ليبيا.. محاولة جديدة لرأب الصدع

الخصوم يعودون إلى الحوار.. وبند «الجيش» يفرض نفسه

ليبيا.. محاولة جديدة لرأب الصدع
TT

ليبيا.. محاولة جديدة لرأب الصدع

ليبيا.. محاولة جديدة لرأب الصدع

خلال سيارة «الليموزين» خرجت من مطار القاهرة الدولي، متوجهة إلى فندق في وسط العاصمة المصرية. وبينما كان ضجيج شارع «صلاح سالم» يحيط بأحد ممثلي المجلس الرئاسي الليبي، الذي وصل حديثا إلى هنا، انبعث من مسجل السيارة صوت شاعر ليبيا الشعبي، سليمان الشرِّيمة، وهو يلقي قصيدة عن الحاجة إلى تقسيم بلاده إلى ثلاث دول. يقول الدكتور محمد الزبيدي، الرئيس السابق للجنة القانونية لمؤتمر القبائل الليبية، لـ«الشرق الأوسط»: هناك مؤشرات تدل على أن استمرار ليبيا دولة موحدة في خطر.
وتبدو مسألة التقسيم ذات حساسية لدول الجوار خصوصا مصر وتونس. ما بين مطار القاهرة ومقار فنادق العاصمة، حيث الشوارع مزدحمة، والرحلة بالسيارة تستغرق أحيانا أكثر من 90 دقيقة، يحرص كثيرٌ من القادة الليبيين على تزجية الوقت باصطحاب أسطوانات الشعراء الشعبيين ممن عبَّروا في قصائدهم عن صدمتهم من هول الفوضى بعد «ثورات الربيع العربي». يشير الشرِّيمة في مقطوعته، التي يلقيها بطريقة تشبه النّواح، إلى أن ليبيا، حين تتعرض لانتكاسة، فإنه من الحلال تقسيمها إلى ثلاثة أقاليم.
هذا بالطبع مستوحى من الفترة التي أعقبت استقلال بلاده في مطلع الخمسينات، وذلك حين كان التقسيم الإداري للمملكة الليبية يتكون من الأقاليم الثلاثة؛ طرابلس غربا وبرقة شرقا وفزان جنوبا. ويقول الدكتور الزبيدي إن استمرار الفوضى في ليبيا، في الفترة الأخيرة، ساعد على إيقاظ أصوات تدعو إلى تقسيم البلاد وإلى نظام الفيدرالية، بعد أن كانت قد تراجعت في الشهور الماضية.
اليوم تعود أطراف النزاع الليبي إلى طاولة الحوار مجددا. هذه محاولة أخرى لرأب الصدع الذي يهدد «المجلس الرئاسي» المقترح من الأمم المتحدة، في دولة لم تعد متماسكة، وتعاني من مشكلات أمنية تؤثر بالسلب على دول الجوار. احتضنت تونس جانبا من أحدث مفاوضات الخصوم، خلال الأسبوع الماضي.. أعقبتها لقاءات في القاهرة جرت قبل يومين وشارك فيها قادة كبار من الأفرقاء، من بينهم رئيس البرلمان عقيلة صالح (عن الشرق)، ورئيس المجلس الرئاسي فايز السراج (عن الغرب).
يأتي هذا وسط جدل يدور في خلفية الأحداث بشأن الفيدرالية، بوصفها حلا للخلافات التي راح ضحيتها، منذ 2011، عشرات الألوف من القتلى. الشاعر «الشرِّيمة» توفي أواخر العام الماضي، بعد أن استعرض شعره الحزين، ذا الطابع السياسي، في مناسبات ليبية عدة. قصيدته مستلهمة من حياة رعي الأغنام في هذا البلد الصحراوي المجدب رغم ثرواته النفطية. تقول القصيدة نصا باللهجة المحلية: «تقسيمة الضأن ثلاث.. حلال لأجل هذاك الجدب».
معنى القصيدة يشير إلى أنه حين يقل المطر ويحل القحط يكون المَخرج تقسيم الضأن إلى ثلاث مجموعات، كل مجموعة ترعى في مكان حتى يمكنها أن تجد ما يكفيها من الكلأ، لكي تعيش إلى أن تنتهي محنة الجفاف. حين ظهر الفيدراليون في بنغازي وإجدابيا، قبل عامين، كان الهاجس يدور حول الأحقية في عائدات النفط. يوجد نحو 60 في المائة من النفط في المنطقة الشرقية التي عانت من الشح في عهد القذافي. وباقي حصص البترول والغاز موزعة بين إقليمي الغرب والجنوب.
منذ بداية الانسداد السياسي في 2013، ظهرت قيادات قبلية وعسكرية تبنت فكرة «التقسيم في أوان الجدب هذا»، والدعوة للحكم الفيدرالي، خصوصا في المنطقة الشرقية، لكن جرى التقليل من شأن هذا الاقتراح من جانب قادة آخرين في المنطقة نفسها. وحين تمكن الفريق أول خليفة حفتر من جمع شتات الجيش الليبي في 2014، تراجعت الفكرة إلى حد كبير.
اعتقد البعض أن فكرة الفيدرالية طواها النسيان. يوضح الزبيدي قائلا عن الأرضية التي أعادت الحديث عن هذا الموضوع مجددا، إن «الإخوة الأمازيغ والتبو والطوارق، قاطعوا لجنة صياغة الدستور (معظم هذه القبائل تتركز في الجنوب والغرب).. أما في المنطقة الشرقية، فيسود شعور لدى أبنائها بأن منطقتهم تتعرض لهجمات متكررة من الميليشيات القادمة من المنطقة الغربية». ويضيف: لهذا «تعالت أصوات تدعو إلى حماية برقة أو خروجها من المشهد الليبي».
تبدو ورقة انفصال الشرق ورقة قوية للتفاوض السياسي. غالبية الليبيين، بمن فيهم أبناء الشرق، ضد التقسيم ومع دولة موحدة. ومع ذلك فـ«الورقة موجودة تحت الطاولة». بيد أن الجميع عاد إلى المربع صفر خلال اجتماعات تونس والقاهرة، قبل أيام. جرى طرح أسئلة مكررة لم تكن تجد إجابة قاطعة في الشهور الماضية. ولم يُحسم الأمر.
لهذا جاء أحد قادة المجلس الرئاسي إلى مصر، وأقام ليومين في فندق بوسط القاهرة، وغادر بعد أن قابل أطرافا ليبية ومصرية. كان يمهد للقاء الذي جرى لاحقا في العاصمة المصرية بين قادة من الشرق ومن الغرب. وقال لـ«الشرق الأوسط»: نحاول تقريب المسافات وإبعاد شبح تفتت الدولة.
وفي اليوم التالي ظهرت في القاهرة زعامات على رأسها عقيلة صالح. يعد كثيرٌ من هؤلاء خصوما لحكومة المجلس الرئاسي المقترحة. ثم جاء السراج نفسه. أهم أسئلة عالقة هي تلك التي تراوح مكانها على طاولة ممتدة من تونس إلى مصر، منذ توقيع اتفاق الصخيرات حتى الآن: «مستقبل الجيش بقيادة حفتر»، و«مستقبل الميليشيات» التي تقودها شخصيات جهوية ومذهبية. يقول أحد نواب البرلمان الليبي: يظل شبح الفيدراليات، في الخلفية، بوصفه حلا يمكن اللجوء إليه إذا تعقدت الأمور أكثر مما هي عليه.
الحرب في الصحراء الليبية لم تعد تجري، كما يقول أحد العسكريين، بين ليبيين وليبيين فقط. هذا كان يحدث بين الإخوة الأعداء منذ الانشقاق الكبير الذي تسبب في حرق مطار طرابلس الدولي في 2014، «كانت، وقتها، حربا تبدو محلية صرفة». لكن اليوم أصبحت هناك «عقول أجنبية» متخصصة تشارك في إدارة آلة الصراع وتزيد الانقسام. احتراب لا ينتهي.. سفك دماء.. تبديد ثروات. ومن بين حطام المدن ومرافئ النفط، يلتقط سياسيون وزعماء أوراقا للضغط يستمر مفعولها عدة أيام، ليبدأ البحث عن أوراق جديدة، باستثناء ورقة الانفصال باعتبارها الأقوى، إلى الآن.
آخر ورقة «هشة» يجري استخدامها بين الخصوم لكسب نقاط رابحة، هي ورقة «الجنود الفرنسيين». لقد ظهر وجود عدة خبراء أجانب على الأراضي الليبية، معظمهم من دول غربية.. بعضهم يرسم الخطط ويشارك في إدارة عمليات عسكرية في شرق البلاد، من أجل تعضيد الجيش الوطني الذي يقوده حفتر. هذه الورقة ظهرت قبل أسبوع، حين اعترف الرئيس الفرنسي بمقتل ثلاثة جنود فرنسيين كانوا في مهمة على جبهة القتال في غرب بنغازي.
يقول أحد القادة العسكريين في مقر قيادة الجيش الليبي جنوب شرقي بنغازي، ممن يتابع محاولات رأب الصدع بين الليبيين عبر تونس والقاهرة، إن «خصومنا، سواء في المجلس الرئاسي أو في ميليشيات طرابلس، حاولوا استخدام ورقة الجنود الفرنسيين لاستفزاز قادة الشرق، لكن لا أعتقد أنها ورقة رابحة. ضخموا الموضوع لكنه عاد إلى حجمه»، مشيرا إلى أن كثيرا من قوات الميليشيات في الغرب الليبي «تستعين هي الأخرى بخبراء أجانب، منهم عسكريون ورجال استخبارات».
ويعتقد عدد من نواب البرلمان، من بينهم رئيس لجنة العدل والمصالحة وخريطة الطريق، إبراهيم عميش، أن أحد أهداف التدخل الدولي في الشأن المحلي هو الحرص على استمرار الفوضى، لإضعاف الدولة وإنهاك الشعب، وذلك لوضع البلاد أمام أحد خيارين، إما الرضوخ لحكومة المجلس الرئاسي، وإما الدخول في نفق مظلم قد يفضي إلى تقسيم ليبيا. ويقول لـ«الشرق الأوسط»، إن «الخيارات سيئة. الحل الوحيد يكمن في حوار داخلي بين الليبيين. الوضع لم يعد يحتمل».
يبدو أن حوارات الليبيين الجديدة، وفقا لأطراف شاركت فيها، واجَهت المعضلة نفسها المتعلقة بوضع الجيش ومستقبل الميليشيات. لا يبدو أن هناك تعويلا كبيرا، حتى الآن، عما يمكن أن يستجد في حال لم تنجح لقاءات الخصوم في القاهرة. يضيف القائد العسكري المشار إليه: «أوراق الضغط، هذه الأيام، تبدو متعادلة»، مشيرا إلى أنه، في الداخل الليبي، يزداد الوضع تعقيدا، وهو ما ينعكس على أحوال المواطنين في الشرق والغرب، من شُّح وغياب للأمن، و«لهذا تعود الأفكار الخاصة بالحكم الفيدرالي إلى الواجهة، ويجري استخدامها للضغط، لأن المجلس الرئاسي نفسه لا يحبذ هذه الفكرة».
مع ذلك تستمر مقترحات من هذا النوع. إنها تطل برأسها من جديد. ثلاثة أقاليم، كما كان الحال قبل تولي القذافي الحكم. ظهر ذلك قبل أيام في أروقة اجتماع تونس. لكن المقترح تغير إلى أفكار ترى أنه يمكن الاكتفاء بتقسيم الجيش نفسه إلى ثلاثة جيوش على الأقاليم المذكورة. وبحسب ما رشح من الاجتماع، رفض المبعوث الأممي، مارتن كوبلر، فكرة التقسيم برمتها. ووفقا لقيادات ليبية شاركت في حوار القاهرة، فإن «خيار الفيدرالية ليس وحده الذي ما زال مطروحا لدى البعض»، لكن ظهرت معه أيضا «أفكار عن العودة للعمل بالدستور الملكي». ويقول عميش إن مسألة العودة إلى دستور 1951 جرى التحدث عنها بالفعل، منذ البداية.
أيا ما كان الأمر، فإن النيات وحدها لا تكفي. كل يوم يسقط قتلى وجرحى من شباب العائلات. حروب بلا أفق داخل المدن وفي الصحراء. سعر الدولار أمام العملة المحلية ارتفع إلى مستويات قياسية. تسلم رواتب الموظفين يتأخر عن موعده. إذا أرادت أسرة أن تسافر من مدينة إلى مدينة فإنها تنتظر لأسابيع، أملا في خلو الطريق من نقاط تفتيش جهوية ومذهبية يغلب عليها طابع «الانتقام على الهوية». معتقلون وأسرى يجري استخدامهم دروعا بشرية أثناء الاقتتال.
يحدث هذا رغم أن الأمم المتحدة، حاولت عن طريق كوبلر، وعن طريق توقيع «اتفاق الصخيرات»، وضع حد للفوضى التي تضرب الأعمدة الرئيسية للدولة، أي: الأمن والاقتصاد والعدالة. لكن الآن، وبعد نحو مائتي يوم من توقيع «اتفاق الصخيرات»، وبعد نحو مائة يوم من دخول السراج ومجلسه الرئاسي إلى طرابلس، عادت النقطة الأساسية في الاتفاق، والتي تخص بند «الجيش»، لتفرض نفسها، وتعرقل التوافق السياسي، إلى جانب بنود أخرى غير مكتوبة، لها علاقة بالقوى القبلية وأنصار النظام السابق ممن لم يشملهم الحوار منذ البداية. ويقول الزبيدي: هناك أخطاء صغيرة تتراكم، وتتحول، في النهاية، إلى كارثة.
كثيرٌ من الليبيين كان يتوقع تعثر مجلس السراج منذ البداية. فالبرلمان الذي يضطر، منذ انتخابه في 2014، إلى عقد جلساته في مدينة طبرق، غير قادر على عقد جلسة لمنح الثقة للحكومة المقترحة. يقول عميش إن نوابا داخل البرلمان ممن يوالون رئيس المجلس الرئاسي هم من يعرقلون انعقاد الجلسة، ليستمر الجمود السياسي، دون أفق، بينما يرد الطرف الآخر بالقول إن قيادات في الشرق اختطفت البرلمان وترفض الإقرار بكامل مخرجات الصخيرات وتلوح بخيار التقسيم.
وفي إفادة بالبريد الإلكتروني قالت وزارة الخارجية المصرية إن استضافة القاهرة لاجتماعات ضمت «صالح» و«السراج»، على مدار يومين، تأتي في إطار المساعي المصرية لتعزيز الاستقرار في ليبيا ودعم الحلول السياسية على الساحة الليبية، وأن سلسلة الاجتماعات هذه تعد «بداية لاتصالات ولقاءات تهدف إلى دخول الليبيين في مرحلة جديدة من الوئام السياسي بين أبناء الوطن الواحد».
أما في تونس - كما يقول المصدر الذي كان في زيارة للعاصمة المصرية ضمن الوفد الليبي - فقد تطرقت أطرافٌ في الحوار عن إمكانية اللجوء إلى الخيار الذي يبدو سهلا، وهو، على الأقل، تقسيم الجيش، بحيث يظل حفتر بقواته في الشرق، وتستمر سلطة الميليشيات في الغرب، على أن يتم التوصل إلى شكل القوة في جنوب البلاد.
ويضيف المصدر أن هذا الطرح لم يناقشه أحد في لقاءات القاهرة، رغم أنه حين جرى فتحه في أروقة اجتماعات تونس قبلها بأيام، كان يبدو منطقيا لدى البعض، في هذه المرحلة، على أن يتم توحيد الجيش مستقبلا. لكن مصادر أخرى كانت قريبة من اجتماع تونس أيضا، قالت في المقابل إن «كوبلر لم يتطرق إلى مثل هذه الحلول التي من شأنها أن تزيد المسألة تعقيدا بين القوى الليبية. كما أن مصر تقف ضد فكرة التقسيم».
وأضاف أن كلا من القاهرة ورئيس البعثة الأممية لدى ليبيا، ليسا مع تقسيم الجيش الليبي على الأقاليم الثلاثة، بل إن كوبلر لديه رؤية تقول إن إنهاء المعضلة الليبية تتطلب وجود جيش موحد «تحت قيادة المجلس الرئاسي». وهنا يعود السؤال مجددا عن الكيفية التي يمكن بها تحقيق هذا «الأمل الكوبلري». أي «جيش موحد تحت قيادة المجلس الرئاسي»، فرغم لقاء السراج وحفتر قبل نحو خمسة أشهر، وجهود القاهرة لحلحلة هذه النقطة لاحقا، إلا أن فكرة أن يعمل حفتر تحت سلطة المجلس الرئاسي، لا تبدو مقبولة في المنطقة الشرقية وفي بعض المناطق الأخرى.
ظهر ذلك من نواب في البرلمان، حين أعلنوا رغبتهم في تعديل المادة الثامنة في «اتفاق الصخيرات». المعضلة تكمن هنا.. أي في «المادة الثامنة» التي تعطي لرئيس المجلس الرئاسي اتخاذ ما يراه من قرارات تخص الجيش والأمن. يقول الإعلان الدستوري الذي يجري العمل بناء عليه منذ سقوط نظام القذافي، إن رئيس مجلس النواب (البرلمان) - وهو (صالح) - يمثل أعلى سلطة في البلاد، أي بمثابة رئيس للدولة، وهو يتولى موقع القائد الأعلى للقوات المسلحة.
وبينما كان البرلمان يسعى لعقد جلسة لتعديل المادة الثامنة، أعلن السراج نفسه قائدا أعلى للقوات المسلحة. وسارع المبعوث الأممي بتأييد هذه الخطوة. ويقول عميش إن «كوبلر منحاز إلى طرف على حساب الآخر».
بمجرد دخول السراج إلى طرابلس بدأت ميليشيات رئيسية في الغرب الليبي، في مساندته، والرضوخ لتوجيهاته بخصوص محاربة تنظيم داعش في مدينة سرت، في مايو (أيار) الماضي. حينذاك أعلن السراج، في ضربة استباقية، أنه، وليس أي أحد آخر في ليبيا، هو القائد الأعلى للجيش الليبي. ويقول الدكتور الزبيدي إن خطوات مثل هذه تتسبب في «صبّ الزيت على النار».
رغم كل شيء تحاول مصر تحقيق التوفيق بين «المجلس الرئاسي» والسلطات الشرعية ممثلة في البرلمان. يقول عميش إنه من دون منح البرلمان الثقة لحكومة السراج، فإنها تظل حبرا على ورق. بينما ترى وجهة النظر الأخرى الموالية للسراج، أن منح الثقة للحكومة، بالطريقة التي يريدها البرلمان، ومنها قضية «المادة الثامنة» الخاصة بالجيش، من شأنها أن تقلم أظافر المجلس الرئاسي ومخرجات حوار الصخيرات برمته.
هكذا يستمر الجدل السياسي بين الشد والجذب.. ما بين اجتماعات في تونس والقاهرة. في الخلفية تبدو العمليات العسكرية على الأرض، القادرة على التأثير على أي تسوية في المستقبل. تلعب «أوراق الضغط» السياسية والإعلامية دورا أيضا وإن كان ضعيفا. الضغط على «الشرق» لا يقتصر على موضوع اكتشاف وجود مقاتلين أجانب مع حفتر، ولكن يتجاوز ذلك إلى التلويح بإقدام المجلس الرئاسي على تصدير النفط من المرافئ الواقعة غرب بنغازي.
في المقابل، وأثناء بحث محاولات التوافق، أخرجت قيادات عسكرية تعمل مع حفتر، أوراقا مضادة. قدمت على الطاولة ما قالت: إنها أدلة على وجود خبراء عسكريين أجانب يقدمون مساعدات للميليشيات التي يعتمد عليها السراج. ولوحت هذه القيادات العسكرية بقدرتها على إغلاق حقول النفط التي تسيطر عليها بالفعل في الجنوب، قائلة إنه إذا حدث تصدير للنفط فسيكون ذلك من المخزون الموجود سلفا في مرافئ «السدرة» و«راس لانوف» و«البريقة»، وبالتالي لن تتمكن حكومة السراج من الوفاء بتوفير كل ما قد تتفق على بيعه من النفط الليبي للشركات الدولية.
من بين الاتهامات الجديدة التي أججت الخصومة بين الليبيين خلال الأيام القليلة الماضية، وقوف قادة في الغرب الليبي وراء القوات التي ظهرت فجأة على تخوم بنغازي، وتحمل اسم «سرايا الدفاع عن بنغازي». ويعتقد أنها السبب وراء إسقاط المروحية التي قُتل فيها الفرنسيون الثلاثة. يقول قائد عسكري ليبي إن المعلومات المتوفرة لدى الجيش عن قوات «سرايا الدفاع عن بنغازي»، أنها خرجت في الأساس من طرابلس، وتتكون من نحو 300 مقاتل، وكان معها أكثر من 50 سيارة دفع رباعي، وقطعت رحلة طويلة، نحو 900 كيلومتر، عبر الصحراء الجنوبية، للتمويه، حيث ظهرت قرب بنغازي، لمواجهة الجيش هناك، ولتخفيف الضغط عن المجموعات المتطرفة التي يحاربها داخل المدينة.
تشير تحقيقات أمنية في الواقعة إلى أن صاروخًا «أرض - جو» تابعا لـ«سرايا الدفاع عن بنغازي» هو الذي أسقط المروحية. ويتهم قادة قبائل وعسكريون في المنطقة الشرقية، خصوم حفتر في المنطقة الغربية، بمن في ذلك ميليشيات تدعم السراج، بالوقوف وراء قوات «سرايا الدفاع عن بنغازي»، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر. هذا أمر من شأنه أن يزيد الأمور تعقيدا ويدفع بالقيادات في المنطقة الشرقية للتعامل بتوجس أكبر من السابق مع قيادات المنطقة الغربية، رغم المحاولات المصرية لتخفيف حدة التوتر بينهما.
يقول أحد العسكريين المقربين من حفتر، إن التشدد لدى قادة الغرب الليبي أصبح يؤجج مشاعر الخوف ويدفع إلى تفكير قيادات بالمنطقة الشرقية في الدفاع عن أنفسهم كـ«منطقة جغرافية وسكانية مهددة.. هذا يعيد أصحاب الدعوة للحكم الفيدرالي إلى الواجهة، ويحول الموضوع من ورقة ضغط إلى واقع. هذا خيار قد يبدو أنه لا بد منه، لكنه خيار سيئ»، أو كما قال الشاعر الشعبي الليبي: خيار يرتبط بوقت الجدب.



كريستيان ليندنر... الزعيم الليبرالي الذي أسقط عزله الحكومة الألمانية

ليندنر اختلف مع سياسة ميركل المتعلقة بالهجرة وفتحها أبواب ألمانيا أمام مئات آلاف اللاجئين السوريين
ليندنر اختلف مع سياسة ميركل المتعلقة بالهجرة وفتحها أبواب ألمانيا أمام مئات آلاف اللاجئين السوريين
TT

كريستيان ليندنر... الزعيم الليبرالي الذي أسقط عزله الحكومة الألمانية

ليندنر اختلف مع سياسة ميركل المتعلقة بالهجرة وفتحها أبواب ألمانيا أمام مئات آلاف اللاجئين السوريين
ليندنر اختلف مع سياسة ميركل المتعلقة بالهجرة وفتحها أبواب ألمانيا أمام مئات آلاف اللاجئين السوريين

رجل واحد حمله المستشار الألماني أولاف شولتس مسؤولية انهيار حكومته، وما نتج عن ذلك من فوضى سياسية دخلت فيها ألمانيا بينما هي بأمس الحاجة للاستقرار وتهدئة اقتصادها المتدهور. رجل وصفه المستشار بأنه «أناني»، وشن عليه هجوماً شخصياً نادراً ما يصدر عن شولتس المعروف بتحفظه وهدوئه. ذلك الرجل كان وزير ماليته كريستيان ليندنر، زعيم «الحزب الديمقراطي الحر» الذي كان شريكاً في الحكومة الائتلافية الثلاثية منذ عام 2021، برئاسة «الحزب الديمقراطي الاجتماعي» (الاشتراكي)، ومشاركة حزب «الخضر». ولقد طرده شولتس من الحكومة بعد خلافات حول ميزانية سنة 2025، ما تسبب بخروج الوزراء المتبقين من «الحزب الديمقراطي الحر»، ليبقى المستشار يقود حكومة أقلية حتى إجراء الانتخابات المبكرة في 23 فبراير المقبل. ثم إن شولتس تعرض لانتقادات كثيرة لهجومه الشخصي على ليندنر، خاصة من المستشارة السابقة أنجيلا ميركل التي وصفته بأنه كان «خارجاً عن السيطرة». لكن مع ذلك، فإن الصورة التي رسمها المستشار عن وزيره قد تحمل شيئاً من الواقع؛ إذ خرجت انتقادات من أوساط الديمقراطيين الأحرار لليندنر و«تصرفه بشكل أحادي» في دفع المستشار لإقالته. وقبل ذلك طالته انتقادات بعدما أصبح «الوجه الأوحد» لـ«الحزب الديمقراطي الحر» إبان الانتخابات الماضية عام 2021 وقبلها عام 2017. ولعل الحزب تسامح مع تصرفات ليندنر «الأنانية» تلك لنجاحه بإعادة الحزب إلى الخارطة السياسية بعد انهياره تقريباً عام 2013 وفشله بدخول البرلمان للمرة الأولى في تاريخه. إلا أن مستقبل الرجل الذي أعاد حزبه إلى الحياة... هو نفسه في خطر. فهل يستمر ليندنر بالبناء على تاريخه حتى اليوم للنهوض مجدداً؟

قد يكون كريستيان ليندنر أصغر زعيم انتُخب ليرأس حزبه «الديمقراطي الحر»، عن عمر 34 سنة فقط عام 2013، بيد أنه لم يكن ناجحاً على الدوام. وبعكس حياته السياسية وصعوده السريع إلى القمة، فشل ليندنر في مشاريع أعمال أطلقها عندما كانت السياسة ما زالت هواية بالنسبة إليه. واعترف لاحقاً بإخفاقاته تلك، مستعيناً بعبارة «المشاكل هي مجرد فرص شائكة» لكي يدفع نفسه إلى الأمام.

وبين عامَي 1997 و2001 أسس شركات خاصة مع أصدقاء له، انتهت بالفشل آخرها شركة «موماكس» التي انهارت وأفلست بعد أقل من سنة على إطلاقها.

هذه «الإخفاقات» التي طبعت مغامراته التجارية وهو في مطلع العشرينات قد تكون دفعته للتوجه إلى السياسة بجدية أكبر. وبالفعل، نجح عام 2001 بدخول البرلمان المحلي في ولايته شمال الراين-وستفاليا وهو ابن 21 سنة ليغدو أصغر نائب يدخل برلمان الولاية. ولصغر سنه وقسمات وجهه الخجولة كسب ليندنر آنذاك لقب «بامبي» بين أعضاء الحزب نسبة للغزال الصغير عند «ديزني».

«بامبي» في «البوندستاغ»

في عام 2009، فاز ليندنر بمقعد في البرلمان الفيدرالي (البوندستاغ) ليعود عام 2012 إلى ولايته أميناً عاماً للحزب في الولاية ونائباً محلياً مرة أخرى.

وبعدها ساعدت إخفاقات الديمقراطيين الأحرار في الانتخابات العامة عام 2013 بتسليط الضوء على ليندنر، الشاب الكاريزماتي الطموح الذي وجد فرصة سانحة أمامه للصعود داخل الحزب. ويومذاك فشل الحزب بتخطي عتبة الـ5 في المائة من أصوات الناخبين التي يحددها القانون شرطاً لدخول «البوندتساغ». وعقد أعضاؤه اجتماعاً خاصاً لمناقشة النتائج الكارثية التي لم يسبق للحزب أن سجلها في تاريخه، وانتخب ليندنر، وهو في سن الـ34، زعيماً للحزب مكلفاً بتأهيله وإعادته للحياة... وبذلك بات أصغر زعيم ينتخب لـ«الحزب الديمقراطي الحر».

شاب أنيق وجذّاب

شكّل سن ليندنر وأناقته وشخصيته عاملاً جاذباً للناخبين الشباب خاصة. وقاد حملة مبنية على أساس جذب الشباب ونفض صورة الحزب القديم التقليدي عنه، كما ساعده حضوره على وسائل التواصل الاجتماعي في التواصل مع مستخدميها من الشباب وتقريبهم إلى الحزب.

وغالباً ما نُشرت له صور من حياته الشخصية على «إنستغرام»، منها صورة لإجازة مع فرانكا ليهفيلدت، زوجته الصحافية التي كانت تعمل في قناة «دي فيلت»، ولقد عقدا قرانهما وهو في الحكومة عام 2022 في حفل ضخم وباذخ بجزيرة سيلت حضره عدد كبير من السياسيين. وينتظر الزوجان مولودهما الأول في الربيع المقبل.

للعلم، كان ليندر متزوجاً قبل ذلك من صحافية أخرى كانت نائبة رئيس تحرير «دي فيلت» أيضاً، هي داغمار روزنفلت، التي تكبره سناً ولم ينجبا أطفالاً معاً. لكنهما ظلا متزوجين من 2011 وحتى 2018 عندما أعلن طلاقهما وكشف عن علاقته مع ليهفيلدت.

أيضاً، لا يخفي ليندنر حبه للسيارات السريعة، وكان قال غير مرة قبل دخوله الحكومة مع حزب «الخضر» بأنه يهوى السيارات القديمة ويملك سيارة بورشه قديمة ومعها يملك رخصة للسباقات. وبجانب هذه الهواية يحب اليخوت ويملك رخصة للإبحار الرياضي وأخرى للصيد.

صورة شبابية عصرية

هذه الصورة التي رسمها ليندنر لنفسه، صورة الرجل الأنيق الذي يهتم بمظهره (لدرجة أنه خضع لزرع شعر) ويمارس هوايات عصرية، ساعدته على اجتذاب ناخبين من الشباب خاصة، وجعلته ينجح بإعادة حزبه إلى البرلمان عام 2017 بحصوله على نسبة أصوات قاربت 11 في المائة.

في حينه دخل في مفاوضات لتشكيل حكومة ائتلافية مع المستشارة أنجيلا ميركل التي فاز حزبها بالانتخابات، وكانت تبحث عن شركاء للحكم إثر حصولها على 33 في المائة من الأصوات. وفعلاً، بدأت ميركل مفاوضات مع الديمقراطيين الأحرار و«الخضر»، لكن ليندنر انسحب فجأة من المفاوضات بعد 4 أسابيع، ليعلن: «أفضل عدم الحكم من الحكم بشكل خاطئ».

ليندنر كان يختلف آنذاك مع سياسة ميركل المتعلقة بالهجرة وفتحها أبواب ألمانيا أمام مئات آلاف اللاجئين السوريين قبل سنتين. ويومها واجه الانتقاد لتفويته على حزبه فرصة الحكم، وهي فرصة خشي بعض الحزبيين ألا تُتاح مُجدداً.

ائتلاف مع اليسار

غير أن الفرصة أتيحت مرة أخرى في الانتخابات التالية عام 2021 عندما حقق «الحزب الديمقراطي الحر» نتائج أفضل من الانتخابات السابقة، حاصلاً على نسبة 11.5 في المائة من الأصوات. ومع أن «الحزب الديمقراطي الحر» حزب وسطي ليبرالي يؤيد الحريات الاقتصادية، ويعدّ شريكاً طبيعياً لحزب «الاتحاد الديمقراطي المسيحي» (يمين معتدل)، قرر ليندنر عام 2021 الدخول في ائتلاف حاكم مع الاشتراكيين و«الخضر»؛ ذلك أن الأخير يعتبر نقيضاً فكرياً للديمقراطيين الأحرار الذين يرون سياساته البيئية مكلفة وكابحة للتقدم الاقتصادي.

وهكذا تسلم ليندنر إحدى أهم الوزرات؛ إذ عُيّن وزيراً للمالية وثاني نائب للمستشار. وحقق بذلك حلمه الذي غالباً ما كرره خلال الحملات الانتخابية بأنه يريد أن يصبح وزيراً للمالية، وحتى إنه عرّف نفسه في إحدى الحملات ممازحاً: «تعرّفوا على وزير ماليتكم المقبل!».

خلفيته العلمية والفكرية

اهتمام ليندنر بالسياسة الاقتصادية ينبع من اهتماماته منذ تخرّجه من الجامعة؛ حيث درس العلوم السياسية ثم القانون والفلسفة في جامعة بون المرموقة (واسمها الرسمي جامعة راينيشه فريدريش - فيلهامز).

ثم إنه لم ينضم فور مغادرته المدرسة للخدمة العسكرية التي كانت إجبارية آنذاك، وأجّلها للدراسة وإكمال مغامراته التجارية، لكنه عاد لاحقاً وانضم إلى جنود الاحتياط ووصل لرتبة رائد. ورغم فشل مغامراته التجارية، بقيت اهتماماته السياسية منصبّة على الجانب المالي، ومن هنا جاء طموحه بأن يصبح وزيراً للمالية في الحكومة الفيدرالية.

وفكرياً، يؤمن ليندنر وحزبه بتقليص الإنفاق العام وخفض الضرائب وفتح الأسواق أمام الشركات الخاصة. ودائماً عارض خططاً عدّها متطرفة يدعمها «الخضر» لاستثمارات أكبر في الطاقة النظيفة بحجة تكلفتها العالية وتأثيرها على الشركات والأعمال. وكانت المفارقة أنه تسلّم حكومة كانت مسؤولة عن تطبيق سياسات تروّج للطاقة البديلة وتزيد من النفقات الاجتماعية وترفع من الضرائب.

هذا الأمر كان صعباً عليه تقبّله. ورغم وجود اتفاق حكومي حدّدت الأحزاب الثلاثة على أساسه العمل خلال السنوات الأربع من عمرها، عانى عمل الحكومات من الخلافات منذ اليوم الأول. وطبعاً لم تساعد الحكومة الأزمات المتتالية التي اضطرت لمواجهتها وكانت لها تأثيرات مباشرة على الاقتصاد، بدءاً بجائحة كوفيد-19 إلى الحرب الأوكرانية.

ولذا كان شولتس غالباً ما يعقد خلوات مع ليندنر وزعيم «الخضر»، روبرت هابيك، ويطول النقاش لساعات بأمل التوصل لحلول وسط يمكن للحكومة أن تكمل فيها عملها. وفي النهاية، كان من أبرز نقاط الخلاف التي رفض ليندنر المساومة فيها هي ما يُعرف في ألمانيا بـ«مكابح الدَّين العام»؛ إذ يرفض الدستور الألماني الاستدانة إلا في حالات الطوارئ، ولقد استخدمت الحكومة كوفيد-19 كطارئ للتخلي عن «مكابح الدَّين العام»، وبالتالي، الاستدانة والإنفاق للمساعدة عجلة الاقتصاد.

وأراد شولتس تمديد العمل بحالة الطوارئ كي تتمكن حكومته من الاستدانة وتمويل الحرب في أوكرانيا من دون الاقتطاع من الخدمات العامة، لكن ليندنر رفض مقترحاً تخفيض الإنفاق العام في المقابل، الأمر الذي اعتبره شولتس «خطاً أحمر».

تهم وشكوك

وحقاً، اتُّهم ليندنر بعد طرده بأنه كان يخطط للانسحاب من الحكومة منذ فترة، وبأنه وضع خطة لذلك بعدما وجد أن حزبه منهار في استطلاعات الرأي وأن نسبة تأييده عادت لتنخفض إلى ما دون عتبة الـ5 في المائة.

أيضاً، كُشف بعد انهيار الحكومة عن «وثيقة داخلية» أعدّها ليندنر وتداولها مع نفر من المقرّبين منه داخل الحزب، تحضّر للانسحاب من الحكومة بانتظار الفرصة المناسبة. وقيل إنه بدأ يخشى البقاء في حكومة فقدت الكثير من شعبيتها بسبب المشاكل الاقتصادية وارتفاع التضخّم خلال السنوات الثلاث الماضية، ما أثر على القدرة الشرائية للألمان. وبناءً عليه، خطّط ليندنر للخروج منها قبل موعد الانتخابات واستخدام ذلك انتخابياً لإعادة رفع حظوظ حزبه الذي يبدو الأكثر تأثراً من الأحزاب المشاركة في الحكومة، بخسارة الأصوات. وطرحت «الوثيقة» التي كُشف عنها مشكلة أخرى بالنسبة لليندنر - داخل حزبه هذه المرة - فواجه اتهامات بالتفرّد بالقرارات وحتى دعوات لإقالته.

طامح لمواصلة القيادة

حتى الآن، يبدو كريستيان ليندنر مصراً على قيادة حزبه في انتخابات فبراير (شباط)، وما زال لم يفقد الأمل العودة حتى إلى الحكومة المقبلة وزيراً للمالية في حكومة يقودها زعيم الديمقراطيين المسيحيين، فريدريش ميرتز، الذي يتقدّم حزبه في استطلاعات الرأي ومن المرجح أن يتولى المستشارية. وللعلم، ميرتز نفسه أبدى انفتاحاً على ضم ليندنر إلى حكومته المحتملة، وشوهد الرجلان بعد أيام من إقالة ليندنر يتهامسان بتفاهم ظاهر داخل «البوندستاغ».

ولكن عودة ليندنر للحكومة ستتطلب منه بدايةً تخطي عقبتين: الأولى أن يبقى على رأس حزبه لقيادته للانتخابات. والثانية أن ينجح بإقناع الناخبين بمنح الحزب أصواتاً كافية لتخطي عتبة الـ5 في المائة الضرورية لدخول البرلمان.