إيران «تخنق» العراقيين بقطع الكهرباء وسط صيف لاهب

مصدر عراقي لـ «الشرق الأوسط» : طهران تنتقم من بغداد وستغرقه بالديون

تزايد إقبال العراقيين في العاصمة بغداد على شراء المراوح بسبب الارتفاع الشديد في درجات الحرارة (أ.ف.ب)
تزايد إقبال العراقيين في العاصمة بغداد على شراء المراوح بسبب الارتفاع الشديد في درجات الحرارة (أ.ف.ب)
TT

إيران «تخنق» العراقيين بقطع الكهرباء وسط صيف لاهب

تزايد إقبال العراقيين في العاصمة بغداد على شراء المراوح بسبب الارتفاع الشديد في درجات الحرارة (أ.ف.ب)
تزايد إقبال العراقيين في العاصمة بغداد على شراء المراوح بسبب الارتفاع الشديد في درجات الحرارة (أ.ف.ب)

من دون سابق إنذار قطعت أمس إيران إمدادات الكهرباء إلى العراق والبالغة نحو 800 ميغاواط، فيما يعيش العراقيون وسط لهيب الصيف، إذ سجلت مدينة البصرة (500 كلم جنوبي العراق) ثالث أعلى رقم في العالم لدرجة الحرارة العالية هذا العام، التي بلغت نحو 48.2 درجة مئوية.
وجاء القرار الإيراني بقطع الكهرباء في قرار مفاجئ للخط الخاص بتغذية البصرة التي اعتادت كل مظاهرات الكهرباء في الصيف العراقي اللاهب تنطلق منها ومن بينها المظاهرات التي انطلقت في شهر يوليو (تموز) 2015 والمستمرة حتى اليوم والتي مثلت أكبر عملية إحراج للحكومة العراقية. وقال لـ«الشرق الأوسط» المتحدث الرسمي باسم وزير الكهرباء محمد فتحي إن الجانب الإيراني أعاد بشكل جزئ خطي عمارة - كرخة والمحمرة – بصرة، وذلك بعد أن قام الجانب العراقي بتسديد جزء من الديون عليه لإيران، وأضاف فتحي أن «الكمية التي أعيدت حتى الآن تبلغ 308 ميغاواط علما بأن الحمل يتصاعد مما يعني أن الأزمة الجديدة التي تولدت عن هذا القطع الذي تم دون سابق إنذار في طريقها إلى الحل»، مبينا أنه «كلما سددنا الديون المترتبة علينا يعيد الإيرانيون جزءا من الطاقة الكهربائية».
وحول كمية إنتاج العراق من الطاقة الكهربائية حاليا قال فتحي إن «مستوى الإنتاج يبلغ 12180 ميغاواط بينما حاجة العراق التي نستطيع من خلالها جعل منظومة الإنتاج والتوزيع مريحة تبلغ 13500 ميغاواط»، مشيرا إلى إنه «في حال أردا العراق أن يكون التجهيز لمدة 24 ساعة على مدار اليوم يحتاج إلى 16000 ميغاواط علما بأنه توجد محطات تحت الصيانة».
وردا على سؤال بشأن إمكانية استغناء العراق عن الخط الإيراني قال فتحي «إننا نستغني عن الخط الإيراني في حال وصل إنتاجنا إلى 15000 ميغاواط». يذكر أن وزارة الكهرباء أعلنت في بيان لها أول من أمس أن «عددا من محطات إنتاج الطاقة الكهربائية في البصرة توقفت عن العمل، بسبب قطع الخط الإيراني بفعل اشتغال منظومة الحماية الذاتية والناتج عن تردي مستوى التردد الحاصل بسبب قطع التجهيز من قبل الجانب الإيراني عن المنظومة الكهربائية بصورة مفاجئة ومن دون سابق إنذار».
وأضافت الوزارة أن «ذلك جاء لعدم تسديد المستحقات بسبب عدم توفر السيولة النقدية»، مشيرة إلى أنه «تم إدخال كوادر النقل والإنتاج في المحافظات الجنوبية بالاستنفار التام، وستتم معالجة الخلل وإعادة تشغيل وحدات الإنتاج خلال ثلاث ساعات». وكانت وسائل إعلام نقلت عن وزير الكهرباء قاسم الفهداوي، قوله إن «إيران لديها ديون على العراق تصل إلى 700 مليون دولار، وقد منحتهم الحكومة العراقية كفالة مالية عن الديون».
وجاءت هذه الخطوة من الجانب الإيراني رغم قيام وزارة الكهرباء العراقية قبل شهرين بسداد مبلغ يقدر بـ100 مليون دولار، من أصل ديون مستحقة لإيران تبلغ 700 مليون دولار. وكانت الحكومة العراقية منحت إيران كفالة مالية عن هذه الديون.
وشدد وزير الكهرباء العراقي على ضرورة تشغيل محطات التوليد بكامل طاقتها الإنتاجية في جميع محافظات العراق لتقليل تأثير إيقاف الخطوط الإيرانية على وضع منظومة الكهرباء الوطنية، كما ناشدت وزارة الكهرباء العراقية المواطنين ترشيد استهلاك الطاقة الكهربائية قدر المستطاع من أجل ضمان استمرارية تزويد المواطنين بساعات أكثر.
بينما أشار مصدر عراقي تحفظ على اسمه في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن طهران تخنق العراق في هذا الوقت ربما لأسباب جوهرية وانتقاميه، مضيفا أن رئيس الوزراء حيدر العبادي وافق خلال لقائه وكيل وزارة الكهرباء لشؤون الإنتاج علاء دشر، بمنح وزارة الكهرباء في إيران كفالة سيادية عن مبلغ الديون المترتبة بذمة وزارة الكهرباء العراقية لقاء شرائها للطاقة الكهربائية من الجانب الإيراني للفترة الماضية، والتي بلغت ما يقارب (700) مليون دولار، مشيرا إلى أن ذلك سيزيد من إغراق العراق في الديون الإيرانية.
ويتأرجح العراق من عام لآخر بين مرتبة الشريك التجاري الأول والثاني لإيران، مع استمراره في احتلال المرتبة الأولى مستوردًا للسلع غير النفطية، حيث يستورد 72 في المائة من مجموع السلع الإيرانية المحلية، وتستحوذ طهران من خلال صادراتها على 17.5 في المائة من السوق العراقية، وتطمح للوصول قريبًا إلى 25 في المائة، ومع الخسائر الاقتصادية التي يتكبدها العراقيون جراء توسع تنظيم داعش، تتطلع إلى الاستحواذ على حصص كبيرة من عقود البناء، خصوصا أن العراق يتلقى حاليًا نحو 70 في المائة من الخدمات الفنية والهندسية الإيرانية، إضافة إلى مشروع بناء 15 ألف وحدة سكنية تم توكيل إنشائها إلى مقاولين إيرانيين الذين يطمحون إلى التزام وتنفيذ جزء كبير من الوحدات السكنية التي تنوي بغداد بناءها في السنوات القادمة ويزيد عددها على مليوني وحدة. وتشارك إيران حاليا في 27 مشروعًا لتوليد الطاقة الكهربائية بقيمة مليار و245 مليون دولار، ويأمل وزير الطاقة الإيراني حميد شت شيان أن تستحوذ بلاده على نسبة تتراوح بين 5 إلى 10 في المائة في مشروعات تنموية في العراق تبلغ تكلفتها 275 مليار دولار حتى عام 2017.
وفي إيران، خلال الأیام الماضیة قالت وزارة الطاقة إن استهلاك الكهرباء كسر الرقم القياسي لأول مرة منذ دخول الكهرباء إلى البلد. وبحسب وزارة الطاقة الإيرانية فإن استيراد الكهرباء سيزداد بنسبة 7 في المائة، في المقابل يشهد تصدير الكهرباء بنسبة 36 في المائة. وفق الإحصائيات الإيرانية فإن ارتفاع درجة الحرارة أدى إلى ارتفاع مستوى نحو 52 ألف ميغاواط يوميا وهو ما يظهر زيادة ثمانية آلاف مقارنة بالعام الماضي. وتستهلك ثلث الكهرباء في الصيف من لأغراض التبريد. هذا الأسبوع، مسؤولين في وزارة الصحة الإيرانية حذروا من احتمال وفاة مدنيين في المدن الجنوبية إذا ما استمر انقطاع الكهرباء لساعات.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.