الجيش السوري الحر يتوعد بفك الحصار قريبًا عن حلب

المعارضة تنفي مزاعم النظام عن «استسلام» بعض مقاتليها

سوري يحاول نقل ما تبقى من ممتلكاته بعد القصف الجوي الروسي على حلب أمس (غيتي)
سوري يحاول نقل ما تبقى من ممتلكاته بعد القصف الجوي الروسي على حلب أمس (غيتي)
TT

الجيش السوري الحر يتوعد بفك الحصار قريبًا عن حلب

سوري يحاول نقل ما تبقى من ممتلكاته بعد القصف الجوي الروسي على حلب أمس (غيتي)
سوري يحاول نقل ما تبقى من ممتلكاته بعد القصف الجوي الروسي على حلب أمس (غيتي)

لم يكتف النظام السوري بالحرب العسكرية التي يشنها على أحياء مدينة حلب الشرقية المحاصرة، بل لجأ أمس إلى إدخال الحرب النفسية والإعلامية، من خلال ترويج معلومات تتحدث عما أسمته «استسلام عشرات المقاتلين وتسليم أنفسهم للجيش السوري، بالإضافة إلى خروج مدنيين عبر الممرات الآمنة»، لتكون عاملا مساعدا له في تهبيط عزيمة الناس والتأثير فيها سلبا. إلا أن المعارضة سارعت إلى نفي ما يروجه النظام، ووصفته بالـ«الكذب»، مؤكدة أن «معنويات المقاتلين والمدنيين مرتفعة جدا»، ومتوعدة بـ«فك الحصار في أي وقت عبر جبهات حلب الواسعة والمتعددة».
وكالة «سانا» الناطقة بلسان النظام السوري واظبت طوال يوم أمس، على ترويج تقارير، مفادها أن «عددا من المسلحين من أحياء حلب الشرقية سلموا أنفسهم وأسلحتهم للجيش السوري». وتأتي هذه المزاعم مكملة لدعوة النظام أول من أمس (الخميس) المعارضة داخل حلب إلى الاستسلام، وإعلانه عن «فتح ثلاثة ممرات إنسانية» في حلب لمساعدة المدنيين على مغادرة الأحياء المحاصرة في شرقها.
مزاعم النظام سرعان ما بددتها المعارضة وحتى المدنيون المحاصرون؛ إذ كشف مصدر عسكري في الجيش السوري الحر، عن أن «الثوار في وضع جيد في جميع مناطق شرقي حلب». وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «مقاتلي المعارضة شنوا (أمس) هجوما معاكسا، وتمكنوا من استعادة السيطرة على مباني السكن الشبابي عند أطراف حي بني زيد»، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن «الثوار كبدوا النظام خسائر في الأرواح والآليات على جبهة الملاح»، ومذكرا بأن النظام «لم يحقق انتصارات عسكرية في حلب، بعد سيطرته على طريق الكاستيلو، وما زاد على ذلك، لا يعدو كونه حربا إعلامية وترويجا لانتصارات مزعومة».
وعن الخيارات المتاحة أمام المعارضة، في ظل الحصار المشدد على أحياء حلب الشرقية، وانقلاب ميزان القوة لصالح النظام، أوضح المصدر العسكري، أن «معركة حلب في بداياتها، وهناك عشرات فصائل المعارضة المنتشرة على الجبهات في محيط حلب، ستفاجئ النظام في أي لحظة». وإذ شدد على أن «المعلومات العسكرية تبقى سرية». أردف المصدر «لن يكون هناك حصار لحلب، فهذه المدينة تختلف عن حمص ودارايا؛ لأن فيها ما يزيد على 20 جبهة واسعة، وبالتالي، لا خوف على حلب وأهلها»، ودعا المصدر في الجيش الحر، إلى «انتظار مفاجأة في أي وقت وعلى أكثر من جبهة، ولا سميا داخل مناطق سيطرة النظام في حلب».
من ناحية ثانية، في موازاة التطمينات العسكرية تجاه ثبات الجبهة الداخلية والتأهب لصد أي هجوم للنظام، يبدو أن الوضع الإنساني غير مقلق أيضا، بحسب الناشط المدني في حلب عبد القادر علاف، الذي أوضح أن «معنويات المدنيين والمقاتلين في حلب مرتفعة جدا، وهي أعلى مما يتوقعه مَن هم خارج حلب». وأكد علاف لـ«الشرق الأوسط»، أن الحصار «لم يثن الآلاف عن الخروج في مظاهرات كبيرة أمس (الأول) في كل شوارع حلب الشرقية وصولا إلى منطقة الأنصاري تهتف ضد النظام، وتعلن رفضها الانصياع لشروطه». ويظهر أن ما يروجه إعلام النظام السوري، لا يلفت انتباه أبناء حلب، حيث شدد الناشط المدني، على أن «ما يحكى عن استسلام مقاتلين وخروج مدنيين من شرقي حلب، ليس إلا كذبا وخداعا للرأي العام». وكشف عن أن «النظام عمد إلى إلباس بعض عناصره ثيابا مدنية، وصوّرهم يدخلون إلى مناطق سيطرته غربي حلب». ومع أن علاف لم يخف حقيقة أن «الوضع الإنساني صعب نسبيا، بسبب شح الخضراوات»، فإنه لفت إلى أن الناس «بدأوا اعتماد خيارات بديلة، فهم يلجأون الآن إلى زراعة الأراضي المحيطة بمنازلهم بالخضراوات، عدا عن توفر كميات لا بأس بها ومن القمح والحبوب والمواد الغذائية الأخرى». وأشار إلى أن «الحصار لا يزال في أسبوعه الأول، ومن المبكر الحديث عن أزمة إنسانية». وتابع أن «الأزمة الإنسانية الحقيقية تتجلّى في تدمير المشافي والمؤسسات الصحية، التي تقدّم الإسعافات للجرحى والمصابين».
من جانبها، نقلت وكالة «د ب أ» الألمانية، عن مصادر في أحياء حلب الشرقية الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية، نفيها القاطع ما تردد عن خروج أي مسلح وتسليم سلاحه للجيش النظامي السوري صباح اليوم (أمس) السبت في معبر حي صلاح الدين، بشمال غربي مدينة حلب. وقال المحامي عبد الغني شوبك، مسؤول العلاقات العامة في مجلس مدينة (حلب الحرة) للوكالة الألمانية: «لم يخرج أحد من المسلحين أو يسلم نفسه على الإطلاق». كذلك قال الدكتور حمزة الخطيب، مدير مشفى القدس في حلب الشرقية للوكالة نفسها «هذا الكلام عارٍ عن الصحة، ولم يخرج أي مسلح وكل من تواصلنا معهم نفوا هذا الكلام جملة وتفصيلا». أما الناشط الإعلامي عمر عرب، الموجود في حي صلاح الدين، فأكد أنه «لم يخرج أي مسلح من الحي على الإطلاق، وهذه فبركات النظام الإعلامية، وقد تعودنا عليها».
هذا، وكانت المعارضة السورية، قد سخرت مما سُمّي بـ«الممرات الإنسانية». وقال عضو الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية أحمد رمضان لوكالة الصحافة الفرنسية (أ.ف.ب): «ليس هناك أي ممرات في حلب توصف بممرات إنسانية، فالممرات التي تحدث عنها الروس يسميها أهالي حلب ممرات الموت»، معتبرا أن الإعلان الروسي هو «جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية». وأكد رمضان أن «ما يجري في حلب تدمير كامل ومنهجي للمدينة على سكانها، سواء كانوا مدنيين أم مقاتلين».
أما «الشبكة السورية لحقوق الإنسان» فحذّرت المدنيين في أحياء حلب الشرقية، من «خديعة كبرى يحاول النظام والروس إيقاعهم بها». وقالت في تقرير لها «القوات الروسية والسورية لا تكترث مطلقا لحياة المدنيين السوريين، بل تقوم طائراتهما وأسلحتهما بقتلهم يوميا داخل الأحياء، دون أي مراعاة لوجودهم». وأضافت الشبكة في تقريرها «إذا ما أريد أن تكون هناك معابر آمنه للمدنيين، فيجب أن تكون بإشراف وتنفيذ الأمم المتحدة مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر ومرافقة طواقم من الإعلاميين المستقلين».
أيضًا ذكّرت «الشبكة السورية لحقوق الإنسان» بأن النظام السوري «معروف عنه الغدر ونقض العهود». المجتمع الدولي بـ«إلزام النظام السوري وقوات سوريا الديمقراطية بالتطبيق الفوري للقانون الإنساني الدولي، الذي يقضي برفع الحصار والسماح بدخول المساعدات ودخول وخروج الأهالي، وعدم التعرض لهم بالتعذيب والإخفاء القسري والقتل بعد خروجهم».



سكان في ريف صنعاء يرفضون الاحتجاج ضد الضربات الأميركية

وقفة دعت لها الجماعة الحوثية في مديرية بني مطر بصنعاء (إعلام حوثي)
وقفة دعت لها الجماعة الحوثية في مديرية بني مطر بصنعاء (إعلام حوثي)
TT

سكان في ريف صنعاء يرفضون الاحتجاج ضد الضربات الأميركية

وقفة دعت لها الجماعة الحوثية في مديرية بني مطر بصنعاء (إعلام حوثي)
وقفة دعت لها الجماعة الحوثية في مديرية بني مطر بصنعاء (إعلام حوثي)

رفض سكان في ريف صنعاء الاستجابة لدعوات الحوثيين للتظاهر تنديداً بالضربات الأميركية التي استهدفت مصنعاً لأحد قادة الجماعة في مديرية بني مطر، ما دفع الجماعة إلى اللجوء لاستخدام القوة لحشدهم قسراً.

واستغلت الميليشيا الحشد المحدود لتنظيم ما وصفته بـ«وقفة احتجاجية»، مستخدمة وسائل إعلامها لتغطية الحدث بشكل يخدم أجندتها السياسية والدعائية.

وسبق للجماعة -في إطار انتهاكاتها المتواصلة بحق قبائل ما يُعرف بـ«طوق صنعاء»- أن منعت أي شكل من أشكال التظاهر أو الاحتجاج ضد ممارساتها؛ خصوصاً في مديرية بني مطر، أكبر مديريات محافظة صنعاء من حيث الكثافة السكانية، والتي تضم أكثر من 360 قرية وعزلة موزعة على 7 مناطق رئيسية. ولا تزال المديرية من أكثر المناطق تضرراً من انتهاكات الجماعة في ريف العاصمة.

وكشفت مصادر قبلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن فشل ميليشيا الحوثي في حشد سكان بني مطر للمشاركة في الوقفة التي زعمت أنها للاحتجاج على القصف الأميركي ودعم فلسطين، بينما كان هدفها الفعلي إظهار الجماعة وكأنها لا تزال تحظى بشعبية، وتبرير استمرار تصعيدها العسكري.

ضربات أميركية عنيفة أضاءت الأفق في غرب صنعاء (إ.ب.أ)

وأوضحت المصادر أن الجماعة أوعزت لوجهاء ومشايخ موالين لها بتكليف ما لا يقل عن 5 أشخاص من كل قرية للمشاركة، غير أن الاستجابة كانت ضعيفة، ولم يحضر سوى عدد محدود من السكان أُجبروا على الحضور تحت التهديد.

وأفادت المصادر بأن مسلحين حوثيين اقتادوا بالقوة مواطنين، بينهم أصحاب متاجر وباعة، من منطقتي المساجد ومتنه، للمشاركة في الوقفة التي سعت الجماعة من خلالها لإرسال رسائل بأن لديها قاعدة جماهيرية.

رفض شعبي واسع

وأثارت الدعوات الحوثية موجة من الاستياء والرفض بين أهالي بني مطر الذين أكدوا عدم رغبتهم، أو عدم قدرتهم على المشاركة في فعاليات تخدم المشروع الانقلابي، في ظل استمرار الانتهاكات التي تمارسها الجماعة بحقهم.

وقال المواطن عبد الله، من قرية الجعادب في بني مطر، لـ«الشرق الأوسط»، إن الحوثيين حاولوا خلال الأسابيع الماضية تنظيم مسيرات ووقفات احتجاجية في مناطق عدة من المديرية، ولكنها قوبلت برفض قاطع من الأهالي.

وجهاء موالون للحوثيين لدى مشاركتهم في وقفة تعبوية (إعلام حوثي)

وأضاف أن الجماعة لجأت -بعد فشل تلك المحاولات- إلى تنظيم فعاليات وندوات وأمسيات طائفية متعددة تحت أسماء مختلفة، وأجبرت السكان على الحضور والمشاركة.

واستنكر عبد الله إصرار الميليشيا على دعوة سكان قريته ومناطق مجاورة للمشاركة في تلك الفعاليات والدورات العسكرية، في حين تواصل حملات المداهمة والاعتقال، إلى جانب الاستيلاء على ما تبقى من أراضيهم وممتلكاتهم.

وسبق أن اعتقلت الجماعة، قبل أشهر، أكثر من 25 شخصاً من مشايخ ووجهاء وأهالي بني مطر، عقب تنظيمهم وقفة احتجاجية أمام محكمة المديرية، للمطالبة باستعادة أراضٍ صادرتها الجماعة لصالح نافذين تابعين لها.