اجتماع «لندن 11» حقق نصف المهمة.. ولا دور للأسد في حكومة التوافق

كيري لا يرى تحسنا في موقف إيران.. والائتلاف لم يحسم المشاركة في «جنيف 2» * الجربا: سنجازف بمصداقيتنا إذا استسلمنا للضغوط

صورة تجمع وزراء خارجية الدول المشاركة في اجتماع لندن التحضيري لمؤتمر جنيف 2 (إ.ب.أ)
صورة تجمع وزراء خارجية الدول المشاركة في اجتماع لندن التحضيري لمؤتمر جنيف 2 (إ.ب.أ)
TT

اجتماع «لندن 11» حقق نصف المهمة.. ولا دور للأسد في حكومة التوافق

صورة تجمع وزراء خارجية الدول المشاركة في اجتماع لندن التحضيري لمؤتمر جنيف 2 (إ.ب.أ)
صورة تجمع وزراء خارجية الدول المشاركة في اجتماع لندن التحضيري لمؤتمر جنيف 2 (إ.ب.أ)

اتفقت الدول الـ11 التي تشكل مجموعة «لندن 11» الأساسية لمجموعة «أصدقاء الشعب السوري» أمس على ضرورة دعم الائتلاف السوري المعارض ضمن إطار آلية «جنيف 2»، وهو المؤتمر المرتقب عقده لبدء عملية سياسية للتفاوض بين النظام السوري والمعارضة لإنهاء الصراع الدامي في سوريا. وأصدرت المجموعة بيانا أمس أكد على أن الحل السياسي، من خلال التفاوض بين النظام السوري والمعارضة، هو السبيل الأمثل لإنهاء الصراع. وحضر رئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض أحمد الجربا ووفد من المعارضة الاجتماع في لندن أمس، حيث قدم الجربا مطالب من الائتلاف من أجل المشاركة في مؤتمر «جنيف 2».
ونجح مؤتمر لندن في إصدار بيان مشترك يؤكد اتحاد الدول الـ11 في التعامل مع الملف السوري من حيث دعم العملية السياسية، بالإضافة الى وضع ألية واضحة من خلال 18 بندا في البيان الختامي لدفع العملية السياسية لحل النزاع السوري، تشمل المطالبة بـ»اجراءات بناء ثقة» تشمل اطلاق معتقلين ورفع الحصار عن بعض المدن السورية وتأمين دخول الصحافيين الى سوراي.
ولكن الاجتماع لم يستطع النجاح في أخذ التزام من المعارضة السورية بالمشاركة في مؤتمر «جنيف 2». وأبلغ الجربا الحلفاء الغربيين والعرب أن الائتلاف لن يحضر محادثات السلام المقترحة في جنيف إلا إذا كان هدفها واضحا وهو رحيل الرئيس السوري بشار الأسد، على الرغم من أنه بات من الواضح أن رحيل الأسد ليس شرطا لبدء المفاوضات.
وكرر وزير الخارجية البريطاني ويليام هيغ موقف المجموعة الوزارية من أن «الحل الوحيد لوقف القتال من خلال حل سياسي»، مؤكدا أن المجموعة «اتفقت أن الأسد لن يكون له دور في حكومة انتقالية».
ولكن وزير الخارجية الأميركي جون كيري قال إن «موضوع الأسد سيترك إلى المفاوضين من النظام والمعارضة في حال بدأت المفاوضات». وردا على سؤال من «الشرق الأوسط» حول إصرار الأسد على المشاركة في الانتخابات السورية عام 2014، وإذا كان بإمكان الأسد البقاء في الرئاسة إذا نقل صلاحياته التنفيذية إلى حكومة انتقالية، قال كيري: «فيما يخص الأسد وبقاءه، هذا أمر على الأطراف التفاوض حوله، إنه ليس أمرا لنقرره نحن، الأمر الأساسي هو نقل السلطات التنفيذية كليا، وذلك يعني عدم اللعب وعدم جعل شخصا يتخذ القرارات من خلف الكواليس.. وأن يكون المشاركون في السلطة يعملون بطريقة شرعية لكل السوريين ولحمايتهم ولإرسال رسالة حول انتخابات عادلة وحرة وشفافة ومسؤولة، ويمكن للجميع أن يختار مستقبل سوريا، هذا هو المعيار الذي بموجبه على الأطراف اتخاذ القرار».
وفيما يخص الدور الإيراني في سوريا، رد كيري على سؤال آخر من «الشرق الأوسط» حول إذا كانت هناك بوادر إيجابية من إيران منذ اجتماعه بنظيره الإيراني محمد جواد ظريف في نيويورك الشهر الماضي، قائلا: «لم نر تغييرا ملموسا من إيران.. وهذا أمر سيكون مرحبا به ومهم جدا لتظهر طهران حسن نيتها لحل القضايا الإقليمية». ولكنه أردف قائلا: إن «سوريا لم تكن ضمن نقاشاته مع ظريف، وإنها اقتصرت فقط على المفاوضات النووية».
وردا على سؤال من أحد الصحافيين حول العلاقات الأميركية مع السعودية، لفت كيري إلى لقائه مع وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل في باريس أول من أمس ولقائه مجددا معه في لندن على هامش اجتماع سوريا، موضحا: «قضيت ساعات عدة لطيفة حقا وبناءة جدا جدا مع الأمير سعود الفيصل وناقشنا كل القضايا الإقليمية.. ونحن سنواصل المشاورات مع أصدقائنا السعوديين مثلما فعلنا في السابق». وأضاف: «تركنا اللقاء مع شعور قوي حول ما هو مهم بالنسبة لنا، وكيف سنواصل عملنا سويا لتحقيق أهدافنا المشتركة».
وكان اجتماع أمس، الذي شاركت فيه السعودية وقطر والإمارات ومصر والأردن والولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وتركيا بالإضافة إلى المملكة المتحدة التي ترأست الاجتماع، فرصة للدول المعنية بالملف السوري بتقديم رأي موحد للسوريين وللروس أيضا. وقال كيري: «لا أعلم أن هناك أي طرف، بما في ذلك روسيا ودول أخرى في المنطقة ليست جزءا من هذه المجموعة، تؤمن بأن هناك حلا عسكريا لهذا النزاع، من الواضح سيبقى الطرفان يقاتلان ويقاتلان ويقاتلان وفي النهاية أكبر الضحايا هم الشعب السوري الذي يعاني بشدة». وأضاف: «هذه الحرب لن تنته في ساحة المعركة.. بل ستنتهي من خلال حل تفاوضي». وتعمل مجموعة الدول الـ11 على ضمان مشاركة الائتلاف الوطني السوري بعد أن أكدت روسيا أنها ستضمن مشاركة الحكومة السورية. وقال كيري: «الروس قالوا إنه (أي الأسد) يقبل (جنيف 1)، وقال الروس إنهم سيضمنون مشاركة النظام وتفاوضه بحسن نية ونحن نقبل التصريحات الروسية ونتوقع أن يشاركوا بحسن نية».
ومن جانبه، أكد الجربا أن الائتلاف الوطني السوري لم يحسم موقفه من المشاركة في مؤتمر «جنيف 2»، موضحا أن مؤتمر الهيئة العامة للائتلاف المرتقب عقده في إسطنبول بداية الشهر المقبل سيقرر المشاركة. وشدد الجربا أنه في حال شاركت المعارضة فستكون ممثلة في وفد واحد يشمل معارضين آخرين، ولكن بقيادة الائتلاف وهذا ما اتفق عليه أيضا وزراء الخارجية المجتمعين في لندن. وقال الجربا في كلمة أمام اجتماع أصدقاء سوريا في لندن، إن «المعارضة السورية تجازف بفقدان مصداقيتها إذا استسلمت للضغوط الدولية بالذهاب إلى جنيف دون تحقيق هدف الثورة الرئيس وهو الإطاحة بالأسد، الذي وصفه بالسفاح». وأضاف الجربا في الكلمة التي ألقاها مرة ثانية في مؤتمر صحافي بمقر وزارة الخارجية البريطانية: «إذا صدقنا ما نسمعه من بعض الدول الكبرى ومشينا فإن الشعب لن يصدقنا.. لن يمشي معنا خطوة واحدة وسيصفنا (بأننا) خونة للثورة ولدماء الثوار». وأوضح الجربا في كلمته: «لا يمكن أن ينجح مؤتمر (جنيف 2)، لا يمكن أن نرضى أن نكون جزءا منه كي لا نكون لاعبين على مسرح الأسد الذي يريد أن يكسب الوقت لسفك مزيد من دماء شعبنا والعالم يقف بين متفرج ومشارك».
وقال وزير الخارجية البريطاني إنه «من الضروري توفير كل العناصر كي تشارك المعارضة السورية المدعومة من الغرب في المؤتمر».وقدم الجربا ووفد الائتلاف عددا من المطالب للوزراء المجتمعين في لندن، قائلا إنها «ستوفر الظروف» لإنجاح «جنيف 2»، من بينها المطالبة بفرض ممرات إنسانية لإيصال المساعدات الإنسانية للسوريين المحاصرين في عدد من المدن والبلدات، منها الغوطة الشرقية ومعضمية الشام. وأوضح الجربا في المؤتمر الصحافي أن هذه المطالب ليست «شروطا» للمشاركة بل ضرورية لإنجاح أي اتفاق سياسي، وتشمل أيضا المطالبة بدعم المعارضة بأسلحة توقف القوات الجوية التابعة للنظام السوري، قائلا ان الوزراء كانوا «ايجابيين» تجاه هذه القضايا.
وعلى الرغم من أنه لم يحدد بعد موعد عقد مؤتمر «جنيف 2»، بينما يواصل المبعوث الأممي - العربي المشترك الأخضر الإبراهيمي مشاوراته الإقليمية حول إنجاح المؤتمر، قال كيري، إنه «يعتقد أنه من الممكن أن يتم عقد المؤتمر هذا الشهر». وهناك ترقب بعقد المؤتمر يومي 23 و24 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل ولكن لم يعلن الموعد رسميا بعد، إذ هناك قضايا عدة لم تحسم بعد من بينها الوفود المشاركة في المؤتمر المزمع.

أبرز بنود البيان الختامي لـ«لندن 11»

لندن: «الشرق الأوسط»

نجحت الدول الإحدى عشرة الأساسية لدعم سوريا أمس في إصدار بيان يحدد موقف المجموعة في ثمانية عشر بندا. وفيما يلي أبرز ما جاء في البيان:
* مجموعة أصدقاء سوريا الأساسية «لندن 11» تعبر جماعيا عن الترحيب بقرار مجلس الأمن الصادر 27 سبتمبر (أيلول) لضرورة الانتقال السياسي في سوريا ودعم بيان جنيف الأول، وهدفها تأسيس آلية حكم انتقالية مؤقتة بناء على التراضي المتبادل تتمتع بالصلاحيات التنفيذية الكلية، بما فيها السلطة على الآليات الأمنية والعسكرية والاستخباراتية.
* الاتفاق على أنه بعد تأسيس آلية الحكم الانتقالي، لن يكون لـ(الرئيس السوري بشار) الأسد والمقربين منه الملطخة أيديهم بالدماء دور في سوريا، ويجب أن تكون هناك محاسبة للانتهاكات في النزاع الحالي.
* نرحب بالتقدم الذي حصل للإعداد لـ«جنيف 2» ونتعهد بالدعم الكامل للمبعوث الخاص المشترك (الأخضر الإبراهيمي).
* ندعو الائتلاف الوطني للالتزام بعملية «جنيف 2».. ونقر بالتحديات الجسيمة أمام المعارضة وسنصعد من جهودنا المشتركة لدعم الائتلاف الوطني والمجلس العسكري الأعلى للجيش السوري الحر.
* نرحب باتفاق مجلس الأمن على ضمان تخلص النظام السوري من الأسلحة الكيماوية، وجميع الأدلة تشير إلى إدانة النظام بهجوم 21 أغسطس (آب) الماضي، مما يزيد من ضرورة التطبيق الكلي لقرار مجلس الأمن 2118.
* يجب ألا تكون المفاوضات حول آلية الحكومة الانتقالية من دون نهاية، ويجب ألا تحتمل أي أساليب للتعطيل.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.