أيلز مؤسس ورئيس تلفزيون «فوكس نيوز» يستقيل بعد 20 عامًا

استعمل «السلاح الشقراوي».. فقتل به

ميغان  كيلي
ميغان كيلي
TT

أيلز مؤسس ورئيس تلفزيون «فوكس نيوز» يستقيل بعد 20 عامًا

ميغان  كيلي
ميغان كيلي

استقال يوم الخميس روجر أيلز، مؤسس ورئيس تلفزيون «فوكس نيوز» (أخبار فوكس) التابع لشركة «فوكس القرن الحادي والعشرين»، التابعة لمجموعة شركات «نيوز كوربوريشن» التي أسسها ويملكها روبرت ميردوخ، ملياردير الصحافة الأميركي الأسترالي، والتي تملك أكثر من مائتي صحيفة ومحطة تلفزيون في أكثر من خمسين دولة.
ووصفت صحيفة «واشنطن بوست» أيلز أمس بأنه «واحد من أقوى الشخصيات الإعلامية الأميركية، وهو الذي أسس تلفزيون (فوكس)، وطوره، وجعله ركيزة الإعلام المحافظ. وحوله، ليس فقط إلى رائد ذي نكهة خاصة وسط بقية القنوات التلفزيونية، ولكن، أيضا، إلى منافس تفوق ربما عليها كلها».
وتحدثت الصحيفة عن «اتهامات التحرش الجنسي» التي قدمتها في قضايا في محاكم بعض مذيعات «فوكس»، والتي جعلت صديقه القديم روبرت ميردوخ، رئيس مجموعة شركات «فوكس القرن الحادي والعشرين» يضغط عليه ليقدم استقالته.
ولم يعد سرا أن ولدي روبرت ميردوخ (85 عاما): لاشيان (44عاما)، الرئيس التنفيذي، وجيمس (42 عاما)، المدير التنفيذي، ظلا يريدان الاستغناء عن أيلز منذ سنوات. وأنهما، رغم اعترافهما بأنه هو الذي أسس تلفزيون «فوكس»، وقاده إلى نجاح لم يسبق له مثيل، صارا يقولان إنه كبر في السن. ولا بد من دماء جديدة.
ونشرت صحيفة «بيست» (الوحش) الإلكترونية أول من أمس، أن واحدة من «محاسن» و«مشكلات» أيلز، في الوقت نفسه، هو «حبه للنساء الشقراوات». وأن تلفزيون «فوكس»، وبخاصة «فوكس نيوز» (أخبار فوكس) ما كان سينجح لولا تركيزه على المذيعات الشقراوات. هذه، بالإضافة إلى تأسيس برامج، ومسلسلات، ومنافسات تلفزيونية يكاد يغيب عنها الممثلون والممثلات غير الشقراوات (ناهيك عن السمراوات والسوداوات). منذ ذلك الوقت، صار صحافيون ومعلقون وخبراء إعلاميون يطلقون على تلفزيون فوكس أوصافا مثل: «بلوندز فوكس» (فوكس الشقراوات)، و«هوايتز فوكس» (فوكس البيض). وصار أيلز يلقب بصاحب «السلاح الشقراوي». لهذا؛ يبدو أن سلاحه عاد وقضى عليه.
ناقش الموضوع برنامج «فيو» (نظرة) الأربعاء، الذي يقدمه تلفزيون «إي بي سي»، وهو برنامج نقاش نسائي (فيه شقراوات وسمراوات، وسوداء، هي الممثلة ووبي غولدبيرغ). وكان كل النقاش تقريبا عن حب أيلز للشقراوات. هذا جزء من النقاش:
السمراء جديديا بيلا: أعمل في «فوكس» مع أيلز لعشرة أعوام. ولم يتحرش بي جنسيا أبدا.
الشقراء جوي بيهار: مع كل الاحترام يا جديديا، أنت سمراء، ولست شقراء.
السوداء ووبي غولدبيرغ (مازحة): لم يتحرش بي أبدا.
في الحقيقة، ربما ليس الموضوع بهذه الصورة:
أولا: غرتشن كارلسون، أول من رفعت قضية تحرش جنسي ضد أيلز، شقراء. لكن، إليزابيث هاسلباك، وغريتا فان سوسترين، اللتين دافعتا عن أيلز، شقراوان أيضا.
ثانيا: لا يبدو أن ضغط الأخوين لاشيان وجيمس على والديهما له صلة بموضوع الشقراوات. ويبدو أنهما يريدان التخلص من أيلز العجوز، وتقديم وجوه جديدة.
حسب صحيفة «واشنطن بوست»، سينال أيلز نحو 40 مليون دولار تعويضات، وذلك حسب اتفاق مسبق بأن ينال، عندما تنتهي خدمته، نسبة معينة من أرباح الشركة. (في العام الماضي، وصلت الأرباح إلى مليار دولار).
وفي بيان ميردوخ الأب، يوجد ود واضح بين الرجلين. وجاء في البيان: «منذ البداية، شاركني روجر في رؤيتي لشبكة تلفزيونية عالمية عملاقة، ومستقلة، ومجددة، ومبدعة. وفعلا عملنا معا لعشرين عاما، حتى وصلت (فوكس نيوز) إلى ما وصلت إليه اليوم».
وأضاف البيان: «جعل روجر (فوكس نيوز) صوتا للذين تتجاهلهم القنوات التلفزيونية التقليدية».
لا توجد في البيان أي إشارة إلى تهم التحرش الجنسي، شقراوات أو غير شقراوات.
في بيان الأخوين، لا توجد إشارة مباشرة إلى هذا الموضوع. لكن، توجد إشارة غير مباشرة، عندما أشار البيان إلى «أهمية وجود مناخ عمل محترم».



«حرب الإعلام» التضليلية... الهاجس الجديد للاتحاد الأوروبي

مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
TT

«حرب الإعلام» التضليلية... الهاجس الجديد للاتحاد الأوروبي

مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)

«المعارضة الحقيقية هي وسائل الإعلام، ومواجهتها تقتضي إغراقها بالمعلومات المفبركة والمضللة».

هذا ما قاله ستيف بانون، كبير منظّري اليمين المتطرف في الولايات المتحدة عندما كان مشرفاً على استراتيجية البيت الأبيض في بداية ولاية دونالد ترمب الأولى عام 2018.

يومذاك حدّد بانون المسار الذي سلكه ترمب للعودة إلى الرئاسة بعد حملة قادها المشرف الجديد على استراتيجيته، الملياردير إيلون ماسك، صاحب أكبر ثروة في العالم، الذي يقول لأتباعه على منصة «إكس» «X» (تويتر سابقاً): «أنتم اليوم الصحافة».

رصد نشاط بانون

في أوروبا ترصد مؤسسات الاتحاد وأجهزته منذ سنوات نشاط بانون ومراكز «البحوث» التي أنشأها في إيطاليا وبلجيكا والمجر، ودورها في صعود الأحزاب اليمينية المتطرفة في غالبية الدول الأعضاء، والذي بلغ ذروته في انتخابات البرلمان الأوروبي مطلع الصيف الماضي.

وتفيد تقارير متداولة بين المسؤولين الأوروبيين بأن هذه المراكز تنشط بشكل خاص على منصات التواصل الاجتماعي، وأن إيلون ماسك دخل أخيراً على خط تمويلها وتوجيه أنشطتها، وأن ثمة مخاوف من وجود صلات لهذه المراكز مع السلطات الروسية.

درع ضد التضليل

أمام هذه المخاوف تنشط المفوضية الأوروبية منذ أسابيع لوضع اللمسات الأخيرة على ما أسمته «الدرع ضد التضليل الإعلامي» الذي يضمّ حزمة من الأدوات، أبرزها شبكة من أجهزة التدقيق والتحقق الإلكترونية التي تعمل بجميع لغات الدول الأعضاء في الاتحاد، إلى جانب وحدات الإعلام والأجهزة الرقمية الاستراتيجية الموجودة، ومنها منصة «إي يو فس ديسانفو» EUvsDisinfo المتخصّصة التي انطلقت في أعقاب الغزو الروسي لشبه جزيرة القرم وضمّها عام 2014. و«هي باتت عاجزة عن مواجهة الطوفان التضليلي» في أوروبا... على حد قول مسؤول رفيع في المفوضية.

الخبراء، في بروكسل، يقولون إن الاتحاد الأوروبي يواجه اليوم «موجة غير مسبوقة من التضليل الإعلامي» بلغت ذروتها إبان جائحة «كوفيد 19» عام 2020، ثم مع نشوب الحرب الروسية الواسعة النطاق ضد أوكرانيا في فبراير (شباط) 2022.

وإلى جانب الحملات الإعلامية المُضلِّلة، التي تشّنها منذ سنوات بعض الأحزاب والقوى السياسية داخلياً، تعرّضت الساحة الأوروبية لحملة شرسة ومتطورة جداً من أطراف خارجية، في طليعتها روسيا.

ومع أن استخدام التضليل الإعلامي سلاحاً في الحرب الهجينة ليس مُستجدّاً، فإن التطوّر المذهل الذي شهدته المنصّات الرقمية خلال السنوات الأخيرة وسّع دائرة نشاطه، وضاعف تداعياته على الصعيدين: الاجتماعي والسياسي.

الهدف تعميق الاستقطاب

وراهناً، تحذّر تقارير عدة وضعتها مؤسسات أوروبية من ازدياد الأنشطة التضليلية بهدف تعميق الاستقطاب وزعزعة الاستقرار في مجتمعات البلدان الأعضاء. وتركّز هذه الأنشطة، بشكل خاص، على إنكار وجود أزمة مناخية، والتحريض ضد المهاجرين والأقليات العرقية أو الدينية، وتحميلها زوراً العديد من المشاكل الأمنية.

وتلاحظ هذه التقارير أيضاً ارتفاعاً في كمية المعلومات المُضخَّمة بشأن أوكرانيا وعضويتها في حلف شمال الأطلسي «ناتو» أو انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي، فضلاً عن معلومات مضخمة حول مولدافيا والاستفتاء الذي أجري فيها حول الانضمام إلى الاتحاد، وشهد تدخلاً واسعاً من جانب روسيا والقوى الموالية لها.

ستيف بانون (آ ب)

التوسّع عالمياً

كذلك، تفيد مصادر الخبراء الأوروبيين بأن المعلومات المُضلِّلة لا تنتشر فحسب عبر وسائط التواصل الاجتماعي داخل الدول الأعضاء، بل باتت تصل إلى دائرة أوسع بكثير، وتشمل أميركا اللاتينية وأفريقيا، حيث تنفق الصين وروسيا موارد ضخمة خدمة لمصالحها وترسيخ نفوذها.

كلام فون دير لاين

وفي الكلمة التي ألقتها أخيراً أورسولا فون در لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، بمناسبة الإعلان عن مشروع «الدرع» الذي ينتظر أن يستلهم نموذج وكالة «فيجينوم» الفرنسية ورديفتها السويدية «وكالة الدفاع النفسي»، قالت فون دير لاين: «إن النظام الديمقراطي الأوروبي ومؤسساته يتعرّضون لهجوم غير مسبوق يقتضي منّا حشد الموارد اللازمة لتحصينه ودرء المخاطر التي تهدّده».

وكانت الوكالتان الفرنسية والسويدية قد رصدتا، في العام الماضي، حملات تضليلية شنتها روسيا بهدف تضخيم ظهور علامات مناهضة للسامية أو حرق نسخ من القرآن الكريم. ويقول مسؤول أوروبي يشرف على قسم مكافحة التضليل الإعلامي إن ثمة وعياً متزايداً حول خطورة هذا التضليل على الاستقرار الاجتماعي والسياسي، «لكنه ليس كافياً توفير أدوات الدفاع السيبراني لمواجهته، بل يجب أن تضمن الأجهزة والمؤسسات وجود إطار موثوق ودقيق لنشر المعلومات والتحقق من صحتها».

إيلون ماسك (رويترز)

حصيلة استطلاعات مقلقة

في هذه الأثناء، تفيد الاستطلاعات بأن ثلث السكان الأوروبيين «غالباً» ما يتعرضون لحملات تضليلية، خاصة في بلدان مثل اليونان والمجر وبلغاريا وإسبانيا وبولندا ورومانيا، عبر وسائل التواصل الاجتماعي والتلفزيون. لكن المفوضية تركّز نشاطها حالياً على الحملات والتهديدات الخارجية، على اعتبار أن أجهزة الدول الأعضاء هي المعنية بمكافحة الأخطار الداخلية والسهر على ضمان استقلالية وسائل الإعلام، والكشف عن الجهات المالكة لها، منعاً لاستخدامها من أجل تحقيق أغراض سياسية.

وللعلم، كانت المفوضية الأوروبية قد نجحت، العام الماضي، في إقرار قانون يلزم المنصات الرقمية بسحب المضامين التي تشكّل تهديداً للأمن الوطني، مثل الإرهاب أو الابتزاز عن طريق نشر معلومات مضلِّلة. لكن المسؤولين في المفوضية الأوروبية يعترفون بأنهم يواجهون صعوبات في هذا المضمار؛ إذ يصعب وضع حدودٍ واضحة بين الرأي والمعلومات وحرية التعبير، وبالتالي، يضطرون للاتجاه نحو تشكيل لجان من الخبراء أو وضع برامج تتيح للجمهور والمستخدمين تبيان المعلومات المزوَّرة أو المضلِّلة.