربنا من فهم العقلية والقيم والمثل الفرعونية زاد إعجابنا، وعظمت دهشتنا بهذه الحضارة الإنسانية الرائعة.



تمثال غريب الشكل في الكويت يُحيِّر علماء الآثار

الغرابة (SWNS)
الغرابة (SWNS)
TT

تمثال غريب الشكل في الكويت يُحيِّر علماء الآثار

الغرابة (SWNS)
الغرابة (SWNS)

اكتُشف رأسٌ غريب الشكل لكائن غير معروف، من الفخار، يعود إلى آلاف السنوات خلال عملية تنقيب في الكويت، مما أثار حيرة علماء الآثار بشأنه.

وأوضح بيان نشرته جامعة وارسو، ونقلته «فوكس نيوز»، أنّ باحثين من البعثة الأثرية الكويتية - البولندية وجدوا ذلك الأثر في بحرة 1؛ وهو موقع أثري في منطقة الصبية بالكويت.

ووُصف الأثر بأنه «أحد أبرز الاكتشافات» في عملية التنقيب، مع الإشارة إلى أنه «رأس صغير مُتقن الصنع من الفخار، جمجمته طويلة وممدودة، مع عينين منحرفتين وأنف مسطَّح».

يعود تاريخ التمثال الصغير إلى فترة العبيد في بلاد الرافدين القديمة التي تسبق العصر البرونزي. وأُنجز خلال الفترة بين الألفية السادسة قبل الميلاد، وفق تقدير العلماء، ما يجعل عمره يتراوح بين 7 و8 آلاف عام.

وأشار البيان إلى العثور على تماثيل صغيرة مُشابهة تعود إلى فترة العبيد قبل ذلك، لكنَّ هذا الأثر يُعدُّ الأول من نوعه الذي يُعثر عليه في منطقة الخليج.

وذكر الأستاذ بيوتر بيلينسكي في البيان الصحافي: «يثير وجوده تساؤلات بشأن غرضه وقيمته الرمزية، أو ربما الطقسية بالنسبة إلى الناس في ذلك المجتمع القديم».

الفريق الأثري الكويتي - البولندي المشترك (SWNS)

كذلك أشار علماء الآثار إلى اكتشافهم نوعَيْن مميّزين من الآنية والأعمال الفخارية في الموقع عينه، واصفين الاكتشاف بأنه «محوري» لدراسة فترة العبيد: «أثمرت عمليات التنقيب في الموقع منذ بدايتها نوعَيْن من الآنية الفخارية، هما عبيد، المعروف أنه كان يُستردُّ من بلاد الرافدين، وآخر مختلف تماماً يُعرف باسم الآنية، وهي حمراء خشنة الملمس، جرت معرفتها من مواقع في شبه الجزيرة العربية»؛ علماً بأنّ النوع الثاني يوصف بأنه محلّي الصنع في الخليج، لكنْ لا تزال الأماكن الفعلية لصنعه مجهولة.

وظهر أخيراً دليلٌ قاطع من موقع بحرة 1، يشمل إناء من الفخار غير المحترق. وتؤكد النتائج أنّ بحرة 1، الذي يُعدُّ واحداً من أقدم المواقع السكنية وأكبرها في شبه الجزيرة العربية، هو أيضاً أقدم موقع معروف لتصنيع الآنية الفخارية ومنتجات الفخار في الخليج العربي.

كذلك عثر المنقّبون على بقايا أثرية من النباتات التي كانت تُضاف إلى طين الفخار خلال عملية التصنيع. وسيجري الباحثون بعد ذلك تحليلاً نباتياً أثرياً للمادة النباتية لمعرفة النباتات المحلّية التي وُجدت خلال تلك الحقبة الزمنية. علَّق الدكتور رومان هوفيسبيان في البيان: «كشفت التحليلات المبكرة عن آثار لنباتات برّية، خصوصاً القيصوب (الغاب) داخل الأعمال الفخارية محلّية الصنع، في حين عُثر على آثار وبقايا نباتات مزروعة من بينها الحبوب، مثل الشعير والقمح، في الآنية المستوردة خلال حقبة العبيد».

وتُخطّط البعثة الأثرية الكويتية - البولندية لمواصلة دراسة الموقع، وتأمل في العثور على «مزيد من الاكتشافات والتبصّرات في مواضع التقاطع بين ثقافة كلّ من العصر الحجري في الجزيرة العربية وعصر العبيد في بلاد الرافدين، إلى جانب تحقيق مزيد من التعاون بين متخصّصين بولنديين وكويتيين في التراث»، وفق البيان، الذي أوضح: «تكشف عمليات التنقيب المستمرّة أنّ موقع بحرة 1 مهمّ وحيوي لفَهْم التبادل الثقافي بين مجتمعات العصر الحجري الحديث في الجزيرة العربية وثقافة العبيد الممتدّة من بلاد الرافدين إلى منطقة شاسعة من الأناضول، فشبه الجزيرة العربية».