المجتمع الدولي أمام صمود الشرعية ومماطلة الانقلاب

مسؤولون ودبلوماسيون: الحوار بين الفرقاء مرحلة مهمة لإنهاء الأزمة * وزير يمني لـ «الشرق الأوسط»: نؤمن بأن الحوار هو الحل

بات خيار السلام معلقًا بين الحوثي وصالح مع المجتمع الدولي بعد إعلان وفد الشرعية الموافقة على الحضور (إ.ب.أ)
بات خيار السلام معلقًا بين الحوثي وصالح مع المجتمع الدولي بعد إعلان وفد الشرعية الموافقة على الحضور (إ.ب.أ)
TT

المجتمع الدولي أمام صمود الشرعية ومماطلة الانقلاب

بات خيار السلام معلقًا بين الحوثي وصالح مع المجتمع الدولي بعد إعلان وفد الشرعية الموافقة على الحضور (إ.ب.أ)
بات خيار السلام معلقًا بين الحوثي وصالح مع المجتمع الدولي بعد إعلان وفد الشرعية الموافقة على الحضور (إ.ب.أ)

اتفق مسؤولون دبلوماسيون ومحللون على أن الحوار السياسي بين الفرقاء اليمنيين يمثل مرحلة مهمة لإنهاء حالة الصراع اليمني - اليمني، ورفع المعاناة عن الشعب بمختلف مكوناته، لافتين إلى ضرورة أن يلعب المجتمع الدولي دورا في تحفيز العملية السياسية التي تجد تفاعلا من الدول الراعية للسلام والأمم المتحدة، ومن قبلهما التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن.
ورغم أن جهات في النزاع ترى وجودها في استمرار هذه المعاناة، وتجد دعمًا من الخارج لتخريب هذا المسار وفرض أجندات وشروط عليه، فإن ذلك يعفي الطرفين من ضرورة التوصل لحل، وفقا للمسؤولين الذي تحدثوا مع «الشرق الأوسط»، عن تحليل التطورات الأخيرة التي تشهده المشاورات اليمنية في الكويت.
ويؤكد مراقبون أن الشرعية صمدت أمام الالتفاف الدائم للانقلابيين، ولعل إعلانهم المجلس السياسي قبل أيام خير دليل على نياتهم المتمثلة في استفزاز الشرعية، التي نأت بدورها عن الانسحاب وإكمال المشاورات، حرصا على السلام الذي قدمت من أجله، مما وضع المماطلين في وضع حرج.
يقول الدكتور عبد الله المعلمي مندوب السعودية لدى الأمم المتحدة لـ«الشرق الأوسط»: «هناك دور محوري مطلوب من الأطراف كافة في طليعتها الأمم المتحدة، لأن تنطلق المفاوضات اليمنية، وتتجه نحو نهاية مطلوبة»، متطلعا أن تكثّف الأمم المتحدة جهودها وتمضي بها قدما في هذا الاتجاه في ظل دور سعودي مشهود يدفع بهذه المشاورات في الاتجاه الصحيح، ومؤكدا على أن هناك ضرورة لحث الخطى لاستثمار جهود مجموعة الـ18 ضمن الجهود الأممية في إنجاح المشاورات اليمنية بالكويت.
من ناحيته قال عبد الرقيب سيف فتح، وزير الإدارة المحلية اليمنية، في اتصال هاتفي: «من حيث المبدأ ووفق توجيهات الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، والحكومة الشرعية، نؤمن بأن الحوار والحل السلمي هو الخيار الرئيسي الذي نسعى إليه، مهما تعنت الطرف الآخر والميليشيات المسلحة التابعة لعلي عبد الله صالح، بفعل الإحساس بالمسؤولية تجاه الشعب اليمني ومعاناته».
وتابع: «ما يؤكد على جديتنا في ذلك، هو صبر وفد الشرعية على ذلك لأكثر من 90 يوما، وموافقات الحكومة الشرعية والرئيس عبد ربه منصور هادي للاستجابة لدعوة الأمم المتحدة، ولكن تبقى ضرورة استثمار الجهود المطلوبة من مجموعة الدول الـ18 والعالم بأن يمارس الضغط اللازم لإنجاح إرادة المجتمع الدولي لفرض الحل السلمي على الميليشيات المسلحة وفصيل علي عبد الله صالح». وأما فيما يتعلّق بسبب تأخير اجتماع الكويت أمس إلى اليوم الاثنين قال فتح: «كانت هناك ترتيبات مطلوبة، ولكن المشكلة تكمن في تردد الانقلابيين في البت في موضوع التوقيع على الاتفاق، وما جاءت به أوراق الأمم المتحدة من خلال ممثلها إسماعيل ولد الشيخ ممثل الأمم المتحدة لدى اليمن، وهو السبب الأساسي في التأخير، وأن الكرة الآن في ملعبهم وأمام العالم، لكي يفرض إرادته على الانقلابيين، الذي يسعون إلى فرض أجندتهم السياسية بالسلاح».
وقال: «نذهب بقلب مفتوح غدا (اليوم) إلى المشاورات من منطلق المسؤولية ومحاولة لدرء المخاطر والكارثة التي تحل بالشعب اليمني الآن، بفعل الحوثيين وميليشيات صالح، عموما نذهب إلى هذه المشاورات بقلب مفتوح ولكن وفق المرجعيات الوطنية الممثلة في مخرجات الحوار الوطني، والمرجعية العربية المتمثلة في الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية، ووفقا للمرجعية الأممية وبخاصة القرار 2216»، منوها أن الحرب لم تكن خيارا بالنسبة للحكومة الشرعية ورئيسها عبد ربه منصور هادي الذي قاد حوارا مفتوحا لمدة عام وكان لديه قاعدة مفادها التحاور لمدة عامين ولا الحرب لمدة يومين. وزاد وزير الإدارة المحلية إن «الشعب اليوم، يعاني من أثر هذه الكارثة والمحنة، حيث هناك نقص حاد في المساعدات الإغاثية من غذاء ودواء خاصة في محافظة تعز التي تشهد حصارا مطبقا عليها على 4.2 مليون من سكانها، وهناك عبث وهمجية منقطعة النظير في هذه المحافظة، ولذلك هناك إحساس كبير بالمعاناة والمسؤولية، ولذلك لن نترك أي فرصة لإحلال السلام في اليمن وإنهاء معاناة الشعب، حيث القناعة الراسخة لدينا أن الحرب لا تنتج حلولا ولكن تنتج مآسي دامية».
وعن تقييمه للمسؤولية التي تقع على مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة لدى اليمن، إسماعيل ولد شيخ، أكد أن هناك تفهما لجدية تحريك المفاوضات نحو نهاية سعيدة، معتقدا أن سبب وجود ولد الشيخ في الأساس هو القرار 2216. والذي حدد آليات واضحة لكيفية إدارة وتنفيذ القرار، مشيرا إلى أن المجتمع الدولي المتمثل في الأمين العام للأمم المتحدة، من حيث المبدأ ملتزم بتطبيق هذا القرار كونه ناتجا عن إجماع دولي.
وقال فتح إن «ولد الشيخ حاول من مبدأ حسن النية أن يفعل ما يمكن لإنقاذ المفاوضات، ولكن للأسف الشديد اصطدم بالتعنت الشديد من قبل الانقلابيين الذين أرادوا الخروج على كل الشرعيات الوطنية والعربية والدولية هو الذي أعاق كل المحاولات الجيدة والنيات السليمة سواء لمثل الأمين العام ولد الشيخ، أو لحكومة الوفاق أو للعالم، وأكدنا مرارا أننا مع الحل السلمي شريطة أن يكون وفق المرجعيات الأممية والعربية».
وأوضح الدكتور سعد بن طفلة، الوزير الكويتي الأسبق، أن مرحلة المصالحة بين مكونات الشعب اليمني وإنجاز حل سياسي هي الشغل الشاغل للسعودية ودول التحالف العربي. وقال: «لا أعتقد أن هناك من يريد استمرار معاناة الشعب اليمني، لكن نحن أمام أطراف ترى وجودها في استمرار هذه المعاناة، ويستحيل أن تنتهي هذه المعاناة في وجود المخلوع علي عبد الله صالح والحوثي والتدخل الإيراني».
في حين أشار النائب عبد الحليم مراد نائب رئيس مجلس النواب البحريني، إلى أن «عاصفة الحزم» استندت إلى مجموعة من المواد القانونية الدولية تلبية لدعوة الرئيس اليمني الشرعي، حيث طلب من قادة دول مجلس التعاون الخليجي التدخل العسكري والسياسي لصد العدوان العسكري الحوثي المدعوم من إيران، بعد أن تمت تنحيته بالقوة من طرف ميليشيات مسلحة إرهابية. كما ساند هذا التدخل القرار رقم 2216 الصادر من مجلس الأمن في عام 2015 الذي طالب الحوثيين بتسليم أسلحتهم للجيش اليمني والانسحاب من المدن التي سيطروا عليهم وإنهاء انقلابهم على السلطة.
وأضاف أن التدخل العسكري لدول التحالف جاء وفقا للمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، ومعاهدة الدفاع العربي المشترك الموقّعة سنة 1950. لافتا إلى أن «عاصفة الحزم» كانت لازمة للحفاظ على اليمن من السقوط في الحضن الإيراني، وكذلك لتجفيف منابع الإرهاب ومحاصرته قبل أن يضرب في الجزيرة العربية برمتها ويهدد دول مجلس التعاون الخليجي.
الدكتور عبد الخالق عبد الله أستاذ العلوم السياسية الإماراتي، تطرق إلى أن مرحلة الحرب والعمليات العسكرية بلغت أهدافها، وأن الأولوية لتحقيق المصالحة والسلام وإنهاء المعاناة عن أبناء الشعب اليمني بالطرق السلمية ومن خلال الحوار السياسي.
وبيّن أن السعودية ودول التحالف ودول الخليج العربية مستعدة للحوار مع جميع الأطراف اليمنية، وأن مرحلة المصالحة السلمية والحوار السياسي تحتاج إلى وقت، لكن هناك على الأرض من يريد فرض شروط لتحسين فرص التفاوض.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.