قادروف يرد على تهديدات «داعش».. ويتوعد بالقضاء عليهم في «عقر دارهم»

ارتفاع نسبة الجرائم ذات الطابع الإرهابي بمناطق وسط روسيا

عناصر من «داعش» في الرقة («الشرق الأوسط»)
عناصر من «داعش» في الرقة («الشرق الأوسط»)
TT

قادروف يرد على تهديدات «داعش».. ويتوعد بالقضاء عليهم في «عقر دارهم»

عناصر من «داعش» في الرقة («الشرق الأوسط»)
عناصر من «داعش» في الرقة («الشرق الأوسط»)

في الوقت الذي تستمر فيه التحذيرات في روسيا من خطورة انتقال التهديد الإرهابي إلى جمهوريات الجوار والأراضي الروسية، وبعد يوم واحد على تهديد جديد من جانب «داعش» لروسيا، أعلن نيكولاي أوفسيينكو، نائب الممثل المفوض للرئيس الروسي في الدائرة الفيدرالية الوسطى (الجمهوريات والمقاطعات في وسط روسيا) عن ارتفاع الجريمة ذات الطبيعة الإرهابية والمتطرفة في الدائرة أكثر من مرتين مقارنة مع العام الماضي. وفي تصريحات له أمس قال أوفسيينكو إن «الجريمة ذات الطبيعة الإرهابية ارتفعت في الدائرة من 27 جريمة في النصف الأول من عام 2015، إلى 71 جريمة في النصف الأول من العام الحالي»، لافتًا إلى أن «تحليل المعلومات في المؤسسات الأمنية يشير إلى عدم توفر الحماية الكافية للمواقع التي قد تكون أهدافا محتملة للجرائم الإرهابية».
وأكد نائب ممثل الرئيس الروسي في الدائرة الفيدرالية الوسطى أن عددًا كبيرًا من المواقع والمؤسسات في الدائرة خضعت خلال النصف الأول من العام الحالي لتفتيش على مدى توفر الحماية من هجمات إرهابية، وبناء على ذلك تم توجيه 500 توصية لممثلي تلك المواقع والمؤسسات، فضلا عن تنظيم آلية مراقبة للتأكد من تنفيذهم توصيات الأجهزة الأمنية في مجال رفع مستوى الحماية بوجه أي جريمة إرهابية الطابع. كما كشفت هيئة الأمن الفيدرالي الروسي في «الدائرة الوسطى 105» حالات نشر على مواقع الإنترنت لمعلومات من تلك الخاصة بالاستخدام في عمل المؤسسات الرسمية، وتم حذفها حاليًا.
في غضون ذلك، تتواصل ردود الفعل في روسيا على التهديد الجديد من جانب «داعش» بتنفيذ أعمال إرهابية على الأراضي الروسية، وهو التسجيل الذي لم يتسن بعد التأكد من صحته. وكان لافتًا بين ردود الفعل الروسية الموقف الذي أعلن عنه الرئيس الشيشاني رمضان قادروف. وفي تعليق له نشره في ساعة متأخرة من مساء أول من أمس على موقع «إنستغرام»، قال قادروف إن «القوات المسلحة الروسية جعلت الإرهابيين يشعرون بالذعر، وأيامهم باتت معدودة»، مؤكدًا قدرة روسيا على تدمير الإرهابيين في معاقلهم، متوعدًا بأنه «حتى مجموعات من المتطوعين يمكنها لوحدها أن تضع أولئك الإرهابيين بين خيارين: إما رمي السلاح، أو أن يكونوا من عداد المدفونين تحت تراب الأراضي السورية». أما من ستراوده من الإرهابيين مجرد فكرة أن يتحرك باتجاه الأراضي الروسية، فإن قادروف يتوعد هؤلاء بأن يقطع عليهم الطريق على مسافات بعيدة عن الحدود الروسية، وكرر تهديده للإرهابيين قائلاً: «أكرر كلامي، سنأتي حتى إلى أولئك الذين تراودهم ولو في أحلامهم فكرة توجيه تهديدات للقيادة والشعب الروسيين».
ولم يكن الرئيس الشيشاني غاضبا من الإرهابيين وحدهم، بل ومن وسائل الإعلام الروسية كذلك، حيث وجه لها انتقادات حادة اللهجة على تداولها نص التهديد الإرهابي، وقال إنها بهذا الشكل «ساهمت فعليًا في إيصال التهديدات الصادرة عن مجرم واحد إلى ملايين المواطنين»، مما يعني أن «ذلك القذر»، حسب وصف قادروف للإرهابي الذي يظهر في التسجيل ويهدد روسيا، «قد حقق هدفه، فهو كان يريد أن يصل صوته، وقد تحققت رغبته خلال وقت قياسي». بكل الأحوال يرى الرئيس الشيشاني أن تلك التهديدات «مجرد أمر فارع، لا تقف خلفه أي قوى أو إمكانات حقيقية»، لكن رغم هذا، فإنه لم يفت قادروف أن يعيد للأذهان «القضاء في الشيشان على رجال عصابات من 51 بلدًا، مدربين ومسلحين بشكل جيد» مشيرًا إلى دور لعبته أجهزة الاستخبارات العالمية حينها إلى جانب تلك العصابات، لينتقل بعد ذلك ويعرب عن اعتقاده بأن «البيان التهديدي الموجه لروسيا تم إعداده في مكاتب أجهزة الاستخبارات الغربية، وهو جزء من الحرب الإعلامية ضد روسيا»، مؤكدًا أنه «لن يأتي أحد إلى روسيا»، ويقصد بذلك الإرهابيين.
وفي وقت سابق كان ديمتري بيسكوف، المتحدث الرسمي باسم الكرملين، قد أكد أن التهديدات الجديدة لن تؤثر بأي شكل من الأشكال على سياسة القيادة الروسية في مجال التصدي للإرهاب. وأشار إلى أن الكرملين يتعامل مع تلك التهديدات بالقدر المطلوب من الاهتمام، وتأخذها أجهزة الاستخبارات الروسية في الحسبان، داعيا في الوقت ذاته إلى عدم التهويل ومنح أهمية كبرى لذلك التسجيل، دون أن يستبعد أن التهديد ليس أكثر من وسيلة للترهيب يستخدمها الإرهابيون نظرًا لأن روسيا «حشرتهم في الزاوية في كثير من الأماكن»، حسب قوله.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم