حضرموت غاضبة.. وأموال النفط خارج سيطرة الانقلاب

الحوثي وصالح يواجهان عقبات فرض الواقع الجديد

يعيش اليمن أوضاعًا اقتصادية صعبة بسبب سوء إدارة البلاد من قبل الانقلابيين (رويترز)
يعيش اليمن أوضاعًا اقتصادية صعبة بسبب سوء إدارة البلاد من قبل الانقلابيين (رويترز)
TT

حضرموت غاضبة.. وأموال النفط خارج سيطرة الانقلاب

يعيش اليمن أوضاعًا اقتصادية صعبة بسبب سوء إدارة البلاد من قبل الانقلابيين (رويترز)
يعيش اليمن أوضاعًا اقتصادية صعبة بسبب سوء إدارة البلاد من قبل الانقلابيين (رويترز)

تلوح أمام الميليشيات الحوثية وقوات المخلوع صالح، مهمة جديدة، لكسب ولاء بعض المناطق الجنوبية، وتحديدا محافظة حضرموت، التي تقع تحتها النسبة الكبرى من ثروة اليمن النفطية، من أجل تأمين البنك المركزي في صنعاء بالسيولة، لدفع الرواتب، وطمأنة السكان هناك من أن البلد لن ينزلق لحالة من الفوضى، بعد إفشالهم مفاوضات الكويت، وإعلانهم تأسيس مجلس حكم لإدارة البلاد، وهو ما سمي انقلابا آخر، ليس على السلطة الشرعية وحدها، وإنما على القرارات الدولية.
الفقر والبنية الهشّة وسبل الحياة المتواضعة، دفعت أبناء محافظة حضرموت، وتحديدا مديرية غيل، لتوجيه الشركات التي تستخرج النفط من أراضيهم لدفع الواجبات الزكوية والضريبية لصالحهم، ليس هذا فحسب، بل دفع إيجار الأراضي التي تعمل عليها الشركات، ورسوم التراخيص والبناء والتعمير، وفيما يبدو أنه تلويح بطرد تلك الشركات لو عصت تنفيذ الأوامر الجديدة.
صالح مولى الدويلة، الناطق باسم حلف حضرموت، ويعمل حاليا مديرا عاما لمديرية غيل بن يمين، أشار في حديث مع «الشرق الأوسط» إلى الأضرار البيئية التي طالت السكان جراء عمليات تنقيب واستخراج البترول، وأفسح المجال أمام المتضررين لمقاضاة من تسبب في ذلك وفق الأطر القانونية، مبينا أن عائدات النفط والمعادن التي تزخر بها محافظتهم لا تنعكس إيجابا على تطويرها وتأمين الوظائف لأبنائها، وإنما تتوجه للبنك المركزي في صنعاء ومنه لجيوب الانقلابيين وجنودهم.
ويبدو أن الميليشيات الانقلابية، لم تتمكن خلال الفترة الماضية، من استمالة سكان المناطق الغنية بالثروات الطبيعية، نحو موقفها، حيث ما زالوا يتخذون موقفا متباينا معها، ويرفضون المصادقة على ما يسمى سلطة الواقع، ما يعني أن تأثير الميليشيات لم يتخط صنعاء العاصمة، التي هي الأخرى، تمتلئ بالخلايا النائمة، التي تنتظر دعما خارجيا من المناطق المجاورة، من أجل إشعال ثورة داخلية، تنهي ما تبقى من مشهد الانقلاب، وتهيئ الطريق للحكومة الشرعية، لبسط سيطرتها مجددا.
وفي حين أكد لـ«الشرق الأوسط»، عبد الله الشندقي، الناطق باسم مجلس مقاومة صنعاء، أن جنود الجيش الوطني كانوا على أبواب العاصمة، وقاب قوسين أو أدنى من استعادتها، لولا قرار الحكومة الشرعية، بتعليق التحرك، والانضمام لمباحثات الكويت، فإنه لم يخف أن الميليشيات استغلت المفاوضات، بمحاولة ترتيب صفوفها مرة أخرى.
وذكر الشندقي أن قوات الجيش الوطني مستعدة للخيار العسكري لتحرير صنعاء، وتنتظر إشارة من رئاسة الجمهورية، مبينا أنهم يملكون السلاح والقوة البشرية اللازمة، بينما يراهنون على غطاء جوي من التحالف، لإنجاح تلك الخطوة التي من شأنها إعادة البلاد لوضعها الطبيعي، وشدد على أن الرئيس عبد ربه منصور هادي، ونائبه علي محسن الأحمر، رفعوا معنويات جنود المقاومة خلال زياراتهم الأخيرة لمأرب، وتابعوا التطورات الدقيقة على الميدان، بينما يتواجد رئيس أركان القوات المسلحة بشكل مستمر على الجبهات، ما يعني أن الدخول مع أبواب صنعاء، وارد في أي لحظة.
يأتي ذلك، في حين وجه عنتر الذيفاني، الناطق باسم تحالف قبائل اليمن، نداء إلى قبائل طوق صنعاء، وتحديدا أرحب وبني الحارث وبني حشيش وهمدان، بالانضمام للجيش الوطني والمقاومة الشعبية، وعدم الاستجابة لدعوات الانقلاب، الذي يحاول الزجّ بهم، ليقاتلوا أبناء وطنهم، مبديا ثقته في أن الميليشيات لن تنجح في شقّ الصف الوطني.
وكانت قيادة المؤتمر الشعبي العام بمحافظة حضرموت، قد أدانت، أمس، التوقيع على تشكيل مجلس سياسي في العاصمة صنعاء بين طرفي الانقلاب على الشرعية الدستورية في الجمهورية اليمنية دون سواهم.
وشددت على أن الاتفاق يمثل انقلابا آخر واستهتارا بكل المرجعيات الدولية والإقليمية والمحلية ومعول هدم ينسف كل جهود التسوية ومساعي السلام في البلاد، ويشكل إساءة بالغة لتنظيم المؤتمر الشعبي العام وخروجا فاضحا على الميثاق الوطني ونظامه الداخلي وكل أدبياته ووثائقه القائمة على الثوابت الوطنية وعلى النظام الجمهوري وأهداف الثورتين اليمنية أكتوبر (تشرين الأول) وسبتمبر (أيلول)، التي هي أساس الانتماء للمؤتمر الشعبي العام والانضواء تحت لوائه.
وقال المؤتمر إن الاتفاق عبر عن رغبة وجشع موقعيه، وبرهن جليا عدم اكتراثهم لما يحل بالشعب اليمني، الذي يعاني من مآسي وويلات الحرب العبثية التي أشعلوها، داعيا قادته وقواعده إلى الالتفاف حول الشرعية الدستورية ممثلة برئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي ومؤسسة الحكومة الشرعية بقيادة الدكتور أحمد عبيد بن دغر، وشدد على أهمية الوقوف إزاء كل المحاولات الانقلابية التي تهدف إلى النيل والمساس باستقرار اليمن.



3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.