3 أسباب تؤخر الإعلان عن تفاصيل اتفاق موسكو ـ واشنطن حول سوريا

مع تشديد الحصار على حلب.. و«ارتياح» الجانب الروسي للوضع

3 أسباب تؤخر الإعلان عن تفاصيل اتفاق موسكو ـ واشنطن حول سوريا
TT

3 أسباب تؤخر الإعلان عن تفاصيل اتفاق موسكو ـ واشنطن حول سوريا

3 أسباب تؤخر الإعلان عن تفاصيل اتفاق موسكو ـ واشنطن حول سوريا

تتجه أنظار المراقبين إلى ما سيأتي به الأسبوع المقبل بشأن مصير «الاتفاق» المبدئي الذي توصل إليه وزير الخارجية الأميركي جون كيري مع نظيره الروسي سيرغي لافروف في العاصمة الروسية موسكو قبل أسبوعين، الذي وعدت الإدارة الأميركية بالكشف عن تفاصيله في الأيام القليلة المقبلة. ورغم مرور 15 يومًا على الاتفاق المذكور، فإن كثيرا من نقاط الاستفهام ما زالت تدور حوله.
مصادر دبلوماسية في العاصمة الفرنسية، التي زارها كيري أمس واجتمع بنظيره جان مارك إيرولت، قالت: إن هناك ثلاثة أسباب رئيسية تؤخر الإعلان رسميًا عن الاتفاق، وبالتالي وضعه موضع التنفيذ. أول هذه الأسباب انعدام الإجماع داخل الإدارة الأميركية حول فائدة التعاون العسكري مع موسكو في سوريا أبعد مما هو قائم حاليا. وثانيها، التطورات التي شهدتها مدينة حلب التي أحكم النظام وحلفاؤه محاصرتها. وثالثها، «المبادرة» الجديدة التي أطلقتها روسيا مع النظام في حلب والقائمة على فتح ثلاثة ممرات «إنسانية» خاصة بالمدنيين، وممر رابع للمقاتلين الذين يرغبون في الخروج منها، وما أثارته من لغط وتضارب في القراءة. ولعل الجملة التي جاءت على لسان الوزير كيري تبين الحيرة الأميركية عندما أعلن أنه إذا كانت المبادرة المذكورة بمثابة «خدعة» فإنها قد «تطيح» بإمكانيات التعاون بين واشنطن وموسكو.
تقول المصادر الدبلوماسية التي تحدثت إليها «الشرق الأوسط»، إن الوزير الأميركي الذي يمثل تيار «الحمائم» في الإدارة الأميركية مقتنع بأن حصول أي تقدم في الملف السوري «لا يمكن أن يتم إلا عبر التعاون مع موسكو». وتضيف هذه المصادر أن كيري «يؤمن» بالتواصل المستمر مع لافروف، وبأن الطرف الروسي سيعمل في مرحلة ما على السير في حل سياسي «معقول» في سوريا بعد التمكن من القضاء على الإرهاب، وهو هدف مشترك للطرفين، والسبب الأول الذي يدفعهما إلى التفاهم على صيغة للتعاون العسكري، وهو ما تطلبه روسيا منذ العام الماضي.
غير أن مشكلة كيري مع لافروف أن موسكو دأبت، كل فترة، على وضع واشنطن أمام «أمر واقع جديد»، مما يعني أنها هي من يملك زمام المبادرة دبلوماسيا وسياسيا وعسكريا في سوريا. وآخر ما قامت به توفير الدعم العسكري للنظام، من أجل إكمال فرض الحصار على مدينة حلب، ثم إطلاق المبادرة «المشتركة» الخاصة بالممرات التي تتيح للسكان، نظريا، الخروج الآمن، وفتح الباب أمام المقاتلين أيضا للخروج وتسليم سلاحهم، لكن من غير توفير أي ضمانات لما قد ينتظرهم عقب ذلك.
تريد واشنطن من موسكو التفاهم على «شروط» التعاون العسكري بين قوتيهما الجويتين، وعلى أشكال التعاون الاستخباري بين أجهزة الطرفين، وعلى «التدابير الملموسة» في ملف الحرب على الإرهاب من خلال إقامة غرفة عمليات مشتركة في العاصمة الأردنية. وعمليًا، ووفق المعلومات التي حصلت عليها «الشرق الأوسط»، يسعى الطرفان لتحديد «بنك أهداف مشترك»، والتوافق على الأهداف التي يستطيع طيرانهما القيام بقصفها والعائدة لـ«داعش» و«جبهة النصرة» مع اضطلاع الطرف الأميركي بدفع الفصائل المعتدلة على «الابتعاد» عن مواقع التنظيم الأخير الذي جاء إعلان زعيمه أبو محمد الجولاني أول من أمس الانفصال عن «القاعدة»، ليزيد الأمور تعقيدا.
ولقد عادت موسكو لتمارس ضغوطًا على واشنطن، مطالبة بتزويدها بملف كامل عن مواقع المعارضة المعتدلة وما تملكه من أسلحة ورجال.. وهو ما ترفضه المعارضة السورية رفضًا باتا. وفي المقابل، تريد واشنطن وقفا لإطلاق النار لمدة أسبوع لإنجاز مهمة الفصل. لكن روسيا مصرة على الرفض، لأنها تعتبر أن هدنة مثل هذه لا بد أن تستخدمها الفصائل التي تعتبرها «إرهابية» لتعزيز مواقعها. وأخيرا، يريد الطرفان أن يعاود المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا الدعوة إلى جولة جديدة من المحادثات في جنيف.
وفعلاً وعد دي ميستورا بالقيام بذلك نهاية شهر أغسطس (آب) الجاري. بيد أن التطورات الميدانية في حلب تعيد خلط الأوراق. ذلك أن فرض الحصار الكامل عليها وتطويقها من كامل الجهات، ومنع وصول أي مساعدات غذائية إليها حصل في 17 يوليو (تموز)، أي بعد يومين على «الاتفاق» بين كيري ولافروف.
ولذا، فإن المصادر الدبلوماسية المشار إليها تتساءل عن «جدية» موسكو في تفاهماتها مع واشنطن، وعما إذا كانت خطتها تمكين النظام من كسب مزيد من الأراضي، خصوصًا حلب التي كانت تعد الرئة الاقتصادية لسوريا والمدينة الثانية فيها. ذلك أن استعادة حلب بالكامل ستكون بمثابة تحول «جذري» في مسار الحرب، مما سينعكس على مجمل الأوضاع العسكرية والسياسية في سوريا.. وأولى ضحايا هذا التغير الميداني ستكون بلا شك الوساطة الأممية، إذ باستطاعة النظام أن يدعي أن الحرب على وشك الانتهاء. وبالتالي فلا فائدة من المحادثات في جنيف، خصوصا إذا نجحت «المصالحات المحلية» التي يريدها النظام التي تساندها موسكو. وفي أي حال، فإن مصير حلب وما ينتظر نحو ربع مليون نسمة من سكانها سيطأ بكامل ثقله على نوعية الاتصالات القائمة بين موسكو وواشنطن، وبالطبع على مستقبل «الاتفاق» الذي توصلا إليه.
في الوقت نفسه، تشير المصادر الدبلوماسية إلى أن روسيا «غير مستعجلة» في سوريا، بعكس الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين، إذ تعتبر أن الوقت يعمل لصالحها، وأنه «كلما نجحت في تعزيز مواقعها هناك تمكنت من أوراق إضافية يمكن أن تساوم بها للحصول على مقابل سياسي أو اقتصادي في أماكن أخرى». وثمة إجماع، وفق مصادر دبلوماسية فرنسية تحدثت إليها «الشرق الأوسط» على أن المرحلة الراهنة هي «المثلى» بالنسبة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين للحصول على «أكبر قدر من التنازلات من إدارة أميركية متأهبة للرحيل وراغبة بتحقيق شيء ما يحسب للرئيس باراك أوباما قبل أن يترك البيت الأبيض، وهي المهمة الموكلة للوزير كيري».
وأخيرًا، يؤكد مصدر رسمي في المعارضة السورية تحدثت إليه «الشرق الأوسط» أمس، أن ما يجري في حلب «حيلة» مشتركة للنظام ولروسيا، وعملية «ابتزاز» مزدوجة، لإفهام السوريين والخارج أن الحرب في سوريا «انتهت»، وأنه لم تعد هناك فائدة لا للقتال ولا لإضاعة الوقت في محادثات أو مفاوضات. وفضلا عن ذلك، فإن مقترح الممرات ليس إلا وسيلة لتغيير الطبيعة الديموغرافية لحلب، كما حصل في أماكن أخرى من سوريا، ووضع الناس أمام خيار الموت جوعا إذا ما بقوا أو الإذلال والتنكيل إذا ما خرجوا. وخلاصة المصدر السوري المعارض أن خطة مثل هذه ستدفع قطعًا الهيئة العليا للمفاوضات لرفض العودة إلى جنيف.



الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
TT

الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)

بالتزامن مع تحذيرها من تفاقم الأزمة الإنسانية، ووصول أعداد المحتاجين للمساعدات العاجلة إلى أكثر من 19 مليون شخص، أطلقت الأمم المتحدة وشركاؤها خطة الاستجابة للاحتياجات الإنسانية في اليمن للعام الحالي لمساعدة أكثر من 10 ملايين محتاج.

ويأتي ذلك في ظل تراجع حاد للعملة اليمنية، إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق، بعد تجاوز سعر الدولار 2160 ريالاً في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، التي عجزت عن سداد رواتب الموظفين منذ 4 أشهر، بعد أكثر من عامين من تسبب الجماعة الحوثية في توقف تصدير النفط، واشتداد أزمات الخدمات العامة، وانقطاع الكهرباء في عدن حيث العاصمة المؤقتة للبلاد لأكثر من نصف اليوم.

ودعت الأمم المتحدة المجتمع الدولي والمانحين إلى توفير مبلغ 2.47 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية لليمن للعام الحالي، لتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة لأكثر من 19.5 مليون شخص.

وجاءت الدعوة على لسان جوليان هارنيس، منسق الشؤون الإنسانية في اليمن، الذي طالب بتقديم الدعم اللازم لضمان الوصول إلى الفئات الأكثر ضعفاً وتقديم المساعدات المنقذة للحياة لـ10.5 مليون شخص، مشيراً إلى أن الجهود السابقة خلال العام الماضي، شملت أكثر من 8 ملايين شخص بدعم تجاوز 1.4 مليار دولار.

نصف الأطفال اليمنيين يعانون من سوء تغذية وتعدّ النساء والفتيات من الفئات الأكثر ضعفاً (الأمم المتحدة)

وشدَّد هاريس على أن الاحتياجات خلال العام الحالي تتطلب استجابة أوسع وأكثر شمولية لتحقيق الاستقرار وبناء قدرة المجتمعات على الصمود، منوهاً بأن تدهور الأوضاع الاقتصادية، والظروف المناخية القاسية، والتطورات العسكرية الإقليمية أسهمت في مضاعفة الاحتياجات الإنسانية.

ويواجه نصف السكان تقريباً انعداماً حاداً في الأمن الغذائي، ويعيش أكثر من 13 مليون شخص في ظل نقص حاد في مياه الشرب النظيفة، بينما تعمل 40 في المائة من المرافق الصحية بشكل جزئي أو لا تعمل.

وكانت الأمم المتحدة طالبت العام الماضي بـ2.7 مليار دولار لخطة الاستجابة الإنسانية، لكنها لم تحصل سوى على تعهدات ضئيلة، ما تسبب في عجز كبير في تلبية احتياجات المستهدفين.

تناقض الاحتياجات والمطالب

ويؤكد جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أرقام الاحتياجات الإنسانية التي تعلن عنها الأمم المتحدة ووكالاتها والمنظمات الدولية، لكنه يشير إلى التناقض بين ما تعلن عنه من احتياجات ومساعيها للحصول على تمويل لتلبية تلك الاحتياجات، إلى جانب عدم قدرتها على الوصول إلى المستهدفين بسبب نقص المعلومات والبيانات، بالإضافة إلى التغيرات الديموغرافية الحاصلة بفعل النزوح.

استمرار الصراع ترك اليمنيين في حالة احتياج دائم للمساعدات (الأمم المتحدة)

وفي تصريحه لـ«الشرق الأوسط» أعرب بلفقيه عن مخاوفه من عدم إمكانية الحصول على المبالغ المطلوبة لصالح الاستجابة الإنسانية بسبب سوء الترويج للأزمة الإنسانية في اليمن لدى المانحين، لافتاً إلى أن طرق تعامل المنظمات الدولية والأممية في الإغاثة لم تتغير منذ عام 2015، رغم فشلها في تلبية احتياجات اليمنيين، وإنهاء الأزمة الإنسانية أو الحد منها.

وقبيل إطلاقها خطة الاستجابة الإنسانية للعام الحالي، حذّرت الأمم المتحدة، من اشتداد الأزمة الإنسانية في اليمن، بعد تجاوز أعداد المحتاجين إلى مساعدات إنسانية هذا العام 19.5 مليون شخص، بزيادة قدرها 1.3 مليون شخص مقارنة بالعام الماضي، مبدية قلقها على الأطفال الذين يعانون من سوء تغذية، وعلى الفئات الأكثر تهميشاً من بينهم، مثل النساء والفتيات والنازحين البالغ عددهم 4.8 مليون شخص.

وقالت نائبة رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، جويس مسويا، أمام مجلس الأمن الدولي إنّ اليمنيين ما زالوا يواجهون أزمة خطرة على الصعيدين الإنساني وحماية المدنيين، مشيرة إلى أن تقديرات النداء الإنساني للعام الحالي الذي يجري إعداده، كشفت عن تفاقم الأزمة.

وباء الكوليرا عاد للتفشي في اليمن بالتزامن مع ضعف القطاع الصحي (رويترز)

ووفق حديث مسويا، فإنّ نحو 17 مليون يمني، أي ما يقدر بنصف سكان البلاد، لا يستطيعون تلبية احتياجاتهم الغذائية الأساسية، وما يقرب من نصف الأطفال دون سنّ الخامسة يعانون من تأخر خَطرٍ في النمو بسبب سوء التغذية، مع انتشار مروّع لوباء الكوليرا، بينما يعاني النظام الصحي من ضغوط شديدة.

انهيار العملة

وواصلت العملة اليمنية تراجعها إلى أدنى المستويات، وتجاوز سعر العملات الأجنبية المتداولة في البلاد 2160 ريالاً للدولار الواحد، و565 ريالاً أمام الريال السعودي، بعد أن ظلت تتراجع منذ منتصف العام الماضي، وهي الفترة التي شهدت تراجع الحكومة اليمنية عن قراراتها بفرض حصار على البنوك التجارية المتواطئة مع الجماعة الحوثية.

ويرجع الخبراء الاقتصاديون اليمنيون هذا الانهيار المتواصل للعملة إلى الممارسات الحوثية ضد الأنشطة الاقتصادية الحكومية، مثل الاعتداء على مواني تصدير النفط الخام ومنع تصديره، وإجبار الشركات التجارية على الاستيراد عبر ميناء الحديدة الخاضع للجماعة، إلى جانب المضاربة غير المشروعة بالعملة، وسياسات الإنفاق الحكومية غير المضبوطة وتفشي الفساد.

العملة اليمنية واصلت تدهورها الحاد خلال الأشهر الستة الماضية (رويترز)

ويقدر الباحث الاقتصادي اليمني فارس النجار الفجوة التمويلية لأعمال الإغاثة والاستجابة الإنسانية، بأكثر من 3 مليارات دولار، ويقول إن تراكمات هذا العجز خلال السنوات الماضية أوصل نسبة تغطية الاحتياجات الإنسانية في البلاد إلى 52 في المائة.

ولمح النجار في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى تضرر الاقتصاد اليمني بفعل أزمة البحر الأحمر وما سببته من تحول طرق التجارة العالمية أو ارتفاع تكاليف الشحن والتأمين، مع عدم بروز إمكانية لتحسن اقتصادي دون توقف الجماعة الحوثية عن ممارساتها أو إلزامها بالكف عنها، بالتوازي مع إجراءات داخلية لتحسين الإيرادات.

استهداف الحوثيين للسفن التجارية في البحر الأحمر ضاعف من تدهور الاقتصاد اليمني (أ.ف.ب)

وحثّ النجار الحكومة اليمنية على اتباع سياسات تزيد من كفاءة تحصيل الإيرادات المحلية، وتخفيف فاتورة الاستيراد، ومن ذلك تشجيع الأنشطة الزراعية والسمكية وتوفير فرص عمل جديدة في هذين القطاعين اللذين يشكلان ما نسبته 30 في المائة من حجم القوى العاملة في الريف، وتشجيع زراعة عدد من المحاصيل الضرورية.

يشار إلى أن انهيار العملة المحلية وعجز الحكومة عن توفير الموارد تسبب في توقف رواتب الموظفين العموميين منذ 4 أشهر، إلى جانب توقف كثير من الخدمات العامة الضرورية، ومن ذلك انقطاع الكهرباء في العاصمة المؤقتة عدن لمدد متفاوتة تصل إلى 14 ساعة يومياً.