ملامح أزمة إنسانية في حلب.. و«هيومن رايتس ووتش» تدعو النظام للسماح بإدخال المساعدات إليها

سلال لـ «الشرق الأوسط»: إجلاء المدنيين مستحيل بسبب استهداف محيط بالمدينة بالغارات الجوية

ملامح أزمة إنسانية في حلب.. و«هيومن رايتس ووتش» تدعو النظام للسماح بإدخال المساعدات إليها
TT

ملامح أزمة إنسانية في حلب.. و«هيومن رايتس ووتش» تدعو النظام للسماح بإدخال المساعدات إليها

ملامح أزمة إنسانية في حلب.. و«هيومن رايتس ووتش» تدعو النظام للسماح بإدخال المساعدات إليها

تلوح أزمة إنسانية حادة في أحياء حلب الشرقية، التي حاصرتها قوات النظام السوري الأسبوع الماضي، مع إطباق الحصار وبدء نفاد المواد الإغاثية داخل أحياء المدينة، البالغ عدد سكانها أكثر من 200 ألف نسمة، وهو ما دفع منظمة «هيومن رايتس ووتش» لدعوة السلطات السورية للسماح بدخول فوري للمواد الغذائية وغيرها من المواد الأساسية إلى المناطق المحاصرة والسماح للمدنيين بمغادرة المدينة.
وأطلقت «هيومان رايتس ووتش» الناشطة في الدفاع عن حقوق الإنسان، نداء عاجلا للقوات النظامية، وحضتها، في بيان، على احترام القانون الدولي.
وقال نائب المدير التنفيذي للمنظمة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا نديم حوري، إن «قوات الحكومة السورية تكرر أساليب الحصار الفظيعة في مناطق حلب الشرقية المكتظة بالسكان، وهي أساليب أضرت بشكل كبير بالمدنيين في مدن سورية أخرى». وأضاف: «على السلطات السورية السماح بدخول المساعدات والسماح بالخروج الآمن للمدنيين الراغبين في ذلك».
غير أن المعارضة، التي تدعو للتحرك باتجاه إدخال المساعدات والمواد الإغاثية، تقر بصعوبة إجلاء المدنيين المحاصرين في المدينة.
وقال نائب رئيس «مجلس محافظة حلب الحرة» منذر سلال، لـ«الشرق الأوسط»، إن «مغادرة السكان مستحيلة في الوقت الراهن»، مشيرًا إلى أن العوائق اللوجستية التي تحول دون إجلائهم، تعود إلى أن «الريف الملاصق لمدينة حلب، وخصوصًا الريف الشمالي كله نزح منه السكان، ويشهد عمليات عسكرية»، فضلاً عن أن مدينة الأتارب التي تعد أكبر المدن في الريف الغربي لحلب «تُقصف لليوم الثالث على التوالي، مما يحول دون انتقال السكان إليها». وأضاف: «كل الأماكن خطرة ومعرضة للقصف.. ومن بقي في حلب، هم الناس الأشد فقرًا، وغير القادرين على الخروج منها، والمقتنعين بأنهم لن يتركوا بلادهم وبيوتهم».
ولم تقر المعارضة السورية بملامح أزمة في أحياء مدينة حلب الشرقية المحاصرة قبل الآن، بالنظر إلى أن المعارضة لم تعلن حصار المدينة «حفاظًا على معنويات المقاتلين»، ودعت مرارًا لفك الطوق عن المدينة، من غير الإشارة إلى حصارها.
وقال سلال: «لم يعد الآن هناك قدرة على إخفاء الواقع. حلب محاصرة، وتعاني حاليا من كوارث إنسانية من النواحي الطبية والغذائية والخدماتية، في ظل القصف الدائم للطيران أو الاشتباكات من قبل قوات النظام»، محذرًا من أن الوضع في الأيام المقبلة «سيكون كارثيًا، كون المواد المخزنة، بدأت في النفاد، وسيكون الوضع كارثيًا».
ويعيش أكثر من مائتي ألف شخص في المناطق التي تسيطر عليها فصائل المعارضة في شرق حلب، ويعانون حصارا منذ أكثر من أسبوعين. وتشهد هذه المناطق نقصا في الغذاء والوقود تزامنا مع ارتفاع أسعار السلع.
وتقول الأمم المتحدة إن قرابة 600 ألف سوري في كل أنحاء البلاد يعيشون تحت حصار تفرضه خصوصا قوات النظام. ويستخدم المتشددون ومقاتلو المعارضة أسلوب الحصار أيضا في مناطق أخرى.
ونقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الصحافي فراس بدوي، من أحد أحياء حلب الشرقية، قوله: «لم نر خضراوات منذ أسابيع عدة، والغارات الجوية مستمرة».
وقال عامل إغاثة يدعى إبراهيم أبو الليث، لـ«هيومن رايتس ووتش»: «مدينتنا في أزمة (...) طوابير الانتظار أمام المتاجر طويلة جدا. إننا نخشى مجاعة».
وتنقسم حلب، ثاني المدن السورية والعاصمة الاقتصادية للبلاد سابقا، إلى مناطق خاضعة لسيطرة الفصائل المسلحة، وأخرى في الغرب تسيطر عليها قوات النظام.
وفشلت المحاولات المتكررة لكل من روسيا والولايات المتحدة للتوصل إلى وقف للأعمال القتالية في المدينة. وحضت «هيومان رايتس ووتش» البلدين على استخدام «نفوذهما لدفع الحكومة السورية والأطراف الآخرين في النزاع إلى السماح بوصول المساعدات بلا عوائق، وخصوصا إلى كل المناطق المحاصرة والتي يصعب الوصول إليها».
ميدانيًا، قصفت طائرات حربية مناطق في أحياء العامرية والفردوس والقاطرجي بمدينة حلب، فيما قتل رجلان وسقط عدد من الجرحى في قصف جوي على مناطق في حي الميسر بمدينة حلب. وأوضح «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن الطيران المروحي ألقى عدة براميل متفجرة على مناطق في حي القاطرجي بمدينة حلب، كما قصفت طائرات حربية مناطق في أحياء جسر الحج والحيدرية والشيخ خضر وعين التل والميسر بمدينة حلب، كما نفذت طائرات حربية عدة غارات على مناطق في بلدتي عنجارة وقبتان الجبل، وقريتي مجيبنة وبشقاتين بريف حلب الغربي، في حين قصف الطيران الحربي مناطق في بلدة حريتان بريف حلب الشمالي.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.