قوات الحزام الأمني.. قاهرة الانقلاب والإرهاب

أنشئت بإشراف «التحالف».. وحلت بديلاً لسلطات الانقلاب العسكرية

جانب من إحدى عمليات قوات الحزام الأمني في العاصمة المؤقتة عدن («الشرق الأوسط»)
جانب من إحدى عمليات قوات الحزام الأمني في العاصمة المؤقتة عدن («الشرق الأوسط»)
TT

قوات الحزام الأمني.. قاهرة الانقلاب والإرهاب

جانب من إحدى عمليات قوات الحزام الأمني في العاصمة المؤقتة عدن («الشرق الأوسط»)
جانب من إحدى عمليات قوات الحزام الأمني في العاصمة المؤقتة عدن («الشرق الأوسط»)

يستذكر العقيد هدار الشوحطي، قائد قوات الحزام الأمني في محافظة لحج، حالة الانفلات الأمني التي يصفها بالكارثية في عدن، وذلك عندما سلمت عناصر أمنية موالية للمخلوع صالح جميع قواها، وخرجت لتمهد لسيطرة ميليشيات الحوثيين واحتلال عدن، وذلك في شهر مارس (آذار) 2015.
وبعد استعادة عدن، التي احتفلت قبيل أسابيع بالذكرى السنوية الأولى لتحريرها من الانقلابيين، برزت نواة المؤسسة العسكرية والأمنية الجديدة في عدن، التي راحت تمسك بزمام الأمن وتطارد الإرهابيين وتحبط العمليات وتمارس دورا أمنيا متكاملا. يقول الشوحطي: إنها «البديل للمؤسسات الأمنية والعسكرية في عدن والمحافظات المحررة».
وعندما يأتي ذكر البديل، فإن السلطات السابقة لا يقصد بها هنا الأمن اليمني الحقيقي؛ لأن الأمن سلم بالكامل للانقلاب، قبل أن تعود الشرعية مدعومة بالتحالف لاستعادة عدن.
وأكد مختصون وقياديون عسكريون تحدثت معهم «الشرق الأوسط»، أن تجربة إنشاء قوات الحزام الأمني بعدن تعد تجربة ناجحة رغم الفترة القصيرة التي مرت على تأسيسها، مستدلين بالانتصارات المتوالية التي حققتها قوات الحزام بعدن وبعض المناطق المجاورة لها.
وبرزت من بين أعمال الحزام المنجزة، تطهير عدن ولحج من الجماعات الإرهابية، وتحقيق الاستتباب الأمني واعتقال مطلوبين إرهابيين، إلى جانب ضبط معامل لصناعة السيارات المفخخة وإحباط عمليات إرهابية قبيل تنفذها.
ومن المرتقب أن تتسع التجربة لتطال مدنا أخرى محررة، مثل محافظتي شبوة، وحضرموت ذات المساحة الشاسعة، والأهمية الاستراتيجية اقتصاديا.
وقال العقيد الشوحطي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: إن «تشكيل الحزام الأمني الذي يزيد قوامه على 12 ألف جندي حتى اللحظة جاء بعد الفراغ الأمني الكبير الذي شهدته عدن والجنوب بعد تحريرهما من ميليشيا الحوثيين وقوات المخلوع صالح؛ كون جميع تلك الوحدات العسكرية والأمنية شمالية ومن خارج الجنوب، وهي من سهلت مهمة دخول ميليشيا تحالف المخلوع والحوثيين إلى الجنوب وعدن».
وأضاف: إن «تشكيل الحزام الأمني تم في مارس 2016، ويضم في صفوفه جميع الضباط وقيادات الشرعية المسرحة من الأمن والجيش من قبل المخلوع صالح بعد حرب اجتياح الجنوب في صيف 94، إلى جانب أفراد المقاومة التي قاتلت وتصدت للميليشيات الانقلابية، وكان لها شرف تحرير عدن وبقية المناطق من الميليشيات، مدعومة من التحالف العربي، وفي المقدمة المملكة العربية السعودية والإمارات».
وتابع العقيد الشوحطي، وهو ضابط سابق في الحرس الجمهوري وتم تسريحه بعد حرب المخلوع على الجنوب بصيف 94، قائلا: «بعد تحرير عدن في منتصف 2015 شهدت المحافظة فراغا أمنيا كبيرا، وتحولت حينها مدينة المنصورة إلى مدينة أشباح، وسط تمدد كبير للجماعات الإرهابية.. الأمر الذي دفع السلطات العسكرية والمحلية بعدن والمقاومة إلى التشاور مع قوات التحالف العربي بعدن، وتشكيل الحزام الأمني بديلا للأمن العام والقوات الموالية للمخلوع صالح المنتقاة، التي تم دحرها خلال اجتياحها عدن العام الماضي».
وعن علاقة الحزام الأمني بالسلطات المحلية بعدن، قال العقيد الشوحطي: إن «المسار الذي تقوم عليه مهام الحزام والسلطات المحلية هو مسار واحد، وأن الحزام يتلقى توجيهاته من رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي، ومن محافظ العاصمة المؤقتة عدن، ومن مدير الأمن اللواء شلال شائع»، لافتا إلى عمليات دهم وحملات ضبط إرهابيين يتم تلقي أوامرها من مدير الشرطة بعدن والسلطات المحلية كذلك، مؤكدا أن «حفظ الأمن والاستقرار وتجفيف منابع الإرهاب بعدن والجنوب هي مهمة مشتركة بين الحزام الأمني والسلطات المحلية وقوات التحالف؛ كون المسار واحدا»، حد تعبيره ذلك.
وطبقا لقيادات الحزام، فإن باب التسجيل مفتوح، ويقول الشوحطي: إن ذلك «يأتي بعد نجاح تجربة الحزام الأمني في تثبيت الأمن والاستقرار بعدن ولحج»، مضيفا أنه «سيتمدد بتدرج حتى يشمل كل شبر في الجنوب».
من ناحيته، يقول فتحي بن لزرق، ناشر ورئيس تحرير صحيفة «عدن الغد» اليومية: إن «جهاز قوات الحزام الأمني بعدن أفضل تجربة أمنية عاشتها اليمن ما بعد الحرب»، مشيرا إلى أن الجهاز تمكن خلال أشهر قليلة فقط من بسط سيطرته الأمنية على عموم محافظتي لحج وعدن، ومنع العشرات من العمليات الإرهابية، وأوقف المئات من الأشخاص المطلوبين.
وأكد بن لزرق، أن المشكلة التي تواجه جهاز الحزام الأمني هي التركة الهائلة التي خلفتها الحرب، سواء على صعيد الكم المخيف من الأسلحة، أو الأشخاص المطلوبين، أو الجماعات المسلحة، كما تعد مشكلة توقف عمل النيابات والمحاكم أبرز المشكلات التي تواجه عمل هذا الجهاز».
وأردف قائلاً: «برأيي، فإن هذا الجهاز يجب تطويره من جهاز يشمل عدن ولحج إلى جهاز يشمل المحافظات الأخرى، وتطويره كذلك بحيث يكون منظما بشكل أكبر وفاعلا بقدرة أكبر».
ويفيد مراقبون سياسيون بأن الحزام الأمني هو قوة من شباب المقاومة التي خاضت الحرب ضد الميليشيات الانقلابية، وحققت النصر لعدن بدعم وإسناد التحالف العربي.
وأشار مختصون وناشطون، إلى أن تشكيل الحزام جاء من أجل تأمين عدن، بدعم وإشراف مباشر من قوات التحالف العربي، حيث إن الحزام الأمني حقق نجاحا كبيرا على الأرض بعد أقل من 3 أشهر من تأسيسه لتطهيره المنصورة من العناصر الإرهابية وكل مديريات عدن، ثم انتصاره بتطهير محافظة لحج وما أعقبها من تثبيت للأمن والاستقرار بعدن ولحج.
من جهته، يرى الشاب العشريني هاني لصبور، أن تجربة جهاز الحزام الأمني تجربة فريدة، وحققت إنجازات جبارة في تثبيت الأمن والاستقرار وتحرير عدن وبعض المناطق من الجماعات الإرهابية، رغم الإخفاقات وبعض الأخطاء التي يرتكبها بعض الجنود فيه، إلا أن ذلك لا يؤثر في عمل الجهاز، ونأمل من الجهات ذات الاختصاص إعادة تأهيل وتدريب قوات الحزام الأمني وتطوير أدائهم بما يتوافق مع المرحلة الحرجة التي تعيشها الحبيبة عدن.
المهندس نوار أبكر، رئيس مبادرة إعمار عدن، أشار إلى أن جهاز الحزام الأمني يعتبر أول جهاز أمني منظم تشهده العاصمة المؤقتة، كما أنه يعتبر نموذجا لعملية بناء القوات المسلحة والأمن في عدن، ويقول: هذا ما نطمح لبنائه في باقي أجهزة الأمن، وأهمها الجهاز الاستخباراتي الذي نتمنى أن يكون هو الآخر نموذجا للنجاح في إعادة بناء مؤسسات الأمن والجيش مثل نموذج الحزام الأمني، كما يفيد بذلك.
وكانت قوات الحزام الأمني وقوات الشرطة قد نفذت خلال الأشهر الماضية حملات دهم في لحج وعدن، تمكنت من خلالها من اكتشاف معامل لتصنيع السيارات المفخخة والعبوات الناسفة والمتفجرة وضبطت مخازن أسلحة وخلايا إرهابية، بينهم أجانب ووثائق تؤكد ارتباط تلك الجماعات الإرهابية بأجهزة أمنية واستخباراتية موالية للمخلوع صالح، وفق ما أعلنته قيادات في الحزام لوسائل الإعلام سابقا.



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.