البرلمان العراقي في أواخر أيامه صفقات سرية وحرب علنية على الهواء

نواب يصفونه بالفاشل.. ويعدون الدولة غير موجودة

البرلمان العراقي في أواخر أيامه  صفقات سرية وحرب علنية على الهواء
TT

البرلمان العراقي في أواخر أيامه صفقات سرية وحرب علنية على الهواء

البرلمان العراقي في أواخر أيامه  صفقات سرية وحرب علنية على الهواء

أجمع نواب عراقيون من كتل سياسية مختلفة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» على أن البرلمان العراقي، الذي تنتهي دورته الحالية في الـ16 من الشهر الحالي، تعقبها عطلة تشريعية هي الأخيرة في الدورة الحالية لمدة شهرين، إنما هو انعكاس للوضع السياسي في البلاد. وبينما وصف محمود عثمان، وهو قيادي بارز في التحالف الكردستاني، أداء البرلمان بـ«الفاشل»، فإن النائب المستقل في البرلمان عزة الشابندر، الذي قرر خوض الانتخابات البرلمانية المقبلة بتحالف جديد يضمه مع عدد من البرلمانيين باسم «تحالف أوفياء للوطن» قال إن «السبب في كل ما يعانيه البرلمان الحالي هو عدم وجود الدولة أصلا».
وكان البرلمان العراقي فشل، أمس، في إدراج قانون الموازنة المالية في جدول الأعمال للمرة العاشرة على التوالي، منذ أكثر من شهر ونصف الشهر. وفي مؤتمر صحافي عقدته النائبة مها الدوري، أمس، في مبنى البرلمان، اتهمت «كتلتين، إحداهما تدعي دفاعها عن الفقراء وإقرار الموازنة (في إشارة إلى دولة القانون)، وأخرى تعارض التصويت على الموازنة (في إشارة إلى كتلة التحالف الكردستاني)، بعقد صفقة في كافتيريا البرلمان لإفشال جلسة اليوم (أمس)».
وطالبت النجيفي بـ«الكشف عن هاتين الجهتين، والمتغيبين من جلسة مجلس النواب»، مؤكدة أن «أكثر النواب المتغيبين هم من الكتلة التي تطالب بإقرار الموازنة عبر وسائل الإعلام».
أما مقرر البرلمان والقيادي في كتلة «متحدون» محمد الخالدي، فقد أعلن، وفي مؤتمر صحافي، أن «نصف نواب ائتلاف دولة القانون لم يحضروا في جلسة البرلمان الـ16، التي رفعها إلى يوم الأحد، بسبب انسحاب نواب بعض الكتل». وأضاف أنه «سيجري عرض أسماء النواب المتغيبين في موقع رئاسة المجلس خلال الساعات المقبلة».
واكتفت كتلة التحالف الكردستاني، التي تعد المعترض الأكبر على الموازنة بسبب العقوبات الجزائية التي فرضتها الحكومة على إقليم كردستان، بإصدار بيان أشارت فيه إلى أسفها مما سمته «تجاهل الكتل النيابية الأخرى في البرلمان لمعاناة المواطنين الكرد عموما، والموظفين والمتقاعدين والمستفيدين من الإعانات الاجتماعية، نتيجة سيف قطع مواردهم ضمن بنود الموازنة التي تنص على فرض عقوبات جمعية على الإقليم، بسبب خلافاته مع المركز بشأن إنتاج النفط وتطويره».
وفي هذا السياق، قال عثمان لـ«الشرق الأوسط» إن «المشكلة الكبرى التي يعانيها البرلمان العراقي هي أن النواب والكتل البرلمانية بشكل عام تأتمر بأوامر زعامات من خارج البرلمان، وهذه الزعامات إما حزبية أو دينية»، معداً أن «ما يحصل من صراعات وغياب التوافق حتى على الكثير مما يفترض أن يكون موضع إجماع، إنما يدل على أن البرلمان فاشل مهما حاولنا تجميل صورته». ويضيف عثمان أن «المشكلة المزمنة هي المحاصصة التي تكبل البرلمان، وتجعله غير قادر على القيام بواجباته، فضلا عن الصراعات بين رئاسته ورئاسة الحكومة، وهو ما يعني أننا نفتقر إلى رجال دولة».
أما النائب عن ائتلاف دولة القانون حسن الياسري، فقد أكد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «البرلمان الحالي، وإن تمكن من إقرار نحو 250 قانونا، إلا أنه أخفق في الجانب السياسي إخفاقا كبيرا، حيث إن المشكلات السياسية هي التي بدأت تطغى وتعرقل كل شيء، إلى الحد الذي أصبحت فيه كثير من القوانين رهينة للأزمات السياسية»، وعدّ أن «ذلك يدل على عدم وجود حرص حقيقي على مصالح الشعب العراقي، حيث إنه في الوقت الذي يتوجب فيه على البرلمان بصرف النظر عن توجهات كتله السياسية أن يتعامل مع القوانين بشكل مهني وليس سياسيا، بعكس ما يحصل، حيث يجري التعامل مع القوانين وفق جنبة سياسية».
من جهته، قال النائب المستقل عزة الشابندر لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك عدة أسباب تقف خلف هذا الإخفاق في أداء البرلمان العراقي، في المقدمة منها غياب الدولة بمؤسساتها، الأمر الذي يجعل أي قضية تتعلق بوظيفة المؤسسات أن تعرض على البرلمان المنقسم أصلا».
ويرى الشابندر أيضا أن «هناك مشكلة أساسية، وهي عدم وجود أغلبية وأقلية حقيقيتين بل هناك انشطارات معروفة سلفا فضلا عن التداخل في السلطتين التنفيذية والتشريعية، وهو ما أدى إلى إلغاء مفهوم الشراكة الوطنية، من حيث التوصيف، بل الجميع شركاء في المال والنفوذ، حيث إن خلافاتهم هي بشأن تقاسم مواطن النفوذ والمال، وبالتالي كلهم سلطة وكلهم معارضة وهو ما يعني بعبارة موجزة: «كلهم شركاء في الحقوق، وحين يختلفون في المسؤولية يتحولون إلى معارضة، وهذه هي المأساة».
وبشأن ما إذا كانت الانتخابات المقبلة ستغير هذه المعادلة، استبعد الشابندر ذلك، «طالما بقيت الأحزاب الطائفية هي التي تتصدر المشهد، فإنه في المدى المنظور لن يحصل تغيير حقيقي».



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.