للمتابع العادي، فإن أسابيع الموضة تكون عن الأزياء أولا، والإكسسوارات ثانيا، وقلما ينتبه إلى أنها أيضا عن تسريحات الشعر والماكياج التي ستحدد إطلالة أية واحدة منا في الموسم المقبل.. فمن دون ماكياج وشعر لا تكتمل الصورة التي يرسمها المصمم في ذهنه ويجتهد في تجسيدها حتى يُقنع بها الناس. إضافة إلى هذا، فإن بيوت الأزياء الكبيرة وشركات التجميل تستعمل هذه العروض، باختلاف مواسمها، منبرا لبيع جديدها. فحتى إذا لم تستطع عامة الناس اقتناء فستان يُقدر بمئات الآلاف من الدولارات أو حقيبة يد بمئات الدولارات، فإنها تستطيع أن تُعوض ذلك بشراء أحمر شفاه على الأقل، الأمر الذي تؤكده أرقام المبيعات. فالبنسبة لكثير من بيوت الأزياء، تعتبر مستحضرات التجميل منجما ذهبيا تحقق منها أرباحا طائلة هي التي تمكنها من إقامة عروضها أزيائها الضخمة.
أسبوع الأزياء الراقية «هوت كوتير» الأخير أكد أهمية الماكياج وتسريحات الشعر، حيث راعى خبراء الماكياج أنه أسبوع الفخامة والتصاميم المبتكرة، أحيانا بأسلوب درامي، وقدموا صورة لا تقل ابتكارا وفنية بعيدا عن الجنون والمبالغات. في عرض «ديور» رأينا تركيزا كبيرا على العيون، باستعمال الكحل السائل، «آيلاينر»، لرسمها وجذبها إلى الخارج، بينما رأينا في عرض «أتولييه فيرساتشي» تركيزا على الشفاه باستعمال الفنانة بات ماغراث، أحمر شفاه بذرات من الذهب. وفي الوقت الذي خفف فيه المصممون من غلوائهم وجنوحهم للمسرحي السريالي، احتراما للأحوال الاقتصادية غير المستقرة التي لا تتحمل أي شطحات من هذا النوع، زادت جرعة الأنوثة والرومانسية.. اختفت، مثلا، ألوان النيون من ظلال العيون، وحلت محلها ألوان أكثر هدوءا، مثل الأزرق السماوي، في عرض «أتولييه فيرساتشي»، والذهبي في عرض «جي. مانديل» والألوان الترابية في عرض إيلي صعب. هذا الهدوء شمل أيضا عرض «أرماني بريفيه» بما في ذلك الإطلالات المستوحاة من أسلوب الـ«بانكس».. فهو لم يستعمل فيها أحمر شفاه أسود مثلا، واكتفى بالأحمر القاني، خصوصا أن قبعات الرأس والعمامات لعبت دورا في منح هذه الإطلالات لمسة قوطية مفعمة بالغموض والأنوثة. حتى في عرض شقي الموضة الفرنسية، «جون بول غوتييه»، غاب الجنون، وحلت محله ألوان قد تكون غامقة أكثر من اللازم بالنسبة للبعض، لكنها تبقى في حدود المعقول الذي يمكن التعامل معه بشكل أو بآخر، مثل أحمر الشفاه البني والعيون المدخنة التي كانت لفتة إلى موضة التسعينات من القرن الماضي. أما إيلي صعب، الذي يميل غالبا إلى ماكياج رومانسي طبيعي، فإنه هذه المرة تجرأ أكثر، ومنح عارضاته عيونا «مجنحة» للخارج بعض الشيء، مع أحمر شفاه أحمر يعكس أنوثة تصاميمه.
كل هذا يشير إلى أن موضة الموسم المقبل ستبتعد عن جنون الـ«بانكس» أو مبالغات موضة الثمانينات، رغم إيحاءاتهما الخفيفة، وإلى أنها ستعانق الجمال الطبيعي والرومانسي بكل ألوانه.
إطلالات رومانسية تركز على العيون
إطلالات رومانسية تركز على العيون
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة