النظام يكثف قصفه لريفي إدلب وحلب.. وعدد الضحايا تجاوز 50 قتيلا

استهداف مستشفى للأطفال ومركز الدفاع المدني في كفر تخاريم

طفل سوري يتأمل الدمار الذي خلفته طائرات حربية روسية في محافظة حلب أمس (غيتي)
طفل سوري يتأمل الدمار الذي خلفته طائرات حربية روسية في محافظة حلب أمس (غيتي)
TT

النظام يكثف قصفه لريفي إدلب وحلب.. وعدد الضحايا تجاوز 50 قتيلا

طفل سوري يتأمل الدمار الذي خلفته طائرات حربية روسية في محافظة حلب أمس (غيتي)
طفل سوري يتأمل الدمار الذي خلفته طائرات حربية روسية في محافظة حلب أمس (غيتي)

كثف طيران النظام السوري وروسيا الحملة العسكرية على محافظة إدلب، بشمال غربي سوريا، فيما استمر في قصفه على ريف محافظة حلب، شمال سوريا، حيث أعلن «المرصد السوري لحقوق الإنسان» سقوط ما لا يقل عن ستين قتيلا في مجازر متتالية منذ منتصف يوليو (تموز)، معلنا كذلك، مقتل 2766 مدنيا خلال الأشهر العشرة الماضية جراء آلاف الضربات الجوية الروسية التي استهدفت محافظات سورية عدة، منذ انطلاقها في 30 سبتمبر (أيلول) الماضي. وأشار «المرصد» إلى أن الضربات الجوية أسفرت أيضا عن مقتل 2527 عنصرا من تنظيم داعش المتطرف، و2164 مقاتلا من الفصائل المعارضة وجبهة فتح الشام «جبهة النصرة سابقا» والحزب الإسلامي التركستاني، ومقاتلين من جنسيات عربية وأجنبية.
ويوم أمس، أعلن «مكتب أخبار سوريا» مقتل 25 مدنيا وإصابة أكثر من 20 آخرين ليلا، جراء استهداف الطيران الحربي الروسي بلدة الأتارب وبلدة أبين سمعان الخاضعتين لسيطرة المعارضة بريف حلب الغربي. ونقل المكتب عن مصادر في المنطقة الطيران الروسي شن أربع غارات بالصواريخ الفراغية والعنقودية على منازل المدنيين وسط الأتارب؛ ما أدى إلى مقتل 20 مدنيا، بينهم تسعة أطفال، وإصابة أكثر من 15 آخرين، نقلوا إلى المستشفيات الميدانية لتلقي العلاج، كما أسفر القصف عن أضرار مادية كبيرة، فيما أشار المرصد إلى «طائرات حربية شنت أكثر من 20 ضربة» على بلدة الأتارب؛ ما أدى إلى مقتل 10 أشخاص.
وتعاني الأتارب الواقعة في ريف حلب الغربي، منذ نحو أسبوعين من قصف جوي عنيف يستهدف المدينة بشكل يومي، من الطيران الحربي الروسي وطيران النظام، أوقع أكثر من 60 قتيلا خلال 15 يوما، إضافة إلى عشرات الإصابات، ودمار هائل في الأسواق العامة والبنى السكنية، بحسب «شبكة شام» المعارضة.
وتعتبر بلدة الأتارب الكبيرة، سكانيا، أحد أهم التجمعات السكانية في ريف حلب الغربي، ولقد غصت في الآونة الأخيرة بعشرات الآلاف من الهاربين من قصف طيران النظام على بلدات ومدن ريفي حلب الشمالي والجنوبي، لتبدأ الطائرات قصف المدينة بشكل عنيف؛ بهدف إعادة تشريد العائلات وإجبارهم على النزوح بشكل دائم لاستنزاف طاقات المدنيين وإخضاعهم للحلول التي تعمل على فرضها على مناطق الثورة من مصالحات بعد استنزافها بالقصف والتدمير والتشرد. كذلك ودعت الأتارب خلال 14 يوما أكثر من 60 شخصا، غالبيتهم من الأطفال والنساء، تحولت أجسادهم لأشلاء متناثرة، جراء قوة الضربات التي تستهدف المدينة، موقعة أربع مجازر متتالية بحق المدنيين العزل خلال الأسبوعين الماضيين. وفي ريف محافظة إدلب، استهدف الطيران الحربي الروسي بالصواريخ الفراغية السوق الرئيسية وسط بلدة سرمدا، الخاضعة لسيطرة المعارضة بالريف الشمالي، وبالقنابل العنقودية منطقة باب الهوى الحدودية مع تركيا، بحسب «مكتب أخبار سوريا»، الذي لفت إلى معلومات تفيد بسقوط قتلى وجرحى. وكان قد لقي أربعة مدنيين حتفهم وأصيب عشرة آخرون، ليلا جراء استهداف الطيران الحربي النظامي المنطقة نفسها بثلاث غارات. وأوضح الناشط الإعلامي مؤيد الإدلبي من سرمدا، لـ«مكتب أخبار سوريا»، أن الطيران استهدف أبنية سكنية مقابل مدرسة المحبة بالحي الشمالي، مشيرا إلى أنه تم نقل الجرحى عبر فرق الدفاع المدني إلى المسشفى الميداني في سرمدا، كما نقلت الحالات الخطرة إلى مسشفى باب الهوى الحدودي.
في السياق ذاته، جرح ثلاثة مدنيين، إثر استهداف الطيران النظامي، بغارة بالصواريخ الفراغية، مدينة سراقب الخاضعة لسيطرة المعارضة بريف إدلب الشرقي؛ ما أدى أيضا إلى دمار كبير لحق بمنازل المدنيين وغيرها من الممتلكات.
تجدر الإشارة إلى أن طيران النظام استهدف أول من أمس، مستشفيي الأطفال والجراحي ومركز الدفاع المدني في مدينة كفر تخاريم الخاضعة لسيطرة المعارضة بريف إدلب الشمالي؛ ما أدى إلى مقتل مدني وإصابة آخرين بجروح، فضلا عن الأضرار التي لحقت بمعدات المشفيين ومركز الدفاع وآلياته؛ ما أدى إلى خروجها عن الخدمة بشكل جزئي.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.