الفروسية السعودية.. ومسيرتها العالمية

الأمير فيصل بن عبد الله
الأمير فيصل بن عبد الله
TT

الفروسية السعودية.. ومسيرتها العالمية

الأمير فيصل بن عبد الله
الأمير فيصل بن عبد الله

من أوائل المسؤوليات التي تشرفت بها تطوعًا خدمة للوطن كانت مساهمتي بتأسيس الاتحاد السعودي لألعاب الفروسية والسهام في أواخر الثمانينات الميلادية، وذلك بتوجيه من الملك عبد الله بن عبد العزيز، يرحمه الله، عاشق ومحب ذلك المخلوق النبيل.
وعندما تقدم إليه شاب سعودي طالبًا المشاركة باسم المملكة العربية السعودية في أولمبياد سيول بكوريا الجنوبية عام 1988 طُلب مني القيام بهذه المهمة التي كان لها أكبر الأثر في تجربتي وتقديم ما أعانني عليه المولى مع مجموعة من الزملاء للتأكيد على قدرة الإنسان السعودي إذا ما مُكّن وهُيئ له المناخ المناسب ليبدع وينتج، بعد تطوير قدراته والارتقاء بإمكانياته بناءً على استراتيجية واضحة مدعومة بخطة عمل واقعية ومتابعة مستدامة لتحقيق الأهداف، وهنا كان التحدي الأول لبناء أساس يمثل الوطن.
ويبرهن ذلك على قدرة الإنسان السعودي، وبعد البحث والحديث مع مجموعة الزملاء والمختصين تبينت معادلة النجاح، فالفارس هو الأساس والخيار الأول، حيث إن الموهبة هي المؤشر الأهم وتمثل ما يعادل 35 – 40 في المائة من مسيرة النجاح، فبعد اكتشافها وتطويرها ودعمها وتدريبها ستحقق النتائج المتوخاة منها بإذن الله. يأتي بعدها اختيار الجياد المناسبة للفارس معتمدة على مستوى المنافسة وهذا يمثل 40 – 50 في المائة من معادلة النجاح.
وأخيرًا حضور الفارس والتفاهم بينه وبين جواده، بالإضافة إلى التناغم بين فريق العمل، وبالتأكيد التوفيق، وكلها تمثل 15 – 20 في المائة من المعادلة.
هذا العمل يحتاج إلى المختصين والمدربين والمخططين على أعلى مستوى للوصول إلى تحقيق معادلة التفوق والنجاح.
الفروسية ليست رياضة فحسب، إنما هي رسالة خصوصا لنا نحن أبناء جزيرة العرب وأصحاب الخيل العربية الأصيلة، فتجربتي كانت من خلال بناء الإنسان بدعم شبابنا والذين أثبتوا سموهم ونجاحهم وتحقيقهم المراكز الأولى، فكانت رياضة الفروسية السعودية في زمن قياسي هي «رياضة الذهب».
في عام 1994 حضرت بطولة ألعاب الفروسية العالمية الثانية والتي أقيمت في مدينة (الهيق بهولندا) كممثل للمجموعة السابعة في الاتحاد الدولي للفروسية، وكانت تجربة مهمة حيث التقيت ملكة هولندا الملكة (بياتريس)، وهي شغوفة بالفروسية ومزاولة لها، وقد كان آخر يوم يقام فيه سباق التحمل لمسافة 161 كلم.
وكان ذلك اليوم بعد تعرفي عليها وعائلتها في الأيام التي مضت له ذكرى خاصة، فقد طلبت مني أن أجلس بجانبها لنشاهد نهاية السباق الذي بدأ صباحًا، وأثناء حديثنا بينما بدأت الخيول تصل إلى خط النهاية، وكان المذيع يعلق: هذا حصان أصله عربي ويمتطيه فارس يمثل فرنسا، وهذا أيضًا حصان عربي تمتطيه فارسة من إسبانيا، وهكذا كانت الخيول في المراتب الأولى معظمها عربية الأصل ولم يكن هناك أي فارس عربي، فالتفتت إلي الملكة وقالت: «هذه خيولكم فأين خيالتكم»، أحسست وكأن تعليقها قد غرس خنجرًا من التحدي في صدري. فقلت: يا جلالة الملكة عمر اتحادنا أربع سنوات، ولكني أعدك أنك سترين فرساننا على ظهور خيولنا في مقدمة الفرسان، فالحمد لله حققنا بعدها بسنوات بطولة كأس العالم للتحمل، ولكننا للأسف لم نستمر في سباقات التحمل، وأكمل الإخوة في الإمارات العربية الشقيقة الطريق واستمروا في حصد البطولات في جميع المحافل في سباقات التحمل على مستوى العالم. فالحمد لله أن فرساننا أعادوا أمجاد فروسيتنا على ظهور جيادنا.
في 27 يوليو (تموز) من عام 1997 كتبت في صحيفة «عكاظ» السعودية بعنوان «الطريق إلى الذهب» 1990 كانت المولد والخطوة الأولى في الطريق.
فالفروسية أساس يلتصق بهذه الأرض ويحمل أسمى المعاني وأنبلها، فهي رياضة تجذرت في تاريخ الإنسانية ولها الدور الكبير في نشر معاني الإسلام السامية متمثلة في الفتوحات الإسلامية وتأثيرها على الحضارة الإنسانية من خلال نشرها لهذه الدعوة معتمدة بعد الله على قدرة هذا المخلوق الكريم الذي كرمه المولى سبحانه وتعالى في كتابه العزيز.
وفي عام 1996 وجدنا أنفسنا ممثلين من خلال رياضة الفروسية عالمنا الإسلامي والعربي بتأهل ومشاركة الفرسان السعوديين في دورة الألعاب الأولمبية بمدينة (أتلانتا) بالولايات المتحدة الأميركية وخصوصا أنها أول مشاركة لنا وهناك احتفالات بمرور مائة عام على الأولمبياد الحديثة، فمشاركة المملكة في ذلك العام بحد ذاته إنجاز كبير مقارنة بعمر الاتحاد السعودي منذ إشهاره وهي الخطوة الأولى في الطريق لإحياء هذه الرياضة وانتشارها على المستويين العربي والإسلامي.
إن مشاركة المملكة في هذه الأولمبياد بكل مصداقية وتجرد من أي عواطف هي مشاركة غير مكتملة، وتكاد تكون ضعيفة عندما نقارن أنفسنا بالدول المشاركة فنحن الدولة الوحيدة التي تشارك على خيول مستأجرة.
إذن المشاركة بمنتخب للفروسية ليست إنجازا فقط ولكنها إعجاز يثبت توفيق الله وتكريمه لهذا الوطن، من خلال هذه الرياضة العريقة، والروح العالية التي ينعم بها فرسان الإسلام والسلام، كما أنها أكبر إثبات لدعم هذا الاتحاد الصغير في سنه والكبير في إنجازاته، وهو واجب على جميع المستويات لينمو ويشتد ساعده ليتمكن بخطى ثابتة ومدروسة من تحقيق هدف معين يجمع ما بين القطاع العام والخاص، ويجمع بين روحين في رياضة تختلف عن جميع الرياضات الأخرى ليقفز حواجز الزمن، ويتمكن من إعادة تاريخنا العظيم والسير في «الطريق إلى الذهب».
هذا وكان الاهتمام بالشق الثقافي مهما لرسالة فروسيتنا، حيث بنينا المفهوم من خلال كتاب «فروسية» المرجع الفروسي العالمي المهم، والمعارض التي أقيمت بناء على رسالته وبمناسبة مشاركتنا بالألعاب العالمية للفروسية، في عام 2010م بمتحف متنزه كنتاكي للفروسية بولاية كنتاكي بالولايات المتحدة الأميركية، وكذلك في عام 2012م بمناسبة الألعاب الأولمبية في المتحف البريطاني بمدينة لندن بالمملكة المتحدة، لإيصال رسالة الفروسية السعودية الأصيلة إلى العالمية.
هذا ولا أنسى في هذا المقام الأمل الذي حققناه بعد استثمار وجهد ووقت ومال في «آخر الفرسان» تلك المسرحية العالمية التي استثمر فيها صندوق الفروسية وبتمويل من محبي الفروسية وداعميها، وأقيمت تحت رعاية ملك إسبانيا السابق الملك خوان كارلوس، وافتتحتها ملكة إسبانيا في مدريد، وتحكي المسرحية قصة مستوحاة من علاقة الإمام فيصل بن تركي وعباس باشا، والحب لهذا المخلوق الفريد الذي جمع بينهما، ونبع منه المخطوط التاريخي العظيم أول تدوين لأصول الخيل العربية «مخطوط عباس باشا». كل هذا تحقق على أرض الواقع، إلا أن غياب الدعم وخاصة من القطاع الخاص قد يوقف استمرار تلك الانجازات.
كل هذا أضاف لي تجربة أعتز وأفتخر بها وبمن ساعد على تحقيق أهدافها من الزملاء والأصدقاء السعوديين وغيرهم. وهنا أنوه بفخر واعتزاز أن فرسان المملكة العربية السعودية هم الوحيدون في عالمنا العربي والإسلامي الذين حققوا ميداليتين أولمبيتين، وميدالية أولمبية على مستوى الشباب، وميدالية في ألعاب الفروسية العالمية. وما زالت مسيرتنا العالمية وعلاقتنا مع الاتحاد الدولي للفروسية على أعلى مستوى من الثقة والاحترام المتبادل من خلال بطولة «فروسية» لكأس الأمم التي تبنتها الفروسية السعودية لأربع سنوات، وأتمنى من الله أن تستمر لتحفر اسمها بحوافر أفراسنا في أكبر مشاركة عالمية منذ بدء البطولة لأكثر من مائة عام، حيث كانت محتكرة على ما يقارب من ثماني دول أوروبية ودولة أو دولتين من خارجها، إلى أن تبنتها الفروسية السعودية، وكان لها أكبر إضافة لتوسيع مستوى المشاركة العالمية، فقد مكنت بنظامها الجديد مشاركة أكثر من أربعين دولة في عشرين تصفية في قارات العالم المختلفة، يشرفها السفير السعودي لدى كل دولة تقام فيها التصفيات مقدما درع الفروسية السعودية للدولة الفائزة التي تجمع النقاط لتؤهلها إلى النهائي الكبير والذي يقام في شهر سبتمبر (أيلول) من كل عام في مدينة برشلونة الإسبانية، ويحظى الفائز بكأس فروسية العالم.
هذه آخر سنة ينتهي فيها الالتزام مع الاتحاد الدولي للفروسية لهذه البطولة، والتي توقف دعمها منذ سنتين بتوقف صندوق الفروسية، ولكن يبقي الأمل موجودا بدعم هذه الرياضة العريقة وإكمال المسيرة ليبقى اسم الوطن عاليًا مع أغلى بطولات الفروسية العالمية.
بعد مسيرة بناء تشرفت بأن أكون جزءا منها مع زملاء لهم الفضل بعد الله في تحمل مسؤولية الارتقاء بفرساننا وفروسيتنا إلى المكانة التي نستحقها إنسانًا ووطنًا، أتوجه إلى الوطن برؤيته الأمل على المستوى الحكومي والقطاع الخاص، داعيًا باسم محبي وعاشقي الفروسية ومتطلعًا لنقلة نوعية في مسيرة تحول الوطن ستوصلنا بإذن الله وتوفيقه إلى المكانة التي نحن أهلاً لها، وأن تكون رياضة الفروسية جزءًا يحمل رسالتنا في هذه المسيرة لتجد الدعم لإكمال وتطوير ما استثمر فيها طوال السنين الماضية



«خليجي 26»... السعودية والعراق وجهاً لوجه في المجموعة الثانية

الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
TT

«خليجي 26»... السعودية والعراق وجهاً لوجه في المجموعة الثانية

الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)

أسفرت قرعة بطولة كأس الخليج (خليجي 26) لكرة القدم التي أجريت السبت، وتستضيفها الكويت خلال الفترة من 21 ديسمبر (كانون الأول) 2024، وحتى 3 يناير (كانون الثاني) 2025، عن مجموعتين متوازنتين.

فقد ضمت الأولى منتخبات الكويت، وقطر، والإمارات وعمان، والثانية العراق والسعودية والبحرين واليمن.

ويتأهل بطل ووصيف كل مجموعة إلى الدور نصف النهائي.

وسُحبت مراسم القرعة في فندق «والدورف أستوريا» بحضور ممثلي المنتخبات المشارِكة في البطولة المقبلة.

وشهد الحفل الذي أقيم في العاصمة الكويت الكشف عن تعويذة البطولة «هيدو»، وهي عبارة عن جمل يرتدي قميص منتخب الكويت الأزرق، بحضور رئيس اتحاد كأس الخليج العربي للعبة القطري الشيخ حمد بن خليفة، إلى جانب مسؤولي الاتحاد وممثلين عن الاتحادات والمنتخبات المشاركة ونجوم حاليين وسابقين.

السعودية والعراق وقعا في المجموعة الثانية (الشرق الأوسط)

وجرى وضع الكويت على رأس المجموعة الأولى بصفتها المضيفة، والعراق على رأس الثانية بصفته حاملاً للقب النسخة السابقة التي أقيمت في البصرة، بينما تم توزيع المنتخبات الستة المتبقية على 3 مستويات، بحسب التصنيف الأخير الصادر عن الاتحاد الدولي (فيفا) في 24 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وتقام المباريات على استادي «جابر الأحمد الدولي» و«جابر مبارك الصباح»، على أن يبقى استاد علي صباح السالم بديلاً، ويترافق ذلك مع تخصيص 8 ملاعب للتدريبات.

وستكون البطولة المقبلة النسخة الرابعة التي تقام تحت مظلة اتحاد كأس الخليج العربي بعد الأولى (23) التي استضافتها الكويت أيضاً عام 2017. وشهدت النسخ الأخيرة من «العرس الخليجي» غياب منتخبات الصف الأول ومشاركة منتخبات رديفة أو أولمبية، بيد أن النسخة المقبلة مرشحة لتكون جدية أكثر في ظل حاجة 7 من أصل المنتخبات الثمانية، إلى الاستعداد لاستكمال التصفيات الآسيوية المؤهلة إلى كأس العالم 2026 المقررة في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك.

وباستثناء اليمن، فإن المنتخبات السبعة الأخرى تخوض غمار الدور الثالث الحاسم من التصفيات عينها، التي ستتوقف بعد الجولتين المقبلتين، على أن تعود في مارس (آذار) 2025.

ويحمل المنتخب الكويتي الرقم القياسي في عدد مرات التتويج باللقب الخليجي (10) آخرها في 2010.

الكويت المستضيفة والأكثر تتويجا باللقب جاءت في المجموعة الأولى (الشرق الأوسط)

ووجهت اللجنة المنظمة للبطولة الدعوة لعدد من المدربين الذين وضعوا بصمات لهم في مشوار البطولة مع منتخبات بلادهم، إذ حضر من السعودية ناصر الجوهر ومحمد الخراشي، والإماراتي مهدي علي، والعراقي الراحل عمو بابا، إذ حضر شقيقه بالنيابة.

ومن المقرر أن تقام مباريات البطولة على ملعبي استاد جابر الأحمد الدولي، الذي يتسع لنحو 60 ألف متفرج، وكذلك استاد الصليبيخات، وهو أحدث الملاعب في الكويت، ويتسع لـ15 ألف متفرج.

وتقرر أن يستضيف عدد من ملاعب الأندية مثل نادي القادسية والكويت تدريبات المنتخبات الـ8.