تفجير كفر سوسة: رسالة أمنية للنظام قد تؤسس لمرحلة جديدة من العمليات في العاصمة

تفجير كفر سوسة: رسالة أمنية للنظام قد تؤسس لمرحلة جديدة من العمليات في العاصمة
TT

تفجير كفر سوسة: رسالة أمنية للنظام قد تؤسس لمرحلة جديدة من العمليات في العاصمة

تفجير كفر سوسة: رسالة أمنية للنظام قد تؤسس لمرحلة جديدة من العمليات في العاصمة

في رسالة أمنية واضحة للنظام السوري اخترقت فصائل المعارضة العاصمة دمشق للمرة الأولى منذ نحو السنتين، وذلك عبر تفجير سيارة مفخخة استهدف «الحسينية الإيرانية» في حي كفر سوسة، أحد أبرز الأحياء المحصنة التي تضم مراكز أمنية في العاصمة دمشق.
وفي الوقت الذي تضاربت فيه المعلومات حول هوية القتلى والجرحى الذين سقطوا في التفجير، أعلن فصيل أطلق على نفسه اسم «عصائب دمشق للمهام الخاصة»، مسؤوليته عن تفجير سيارة مفخخة تم ركنها في مرأب المقر الأمني لما تسمى «المدرسة الإيرانية» في حي كفر سوسة، مؤكدًا مقتل العشرات من الجنود والعناصر الإيرانية وقيادات في الميليشيات الطائفية التي يقودها الحرس الثوري الإيراني، بينهم ضباط رفيعو المستوى، وفق ما أوضح الفصيل في بيانه الصادر في وقت متأخر من مساء الاثنين.
في المقابل، أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان سقوط 6 جرحى فقط لم يعرف ما إذا كان بينهم قياديون.
وأوضح القيادي في «الجيش الحر» رامي الدالاتي، أنّ «عصائب دمشق» فصيل استخباراتي تابع للجيش الحر، سبق له أن نفذ عمليات محدودة في العاصمة دمشق، إحداها استهدفت ضابطا في المخابرات الجوية قبل أشهر عدّة. وأشار في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى «أنّ هذه العملية النوعية التي استهدفت مركزا للخبراء الإيرانيين، كان في الأساس (حسينية) لتدريس الشريعة على المذهب الجعفري، قد تؤسس لمرحلة جديدة من العمليات في دمشق في المرحلة المقبلة». وأوضح أنّ «هذه الحسينية التي يديرها إيرانيون شيّدت عند تسلّم رئيس النظام بشار الأسد الحكم، بعدما كان والده رافضا للفكرة، وتحوّلت منذ بدء التدخل الإيراني في سوريا إلى مركز للخبراء الإيرانيين»، لافتا إلى أن «القيادي في (حزب الله) عماد مغنية كان قد اغتيل في المكان نفسه، كما أنها كانت مقر إقامته ومكتبه الأمني».
بدوره، قال مصدر في المعارضة السورية إن «التفجير في العاصمة دمشق رسالة واضحة للنظام، كما أن اختيار الهدف له دلالة.. إننا يمكننا الوصول إلى المكان والهدف الذي نريده، بغض النظر عما إذا كان وقع قتلى أم لم يقع». وكانت قوات النظام أغلقت جميع الطرق المؤدية لمكان وقوع الانفجار وسارعت سيارات الإسعاف لإجلاء المصابين، في حين أكدت وسائل الإعلام الموالية للنظام أن الإصابات اقتصرت على شخصين فقط.
ووقع الانفجار في حي كفر سوسة قرب ساحة الأمويين التي تربط وسط المدينة بعدد من الطرق السريعة. واستهدف الانفجار منطقة تضم أهم المنشآت والمراكز الأمنية الرئيسية في سوريا.
وتقع «المدرسة الإيرانية» المستهدفة بجانب أكثر المناطق تحصينًا في العاصمة السورية، وهي المربع الأمني، كما أنها تضم مجمعًا سكنيًا لكبار الضباط والمسؤولين.
وتقول المعارضة السورية إن الحي يسكنه عدد كبير من المجندين التابعين لجماعات مدعومة من إيران تقاتل في صفوف الجيش السوري.
ونشرت وسائل إعلام حكومية صورا لزجاج مهشم ولقطع معدنية من واجهة مبنى سكني، حيث وقع انفجار السيارة الملغومة، وتفجيرات السيارات الملغومة بوسط المدينة نادرة نسبيا.
ويوم الأحد الماضي كانت قد أعلنت وسائل إعلام رسمية أن قذائف «مورتر» سقطت على مطعم في الحي القديم بالعاصمة، مما أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 6 أشخاص فضلا عن إصابة العشرات. واستهدفت تفجيرات عدة العاصمة السورية دمشق، معقل النظام السوري، خلال السنوات الثلاث الأولى من النزاع، غير أنها في الفترة الأخيرة باتت نادرة.
وقتل 44 شخصا وأصيب 166 آخرون بجروح في نهاية ديسمبر (كانون الأول) 2011، في اعتداءين انتحاريين في الحي نفسه، بحسب وزارة الداخلية.
واستهدف هذان التفجيران مركزا للأمن العام ومبنى للأمن العسكري. وحملت المعارضة مسؤولية هذين التفجيرين للنظام، الذي اتهم بدوره تنظيم القاعدة. وفي شهر فبراير (شباط) 2015 وقع تفجير في منطقة الكلاسة وسط دمشق، واستهدف حافلة للركاب تحمل لوحة لبنانية، كانت تقلّ زوارًا إلى مقامات دينية، سقط نتيجتها 6 قتلى ونحو 22 جريحا.
وكالغموض الذي أحاط بتفجير العاصمة، بقيت الجهة التي أطلقت القذائف على إسرائيل مساء الاثنين الماضي مجهولة.
وأعلن الجيش الإسرائيلي في بيان له أن الطيران رد الاثنين على إطلاق قذيفة «هاون» مصدرها سوريا سقطت في هضبة الجولان المحتلة من دون أن تسفر عن ضحايا أو أضرار.
وقال سلاح الجو الإسرائيلي إنه «استهدف بنجاح مصدر القذيفة» بعدما أشار إلى «إطلاق قذيفة (هاون) جراء المعارك الداخلية في سوريا».
وأضاف أن القذيفة سقطت في منطقة غير مأهولة «قرب السياج الأمني في وسط هضبة الجولان من دون أن تسفر عن إصابات»، مؤكدا في بيانه أن «الحكومة السورية مسؤولة عن كل عمليات إطلاق النار من سوريا».
وفي سوريا، أشار جيش النظام إلى «إطلاق صاروخين من طائرتي استطلاع للعدو الصهيوني استهدفا أحد المباني السكنية في الحي العمالي بمدينة البعث، ما أدى إلى وقوع أضرار مادية» في هذه المدينة الواقعة بمنطقة القنيطرة بالجولان.



نجار فلسطيني في قطاع غزة يصنع صنادل خشبية لبناته مع احتدام الحرب

يستخدم صابر أدوات النجارة الأساسية لصنع الصنادل مقابل سعر رمزي (رويترز)
يستخدم صابر أدوات النجارة الأساسية لصنع الصنادل مقابل سعر رمزي (رويترز)
TT

نجار فلسطيني في قطاع غزة يصنع صنادل خشبية لبناته مع احتدام الحرب

يستخدم صابر أدوات النجارة الأساسية لصنع الصنادل مقابل سعر رمزي (رويترز)
يستخدم صابر أدوات النجارة الأساسية لصنع الصنادل مقابل سعر رمزي (رويترز)

فقدت الطفلة الفلسطينية هبة دواس (12 عاماً) حذاءها في الفوضى التي صاحبت فرارها مع أهلها من الهجوم العسكري الإسرائيلي في غزة.

لذلك؛ صنع لها والدها النجار صندلاً بنعال من الخشب (يشبه القبقاب) حتى تتمكن من السير بأمان وسط أطنان الأنقاض والرمال الساخنة وأسياخ المعادن الملتوية في القطاع الفلسطيني المحاصر.

وفي تقرير لـ«رويترز»، قالت هبة التي تعيش في مخيم مع عائلتها في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة وهي تمشي على الرمال الساخنة بحذائها الجديد: «كان عندنا صنادل بس كانت مقطعة كتير، ولما نزحنا صرنا نجري، وإحنا بنجري الصندل تقطع كتير، رميته وصرت أجري مع الناس إللي صاروا كانوا يجروا. ولحد لما نزلنا هانا رجلينا صارت حم (ساخنة) كتير ومع الشوب والأرض صارت ساخنة اضطرينا نشتري صنادل من الخشب».

وجاءت الفكرة إلى النجار صابر دواس (39 عاماً) بعد أن وجد أن أسعار الصنادل باهظة الثمن. والآن لم تعد ابنته مضطرة إلى السير حافية القدمين وسط أنقاض غزة.

وقال إنه كان عليه أن يصنع مقاساً لكل ابنة.

صابر دواس يصنع صندلاً بنعال من الخشب حتى تتمكن ابنته من السير بأمان وسط أطنان الأنقاض والرمال الساخنة وأسياخ المعادن الملتوية في غزة (رويترز)

طلب على الصنادل

بعد فترة وجيزة، لاحظ جيرانه قيامه بصنع صنادل خشبية فبدأوا يطلبون منه أن يصنع بعضاً منها لأطفالهم.

واستخدم صابر أدوات النجارة الأساسية لصنع هذه القطع مقابل سعر رمزي، على حد قوله.

ولهذه الصنادل نعال خشبية وأحزمة مصنوعة من شريط مطاطي أو قماش. لكن التحدي يتمثل في العثور على مزيد من الخشب لأن الفلسطينيين يحتاجون إليه في طبخ الطعام وإشعال النار.

وقال دواس وهو يكشط قاعدة صندل لتنعيمها بينما تراقبه إحدى بناته الصغيرات بجانبه: «كل اشي إحنا في غزة هنا بصعوبة لما نلاقيه».

وربما يخفف صنع صنادل خشبية من ضغوط الحرب، لكن الحياة لا تزال محفوفة بالتحديات في غزة، حيث أدى الهجوم الإسرائيلي على حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) إلى مقتل أكثر من 41 ألف فلسطيني، بحسب وزارة الصحة في غزة.

ويقول مسؤولون صحيون في غزة إن نحو مليوني شخص نزحوا، وفي كثير من الأحيان مراراً وتكراراً.

دواس أثناء العمل على قاعدة صندل (رويترز)

وبدأت حركة «حماس» الحرب في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) عندما باغت مقاتلوها جنوب إسرائيل بهجوم أسفر عن مقتل 1200 شخص وأسر أكثر من 250 آخرين، وفقاً للإحصاءات الإسرائيلية.

ومنذ ذلك الحين، تعاني غزة أزمة إنسانية؛ إذ يكافح الفلسطينيون من أجل العثور على الغذاء والماء والوقود في أثناء تنقلهم ذهاباً وإياباً في القطاع بحثا عن مكان آمن يؤويهم.

وفشلت الولايات المتحدة وقطر ومصر في التوصل إلى وقف لإطلاق النار بعد محاولات عدة.

وتم إغلاق معبر رفح الحدودي مع مصر؛ مما أدى إلى توقف تدفق المساعدات والسلع الأساسية ومنها الأحذية.

وقال مؤمن القرا، وهو إسكافي فلسطيني يعمل في إصلاح الأحذية القديمة في سوق صغيرة بخان يونس: «بالنسبة للأحذية إذا بيظل الوضع زي هيك أسبوعين، كتيرها شهر، حتمشي الناس حافية، لأنه الخيطان بتشح وبعد شوية حتنقطع والوجوه إللي بنفصل فيها بدأت تشح برضه كمان».

وأضاف: «المعبر مسكر (مغلق)، وأغلبية الناس في الوقت هذا إللي إحنا فيه بتمشي فردة شكل وفردة شكل، وإذا ظل الوضع هيك كمان أسبوعين شهر بالكتير ومفتحش المعبر الناس حتمشي حافية وإحنا حنقعد برضه كذلك الأمر يعني لأنه الحين الوضع صعب جداً».