الكويت على صفيح ساخن.. ولجنة دولية تسعى إلى تسجيل رقم قياسي لدرجات حرارتها

الكويتيون حولوا كآبة الطقس إلى ميدان للتندر والفكاهة والنكتة

الكويت على صفيح ساخن.. ولجنة دولية تسعى إلى تسجيل رقم قياسي لدرجات حرارتها
TT

الكويت على صفيح ساخن.. ولجنة دولية تسعى إلى تسجيل رقم قياسي لدرجات حرارتها

الكويت على صفيح ساخن.. ولجنة دولية تسعى إلى تسجيل رقم قياسي لدرجات حرارتها

الكويت تشتعل ويصطلي سكانها على صفيح ساخن، حيث سجلت البلاد رقما قياسيا نهاية الأسبوع الماضي، ورقما مماثلا بداية الأسبوع، وظلت الحرارة تحافظ على مستوى «نصف درجة الغليان»، ومعها نسبة عالية من الرطوبة، مما فرض حظرا اختياريا للتجول.
لكنَّ الكويتيين المولعين بإنتاج الطرفة والدعابة، حولوا كآبة الطقس إلى ميدان للتندر والفكاهة والنكتة، وشهدت وسائل التواصل الاجتماعي عشرات «البرودكاستات» التي تسخر من حرارة الطقس، ويقوم كويتيون أو مقيمون بتصوير مقاطع فيديو تظهر تندرهم من الارتفاع الكبير لدرجات الحرارة، بينها قيام عمال آسيويين بقلي البيض في إناء على أشعة الشمس، أو وضع مكعبات الثلج تحت «دش» السباحة توقيا لتدفق الماء الحار من حنفية الحمام. كما يظهر عمال متجمعون حول مكعب كبير من الثلج يلتمسون شيئا من البرد. في حين حفلت التعليقات الساخرة بعشرات النكت أبرزها توجيه عبارات الحسد لآلاف المواطنين الذين غادروا البلاد لقضاء إجازة الصيف في الخارج.
وأعلنت المنظمة الدولية للأرصاد الجوية أنها ستشكل لجنة للنظر في تسجيل رقم قياسي جديد لدرجات الحرارة في النصف الشرقي من الكرة الأرضية وآسيا، بوصول حرارة الجو في الكويت إلى 54 درجة مئوية في 21 يوليو (تموز) الحالي.
وأجبرت موجة الحر غير المسبوق السكان على لزوم بيوتهم، أو اللجوء إلى المجمعات التجارية المغلقة «مولات»، على الصعيد الرسمي، اقترح نواب في مجلس الأمة الكويتي تمديد العطلة الرسمية إلى ثلاثة أيام في الأسبوع لتشمل الوزارات والجهات الحكومية، بسبب ارتفاع درجة الحرارة. وقال نائب في البرلمان إن أربعة أيام من العمل الجاد، كافية لإنجاز معاملات المراجعين، إضافة إلى فوائد العطلة التي ستخفض من حرارة الجو، بانقطاع المركبات عن ارتياد الطرق أيام العطلة، الأمر الذي من شأنه رفع درجة الحرارة، لما تبثه المحركات من سخونة والعوادم من غازات، عدا عن كونه سيجعل من الكويت قبلة لسياحة مواطنيها، وسيقلل من السفر إلى الخارج.
وتدرس المنظمة الدولية للأرصاد الجوية تشكيل لجنة للنظر في تسجيل رقم قياسي جديد لدرجات الحرارة بعد وصول حرارة الجو في الكويت إلى 54 درجة مئوية يوم الثلاثاء الماضي. وقال عمر بدور، أحد العلماء العاملين بالمنظمة، لإذاعة الأمم المتحدة إن «هناك لجنة مختصة عالمية تحت إشراف منظمة الأرصاد الجوية العالمية ستقوم بتقييم هذه المستويات القياسية التي قد تكون الأعلى على الصعيد الإقليمي أو على صعيد قسم كبير من العالم. هناك احتمال أن تكون 54 درجة مئوية هي تحطيم لرقم قياسي في المناطق الموجودة شرق خط غرينيتش أي نصف الكرة الشرقي».
وتقوم منظمة الأرصاد الجوية بتسجيل الأحوال المتطرفة للطقس، مثل درجات الحرارة، وهطول الأمطار، والرياح. ووفقا لهذا السجل، فقد تم تسجيل أعلى درجة حرارة في (وادي الموت) بولاية كاليفورنيا الأميركية في العاشر من يوليو عام 1913 عندما وصلت حرارة الجو إلى 56.7 درجة مئوية.
وسيشارك في اللجنة التي ستشكلها المنظمة للنظر في درجة الحرارة المسجلة في الكويت، خبراء في الأرصاد والمناخ سيقومون بفحص أمور منها الأدوات المستخدمة في تسجيل الحرارة والمناخ المحلي.
وقال عمر بدور إن أجزاء كبيرة من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا قد تعرضت لموجات حارة منذ الأسبوع الماضي مضيفا: «فيما يتعلق بالموجة الحارة في عدة مناطق في شمال أفريقيا وبلدان الخليج العربية، فقد تم تسجيل قياسات كبيرة جدا، مثلا في العراق تم تسجيل درجة حرارة تبلغ 53. وفي الكويت تم تسجيل 54 درجة مئوية. هذه الحرارة التي تعدت المقاييس المتوسطة في شهر يوليو قد تؤشر إلى قياسات على الصعيد العالمي أو شبه العالمي».
وقد أصدرت حكومات الدول التي شهدت موجات الطقس الحار، تحذيرات صحية للسكان، واتخذت تدابير لتقليل آثار الحرارة العالية عليهم.
وتقول منظمة الأرصاد الجوية إن اللاجئين في منطقة الشرق الأوسط كانوا الأكثر تضررا من ارتفاع درجة الحرارة؛ بسبب ظروفهم المعيشية الصعبة.
وبلغت درجة الحرارة العظمى في منطقة مطربة بالكويت يوم الخميس الماضي 54 درجة مئوية، مما يجعل تلك أعلى درجة حرارة تم تسجيلها من قبل في نصف الكرة الشرقي.
وقال عيسى رمضان، خبير التنبؤات الجوية في مكتب المدير العام للإدارة العامة للطيران المدني في الكويت، إن الكويت سجلت أرقاما قياسية في درجة الحرارة وصلت إلى 54 درجة مئوية. وأضاف في تصريح صحافي: «تأثر شمال غربي الجزيرة العربية من الكويت والمملكة العربية السعودية وجنوب العراق، إضافة إلى غرب الأحواز في إيران بموجة حرارة غير طبيعية، حيث ارتفعت الحرارة في الكويت وجنوب العراق، وخاصة في بعض المناطق البرية بدرجات حرارة تجاوزت 50 درجة مئوية، وسجلت في منطقة مطربة الصحراوية 54 درجة مئوية، كما تم تسجيل 53 درجة، وهي درجات قياسية لم يسبق أن سجلتها الكويت في سجلاتها المناخية حتى الآن»، ويشير بذلك إلى يومي الخميس والجمعة الماضيين.
وبشأن الأسباب يوضح رمضان، قائلاً: «تأثرت الكتل الهوائية في الغلاف الجوي بعد (ظاهرة الألنينو) لعام 2015 – 2016»، مشيرا إلى أن ظاهرة الألنينو سبق وأن أثرت على المنطقة بشكل كبير بعد أمطار عام 1997، حيث سجلت في صيف 1998 أعلى درجة حرارة في مطار الكويت الدولي وكانت 51.3 درجة».
ونظرا لوقوع الكويت في الإقليم الجغرافي الصحراوي، فإن مناخها من النوع القاري الذي يتميز بصيف طويل حار جاف، كما تهب رياح مثيرة للغبار خلال أشهر الصيف، وترتفع نسبة الرطوبة، وقد تصل درجة الحرارة أحيانا إلى 50 مئوية في الظل، وغالبا ما تهب العواصف الغبارية في فصل الصيف، ومتوسط درجة الحرارة خلال فصل الذي يبدأ في 21 مايو (أيار)، وينتهي في 4 نوفمبر (تشرين الثاني) هي 45 درجة مئوية.
ويوم أمس أعلنت إدارة الأرصاد الجوية التابعة للإدارة العامة للطيران المدني، أن أعلى درجة حرارة سجلتها الكويت ليوم أمس كانت 44 درجة، وأقلها 30 درجة، وتوقعت أن تشهد البلاد مناخا شديد الحرارة ورطبا نسبيا، في حين تصل درجة الحرارة هذا اليوم (الأربعاء) إلى العظمى 47 درجة، والصغرى 30 درجة.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».