الانقلاب الفاشل يعمق جراح السياحة في تركيا

تراجع سابق في القطاع بسبب موجة الإرهاب

أنصار حزب الشعب الجمهوري العلماني أكبر أحزاب المعارضة في تركيا يلتقطون صورة  سيلفي في ميدان تقسيم أمس (إ.ب.أ)
أنصار حزب الشعب الجمهوري العلماني أكبر أحزاب المعارضة في تركيا يلتقطون صورة سيلفي في ميدان تقسيم أمس (إ.ب.أ)
TT

الانقلاب الفاشل يعمق جراح السياحة في تركيا

أنصار حزب الشعب الجمهوري العلماني أكبر أحزاب المعارضة في تركيا يلتقطون صورة  سيلفي في ميدان تقسيم أمس (إ.ب.أ)
أنصار حزب الشعب الجمهوري العلماني أكبر أحزاب المعارضة في تركيا يلتقطون صورة سيلفي في ميدان تقسيم أمس (إ.ب.أ)

عمقت محاولة الانقلاب الفاشلة التي شهدتها تركيا في منتصف يوليو (تموز) الحالي من جراح قطاع السياحة في تركيا الذي كان نزيفه قد بدأ في عام 2105 مع تصاعد موجة العمليات الإرهابية لتتجاوز خسائره أكثر من 5 مليارات دولار.
والآن وبعد محاولة الانقلاب بات الموسم السياحي للعام الحالي يواجه انهيارا كاملا، ولا سيما أن محاولة الانقلاب جاءت بعد 17 يوما من عملية إرهابية مؤثرة تمثلت في الهجوم الانتحاري الثلاثي على مطار أتاتورك الدولي، المطار الرئيسي في إسطنبول، مخلفا عشرات القتلى والمصابين.
ويعد قطاع السياحة هو الأهم على الإطلاق لاقتصاد تركيا، وأحد أهم مصادر العملات الأجنبية، ولا شك أن تراجع أعداد السياح الذين يقصدون البلاد سيؤدي إلى تأثيرات سلبية كبيرة في الاقتصاد التركي مع استمرار تداعيات محاولة الانقلاب حتى الآن عبر حملات اعتقال وتطهير في جميع مؤسسات الدولة.
وكانت غالبية الدول الغربية، وأيضا الدول العربية، وفي مقدمتها دول الخليج، أصدرت تحذيرات لرعاياها، إما بتجنب السفر إلى تركيا أو بتوخي الحذر في حال السفر أو التواجد هناك، وتجنب الأماكن العامة والمواقع المهمة؛ تحسبا لوقوع مزيد من الأحداث والتوترات الأمنية في ظل تكرار تحذير السلطات التركية من وجود تهديدات بأن تتكرر محاولة الانقلاب.
وحاول وزير الثقافة والسياحة التركي نابي أوجي التقليل من تأثير محاولة الانقلاب في قطاع السياحة، بقوله: إن «قطاع السياحة لم يعان أي تداعيات فورية بسبب محاولة الانقلاب الفاشلة».
ولفت أوجي إلى أن «السياح الذين كانوا موجودين بالفعل في تركيا لم يغادروها، ويستمتعون بإجازاتهم فيها وليس هناك شعور بالخوف».
لكن ممثلي اتحاد أصحاب ومشغلي الفنادق في تركيا حذروا من المخاطر المتفاقمة على القطاع السياحي بسبب العمليات الإرهابية والتوتر السابق مع روسيا على خلفية حادث إسقاط القاذفة الروسية على الحدود السورية في 24 نوفمبر (تشرين الثاني)، التي ضربت القطاع السياحي في مختلف المناطق، وتسببت في خسائر بلغت 5 مليارات دولار أميركي مع حلول العام الحالي. وتوقع رئيس الاتحاد عثمان آيك استمرار تراجع الحركة السياحية في المناطق الساحلية بشكل كبير، لافتا إلى أن السياحة الروسية في تركيا لم تعد حتى الآن، كما أنها سجلت تراجعا بنسبة 30 في المائة العام الماضي قبل وقوع حادث الطائرة.
ولفت آيك إلى أن قطاع السياحة التركي من القطاعات النادرة التي تمكنت من احتلال المرتبة السادسة عالميا، قائلا: «لقد أصبحنا القطاع الذي يحقق نحو 40 مليار دولار سنويا، ويضم نحو 16 في المائة من العمالة، وأكثر من 7 في المائة من قيمة الصادرات. وأصبحنا أحد أهم القطاعات التي تغطي نحو 50 في المائة من العجز الاقتصادي في البلاد».
ولفت إلى أن وضع السياحة القادمة إلى تركيا منذ أكثر من عام بدأ يثير غضب العاملين بالقطاع، قائلا: «إن الأزمات التي تشهدها المنطقة المحيطة بتركيا، وكذلك الصراع القائم على حدودها الجنوبية، ثم الأحداث الإرهابية وأخيرا محاولة الانقلاب الفاشلة أدت إلى تفاقم التأثير السلبي في قطاع السياحة». ولفت آيك إلى أن عام 2015 كان عام خسارة، وسيؤثر سلبا في العامين الحالي والمقبل أيضا. وبعد سلسلة من الضربات الإرهابية منذ مطلع عام 2016 في مناطق السلطان أحمد وتقسيم ومطار أتاتورك فقد العاملون في قطاع السياحة الأمل في الموسم السياحي هذا العام، وجاءت محاولة الانقلاب الفاشلة لتقضي على بصيص الأمل الذي أعقب الانفراجة في العلاقات مع روسيا. وقال آيكوت شيمشاك، أحد العاملين بقطاع السياحة: إننا «نواجه كارثة؛ فمنذ بداية العام والمطاعم في السلطان أحمد وتقسيم فارغة والمناطق السياحة والأثرية خالية من الزوار». وأعلنت تركيا في مايو (أيار) الماضي أكبر انخفاض في عدد الوافدين خلال 22 عاما، مع تراجع نسبته 35 في المائة في عدد السياح الأجانب، وعدد زائرين بلغ 2.5 في المائة مليون زائر. وأرجع المسؤولون في قطاع السياحة هذا التراجع جزئيا إلى الانخفاض الكبير في عدد السياح الروس نتيجة الخلاف الدبلوماسي بين أنقرة وموسكو التي حظرت على منظمي الرحلات السياحية الروسية السفر إلى تركيا. وبعد أيام من رفع الحظر على السياحة الروسية إلى تركيا وقعت محاولة الانقلاب الفاشلة وحذرت روسيا مواطنيها من السفر مجددا كما أجلت من كانوا في تركيا.
ويقول العاملون في قطاع السياحة، إنه «إذا استمر هذا الوضع، فإن الكثير من المتاجر ستغلق أبوابها»، لافتين إلى أن الأميركيين والأوروبيين سيحجمون تماما لفترة طويلة عن المجيء إلى تركيا. وتشير الأرقام والإحصاءات الرسمية إلى أن 36.83 مليون سائح زاروا تركيا خلال العام 2014، إلا أن هذا الرقم سجل انخفاضا في العام التالي 2015 بسبب المخاوف من الأحداث الأمنية التي تشهدها البلاد، وهبط بنسبة 1.61 في المائة ليصل إلى 36.24 مليون سائح.
ويتوقع أن ينخفض هذا الرقم بصورة حادة مع نهاية العام الحالي 2016 بسبب الهجمات الإرهابية الدموية التي ضربت مطار أتاتورك، ومحاولة الانقلاب التي يتوقع أن تلقي بظلالها على البلاد حتى نهاية العام، فضلا عن أنها تأتي في ذروة موسم العطلات الصيفية الذي يتدفق فيه الخليجيون على تركيا لقضاء إجازاتهم.
وهناك توقعات رسمية بتراجع السياحة إلى تركيا بنسبة 5.2 في المائة حسب تقديرات نشرتها مؤسسة «يورومونيتر الدولية»، ومقرها بريطانيا. وبحسب هذه التقديرات، فإن إجمالي أعداد السياح الذين يتوقع أن يزوروا تركيا في 2016 يمكن أن يصل إلى 32.9 مليون سائح، وهو ما يعني أن التدفق السياحي نحو تركيا قد يتراجع بواقع 4 ملايين زائر خلال العام الحالي.
وكان الربع الأول من العام الحالي سجل هبوطا في أعداد السياح الوافدين إلى تركيا بنسبة 10 في المائة، لكن يتوقع أن ينقذ فشل الانقلاب بعض خسائر قطاع السياحة، وهو ما يدفع إلى تقديرات بتراجع نسبته 5.2 في المائة خلال عام 2016 إجمالا.
ويمثل القطاع السياحي في تركيا العمود الفقري لاقتصاد البلاد، ويعمل به 8 في المائة من الأيدي العاملة في تركيا.
ويقول الخبراء: «إن التأثير الأساسي لمحاولة الانقلاب التي شهدتها تركيا هو أن كل الجهود التي تم بذلها من أجل تنشيط السياحة بعد العمليات الإرهابية ستصبح غير فاعلة؛ لأن موسم السياحة في منتصفه، وهذا هو وقت حجوزات اللحظات الأخيرة، وهذا النوع من السياح بالغ الحساسية والتأثر بمثل هذه الأحداث».
في سياق متصل، أعلنت الهيئة العامة للسياحة القطرية، أمس، عزمها افتتاح مكتب تمثيل لها في مدينة إسطنبول ابتداءً من أغسطس (آب) المقبل.
وقالت الهيئة في بيان خلال انعقاد «قمة التسويق للربع الثالث من عام 2016»، بالعاصمة القطرية الدوحة، ومشاركة مسؤولي مكاتب الهيئة في فرنسا، إيطاليا، المملكة المتحدة، ألمانيا، المملكة العربية السعودية، منطقة جنوب شرقي آسيا وهونج كونج: إن افتتاح مكتب في إسطنبول سيساهم في الوصول بسهولة إلى شركاء السياحة والإعلام البارزة هناك، «للترويج لقطر بصفتها وجهة سياحية عالمية». وأكدت الهيئة العامة للسياحة القطرية، أن افتتاح مكتب لها في تركيا، يعتبر دعما للتعاون السياحي بين البلدين، خصوصا أنهما قد وقعا مؤخرا اتفاقية تسمح للزوار الأتراك لدخول قطر من دون تأشيرة.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».