تصالح جديد بين مسيحيين ومسلمين في أحداث فتنة طائفية يحبط أقباط مصر

قوافل دعوية حكومية تزور «المناطق الساخنة» في جنوب البلاد

تصالح جديد بين مسيحيين ومسلمين في أحداث فتنة طائفية يحبط أقباط مصر
TT

تصالح جديد بين مسيحيين ومسلمين في أحداث فتنة طائفية يحبط أقباط مصر

تصالح جديد بين مسيحيين ومسلمين في أحداث فتنة طائفية يحبط أقباط مصر

تصالح مسيحيون ومسلمون في قرية بصعيد مصر رسميا، في خطوة طالما اعتبرت إهدارا لمبدأ المواطنة، وكانت سببا في إشعال الغضب بين الأقباط. وعلى إثر المصالحة أخلت النيابة العامة سبيل 16 متهما في أحداث عنف طائفي، أسفرت عن حرق ممتلكات أقباط بقرية أبو يعقوب بمحافظة المنيا، فيما أعلنت وزارة الأوقاف المصرية تسيير قوافل دعوية جديدة لمحافظة المنيا، لنشر التسامح بين أبناء المحافظة، في إجراء طالما أثبت «عدم فعاليته»، بحسب مراقبين.
وتشهد محافظة المنيا في مصر أعلى وتيرة من الأحداث الطائفية، وبخاصة بعد موجة عنف رافقت الإعلان عن عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين، في يوليو (تموز) عام 2013.
وأحرق مسلمون غاضبون 3 منازل مملوكة لأقباط بقرية أبو يعقوب في محافظة المنيا، بعد شائعة تحويل أحد تلك المنازل لكنيسة، منتصف الشهر الجاري. وقبل أسبوعين من ذلك الحادث أحرق مسلمون غاضبون أيضا منازل أقباط بقرية كوم اللوافي في المحافظة نفسها.
وقال بيان لمسؤول مركز الإعلام الأمني بوزارة الداخلية، أمس، إنه «في إطار متابعة الإجراءات القانونية بشأن الأحداث التي شهدتها قرية أبو يعقوب بدائرة مركز شرطة المنيا، توجه المجني عليهم صحبة محاميهم لنيابة جنوب المنيا الكلية، وعدلوا عن اتهامهم الموجه لكل من اتهموهم بتحقيقات النيابة، وأقروا بالتصالح معهم، وتقدم محامي المتهمين بطلب للاستئناف في أمر حبسهم وطلب إخلاء سبيلهم، حيث تم قبول الاستئناف شكلا وموضوعا، وقررت محكمة جنوب المنيا إخلاء سبيل 13 منهم بضمان مالي، وإخلاء سبيل 3 آخرين بضمان محل إقامتهم».
وعلى الرغم من أن العلاقات بين المسيحيين والمسلمين في مصر تتسم بالود بشكل عام، فإن أحداث العنف الطائفي غالبا ما تتفجر على خلفية مساعي الأقباط للتحايل على قوانين متشددة تنظم بناء دور عبادتهم، ومحاولات مسلمين متشددين منعهم بالقوة.
ويسعى البرلمان المصري حاليا إلى سرعة مناقشة قانون يتعلق ببناء بدور العبادة، بحسب برلمانيين مصريين يعتقدون أن من شأن هذا القانون أن يخفف من حدة الأزمة بين المسلمين والمسيحيين.
وقال مسيحي مصري يدعى سامي فريد لـ«الشرق الأوسط» أمس: «إن ما يزعجنا كأقباط ليس فقط منعنا من حق بناء الكنائس، لكن في الضغوط التي تمارس علينا لنتنازل عن حقنا القانوني، ربما هذه الضغوط تؤلمنا أكثر من الاعتداءات نفسها». ويعلن رجال دين مسيحيون ومنظمات مسيحية دائما رفضهم لمعالجة قضايا العنف الطائفي بالطريق العرفي وبعيدا عن القضاء المصري، معتبرين أن هذا الأمر يمثل إهدارا لدولة القانون، ويغذي أسباب الفتن. وبعد يومين من أحداث قرية أبو يعقوب، قتل مسيحي (ابن كاهن كنيسة) في مشاجرة بين مسيحيين ومسلمين بقرية طهنا الجبل في المنيا أيضا، في 17 يوليو الجاري.
وفي أول تعليق له على الأحداث المتلاحقة، حذر الرئيس عبد الفتاح السيسي من «محاولات الوقيعة بين المصريين»، وأضاف في كلمة له خلال حفل تخريج دفعة جديدة من طلبة وكليات المعاهد العسكرية، أول من أمس، أن المصريين «قادرون معا على تحقيق آمال وطموحات وطننا بأبنائه وعزيمة ووعي شعبه التام بمحاولات النيل من وحدته الوطنية، وما يتربص بمصر من مخاطر الإرهاب والتطرف».
ويحظى الرئيس السيسي بشعبية لدى قطاعات واسعة من المصريين بشكل عام، لكنه يحظى بمكانة خاصة لدى الأقباط، وبخاصة بعد أن أصبح أول رئيس مصري يحافظ على مشاركة الأقباط بنفسه في احتفالاتهم الدينية في المقر البابوي بالقاهرة، لكن تكرار أحداث العنف الطائفي وإفلات الجناة من المحاكمة، ألقيا بظلالهما على علاقة الرئيس بالأقباط.
وقال مصدر أمني إن أطراف النزاع في أحداث قرية أبو يعقوب أقروا أمام أعضاء لجنة «بيت العائلة» (المشكّلة من رجال دين مسيحيين ومسلمين وتتولى حل الأزمات الطائفية عرفيا) بالموافقة على بدء إجراءات عمليات التصالح فيما بينهم، وعودة العلاقات لما كانت عليه قبل الأحداث.
وقال بيان لوزارة الأوقاف إنها دفعت بقوافل دعوية إلى محافظة المنيا لنشر التسامح بين أبناء المحافظة، في إجراء طالما تعرض لانتقادات مراقبين. ويرى المراقبون أن هذا الإجراء طالما اختبر ولم يثبت أي فعالية في حصار الفتنة؛ لأن جذورها باقية في القوانين.
وقال بيان وزارة الأوقاف، إن مديرية الأوقاف بالتعاون مع الأزهر وبيت العائلة المصرية بالمنيا، قررت الدفع بـ5 قوافل دعوية إلى قرى طهنا الجبل، وكوم اللوفي، وعزبة عاصم بقرية أدمو وأبو يعقوب وزهرة وريدة، لنبذ العنف والتطرف والتأكيد على السلام والمحبة والحفاظ على حقوق الجوار.
وقال الشيخ محمد محمود أبو حطب، وكيل وزارة الأوقاف بالمحافظة، إن القوافل الدعوية هدفها توضيح المفاهيم الصحيحة للإسلام، التي تحض على التسامح والتعايش والحفاظ على الجوار.



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).