باحثون يمنيون: الرؤية الأممية تضغط على الحوثيين لحسم موقفهم

«التعاون الإسلامي» ترفض استحداث الانقلابيين مجلسًا سياسيًا

باحثون يمنيون: الرؤية الأممية تضغط على الحوثيين لحسم موقفهم
TT

باحثون يمنيون: الرؤية الأممية تضغط على الحوثيين لحسم موقفهم

باحثون يمنيون: الرؤية الأممية تضغط على الحوثيين لحسم موقفهم

رفضت منظمة التعاون الإسلامي اتفاق الحوثيين وأتباع الرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح، على تشكيل مجلس سياسي في اليمن، باعتبار أن ذلك يمثل خرقًا لقرار مجلس الأمن رقم 2216، والجهود الإقليمية والدولية لإيجاد حل سياسي للأزمة اليمنية، وإنهاء معاناة الشعب اليمني، واستتباب الأمن والاستقرار في اليمن.
وجدد الأمين العام للمنظمة، إياد أمين مدني، موقف المنظمة الداعم للحكومة الشرعية في اليمن، داعيًا حركات المعارضة اليمنية إلى التجاوب الفعلي مع المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، للوصول إلى حل توافقي للأزمة اليمنية في إطار مفاوضات الكويت، ووفقًا لقرارات مجلس الأمن، والمبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني الشامل.
وكان المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، قدّم لطرفي المفاوضات في الكويت، ورقة عمل تحمل تصورًا للمرحلة المقبلة من أجل التوصل إلى حل سياسي في اليمن.
أكد الدكتور نجيب غلاب، رئيس مركز الجزيرة للدراسات والبحوث، لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أصبحوا عاجزين عن إدارة الدولة التي أصبح انهيارها مسألة وقت، لافتًا إلى أن الأمم المتحدة اتضح لها محاولات الحوثي لشرعنة الانقلاب من خلال طاولتها، عبر الابتزاز لتحقيق مكاسب أكثر من خلال المفاوضات.
ووصف رؤية المجتمع الدولي والإقليمي بالمتماسكة والصلبة فيما يخص التزامهم بقرار مجلس الأمن، معتبرًا أن تنفيذ الآلية الأمنية والعسكرية بشكل صحيح سيجعل أي حل سياسي مقبولاً مهما كانت طبيعته.
وبيّن غلاب أن الرؤية الأممية التي يوجد اتفاق كامل عليها من قبل الدول الراعية، إضافة إلى قبول الحكومة لها، أصبحت بمثابة عملية إنقاذ كامل لليمن، ورفضها من قبل الانقلابيين سيثير القوى الدولية عليهم.
وتطرق إلى أن الرؤية الأممية وضعت آلية تنفيذية للجانب الأمني والعسكري، وإنهاء إجراءات الانقلاب، وحددت بفترة 54 يومًا، وبالتالي لن تتمكن أطراف الانقلاب من المراوغة والمناورة في حال القبول.
وأوضح رئيس مركز الجزيرة للدراسات والبحوث، أن عدم التطبيق سيجعل الانقلابيين مستهدفين داخليًا وخارجيًا، كون الرؤية التي قدمت للحل أجمع عليها الشعب اليمني، وأصبحت مدعومة دوليًا وإقليميًا، وهي نزع السلاح من الميليشيات، وتسليم الأسلحة وتسليم المناطق الثلاث ومنها العاصمة صنعاء، إضافة إلى استعادة المؤسسات وإخراج الميليشيات منها، راهنت على استعادة المؤسسات والحفاظ على الدولة ومصالح القوة الاجتماعية المختلفة، والتي هي لصالح الشعب والدولة وضد مصالح الميليشيات.
إلى ذلك، أشار إلى تخوف الانقلابيين من الرؤية الأممية، لأنهم يرون أنها ستفقدهم سيطرتهم وهيمنتهم على أذرع الدولة، معتبرًا أن المطالب الأساسية التي سيعلنها الانقلابيون بشكل واضح هي بحثهم عن ضمانات للقيادات، وتحديدًا صالح وعائلته، وطبيعة دورهم السياسي المستقبلي، وإلغاء العقوبات عليهم، والتي قد تشكل عامل إعادة للمشاورات.
وأشار الكاتب السياسي اليمني علي البخيتي لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن الأطراف إذا وافقت على تصور ولد الشيخ أحمد سيجري التوقيع في الكويت، لكن في حال رفض أحد الأطراف سيتم تدارس ملاحظاته من قبل ولد الشيخ، واستيعاب الممكن والمنطقي منها وتعديل التصور.
واستبعد البخيتي توقيع الاتفاق بصيغته الحالية، مشيرًا إلى أن المشروع الذي تقدم به ولد الشيخ قد لا يجد قبولاً من وفد الانقلاب الحوثي، مرجحًا أن يستهدف طرحه بصيغته الحالية الضغط على الانقلابيين، على أن يتم تعديل بعض فقراته ليلبي الحد الأدنى لمطالبهم ومخاوفهم.
واعتبر أن الأولوية الآن تتمثل في التركيز على الانسحاب الحوثي من المدن الثلاث، وهي العاصمة صنعاء، وتعز، والحديدة، مشيرًا إلى أن تشكيل حكومة وحدة وطنية يجب ألا يتم إلا بعد انسحاب الحوثيين من المدن الثلاث، خصوصًا أمانة العاصمة صنعاء، وتسليم الأسلحة فيها إلى لجنة عسكرية مستقلة من كل الأطراف، يسهم الطرفان في التوافق على أسماء أعضائها، بالتشاور مع الأمم المتحدة، إذ لا ثقة في أن ينفذ الحوثيون ما هو مطلوب منهم، خصوصًا إذا تم تشكيل الحكومة من الآن. وشدد البخيتي على أهمية حسم ملف الحكومة والاتفاق على شكلها من الآن، وفقًا لمعادلة المناصفة الحاصلة في حوار الكويت، على أن يؤجل إعلانها ونيلها ثقة البرلمان إلى ما بعد انسحاب الحوثيين من صنعاء.



الحوثيون يعلنون اقتصار هجماتهم البحرية على السفن المرتبطة بإسرائيل

جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يعلنون اقتصار هجماتهم البحرية على السفن المرتبطة بإسرائيل

جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)

أعلنت الجماعة الحوثية في اليمن أنها ستكتفي، فقط، باستهداف السفن التابعة لإسرائيل خلال مرورها في البحر الأحمر، بعد بدء سريان وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بحسب رسالة بالبريد الإلكتروني أرسلتها الجماعة، الأحد، إلى شركات الشحن وجهات أخرى.

ونقل ما يسمى بـ«مركز تنسيق العمليات الإنسانية»، التابع للجماعة الحوثية، أن الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر، ستقتصر، فقط، على السفن المرتبطة بإسرائيل بعد دخول وقف إطلاق النار في قطاع غزة حيز التنفيذ.

وأضاف المركز، الذي كلفته الجماعة بالعمل حلقةَ وصل بينها وشركات الشحن التجاري، أنها توعدت الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل باستئناف الضربات على السفن التابعة لها في حال استمرار هذه الدول في هجماتها الجوية على المواقع التابعة لها والمناطق الخاضعة لسيطرتها.

وسبق للجماعة الحوثية تحذير الدول التي لديها وجود عسكري في البحر الأحمر من أي هجوم عليها خلال فترة وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وتوعدت في بيان عسكري، أنها ستواجه أي هجوم على مواقعها خلال فترة وقف إطلاق النار في غزة، بعمليات عسكرية نوعية «بلا سقف أو خطوط حمراء».

لقطة أرشيفية لحاملة الطائرات الأميركية هاري ترومان التي أعلن الحوثيون استهدافها 8 مرات (رويترز)

كما أعلنت الجماعة، الأحد، على لسان القيادي يحيى سريع، المتحدث العسكري باسمها، استهداف حاملة الطائرات أميركية هاري ترومان شمال البحر الأحمر بمسيرات وصواريخ لثامن مرة منذ قدومها إلى البحر الأحمر، بحسب سريع.

وسبق لسريع الإعلان عن تنفيذ هجوم على هدفين حيويين في مدينة إيلات جنوب إسرائيل، السبت الماضي، باستخدام صاروخين، بعد إعلان سابق باستهداف وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي، في حين اعترف الجيش الإسرائيلي باعتراض صاروخين أُطْلِقا من اليمن.

موقف جديد منتظر

وفي وقت مبكر من صباح الأحد كشفت وسائل إعلام تابعة للجماعة الحوثية عن استقبال 4 غارات أميركية، في أول ساعات سريان «هدنة غزة» بين إسرائيل، و«حركة حماس».

ويتوقع أن تكون الضربات الأميركية إشارة إلى أن الولايات المتحدة ستواصل تنفيذ عملياتها العسكرية ضد الجماعة الحوثية في سياق منعزل عن التطورات في غزة واتفاق الهدنة المعلن، بخلاف المساعي الحوثية لربط العمليات والمواجهات العسكرية في البحر الأحمر بما يجري في القطاع المحاصر.

ومن المنتظر أن تصدر الجماعة، الاثنين، بياناً عسكرياً، كما ورد على لسان سريع، وفي وسائل إعلام حوثية، بشأن قرارها اقتصار هجماتها على السفن التابعة لإسرائيل، والرد على الهجمات الأميركية البريطانية.

كما سيلقي زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي خطاباً متلفزاً، بمناسبة بدء اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وزعم سريع، السبت الماضي، وجود رغبة لدى الجماعة لوقف هجماتها على إسرائيل بمجرد دخول وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ، وإيقاف الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر؛ إذا توقفت الولايات المتحدة وبريطانيا عن مهاجمة أهداف في اليمن.

كما أكّد زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الأسبوع الماضي، أن الهجمات على إسرائيل ستعود في حال عدم احترام اتفاق وقف إطلاق النار.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) من العام قبل الماضي تستهدف الجماعة الحوثية سفناً في البحر الأحمر بزعم تبعيتها لإسرائيل، حيث بدأت باحتجاز السفينة جالكسي ليدر التي ترفع علم جزر الباهاما في المياه الدولية، والتي لا تزال، وأفراد طاقمها البالغ عددهم 25 فرداً، قيد الاحتجاز لدى الجماعة.

السفينة «غالاكسي ليدر» التي تحتجزها الجماعة الحوثية منذ 14 شهراً (رويترز)

وأتبعت الجماعة ذلك بتوسع عملياتها لتشمل السفن البريطانية والأميركية، بصواريخ باليستية وطائرات مسيَّرة في المياه القريبة من شواطئ اليمن بزعم دعم ومساند سكان قطاع غزة ضد الحرب الإسرائيلية.

وتسببت تلك الهجمات في تعطيل جزء كبير من حركة التجارة الدولية، وأجبرت شركات الشحن والملاحة على تغيير مسار السفن التابعة لها، واتخاذ مسار أطول حول جنوب قارة أفريقيا بدلاً من عبور قناة السويس.

وأدى كل ذلك إلى ارتفاع أسعار التأمين وتكاليف الشحن وزيادة مدد وصولها، وبث مخاوف من موجة تضخم عالمية جديدة.

لجوء إلى التخفي

ويلجأ قادة الجماعة إلى الانتقال من مقرات إقامتهم إلى مساكن جديدة، واستخدام وسائل تواصل بدائية بعد الاستغناء عن الهواتف المحمولة والأجهزة الإلكترونية، رغم أنهم يحيطون أنفسهم، عادة، باحتياطات أمنية وإجراءات سرية كبيرة، حيث يجهل سكان مناطق سيطرتهم أين تقع منازل كبار القادة الحوثيين، ولا يعلمون شيئاً عن تحركاتهم.

أضرار بالقرب من تل أبيب نتيجة اعتراض صاروخ حوثي (غيتي)

وشهدت الفترة التي أعقبت انهيار نظام الأسد في دمشق زيادة ملحوظة في نقل أسلحة الجماعة إلى مواقع جديدة، وتكثيف عميات التجنيد واستحداث المواقع العسكرية، خصوصاً في محافظة الحديدة على البحر الأحمر.

كما كشفت مصادر لـ«الشرق الأوسط»، خلال الأيام الماضية أن الاتصالات بقيادة الصف الأول للجماعة المدعومة من إيران لم تعد ممكنة منذ مطلع الشهر الحالي على الأقل، نتيجة اختفائهم وإغلاق هواتفهم على أثر التهديدات الإسرائيلية.

وأنشأت الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا في ديسمبر (كانون الأول) من العام نفسه، تحالفاً عسكرياً تحت مسمى تحالف الازدهار، لمواجهة الهجمات الحوثية وحماية الملاحة الدولية، وفي يناير (كانون الثاني) الماضي بدأ التحالف هجماته على المواقع العسكرية للجماعة والمنشآت المستخدمة لإعداد وإطلاق الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة.

وأطلق الاتحاد الأوروبي، في فبراير (شباط) الماضي، قوة بحرية جديدة تحت مسمى «خطة أسبيدس»، لحماية الملاحة البحرية في البحر الأحمر، وحدد مهامها بالعمل على طول خطوط الاتصال البحرية الرئيسية في مضيق باب المندب ومضيق هرمز، وكذلك المياه الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن وبحر العرب وخليج عمان والخليج، على أن يكون المقر في لاريسا اليونانية.

احتفالات حوثية في العاصمة صنعاء بوقف إطلاق النار في غزة (إعلام حوثي)

وتزامنت هجمات الجماعة الحوثية على السفن التجارية في البحر الأحمر مع هجمات بطائرات مسيرة وصواريخ باليستية على مدن ومواقع إسرائيلية، ما دفع سلاح الجو الإسرائيلي للرد بضربات جوية متقطعة، 5 مرات، استهدف خلالها منشآت حيوية تحت سيطرة الجماعة.

وشملت الضربات الإسرائيلية ميناء الحديدة وخزانات وقود ومحطات كهرباء في العاصمة صنعاء.

ونظمت الجماعة الحوثية في العاصمة صنعاء، الأحد، عدداً من الاحتفالات بمناسبة وقف إطلاق النار في قطاع غزة، رفعت خلالها شعارات ادعت فيها أن عملياتها العسكرية في البحر الأحمر وهجماتها الصاروخية على الدولة العبرية، أسهمت في إجبارها على القبول بالهدنة والانسحاب من القطاع.

وتأتي هذه الاحتفالات مترافقة مع مخاوف قادة الجماعة من استهدافهم بعمليات اغتيال كما جرى مع قادة «حزب الله» اللبناني خلال العام الماضي، بعد تهديدات إسرائيلية باستهدافهم، وسط توقعات بإصابة قادة عسكريين كبار خلال الضربات الأميركية الأخيرة في صنعاء.