سلّم عدد من المطلوبين للعدالة المقيمين في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين، أنفسهم إلى الجيش اللبناني، وكان آخرهم محمد عبد الرحمن شمندور شقيق الفنان المعتزل فضل شاكر، الذي حضر طوعًا إلى حاجز التعمير عند مدخل مخيم عين الحلوة، وتسلمته دورية من مخابرات الجيش اللبناني، وسبقه إلى ذلك عنصران آخران هما محمود القاروط وبهاء البرتاوي، وجميعهم ملاحقون مع إمام مسجد «بلال بن رباح» الشيخ أحمد الأسير في أحداث عبرا، التي وقعت بين الجيش اللبناني ومسلحي الأسير في 23 (يونيو) حزيران 2013، وأدت إلى سقوط عشرات القتلى والجرحى من الطرفين ومن المدنيين.
وفي وقت وضع فيه مراقبون هذه الخطوة في إطار تسوية كبيرة يُعمل عليها، لإقفال ملف عبرا، أكد المحامي محمد صبلوح، وكيل الدفاع عن الأسير، أن «لا مؤشرات عن تسوية في هذا الملف، بدليل أن فريق الدفاع عن الأسير علّق حضور جلسات المحاكمة إلى حين تلبية طلباته الأساسية، ومنها نقله من سجن الريحانية والسماح للجنة طبية بمعاينته وتقديم العلاج الذي يوقف انتقاص وزنه وتراجع وضعه الصحي».
وسأل صبلوح، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «عن أي تسوية يتحدثون، ومعاملة موكلي الشيخ أحمد الأسير على حالها؟». وقال: «حتى الآن يرفض المسؤولون نقل موكلنا من سجن الريجانية، أو أقلّه تحسين ظروف توقيفه، ووقف تدهوره الصحي». وأوضح أنه «في حال كانت هناك تسوية، فهي بالتأكيد ستكون مع فضل شاكر والأشخاص المحسوبين عليه، وليس مع الشيخ أحمد الأسير»، كاشفًا أن «جهات مسؤولة سربت معلومات عن تسوية محتملة لملف الفنان فضل شاكر، وهذا ما ورد في إفادات بعض الموقوفين الذين تحدثوا عن لقاءات جمعت الأخير بمسؤولين أمنيين بهدف تسوية وضعه ووضع جماعته، وهو ما أكده الشيخ أحمد الأسير لدى استيضاحه في إحدى جلسات المحاكمة».
وكان جهاز الأمن العام اللبناني ألقى القبض على الشيخ أحمد الأسير في 15 أغسطس (آب) الماضي في مطار بيروت، أثناء محاولته الفرار بجواز سفر مزور. ثم أصدر القضاء العسكري مذكرة توقيف بحق الأسير بسبب تورطه في حوادث أمنية، أدت إلى مقتل 19 عسكريًا.
مصدر أمني، وضع خطوة استسلام المطلوبين، في سياق «تخفيف العبء الأمني عن مخيم عين الحلوة». وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «ترتيب تسليم المطلوبين أنفسهم للدولة اللبنانية، تجري باتفاق بينهم وبين والفصائل الفلسطينية المسؤولة عن أمن المخيم، التي لم يعد بإمكانها تحمّل عبء حمايتهم، خصوصًا بعد عمليات الاغتيال التي يشهدها المخيم، ومطالبة السكان المدنيين واللجان الشعبية دخول الجيش اللبناني إلى المخيم واجتثاث الخارجين عن القانون وحفظ أمنهم».
وشدد المصدر الأمني على أن «لا تسويات على حساب دماء شهداء الجيش والأبرياء، الذين سقطوا في عبرا أو غيرها»، مشيرًا إلى أن «كل الذين يسلمون أنفسهم سيخضعون للمحاكمة العادلة، وبالتالي يبقى القضاء هو السقف الذي له حق الفصل بأي قضية». وعمّا إذا كان خضوع عبد الرحمن شمندور للعدالة، مقدمة لتسليم شقيقه فضل شاكر نفسه، أوضح المصدر امتلاكه معلومات بهذا الشأن، لكنه قال: «لا خيار أمام أي مطلوب سوى تسليم نفسه للعدالة، وبإمكانه أن يدافع عن نفسه أمام المحكمة ويقدم الأدلة على براءته».
واستبق شمندور الملقب بـ«أبو العبد»، وكان يتحصّن داخل حي الطوارئ في مخيم عين الحلوة، عملية تسليم نفسه، بنشره بيانًا على مواقع التواصل الاجتماعي، يؤكد فيه نيته تسليم نفسه إلى مخابرات الجيش اللبناني. وكتب فيه: «عندما دخلت إلى منطقة التعمير (الجواني) المحاذي للمخيم منذ 4 سنوات، اجتمعت معي لجان القواطع وكانوا قلقين على وضع المخيم إثر موضوع عبرا، فقلت لهم أبشروا أنا لن أقوم بأي عمل أمني أو سياسي أو عسكري لا داخل المخيم ولا خارجه، خصوصا أنه ليس لي انتماء إلى أحد لا إسلاميين ولا علمانيين، أنا في المخيم ضيف، ومنذ ذلك الحين عند عهدي». أضاف: «الكل يعلم وضع المخيم وأهله الذين يعيشون حالة يرثى لها، فقررت تسليم نفسي إلى مخابرات الجيش في منطقة صيدا رحمة بأهلي في هذا المخيم الذين يعانون الأمرين».
مطلوبون في «أحداث عبرا» يسلمون أنفسهم للجيش اللبناني بينهم شقيق فضل شاكر
مصدر أمني: لا تسويات على دماء الشهداء.. والعدالة معيار أي قضية
مطلوبون في «أحداث عبرا» يسلمون أنفسهم للجيش اللبناني بينهم شقيق فضل شاكر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة