‎الخارجية الأميركية: تفاصيل اتفاق كيري ـ لافروف الأسبوع المقبل

موسكو لا تكترث لما يبثه الآخرون.. وتنشر تسريبات عن عملياتها

مقاتل في فصيل معارض يشارك أمس في معارك ضد تنظيم داعش الذي استولى على بلدة مارع بريف حلب الشمالي (غيتي)
مقاتل في فصيل معارض يشارك أمس في معارك ضد تنظيم داعش الذي استولى على بلدة مارع بريف حلب الشمالي (غيتي)
TT

‎الخارجية الأميركية: تفاصيل اتفاق كيري ـ لافروف الأسبوع المقبل

مقاتل في فصيل معارض يشارك أمس في معارك ضد تنظيم داعش الذي استولى على بلدة مارع بريف حلب الشمالي (غيتي)
مقاتل في فصيل معارض يشارك أمس في معارك ضد تنظيم داعش الذي استولى على بلدة مارع بريف حلب الشمالي (غيتي)

رفض مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية، التعليق على تفاصيل الاتفاق الأميركي - الروسي عن سوريا. وقال: إنه سيتم الإعلان عنه الأسبوع المقبل، بينما التزمت موسكو الصمت إزاء تفاصيل حول اتفاق كيري - لافروف.
‎وأضاف، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أمس، طالبا عدم نشر اسمه أو وظيفته، والاكتفاء بوصف (مسؤول في الخارجية الأميركية): «انتظروا حتى الأسبوع المقبل. سنعلن الاتفاق، وستعرفون كل شيء».
‎وقال: إن الاتفاق «دبلوماسي وعسكري واستخباراتي، بالاشتراك مع الأمم المتحدة». وإنه سيمهد لاستئناف مفاوضات جنيف حول سوريا «قبل نهاية أغسطس (آب)».
‎ونوه المسؤول بتصريحات وزير الخارجية جون كيري، الاثنين الماضي، بأن مباحثاته مع نظيره الروسي، سيرجي لافروف: «حققت تقدما نحو العمل معا».
‎وأضاف بأن، في الاتفاق بنودا عن ضربات جوية أميركية - روسية مشتركة ضد «جبهة النصرة»، مع تحاشي ضرب «المقاتلين المعتدلين». وأن ذلك سينطبق على السلاح الجوي السوري أيضا.
ونفى المسؤول، ما يتردد عن أن «تأخير إعلان الاتفاق ينتظر سيطرة قوات الحكومة السورية على حلب». واكتفى بالقول: «نحن قلقون على الوضع الإنساني في حلب، ونكثف جهودنا مع الأمم المتحدة لإنقاذ المدنيين هناك».
موسكو من جانبها التزمت الصمت إزاء تفاصيل حول اتفاق بين وزير خارجيتها سيرجي لافروف ووزير الخارجية الأميركي جون كيري بخصوص الأزمة السورية، وسربته «الشرق الأوسط»، أمس، التي اعتمدت فيها بصورة تامة على محضر اجتماع وزير الخارجية الأميركي مع نظرائه الأوروبيين يوم الثامن عشر من الشهر الحالي، حين أطلعهم على تفاصيل الاتفاق. ويبدو أن موسكو تحرص من جانبها على لفت الأنظار إلى تسريباتها الخاصة؛ ذلك أنها عادت ونشرت أمس تسريبات مررتها صحيفة «كوميرسانت» بإيجاز في اليوم السابق حول طلب أميركي لهدنة أسبوع في حلب. وتزامنت إعادة نشر التسريبات مع إعلان موسكو عن «عملية إنسانية» في حلب، وإيفاد خبراء روس للمشاركة في اجتماعات جنيف حول سوريا. ونقلت وكالة الإعلام الروسية عن نائب وزير الخارجية الروسي سيرجي ريابكوف أمس، قوله: إن «الولايات المتحدة لم تفرق حتى الآن بين الإرهابيين وما تسمى المعارضة المعتدلة في سوريا، وهو أمر يتيح للمتشددين التحضير لشن هجمات جديدة». وأضاف المسؤول الروسي «هناك على الأقل شيء من الحيلة السياسية هنا».
وكانت صحيفة «إزفستيا» قد أفردت مساحة واسعة من عددها يوم أمس، وتحت عنوان «واشنطن تحاول الاتفاق مع موسكو على وقف العمليات الجوية لسبعة أيام كي تفصل بين المعارضة والإرهابيين» نشرت مقالا استهلته باتهام الولايات المتحدة بأنها «تقف مجددا لحماية مصالح مجموعات سوريا تصفها موسكو بأنها (إرهابية) مثل (جيش الإسلام) و(أحرار الشام)». وتؤكد الصحيفة نقلا عن مصدر مطلع على سير المحادثات الأميركية - الروسية، أن «الأميركيين خلال محادثات لافروف وكيري منتصف الشهر في موسكو ومن ثم خلال محادثاتهما في لاوس، اقترحوا على موسكو إعلان هدنة مؤقتة في حلب»، بحيث «تتوقف الغارات الجوية الروسية والأميركية، وكذلك توقف قوات التحالف الدولي ضد الإرهاب، عملياتها في حلب لمدة أسبوع».
وفيما يبدو أنه رفض روسي للاقتراح الأميركي، وتحذير مبطن بأن «صبر موسكو قد نفد» بشأن الالتزام الأميركي بالفصل بين الجانبين في حلب، يعيد المصدر المطلع على المحادثات إلى الأذهان، أن «موسكو كانت قد قالت بأنه تم منح كفاية من الوقت لهذا الأمر»، وأن «اتفاق وقف إطلاق النار الساري العمل به منذ أشهر عدة قد أظهر بوضوح من يريد مواصلة القتال ومن يبحث عن حل سياسي». وبعد اتهامه «جبهة النصرة» بأنها استغلت وقف إطلاق النار لتعزز صفوفها، بما في ذلك في مواقعها قرب مواقع المعارضة السورية في حلب، ختم المصدر قائلا: «قد يستغل المقاتلون الوضع مجددا بحال توقفت العملية الجوية الروسية في سوريا».
ويبدو أن حرص موسكو على تكرار تلك التسريبات يُراد منه إيصال رسائل للأميركيين، عشية انطلاق محادثات عسكرية في جنيف لوضع خريطة انتشار القوى، ومناطق الفصل بين المعارضة والإرهابيين في حلب. إذ تقول صحيفة «إزفستيا»: «في حال تمكنت القوات الحكومية من استعادة السيطرة على حلب، فإن نهاية الحرب في سوريا ستصبح مسألة وقت وتحصيل حاصل»، لتنقل بعد ذلك عن خبراء، ربطهم الطلب الأميركي بهدنة أسبوع، مع مزاعم أنها «رغبة أميركية لمنح الجماعات التي تتلقى الدعم من واشنطن متنفسا كي تتمكن من إعادة تنظيم صفوفها».
في غضون ذلك، وفي خطوة تبقى أهدافها الحقيقية غير واضحة بعد، يقول بعض المراقبين إنها تهدف إلى إظهار «من الذي يمسك بزمام المبادرة في سوريا»، و«تحسين الظروف التفاوضية للروس خلال محادثاتهم مع الأميركيين في جنيف»، أعلنت روسيا على لسان وزير دفاعها سيرغي شويغو عن بدء تنفيذ «عملية إنسانية» في حلب بالتعاون بين القوات الروسية في مركز حميميم وقوات النظام، وذلك «بموجب تكليف من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لتقديم المساعدة إلى المدنيين في حلب»، حسب قول شويغو، أمس.
ومع الإعلان عن «عملية حلب الإنسانية»، لُوحظ تغير طفيف في اللهجة الروسية بشأن التعاون مع الولايات المتحدة. إذ عادت روسيا وأكدت، على لسان وزير الدفاع شويغو، رغبتها في التعاون مع واشنطن حول الوضع في سوريا وفي حلب حاليا على وجه الخصوص، وأبدت حسن نية في هذا المجال حين أشار شويغو إلى تلبية طلب وزير الخارجية الأميركي و«إيفاد خبراء روس إلى جنيف، للمشاركة في محادثات مع خبراء أميركيين لصياغة تدابير مشتركة للاستقرار في مدينة حلب».
بالمقابل، فإن موسكو، وبلهجة تكاد تكون أقرب إلى التحذير من عواقب التأخير وعدم الاستجابة لمطالبها بعد إمساكها «الورقة الحلبية»، أكدت أنها «ما زالت تأمل الحصول من الولايات المتحدة على إحداثيات المناطق التي تنتشر فيها فصائل (الجيش السوري الحر)، والمظهر أو الشكل الذي تبدو عليه فصائل المعارضة المعتدلة، والأسلحة والمعدات التي بحوزتهم، بما في ذلك عدد الدبابات وعربات المشاة وقطع المدفعية التي يجب أن تتوافر لدى تلك الفصائل»، وفق ما قال وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم