نتيجة أول عرض قدمته دار «بالنسياغا» كانت مثيرة للجدل، وأدت إلى انقسام يشبه انقسام الشعب البريطاني حول نتائج استفتاء الخروج من الاتحاد الأوروبي. فبينما رآه المتحمسون لديمنا فزاليا جديدا يعبر عن ثقافة جيل جديد، رآه البعض الآخر «مريضا»، إشارة إلى منظر العارضين الذين كانوا بنحافتهم أقرب إلى الأنوركسيا.
والحقيقة أنه منذ أن أعلنت «بالنسياغا»، في شهر أبريل (نيسان) الماضي، أنها ستقدم أول عرض أزياء رجالي في تاريخها بقيادة مصممها الجديد ديمنا فازاليا، والكل يترقب بلهفة ما سيقدمه هذا الشاب الجيورجي. فقد نجح إلى الآن في كتابة فصل مثير في تاريخ الموضة والدار على حد سواء، بلغة شبابية تتحدى المتعارف عليه. بالإضافة إلى هذا، فإن العرض لم يكن الأول من نوعه بالنسبة للدار التي أسسها الإسباني كريستوبال بالنسياغا منذ أكثر من 90 عاما فحسب، بل أيضًا أول عرض من نوعه لديمنا فازاليا. فحتى الآن، كانت الدار تكتفي بتقديم أزياء خاصة بالرجل في محلاتها من دون تهليل وإبهار، وكان ديمنا فازاليا يلعب دائما على الذكوري والأنثوي في خطه «فيتمون»، لكنها أول مرة يصمم فيها تشكيلة رجالية بالكامل، ويقدمها في عرض كبير، وحسب اعترافه فإنه «بعد هذه التجربة، عرفت ما كان ينقصني وينقص سيرتي الذاتية، فقد تعلمت الكثير».
الفريق المؤيد له يشهد بنجاح التجربة على أساس أنه بتحديد البدلات على الجسم، ومنحها أكتافا واضحة، منح الرجل قوة وسلطة من نوع جديد. من جهته، يقول الفريق المستنكر والرافض إن المصمم يخاطب شريحة من الزبائن لا وجود لها سوى في خياله، إلا إذا استثنينا العارضين ذوي المقاييس الصبيانية.
أما تبرير ديمنا، فإنه ركز على التفصيل، كتحية منه لأسلوب مؤسس الدار، كريستوبال بالنسياغا، الذي كان ماهرا في هذا المجال، فضلا عن عشقه اللعب على الأحجام والأشكال الهندسية. فالمعروف عن كريستوبال أنه كان من القلائل الذين لهم القدرة على تصميم الأزياء وتنفيذها من الألف إلى الياء. وبالنسبة لديمنا، كان هذا وحده يدعو للاستلهام منه، مؤكدا أنه «كان من الطبيعي أن أركز على التفصيل على الجسم». غلبت على التشكيلة سترات ومعاطف بأكتاف مبالغ فيها، لا شك أنه سيخفف منها في أرض الواقع، وعندما تصل إلى المحلات بعد بضعة أشهر. تحت هذه السترات والمعاطف، ظهرت قمصان معقودة حول الرقبة و«شورتات» تغطي الركبة لكنها ضيقة للغاية. ذكرت هذه الخطوط النحيفة، إلى حد ما، بعهد المصمم هادي سليمان في دار «ديور» منذ أكثر من عشر سنوات، عندما روج للنحافة واستقطب معجبين كبار من أمثال مصمم دار «شانيل» كارل لاغرفيلد، الذي صرح بأنه اتبع نظاما غذائيا قاسيا لكي يلبسها. وربما هذا هو الفرق بين ما قدمه هادي سليمان لـ«ديور أوم» ثم «سان لوران» فيما بعد، وبين ما قدمه ديمنا فازاليا لدار «بالنسياغا» أخيرا. فالأول كان يخاطب رجالا تتراوح أعمارهم ما بين الـ20 والـ50 وربما أكثر، بينما ديمنا يخاطب في العادة شريحة شابة في العشرينات وأقل، وهي شريحة تعودت على البنطلونات المنخفضة والسترات الواسعة والـ«تي - شيرتات» المنسدلة. هذا الانقسام حول فنية التصاميم، ستحدده المبيعات لأنه مهما انقسمت الآراء واختلفت، فإن الحكم عليها سابق لأوانه، وعلينا الانتظار إلى حين تُطرح في المحلات لنعرف مدى الإقبال عليها، وما إذا كان مصمم الدار نجح في تغيير ثقافة الشارع السائدة حاليا بين الشباب.
أول عرض رجالي لـ«بالنسياغا» يثير جدلاً كبيرًا
انقسمت الآراء حوله بين مؤيد ورافض
أول عرض رجالي لـ«بالنسياغا» يثير جدلاً كبيرًا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة