منظمة إغاثية: كل يوم يقصف مستشفى في سوريا

كبير مستشاري {الجمعية الطبية السورية الأميركية} توقع ظهور علامات نقص التغذية في حلب

حطام مستشفى للتوليد المدعوم من منظمة «سيف ذا تشيلدرن» إثر غارات جوية في كفر تخاريم بريف إدلب نهاية الشهر الماضي (أ.ف.ب)
حطام مستشفى للتوليد المدعوم من منظمة «سيف ذا تشيلدرن» إثر غارات جوية في كفر تخاريم بريف إدلب نهاية الشهر الماضي (أ.ف.ب)
TT

منظمة إغاثية: كل يوم يقصف مستشفى في سوريا

حطام مستشفى للتوليد المدعوم من منظمة «سيف ذا تشيلدرن» إثر غارات جوية في كفر تخاريم بريف إدلب نهاية الشهر الماضي (أ.ف.ب)
حطام مستشفى للتوليد المدعوم من منظمة «سيف ذا تشيلدرن» إثر غارات جوية في كفر تخاريم بريف إدلب نهاية الشهر الماضي (أ.ف.ب)

أعلنت منظمة سورية غير حكومية، أمس، أن القصف الذي يشنه النظام السوري وحليفه الروسي على المستشفيات تكثف في الأيام الماضية في سوريا، حيث تم استهداف مستشفى تقريبا كل يوم، الأسبوع الماضي، في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة.
وقال اتحاد منظمات الإغاثة والرعاية الطبية السورية الذي يضم أطباء من الشتات السوري وينشط في مناطق المعارضة، في بيان نشر في باريس، أمس، ونقلته وكالة الصحافة الفرنسية: أن «قصف المستشفيات والمؤسسات الطبية يتكثف».
وأضاف: «في نهاية الأسبوع، أصيبت ثلاثة مستشفيات وعدة مؤسسات طبية بهجمات جوية. وخلال أسبوع، تعرض مستشفى واحد تقريبا لقصف بشكل يومي تقريبا».
وفي 31 يوليو (تموز) تم قصف مستشفى في محافظة درعا (جنوب) وكذلك مشفى في غرب حلب ومركز للطب الشرعي في حلب نفسها. والسبت أصيب مستشفى في شمال غربي حلب بغارة جوية.
والجمعة، أعلنت منظمة «سايف ذي تشيلدرن» أن مستشفى للتوليد تدعمه تعرض للقصف في محافظة إدلب في شمال غربي سوريا، مشيرة إلى وقوع ضحايا وأضرار كبيرة.
وقال الاتحاد: «نهاية الأسبوع الدامية للمستشفيات في سوريا تضاف إلى قصف أربعة مستشفيات ليل 23 - 24 يوليو» (البيان، الحكيم، الزهراء، والدقاق)، إلى جانب مركز للدم.
وأضاف: «الحصيلة كارثية مع مقتل عشرات المدنيين وإصابة الكثير الذين يتدفقون إلى المستشفيات القريبة، لا سيما مستشفى باب الهوى»، أبرز مركز صحي في شمال غربي البلاد يديره اتحاد منظمات الإغاثة على الحدود مع تركيا.
وتحاصر قوات النظام السوري أحياء المعارضة في حلب منذ 17 يوليو. ولم تدخل أي مساعدة دولية منذ 7 يوليو إلى هذه المناطق التي تتعرض لقصف كثيف من طيران النظام وحليفته روسيا.
وبعد أسابيع من الغارات والحصار فتحت السلطات السورية معابر لتشجيع المدنيين والمقاتلين الراغبين في إلقاء السلاح على الخروج من القسم الخاضع لسيطرة المعارضة في حلب، بهدف استعادة السيطرة على ثاني أكبر مدن سوريا.
وأمام «هذه الكارثة الصحية والإنسانية» وجه الاتحاد «نداء استغاثة» عبر شبكات التواصل الاجتماعي، للقيام بحملة «يتأخر وصول أصدائها في جو من التوتر الشديد».
ونشرت المنظمة غير الحكومية أشرطة فيديو قصيرة على الإنترنت يتحدث فيها أطباء وعاملو إغاثة في حلب وفي تركيا وفي العالم للمطالبة «بوقف فوري للقصف» وإنهاء «الضربات المحددة الأهداف على المستشفيات والمؤسسات الصحية» و«حرية تنقل الطواقم الطبية في المدينة».
وقال الاتحاد «بعيدا عن الأضرار الجانبية، يتم استهداف المهنيين العاملين في قطاع الصحة والمستشفيات عمدا في إطار استراتيجية عسكرية ممنهجة ومستخدمة على نطاق واسع»، متحدثة عن تدمير 80 مؤسسة ومقتل 81 شخصا من العاملين في القطاع الصحي في هذه الهجمات في النصف الأول من عام 2016.
د. زاهر سحلول كبير مستشاري الجمعية الطبية السورية الأميركية، الذي زار سوريا أخيرا، ودخل إلى المنطقة الشرقية من حلب واطلع على أوضاعها، قال لـ«الشرق الأوسط»:
اليوم هو الرابع والعشرين للحصار التام على القسم الشرقي من حلب: «بعد قطع طريق الكاستيلو من قبل قوات الأسد والموالية له، يعني الاستمرار بمنع إمداد المدنيين بالغذاء والدواء والوقود لتشغيل المشافي وحليب الأطفال.. ومنع أيضا نقل المرضى الذين يحتاجون لعمليات جراحية خاصة، أو استقصاءات لا تتوفر في مشافي حلب إلى مشاف أخرى أو إلى تركيا. هناك حاليا ما يقارب 200 مريض يحتاجون لنقلهم إلى مشاف متطورة أكثر».
وتوقع د. سحلول أن تظهر علامات نقص التغذية عند الأطفال والمسنين، كما حدث في مدينة مضايا، خلال شهر إذا استمر الحصار المطبق على حلب. بالإضافة إلى معاناة بالغة لمرضى الأمراض المزمنة، كالضغط والسكري والربو وأمراض القلب، بسبب نقص الدواء وارتفاع الأسعار. وستعاني النساء الحوامل والمرضعات والوضع بسبب نقص المواد الغذائية كالخضار والفواكه والحليب ومشتقاته.
وسيؤدي القصف المستمر إلى امتلاء أسرة المشافي المتبقية بالمرضى وموت ضحايا القصف، خاصة من الأطفال بسبب النزف ونقص الجراحين المختصين.
وانتقد سحلول المبادرة الروسية بفتح ما يسمى بـ«الطرق الإنسانية»، وقال إنها غير مقبولة، لأنها تجبر السكان أن يهجروا من بيوتهم وحاراتهم إلى مصير مجهول ومن غير إشراف الأمم المتحدة. وتساءل: كيف يمكن لسكان حلب المحاصرة أن يثقوا بالنظام الذي يقتل أطفالهم ويدمر مشافيهم ومدارسهم؟ وقال إن الأمر إسعافي ولا يتحمل التأخير والمماطلة.
وطالب د. سحلول الدول العربية والإسلامية، التحرك بسرعة لدرء الكارثة الإنسانية المحدقة بمدينة حلب العريقة، وطالب روسيا وإيران والنظام السوري بفتح الطريق للمساعدات الإنسانية والأدوية ونقل المرضى.
كانت منظمة العفو الدولية (أمنيستي) اتهمت روسيا ونظام الأسد باستهداف المستشفيات ضمن استراتيجية الحرب خاصتهم، وذلك بحسب المعطيات والتوثيقات التي توصلت إليها المنظمة، مشددة على أن «هذا الموضوع هو جريمة بحق الإنسانية أولاً، وخرق واضح للقانون الدولي لحقوق الإنسان».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.