ألمانيا تبني أكبر سفينة شراعية في العالم لنقل السيارات

تحمل 2000 سيارة ومساحة الأشرعة 5 آلاف متر مربع

نموذج ناقلة السيارات الشراعية
نموذج ناقلة السيارات الشراعية
TT

ألمانيا تبني أكبر سفينة شراعية في العالم لنقل السيارات

نموذج ناقلة السيارات الشراعية
نموذج ناقلة السيارات الشراعية

يبدو أن فضيحة الغش في مرشحات عوادم السيارات، التي كلفت عملاق صناعة السيارات الألمانية «فولكس فاغن» المليارات، تدفع الشركة للبحث عن بدائل «تعويضية» تحسن سمعتها البيئية.
إذ تشارك «فولكس فاغن» في أول مشروع من نوعه لبناء أكبر سفينة شراعية في العالم تتخصص بنقل السيارات. وتتولى شركة «دووله» الألمانية (مقرها هامبورغ)، التي تعتبر واحدة من أكبر منتجي السفن والبواخر في العالم، بناء السفينة التي يفترض أنها تستخدم سرعة الريح فقط وتستغني عن كل أنواع الوقود.
وذكرت مصادر «دووله» أن الانتهاء من بناء السفينة أصبح مسألة أسابيع أو بضعة أشهر، وستحمل اسم «ايكولاينر» وطولها 180 مترًا، وتتولى أربعة أبراج عالية حمل الأشرعة. وتتسع «ايكولاينر» إلى 2000 سيارة في جوفها، ويتم نشر ولمّ الأشرعة فيها خلال دقائق، وليس خلال ساعات كما هي الحال في السفن الكبيرة المماثلة من القرون الماضية.
وقد تم تركيب 20 شراعًا كبيرًا على الأبراج الأربعة، وتؤلف الأشرعة معًا مساحة 5 آلاف متر مربع تكفي لدفع السفينة بسرعة إلى الأمام. وزود المهندسون الأبراج بتقنية تشبه تقنية لمّ الستائر الخشبية على النوافذ لطي الأشرعة ونشرها.
لا تحمل «ايكولاينر» أية حمولة على متنها، وهو ما يجعلها متينة بوجه الريح والعواصف والأمواج العاتية. ويتم ترتيب السيارات في جوفها، بجوار بعضها، أو فوق بعضها، بشكل متوازن زيادة في الحذر ضد تقلبات الجو. وعمومًا ترتفع سرعة «ايكولاينر» إلى 14 عقدة أو 25 كلم في الساعة، وهي سرعة عالية قياسًا بالسفن التقليدية.
اجتذب المشروع الكثير من عمالقة السيارات الألمانية بسبب طبيعته البيئية التي تعد بنقل السيارات الألمانية من ألمانيا إلى الأسواق العالمية، دون انبعاث ثاني أكسيد الكربون، ودون استهلاك الوقود. وتشير شركة «دووله» إلى استعداد شركتي «مرسيدس» و«بي إم دبليو» للمساهمة في المشروع ونقل بضاعتها الثمينة (السيارات) على متن «ايكولاينر».
وتجد شركات صناعة السيارات الألمانية مشروع «ايكولاينر» جذابًا لأن مجموع ما تصدره هذه الشركات إلى العالم من السيارات، بالطريق البحري، يرتفع إلى 3 ملايين سيارة سنويًا. وعادة تنطلق البواخر الضخمة، التي تستخدم الوقود التقليدية، من موانئ ألمانيا الشمالية في ايمدن وبريمرهافن على بحر الشمال. أما الهدف فهو أوروبا وأميركا الجنوبية والشرق الأقصى، وخصوصًا الصين. كما تستخدم صناعة السيارات الألمانية البواخر والطرق نفسها لنقل سياراتها المنتجة في مصانعها في الخارج إلى ألمانيا، كما هي الحال في البرازيل والمكسيك والولايات الأميركية الجنوبية.
إن صناعة أسطول من «ايكولاينر» يمكن أن تسدي خدمة كبيرة للبيئة بدلاً من بواخر «الوقود الثقيل» التي تطلق ذرات السخام وغاز ثاني أكسيد الكربون بمستوى لا يقل كثيرًا عن السيارات. وسبق للمنظمة العالمية للنقل البحري، التابعة للأمم المتحدة، أن طالبت صناعة البواخر بإيجاد بدائل للوقود الثقيل حتى عام 2020.
وتشير إحصائيات الأمم المتحدة إلى أن حرق الوقود الثقيل يؤدي إلى تلويث الجو بنسبة 14 في المائة من غاز ثاني أكسيد الكربون نسبة إلى مجموع الغازات المنبعثة عن عملية الاحتراق. وهناك عدة محاولات لتقليل هذه الأضرار عن طريق استخدام نظام حقن مادة أكسيد المغنسيوم، التي ترفع درجة الحموضة وتقلل نشوء حامض الكبريتيك، وتؤدي إلى تحسين الاحتراق. ويلجأ بعض العلماء إلى خلط الوقود بالماء بنسبة 20 في المائة ومن ثم تحريكه بشكل يحوله إلى مستحلب. وهذا يودي إلى تحطيم جزيئات الوقود وإصدار طاقة حرارية أعلى وذرات سخام أقل.
المشكلة الوحيدة أمام «ايكولاينر» هي أن حجم السفن الشراعية الكبيرة محدود بسبب اعتمادها على الأشرعة والريح. وفيما تنقل البواخر التقليدية 4500 سيارة متوسطة الحجم كل مرة، لا تنقل «ايكولاينر» غير نصف هذا الرقم. لكن شركة «دووله» تتحدث عن المنافع البيئية وعن كلفة نقل أقل. وتقدر «دووله» إبحار أول سفينة من طراز «ايكولاينر» إلى جنوب أميركا في مطلع 2018، لكن الشركة تخطط خلال السنوات الخمس اللاحقة لإنتاج 15 - 25 ناقلة شراعية من هذا الحجم، وهو ما يعوض سعة بواخر الوقود الثقيل.
جدير بالذكر أن باني السفن «ديكسترا» الهولندي يخطط لنقل المحركات الهجين من عالم السيارات إلى عالم النقل البحري الكبير. وتعمل الشركة على إنتاج محركات ديزل ضخمة تحرك بواخر النقل الضخمة من الموانئ إلى عرض البحر، وبالعكس، لتتولى الأشرعة بعدها مهمة الإبحار. وهذا يعني أن هذه البواخر الهجينة تستخدم الأشرعة في 80 في المائة من حركتها البحرية.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».