قيادات موالية للانقلابيين تتقاتل على «توزيع الغنائم»

سقوط كتائب للميليشيات في قبضة الجيش الوطني

آلية توزيع أموال الجباية التي تفرضها القيادات الموالية للانقلاب أدت إلى خسائر في مختلف الجبهات لصالح قوات الشرعية (رويترز)
آلية توزيع أموال الجباية التي تفرضها القيادات الموالية للانقلاب أدت إلى خسائر في مختلف الجبهات لصالح قوات الشرعية (رويترز)
TT

قيادات موالية للانقلابيين تتقاتل على «توزيع الغنائم»

آلية توزيع أموال الجباية التي تفرضها القيادات الموالية للانقلاب أدت إلى خسائر في مختلف الجبهات لصالح قوات الشرعية (رويترز)
آلية توزيع أموال الجباية التي تفرضها القيادات الموالية للانقلاب أدت إلى خسائر في مختلف الجبهات لصالح قوات الشرعية (رويترز)

كشف مصدر يمني رفيع أن خلافات كبيرة نشبت بين قيادات ما يعرف بالحوثيين، والحرس الجمهوري، في عدد من المواقع، وأن القيادة المركزية للانقلابيين في العاصمة اليمنية صنعاء لم تستطع التعامل مع هذه الخلافات، التي بدأت تتسع رقعتها بشكل كبير، موضحا أن الجيش يتعامل مع هذه الانشقاقات في صفوف الانقلابيين بكثير من الحذر.
وأكد المصدر أن تضييق الخناق على الميليشيا في الجبهات الداخلية والخارجية، وقطع طرق إمداد السلاح، إضافة إلى نقص السيولة النقدية، والتي على إثرها دفعت الحوثيين لفرض الجباية على المواطنين ورجال الأعمال في العاصمة اليمنية صنعاء، وتغيير سعر صرف العملة في مؤسسات الصرافة، أوجد فجوة بين هذه القيادات، بحسب المصدر العسكري، الذي أكد أن التحريات والتحقيقات كشفت عن الأسباب لنشوب هذا الخلاف تعود إلى توزيع حصص الغنائم في المدن التي يسيطرون عليها وآلية تجميع الجباية من المدنيين.
وأشار المصدر، إلى أن الخلافات العميقة بين القيادات الانقلابية، انعكست على الأفراد الموالين لهم في الميدان، إذ سقط عدد من الكتائب المسلحة التابعة لميليشيا الحوثيين والرئيس المخلوع علي عبد الله صالح في جبهات متعددة خلال الفترة الماضية، والتي سلمت نفسها طوعا، وهذه الأعداد ترقى إلى أن تصل إلى لواء عسكري كامل العتاد، في حين فضلت أعداد كبيرة من مقاتلي الميليشيا الفرار من جبهات «نهم وبيحان» باتجاه المدن والقرى القريبة منها، تاركين أسلحتهم وأمتعتهم في مواقع القتال.
وباشرت الأجهزة المعنية في الحكومة الشرعية باقي المهام المناط إليها والمتمثلة في فرز الجنود من القيادات، وعزلهم في مناطق آمنة لضمان سلامتهم، ومن ثم التحقيق معهم للكشف عن الاستراتيجية التي تتبعها الميليشيا في مواقع سقوط هذه الكتائب للتعامل معها وفق الضوابط العسكرية للجيش.
ويرى مختصون في الشأن العسكري أن الخلاف بين القيادات العسكرية، من عوامل سقوط هذه الأعداد، وفرار قيادات من ساحة المعركة، كما أنها مؤشر على ضعف هذه الميليشيا التي تعتمد على جنود غير رسميين جلبوا لخوض معارك مقابل مبالغ مالية، وهذا ما يدفع الكثير منهم وقت اشتداد المعارك إلى الفرار، وفي حالات تضييق الخناق من الجيش يفضلون تسليم أنفسهم، على أن يقتل مقابل المال الذي سينقطع بمجرد موته، وهو مغاير للجندي في الجيش الذي يلتزم بالضوابط والقوانين والعقيدة القتالية.
وهنا قال اللواء ركن دكتور، ناصر الطاهري، نائب رئيس هيئة الأركان في القوات المسلحة اليمنية، إنه وخلال المعارك الماضية اتضح مدى ضعف القدرة العسكرية القتالية لدى الانقلابيين، والذي كان واضحا وجليا من فرار عشرات المجاميع والكتائب العسكرية من المواجهات المباشرة، والتي كانت وفقا لتحريات الجيش الوطني مدعومة بتعزيزات عسكرية إلا أنها سقطت وبشكل سريع.
وأشار اللواء الطاهري إلى أن سقوط الأعداد الكبيرة من الأفراد، وبشكل ملحوظ في الأيام القليلة الماضية يشير إلى وجود فجوة كبيرة بين ما يقوم به هؤلاء الأفراد وقياداتهم، الأمر الذي جعلهم عرضه للسقوط أسرى في قبضة الجيش، أو قتلى في المعارك، موضحا أن الإجراءات التي يتبعها الجيش في مثل هذه الحالات التحقيق المباشر مع الأسرى للتعرف على مدى التورط في هذه الأعمال ورُتب هؤلاء الأشخاص.
وحول سقوط قيادات عسكرية موالية للانقلابيين، قال اللواء الطاهري، إنه وخلال الفترة الماضية سجلت المواجهات المباشرة مع الحوثيين وحليفهم الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، سقوط أعداد كبيرة من القيادات الميدانية، ويقوم الجيش بعد التعرف على هوياتهم بالتحقيق معهم لمعرفة بعض المعلومات العسكرية التي تساعد الجيش في مراحل متقدمة.



الحوثيون يعلنون اقتصار هجماتهم البحرية على السفن المرتبطة بإسرائيل

جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يعلنون اقتصار هجماتهم البحرية على السفن المرتبطة بإسرائيل

جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)
جدارية في صنعاء وضعها الحوثيون لتبرير هجماتهم في البحر الأحمر بأنها ضد إسرائيل (إ.ب.أ)

أعلنت الجماعة الحوثية في اليمن أنها ستكتفي، فقط، باستهداف السفن التابعة لإسرائيل خلال مرورها في البحر الأحمر، بعد بدء سريان وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بحسب رسالة بالبريد الإلكتروني أرسلتها الجماعة، الأحد، إلى شركات الشحن وجهات أخرى.

ونقل ما يسمى بـ«مركز تنسيق العمليات الإنسانية»، التابع للجماعة الحوثية، أن الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر، ستقتصر، فقط، على السفن المرتبطة بإسرائيل بعد دخول وقف إطلاق النار في قطاع غزة حيز التنفيذ.

وأضاف المركز، الذي كلفته الجماعة بالعمل حلقةَ وصل بينها وشركات الشحن التجاري، أنها توعدت الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل باستئناف الضربات على السفن التابعة لها في حال استمرار هذه الدول في هجماتها الجوية على المواقع التابعة لها والمناطق الخاضعة لسيطرتها.

وسبق للجماعة الحوثية تحذير الدول التي لديها وجود عسكري في البحر الأحمر من أي هجوم عليها خلال فترة وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وتوعدت في بيان عسكري، أنها ستواجه أي هجوم على مواقعها خلال فترة وقف إطلاق النار في غزة، بعمليات عسكرية نوعية «بلا سقف أو خطوط حمراء».

لقطة أرشيفية لحاملة الطائرات الأميركية هاري ترومان التي أعلن الحوثيون استهدافها 8 مرات (رويترز)

كما أعلنت الجماعة، الأحد، على لسان القيادي يحيى سريع، المتحدث العسكري باسمها، استهداف حاملة الطائرات أميركية هاري ترومان شمال البحر الأحمر بمسيرات وصواريخ لثامن مرة منذ قدومها إلى البحر الأحمر، بحسب سريع.

وسبق لسريع الإعلان عن تنفيذ هجوم على هدفين حيويين في مدينة إيلات جنوب إسرائيل، السبت الماضي، باستخدام صاروخين، بعد إعلان سابق باستهداف وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي، في حين اعترف الجيش الإسرائيلي باعتراض صاروخين أُطْلِقا من اليمن.

موقف جديد منتظر

وفي وقت مبكر من صباح الأحد كشفت وسائل إعلام تابعة للجماعة الحوثية عن استقبال 4 غارات أميركية، في أول ساعات سريان «هدنة غزة» بين إسرائيل، و«حركة حماس».

ويتوقع أن تكون الضربات الأميركية إشارة إلى أن الولايات المتحدة ستواصل تنفيذ عملياتها العسكرية ضد الجماعة الحوثية في سياق منعزل عن التطورات في غزة واتفاق الهدنة المعلن، بخلاف المساعي الحوثية لربط العمليات والمواجهات العسكرية في البحر الأحمر بما يجري في القطاع المحاصر.

ومن المنتظر أن تصدر الجماعة، الاثنين، بياناً عسكرياً، كما ورد على لسان سريع، وفي وسائل إعلام حوثية، بشأن قرارها اقتصار هجماتها على السفن التابعة لإسرائيل، والرد على الهجمات الأميركية البريطانية.

كما سيلقي زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي خطاباً متلفزاً، بمناسبة بدء اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وزعم سريع، السبت الماضي، وجود رغبة لدى الجماعة لوقف هجماتها على إسرائيل بمجرد دخول وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ، وإيقاف الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر؛ إذا توقفت الولايات المتحدة وبريطانيا عن مهاجمة أهداف في اليمن.

كما أكّد زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الأسبوع الماضي، أن الهجمات على إسرائيل ستعود في حال عدم احترام اتفاق وقف إطلاق النار.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) من العام قبل الماضي تستهدف الجماعة الحوثية سفناً في البحر الأحمر بزعم تبعيتها لإسرائيل، حيث بدأت باحتجاز السفينة جالكسي ليدر التي ترفع علم جزر الباهاما في المياه الدولية، والتي لا تزال، وأفراد طاقمها البالغ عددهم 25 فرداً، قيد الاحتجاز لدى الجماعة.

السفينة «غالاكسي ليدر» التي تحتجزها الجماعة الحوثية منذ 14 شهراً (رويترز)

وأتبعت الجماعة ذلك بتوسع عملياتها لتشمل السفن البريطانية والأميركية، بصواريخ باليستية وطائرات مسيَّرة في المياه القريبة من شواطئ اليمن بزعم دعم ومساند سكان قطاع غزة ضد الحرب الإسرائيلية.

وتسببت تلك الهجمات في تعطيل جزء كبير من حركة التجارة الدولية، وأجبرت شركات الشحن والملاحة على تغيير مسار السفن التابعة لها، واتخاذ مسار أطول حول جنوب قارة أفريقيا بدلاً من عبور قناة السويس.

وأدى كل ذلك إلى ارتفاع أسعار التأمين وتكاليف الشحن وزيادة مدد وصولها، وبث مخاوف من موجة تضخم عالمية جديدة.

لجوء إلى التخفي

ويلجأ قادة الجماعة إلى الانتقال من مقرات إقامتهم إلى مساكن جديدة، واستخدام وسائل تواصل بدائية بعد الاستغناء عن الهواتف المحمولة والأجهزة الإلكترونية، رغم أنهم يحيطون أنفسهم، عادة، باحتياطات أمنية وإجراءات سرية كبيرة، حيث يجهل سكان مناطق سيطرتهم أين تقع منازل كبار القادة الحوثيين، ولا يعلمون شيئاً عن تحركاتهم.

أضرار بالقرب من تل أبيب نتيجة اعتراض صاروخ حوثي (غيتي)

وشهدت الفترة التي أعقبت انهيار نظام الأسد في دمشق زيادة ملحوظة في نقل أسلحة الجماعة إلى مواقع جديدة، وتكثيف عميات التجنيد واستحداث المواقع العسكرية، خصوصاً في محافظة الحديدة على البحر الأحمر.

كما كشفت مصادر لـ«الشرق الأوسط»، خلال الأيام الماضية أن الاتصالات بقيادة الصف الأول للجماعة المدعومة من إيران لم تعد ممكنة منذ مطلع الشهر الحالي على الأقل، نتيجة اختفائهم وإغلاق هواتفهم على أثر التهديدات الإسرائيلية.

وأنشأت الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا في ديسمبر (كانون الأول) من العام نفسه، تحالفاً عسكرياً تحت مسمى تحالف الازدهار، لمواجهة الهجمات الحوثية وحماية الملاحة الدولية، وفي يناير (كانون الثاني) الماضي بدأ التحالف هجماته على المواقع العسكرية للجماعة والمنشآت المستخدمة لإعداد وإطلاق الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة.

وأطلق الاتحاد الأوروبي، في فبراير (شباط) الماضي، قوة بحرية جديدة تحت مسمى «خطة أسبيدس»، لحماية الملاحة البحرية في البحر الأحمر، وحدد مهامها بالعمل على طول خطوط الاتصال البحرية الرئيسية في مضيق باب المندب ومضيق هرمز، وكذلك المياه الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن وبحر العرب وخليج عمان والخليج، على أن يكون المقر في لاريسا اليونانية.

احتفالات حوثية في العاصمة صنعاء بوقف إطلاق النار في غزة (إعلام حوثي)

وتزامنت هجمات الجماعة الحوثية على السفن التجارية في البحر الأحمر مع هجمات بطائرات مسيرة وصواريخ باليستية على مدن ومواقع إسرائيلية، ما دفع سلاح الجو الإسرائيلي للرد بضربات جوية متقطعة، 5 مرات، استهدف خلالها منشآت حيوية تحت سيطرة الجماعة.

وشملت الضربات الإسرائيلية ميناء الحديدة وخزانات وقود ومحطات كهرباء في العاصمة صنعاء.

ونظمت الجماعة الحوثية في العاصمة صنعاء، الأحد، عدداً من الاحتفالات بمناسبة وقف إطلاق النار في قطاع غزة، رفعت خلالها شعارات ادعت فيها أن عملياتها العسكرية في البحر الأحمر وهجماتها الصاروخية على الدولة العبرية، أسهمت في إجبارها على القبول بالهدنة والانسحاب من القطاع.

وتأتي هذه الاحتفالات مترافقة مع مخاوف قادة الجماعة من استهدافهم بعمليات اغتيال كما جرى مع قادة «حزب الله» اللبناني خلال العام الماضي، بعد تهديدات إسرائيلية باستهدافهم، وسط توقعات بإصابة قادة عسكريين كبار خلال الضربات الأميركية الأخيرة في صنعاء.