«بارك شينوا».. يعيد الموسيقى إلى مشهد الطعام

من أحدث عناوين الأكل الصيني في لندن

ديكورات جميلة وأجواء تمزج ما بين الأكل والموسيقى
ديكورات جميلة وأجواء تمزج ما بين الأكل والموسيقى
TT

«بارك شينوا».. يعيد الموسيقى إلى مشهد الطعام

ديكورات جميلة وأجواء تمزج ما بين الأكل والموسيقى
ديكورات جميلة وأجواء تمزج ما بين الأكل والموسيقى

في كل فترة من الفترات يتبدل المشهد «الطعامي» في العالم، ففي فترة الستينات والسبعينات كانت الموسيقى الرفيق الحاضر للعشاء فكان صوت فرانك سيناترا واديث بياف ضيفًا دائمًا على مأدبة الطعام، وفي الثمانينات أصبحت الموسيقى تعلو في المطاعم لترافق حقبة «الديسكو»، ومنذ التسعينات ولغاية يومنا هذا، تحول التركيز على الطعام والإبداع في تقديم الأطباق في أجواء هادئة، وهنا أتكلم عن المطاعم الراقية والمكللة بنجوم ميشلان.
في لندن ستقف عاجزًا أمام الكمّ الهائل من المطاعم، ولكن عندما تأتي على اختيار مطعم يمزج ما بين المطبخ الجيد والموسيقى، ستقف حينها للحظة أو أكثر للتفكير: «أين؟ أين؟»، بالفعل هذا النوع من المطاعم غاب عن الساحة اللندنية منذ فترة، واليوم أعاد إحياءه رجل الأعمال ألين يو الذي كان يقف وراء نجاح هاكاسان ويواتشا وبوسابا وفينتشي من خلال افتتاح أحدث عنوان في شارع «باركلي ستريت» بالقرب من مطاعم «نوبو» و«سكسي فيش» و«نوفيكوف»، ولكن ما يميز مطعمه الصيني الجديد الذي أطلق عليه اسم «بارك شينوا» Park Chinois أنه لا يشبه سواه، فمدخله مصون بقطع من الحديد مروس الأطراف، وضيق نوعًا ما، لا ينذرك بما ستراه بالداخل، موظفو الاستقبال باللباس الأسود الرسمي، سجاد أحمر وموظفة استقبال تجلس وراء مكتب من الخشب الداكن، تسألك عما إذا حجزك في الطابق العلوي أو السفلي، والفرق ما بين الاثنين هو الجو العام ونوعية الموسيقى، ولكن لائحة الطعام والأسعار هي ذاتها.
الطابق الأول أكثر رسمية، ديكور رائع، يقال إن تكلفة المبنى تخطت الـ16 مليون جنيه إسترليني، وهذا واضح من اختيار الأثاث والإضاءة، الطابق أشبه بالمسارح القديمة، أرائك ملونة وبنقشة الزهور، اللون الأحمر يطغى على الأباجورات التي تقف كالحارس إلى جانب كل طاولة، وبيانو أسود كبير تصدح منه الموسيقى، ومغنية تعيدك بصوتها الناعم إلى حقبة زمن الموسيقى الجميل، مع أغانٍ شهيرة لفرانك سيناترا وغيره، وتوجد أيضًا غرفة طعام خاصة تتسع لتسعة أشخاص.
وعبر سلم حلزوني وأرضية يكسوها السجاد الأحمر السميك، تصل إلى الطابق السفلي الذي لا يقل أناقة وشاعرية عن الطابق العلوي، ولكن نمطه عصري أكثر، فالطاولات موزعة على عدة مستويات تمامًا وكأنك في المسرح، أعمدة مغلفة باللون الذهبي أشبه بجذوع شجر النخيل، وموسيقى حية تنبعث من بين أنامل «دي جي»، الذي خلق قطعًا موسيقية مخصصة للمطعم تمزج ما بين النمط الصيني والغربي، والأهم في «بارك شينوا» أنه يفتح أبوابه حتى ساعة متأخرة وآخر طلب للأكل يكون عند منتصف الليل، والهدف من هذه الموسيقى التي تعلو مع مرور ساعات الليل أن يتحول «البراح» الواسع في وسط الطاولات إلى حلبة رقص للراغبين بذلك.
وبحسب مدير عام المطعم فرانتشيسكو غاليتي: «الفكرة من وراء المطعم هي مزج الموسيقى مع الطعام الصيني الكانتونيزي الراقي، لأن العاصمة تفتقد لمثل هذا النوع من المطاعم».
بالنسبة للأطباق فهي مقسمة إلى الأطباق الأولى، والديم سام، والطبق الثاني والرئيسي ومن ثم الحلوى.
اخترنا طبقين من لائحة الديم سام وكان «السكالوب» لذيذًا جدًا، كما كانت سلطة الحبار جيدة جدًا، وطبق لحم البقر Angus Beef كان مليئًا بالنكهة، أما بالنسبة لطبق سمك «البلاك كود» الأشهر فكان مبتكرا بعض الشيء وغلبت عليه النكهة الحلوة المستمدة من الفواكه.
المطعم لا يزال في بداياته، ولكن يُقدر له النجاح، لأن كل ما فيه يدل على أنه سيكون مشروعا ناجحا ينافس المطاعم المهمة المجاورة له. الخدمة جيدة جدا، والندل يعرفون لائحة الطعام عن ظهر قلب ويساعدون في اختيار الأطباق، وأنصحكم دائما بالاستعانة بالعاملين في اختياركم الأطباق، لا سيما إذا كنتم تزورون المطعم للمرة الأولى.



«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)
ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)
TT

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)
ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)

عندما يأتي الكلام عن تقييم مطعم لبناني بالنسبة لي يختلف الأمر بحكم نشأتي وأصولي. المطابخ الغربية مبنية على الابتكار والتحريف، وتقييمها يعتمد على ذائقة الشخص، أما أطباق بلاد الشام فلا تعتمد على الابتكار على قدر الالتزام بقواعد متَّبعة، وإنني لست ضد الابتكار من ناحية طريقة التقديم وإضافة اللمسات الخاصة تارة، وإضافة مكون مختلف تارة أخرى شرط احترام تاريخ الطبق وأصله.

التبولة على أصولها (الشرق الاوسط)

زيارتي هذه المرة كانت لمطعم لبناني جديد في لندن اسمه «عناب براسري (Annab Brasserie)» فتح أبوابه في شارع فولهام بلندن متحدياً الغلاء والظروف الاقتصادية العاصفة بالمدينة، ومعتمداً على التوفيق من الله والخبرة والطاهي الجيد والخبرة الطويلة.

استقبلنا بشير بعقليني الذي يتشارك ملكية المشروع مع جلنارة نصرالدين، وبدا متحمساً لزيارتي. ألقيت نظرة على لائحة الطعام، ولكن بشير تولى المهمة، وسهَّلها عليَّ قائلاً: «خلّي الطلبية عليّ»، وأدركت حينها أنني على موعد مع مائدة غنية لا تقتصر على طبقين أو ثلاثة فقط. كان ظني في محله، الرائحة سبقت منظر الأطباق وهي تتراص على الطاولة مكوِّنة لوحة فنية ملونة مؤلَّفة من مازة لبنانية حقيقية من حيث الألوان والرائحة.

مازة لبنانية غنية بالنكهة (الشرق الاوسط)

برأيي بوصفي لبنانية، التبولة في المطعم اللبناني تكون بين العلامات التي تساعدك على معرفة ما إذا كان المطعم جيداً وسخياً أم لا، لأن هذا الطبق على الرغم من بساطته فإنه يجب أن يعتمد على كمية غنية من الطماطم واللون المائل إلى الأحمر؛ لأن بعض المطاعم تتقشف، وتقلل من كمية الطماطم بهدف التوفير، فتكون التبولة خضراء باهتة اللون؛ لأنها فقيرة من حيث الليمون وزيت الزيتون جيد النوعية.

جربنا الفتوش والمقبلات الأخرى مثل الحمص والباباغنوج والباذنجان المشوي مع الطماطم ورقاقات الجبن والشنكليش والنقانق مع دبس الرمان والمحمرة وورق العنب والروبيان «الجمبري» المشوي مع الكزبرة والثوم والليمون، ويمكنني الجزم بأن النكهة تشعرك كأنك في أحد مطاعم لبنان الشهيرة، ولا ينقص أي منها أي شيء مثل الليمون أو الملح، وهذا ما يعلل النسبة الإيجابية العالية (4.9) من أصل (5) على محرك البحث غوغل بحسب الزبائن الذين زاروا المطعم.

الروبيان المشوي مع الارز (الشرق الاوسط)

الطاهي الرئيسي في «عناب براسري» هو الطاهي المعروف بديع الأسمر الذي يملك في جعبته خبرة تزيد على 40 عاماً، حيث عمل في كثير من المطاعم الشهيرة، وتولى منصب الطاهي الرئيسي في مطعم «برج الحمام» بلبنان.

يشتهر المطعم أيضاً بطبق المشاوي، وكان لا بد من تجربته. الميزة كانت في نوعية اللحم المستخدم وتتبيلة الدجاج، أما اللحم الأحمر فهو من نوع «فيليه الظهر»، وهذا ما يجعل القطع المربعة الصغيرة تذوب في الفم، وتعطيها نكهة إضافية خالية من الدهن.

حمص باللحمة (الشرق الاوسط)

المطعم مقسَّم إلى 3 أقسام؛ لأنه طولي الشكل، وجميع الأثاث تم استيراده من لبنان، فهو بسيط ومريح وأنيق في الوقت نفسه، وهو يضم كلمة «براسري»، والديكور يوحي بديكورات البراسري الفرنسية التي يغلب عليها استخدام الخشب والأرائك المريحة.

زبائن المطعم خليط من العرب والأجانب الذين يقطنون في منطقة فولهام والمناطق القريبة منها مثل شارع كينغز رود الراقي ومنطقة تشيلسي.

بقلاوة بالآيس كريم (الشرق الاوسط)

في نهاية العشاء كان لا بد من ترك مساحة ليكون «ختامه حلوى»، فاخترنا الكنافة على الطريقة اللبنانية، والبقلاوة المحشوة بالآيس كريم، والمهلبية بالفستق الحلبي مع كأس من النعناع الطازج.

المطاعم اللبنانية في لندن متنوعة وكثيرة، بعضها دخيل على مشهد الطعام بشكل عام، والبعض الآخر يستحق الوجود والظهور والمنافسة على ساحة الطعام، وأعتقد أن «عناب» هو واحد من الفائزين؛ لأنه بالفعل من بين النخبة التي قل نظيرها من حيث المذاق والسخاء والنكهة وروعة المكان، ويستحق الزيارة.