وثائق ويكيليكس تكشف عن شكاوى لـ«العدالة والتنمية» حول منتسبي حركة غولن

تطلع على أغلبها رغم الحظر المفروض في تركيا

صورة ضوئية لبعض الوثائق المسربة على موقع ويكيليكس («الشرق الأوسط»)
صورة ضوئية لبعض الوثائق المسربة على موقع ويكيليكس («الشرق الأوسط»)
TT

وثائق ويكيليكس تكشف عن شكاوى لـ«العدالة والتنمية» حول منتسبي حركة غولن

صورة ضوئية لبعض الوثائق المسربة على موقع ويكيليكس («الشرق الأوسط»)
صورة ضوئية لبعض الوثائق المسربة على موقع ويكيليكس («الشرق الأوسط»)

تمكنت «الشرق الأوسط» من الاطلاع على موقع التسريبات الأشهر «ويكيليكس» وحسابه على موقع التدوينات القصيرة «تويتر» في تركيا رغم الحظر المفروض؛ لإجراء قراءة في الوثائق التي نشرها الموقع من مراسلات حزب العدالة والتنمية. وكان موقع ويكيليكس أعلن قبل الحجب عن نشر 300 ألف رسالة بريد إلكتروني و500 ألف وثيقة من داخل حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا عقب وقوع محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو (تموز) الحالي.
وكان «ويكيليكس» قدم هذه الوثائق، التي هي في الأساس رسائل عبر بريد إلكتروني تابع لـ«العدالة والتنمية» مخصص لتلقي طلبات ومشكلات المواطنين من أنصار الحزب، وجميعها باللغة التركية، على أنها مفاجأة من العيار الثقيل بعضها لصالح الحزب وبعضها ستلحق به الضرر.. وكانت المفاجأة التي اكتشفتها «الشرق الأوسط» من خلال تصفح آلاف الوثائق ضمن 275 ألف وثيقة نشرها «ويكيليكس» قبل الحجب أنها لا تتعلق ببنية النظام السياسي في تركيا كما روج لذلك موقع التسريبات.
وتبين أن الغالبية العظمى من هذه الوثائق ما هي إلا عبارة عن طلبات حصول على وظائف أو شكاوى من بعض الخدمات في الأحياء، أو إبلاغ عن بعض الأشخاص بزعم أنهم من أعضاء الكيان الموازي أو حركة فتح الله غولن، وبعضها يستنكر الإبقاء على السوريين في تركيا، ويطالب بعدم إهدار الأموال في الإنفاق عليهم، وبعضهم يرفض بيع الأراضي والعقارات للأجانب.
وأشار موقع «ويكيليكس» إلى أن هذه الرسائل تغطي الفترة من عام 2010 حتى ما قبل الانقلاب العسكري الفاشل في تركيا في 15 يوليو (تموز) الحالي بأسبوع واحد.
ويبدو أن موقع ويكيليكس تمكن فقط من اختراق البريد الإلكتروني المخصص لتلقي الشكاوى والمقترحات من المواطنين الخاص بالحزب الحاكم؛ لأن غالبية ما نشر هو لمواطنين يطلبون خدمات من الحزب أو يتقدمون بشكاوى واقتراحات، ولا توجد فيما نشر مكاتبات بين قيادات الحزب حول بنية النظام في البلاد أو غيرها من الموضوعات الحساسة التي يمثل الكشف عنها إحراجا للحزب والحكومة اللذين بادرا إلى حجب الموقع وحسابه على «تويتر» خوفا من احتمالات أن يكون نجح في الوصول إلى وثائق سرية خطيرة.
وبتحليل وقراءة الرسائل المنشورة على «ويكيليكس»، لا سيما في عام 2014، لوحظ بوضوح سيطرة المخاوف من الكيان الموازي أو حركة الخدمة التي تتبع فتح الله غولن خصم إردوغان المقيم في أميركا؛ حيث وجدت آلاف الرسائل الإلكترونية التي تعطي نصائح للحزب حول التعامل مع المنتمين لهذا «الكيان» أو تبلغ عن أشخاص ربما يكونون من أعضائه.
وتقدم مواطن بشكوى ضد أحد معارفه مطالبا الحزب بالكشف عن أي جماعة جاسوسية ينتمي إليها «جماعة فتح الله غولن» المتهمة بتدبير الانقلاب العسكري الفاشل في تركيا أم جماعة أخرى. لكن الجانب الأكبر من الرسائل يتضمن إما طلبات توظيف، وهو الموضوع الطاغي على هذه الرسائل، أو شكاوى من الخدمات، أو طلبات مساعدة.
فقد بعث مواطن إلى الحزب يقول إنه سيفضح الفساد في البلديات التابعة للحزب وأرفق لينكات بعض الأخبار من الصحف حول وقائع في بعض البلديات.
وتكرر ظهور رسائل من مواطن في محافظة كوتاهيا (وسط تركيا) كرر التواصل مع الحزب؛ بسبب مشكلة كلاب الشوارع، منتقدا قيام البلدية بالتخلص منها في الوقت الذي تعاني فيه وتتألم هذه الكلاب، وأن الحزب خالف وعوده الانتخابية في هذا الصدد.
وفي عشرات الآلاف من الرسائل، مواطنون يرسلون سيرهم الذاتية، ويطلبون إيجاد وظائف مناسبة لهم وتوجيههم إلى الأماكن التي تليق بهذه السير.
كما ظهرت طلبات مساعدة طريفة في رسائل مجموعة من الفتيات قلن إنهن من عائلة فقيرة، ولا بد من أن يجدن عملا، لكن في الوقت نفسه هن يردن القراءة أكثر في الدين وتعلم أصوله، ولا بد من قضاء أوقات طويلة في ذلك، ويفضلن البقاء في البيت من أجل هذا الأمر، ويطلبن مساعدة مالية تكفل لهن ذلك. ونشر «ويكيليكس» أيضا عددا كبيرا من الرسائل تبين أنها شكاوى لمواطنين من الخدمات الصحية أو غرامات المرور من البوابات الإلكترونية وتحرير المخالفات على الطرق أو خدمات البريد.
وفي قسم آخر من الرسائل مواطنون يتهمون حزب العدالة والتنمية بأنه «أعطاهم بالملعقة وأخذ منهم بالمغرفة» في إشارة إلى رفع الحد الأدنى للأجور قبل انتخابات الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي وفي الوقت نفسه زادت أسعار الكهرباء والغاز والمياه والضرائب. واشتكت سيدة من مجموعة تقوم بسبها باستمرار، مطالبة الحزب بوقفهم ومؤكدة أنه يعرفهم.
ولم تغب مشكلة اللاجئين السوريين عن الشكاوى الواردة إلى بريد «العدالة والتنمية»، إذ قال أحد مؤيدي الحزب في رسالة له: «إلى متى ستواصلون إهدار الأموال على (الإرهابيين السوريين) وتنفقون على سكنهم وإعاشتهم وتدفعون لهم الرواتب، بينما نحن نتضور جوعا.. مطالبا أيضا بمعرفة متى سيقبض عليه بسبب هذه العبارات».
وفي عدد كبير من الرسائل مطالبات بوقف بيع الأراضي والعقارات للأجانب في تركيا؛ لأن ذلك تسبب في ارتفاع أسعارها.
وكان موقع ويكيليكس، الثلاثاء الماضي، نشر هذه الرسائل على موقعه الرسمي من ضمن 300 ألف رسالة قال إنه سينشرها، بعد أيام قليلة من فشل محاولة الانقلاب على الرئيس رجب طيب إردوغان.
ووجه الموقع رسالة للشعب التركي قبل النشر بيوم واحد، قائلا: «استعدوا للقتال فنحن سننشر أكثر من 100 ألف تغريدة عن بنية السلطة السياسية في تركيا»، موضحا أن أول دفعة ستتضمن 300 ألف بريد و500 ألف وثيقة، مؤكدا في الوقت ذاته أن معظم المواد ستكون باللغة التركية.
وطالب «ويكيليكس» الشباب التركي بالتزود بالبرامج التي تتجاوز الحظر على الموقع في حال حدوثه. وتعرض الموقع لعملية قرصنة إلكترونية عطلته، وذلك بعد نحو 6 ساعات من إعلانه أنه سينشر وثائق تخص الحكومة التركية، كما منعت هيئة الاتصالات التركية الوصول إليه وكذلك إلى صفحته على «تويتر» حتى الآن.
وكان «ويكيليكس» كتب في تغريدته، الاثنين الماضي، إن أنصار حزب العدالة والتنمية يجب أن يهتموا بما سيتم الكشف عنه، الذي يأتي بعد أربعة أيام من محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا.
وأضاف الموقع: «إن المستندات المقبلة ستساعد وتضر حزب العدالة والتنمية.. هل أنت على استعداد لتجد كل شيء؟»، في رسالة تثير فضول أنصار إردوغان وخصومه.
كما أفاد موقع «ويكيليكس»: «نحن غير متأكدين من المنشأ الحقيقي للهجوم، بينما يوحي توقيت الهجوم التركي أن فصيلا من سلطة الدولة أو حلفائها قد قام به»، مضيفين: «سوف ننتصر ونشر».



إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

TT

إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.