تفاصيل إنقاذ 8 مصريين من الموت على يد خاطفيهم في الصحراء الليبية

سائق تاكسي في القاهرة أمسك بطرف الخيط.. وعملية التسليم جرت في بنغازي

نشطاء مصريون على الحدود مع ليبيا يرفعون لافتات تحذر من مخاطر التهريب عبر الحدود والهجرة غير الشرعية  - جانب من محاضر التحقيقات في أحدث قضية   اختطاف لمصريين في ليبيا («الشرق الأوسط»)
نشطاء مصريون على الحدود مع ليبيا يرفعون لافتات تحذر من مخاطر التهريب عبر الحدود والهجرة غير الشرعية - جانب من محاضر التحقيقات في أحدث قضية اختطاف لمصريين في ليبيا («الشرق الأوسط»)
TT

تفاصيل إنقاذ 8 مصريين من الموت على يد خاطفيهم في الصحراء الليبية

نشطاء مصريون على الحدود مع ليبيا يرفعون لافتات تحذر من مخاطر التهريب عبر الحدود والهجرة غير الشرعية  - جانب من محاضر التحقيقات في أحدث قضية   اختطاف لمصريين في ليبيا («الشرق الأوسط»)
نشطاء مصريون على الحدود مع ليبيا يرفعون لافتات تحذر من مخاطر التهريب عبر الحدود والهجرة غير الشرعية - جانب من محاضر التحقيقات في أحدث قضية اختطاف لمصريين في ليبيا («الشرق الأوسط»)

كلمات قليلة على باب الشقة، في الضاحية الشرقية بالقاهرة، كشفت كل شيء.
قال المصري المكلوم.. «هذه هي أموال الفِدية التي طلبها الخاطف الليبي من أجل الإفراج عن ابني.. رجاء أعيدوه لي، من ليبيا، حيا». كان سائق سيارة الأجرة، المصري، واسمه «مينا»، مكلفا بتسلم المبلغ المالي، وقيمته نحو 25 ألف دولار أميركي، ونقله إلى شخص ليبي يقيم في العاصمة المصرية، اسمه «مصطفى»، ومن ثمَّ إرساله إلى ليبيا. يقول السائق «مينا» إنه لم يكن يعلم أي شيء عن تلك العملية حتى تلك اللحظة، ولم يكن يعلم أنه وقع ضمن مخطط لجريمة كبرى عابرة للحدود للخطف والابتزاز ونقل الأموال للإفراج عن الضحايا. حين سمع الكلمات عن «القتل» وعن «الفدية»، شعر بدوار وكاد يسقط مغشيا عليه. هبط من سيارته بخطوات متثاقلة وهو يستحضر في ذهنه صور عشرات المصريين الذين ضاعوا في ليبيا في العامين الأخيرين، بمن في ذلك المجموعة التي ذبحها تنظيم «داعش» عقب اختطفاهم في مدينة سرت.
لم تكن أمامه أي خيارات. لم تكن هناك فرصة للتفكير فيما ينبغي أن يقوم به. لقد حسم الأمر. وبدلا من العودة بالأموال إلى الليبي «مصطفي»، توجه «مينا» إلى مركز شرطة قسم أول مدينة نصر، وأخبر رجال الأمن بما جرى. وعلى الفور بدأت الاتصالات للتحري عن صحة الواقعة، وتبين أن القضية لا تخص مصريا واحدا، بل 8 من محافظات مختلفة؛ القاهرة وكفر الشيخ والدقهلية والغربية ودمياط، وقعوا بين يدي عصابة تتمركز شرق طرابلس، وتهدد بقتلهم وإلقائهم في الصحراء إذا لم تتسلم ألوف الدولارات «فدية» عن كل واحد.
حرارة اليوم في القاهرة تقترب من الأربعين درجة مئوية. تبدو ضاحية مدينة نصر، ذات الشوارع الواسعة، والواقعة في شرق العاصمة، مكتظة بالسيارات في وقت يسميه المصريون «وقت الذروة». لم يكن هناك مكان لأي مركبة في ساحة الانتظار القريبة من مركز «جنينة مول» التجاري. هنا ترى كثيرا من «مطاريد» ما يعرف بـ«ثورات الربيع العربي».. ليبيون وسوريون ويمنيون وغيرهم. الحركة صعبة، ووجوه العابرين مبللة بالعرق، والأسرار تتدفق دون أن يلحظها أحد.
لكن كان هناك ثلاثة يراقبون أمرًا مهما.. إنهم رجال شرطة في ملابس مدنية ينفذِّون خطة لتتبع صحة المعلومات التي أدلى بها «مينا». كشفت بعض أوراق التحقيقات التي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، أن المختطفين الثمانية كانوا معرضين للقتل في الصحراء الليبية على بعد نحو 150 كيلومترا من مدينة بني وليد المجاورة لسرت وهي مدينة تجري فيها حرب بين تنظيم داعش وميليشيات أخرى.
يقول الدكتور رجب ضو المريض، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بني وليد، لـ«الشرق الأوسط»، إن المدينة فيها عمالة مصرية يبلغ عددها نحو عشرين ألفا «يعيشون بيننا معززين مكرمين». ويضيف أن «من قام بخطف المصريين الثمانية هناك، هم عصابات تتبع ميليشيات».
أما هنا في القاهرة، وقبل أن يتم القبض على المتهمين، حيث جرى التقاط بداية الخيط، فقد كان أحد رجال الشرطة الثلاثة، يتلقى إشارة توضيحية عبر جهاز اللاسلكي من رئيسه، تؤكد له مجددا، وهو يمسح العرق عن جبينه، على رصيف شارع البطراوي المقابل للمركز التجاري، أن هناك مفاوضات بالهاتف جارية حول «الفدية» بين أحد ذوي المختطَفين، من قلب القاهرة، ورجل في داخل ليبيا، اسمه «شاليطة».
ويُعتقد أن «شاليطة» هذا، المسجل في محاضر الشرطة المصرية متهما رئيسيا في هذه الواقعة، هو أول شخصية يمكن أن يكون له تعامل مباشر مع الخاطفين من خلال موقعه في منطقة الاختطاف داخل ليبيا. وتبلغ المسافة بين المجموعة التي كانت الشرطة تحاصرها قي أحد مقاهي «جنينة مول» بالقاهرة، ومكان وجود «شاليطة» والمختطَفين في الصحراء الليبية، نحو 1600 كيلومتر. المشكلة هي كيف تجري عملية التحرير دون أن يقوم الخاطفون بقتل المصريين الثمانية.
وفقا لأقوال عدد من أطراف القضية، فإنه لا الليبي مصطفى، ولا باقي المتهمين، كانوا على علم بالوجهة التي ستذهب إليها المبالغ المالية. «لم نكن ندري أنها فدية لمختطفين مصريين في ليبيا». هكذا يجيب أحد المتهمين. تفاجأ الجميع بالموضوع حين جرى القبض عليهم، وهم يشربون القهوة في «جنينة مول»، بمن فيهم مصطفى نفسه. السائق «مينا» هو أول من علم بالأمر بمحض الصدفة، من منزل والد أحد المختطَفين، حين ذهب لتسلم الأموال. ومن هناك توجه لإبلاغ الشرطة.
ويقول أحد المقربين من مصطفى، المحتجز في قسم الشرطة في شرق القاهرة، إنه دافع عن نفسه بشأن التهم الموجهة إليه، وإنه قال إن أحد معارفه اتصل به من ليبيا (تقول أوراق التحقيقات إن المتصل كان «شاليطة» نفسه)، وأخبره بأنه يريده أن يتسلم مبلغا ماليا من أحد المصريين وإرساله إليه عن طريق رجل ليبي عائد من مصر إلى بلاده.
أما باقي المتهمين الأربعة، الذين جرى القبض عليهم في مقهى المركز التجاري، فقد قال عنهم محضر التحريات إنه «ليس لديهم علم بحقيقة الواقعة». لكن عملية احتجاز غالبية أطراف القضية في القاهرة، من مصريين وليبيين استمرت منذ مطلع شهر رمضان. وخلال فترة الاحتجاز أدار عدد من المسؤولين الأمنيين في العاصمة المصرية عملية معقدة للاستفادة من هؤلاء الليبيين، والضغط على ذويهم داخل ليبيا، أملا في إطلاق سراح المختطَفين الثمانية قرب بني وليد. وبغض النظر عن أبعاد العلاقة بين المتهمين في مصر بالخاطفين في ليبيا، يقول مسؤول أمني في القاهرة، إن ذوي المختطَفين لم يبلغوا السلطات في البداية، وتعاملوا بشكل مباشر مع الخاطفين خوفا على أبنائهم من التعذيب والقتل في حال تدخل الدولة. ويضيف: «في آخر اتصال بالهاتف، جعل قائد عصابة الخاطفين الليبي، مُختَطفا مصريا من بين الثمانية، يستغيث بذويه لكي يسرعوا في إرسال الفدية المطلوبة للإفراج عنه وقدرها 70 ألف دينار ليبي (نحو 25 ألف دولار أميركي)».
ويعتقد مسؤولون آخرون أن وقائع اختطاف المصريين والحصول على فدى مقابل إطلاقهم، كثيرة، وتجري في الخفاء عبر وسطاء غير رسميين في البلدين. ولا تقارن تلك الوقائع بما يظهر في وسائل الإعلام. ومنذ قيام تنظيم داعش باختطاف 21 مصريا وذبحهم في مشهد مأساوي مطلع العام الماضي، دعت السلطات المصرية رعاياها لعدم السفر إلى ليبيا إلا في حالة الضرورة القصوى، والابتعاد عن مناطق الخطر.
ومع ذلك، ورغم غلق الحدود البرية بين البلدين، عقب انتشار الفوضى، بعد مقتل معمر القذافي، فإنه استمر تدفق الشبان المصريين، الذين يعانون من الفقر والبطالة، على ليبيا، من خلال الدروب الصحراوية الوعرة.. كلٌ يحلم بفرصة عمل أو الهجرة إلى أوروبا في «قوارب الموت» في البحر المتوسط.
بحسب إفادة من مسؤول أمني في القاهرة، فإن خمسة على الأقل من بين الثمانية الذين أوقعهم حظهم العاثر في أيدي الخاطفين، كانوا يأملون في الوصول إلى الضفة الشمالية من البحر.. «إيطاليا أو اليونان».
وفي شهر أبريل (نيسان) الماضي، قُتل 16 مصريا قرب مدينة بني وليد، بعد محاولة فاشلة للفكاك من سطوة عصابة مختصة بالهجرة غير الشرعية، كانت تحتجزهم في مركز تجميع للمهاجرين في الصحراء. وما بين مثل هذه الوقائع التي تفرض نفسها على وسائل الإعلام وتتحول إلى حديث للناس في البلدين، تدور مآس أخرى في دوائر ضيقة، من بينها ما تعرض له مئات من سائقي شاحنات البضائع المصريين من اختطاف ونهب، حين كانوا ينقلون المواد الغذائية ومواد البناء إلى داخل المدن الليبية.
ودارت المآسي الخاصة بحوادث الخطف والقتل داخل ليبيا، في ذهن سائق التاكسي «مينا»، بعد أن فوجئ بأنه وسيط في تسليم مبلغ فدية لأحد المختطِفين. ويقول مصدر من ذوي المتهمين إن السائق كان يعمل في نطاق ضواحي مدينة نصر والتجمع الخامس والرحاب، حيث يفضل كثير من العرب والليبيين الهاربين من الحروب في بلادهم، الإقامة هناك. وتعرَّف «مينا» على الليبي «مصطفى» الذي يقيم في مصر منذ نحو خمس سنوات، وأصبحت بينهما «علاقة ثقة». ويضيف أن «مينا رجل طيب. يستأجره مصطفى في تنقلاته وتنقلات زوجته بالتاكسي داخل القاهرة، إلى أن فوجئ بموضوع الفدية». وقام «مينا» بإبلاغ الشرطة التي وضعت خطة للقبض على مصطفى ومن كان يجلس معه في مقهى المركز التجاري، ومن بينهم طالبان ليبيان ورجل أعمال ليبي كان معه 120 ألف دولار مخصصة لإنهاء عملية شراء شقة في منطقة الرحاب. كما كان من بين المقبوض عليهم مصريون قالوا إنهم لا علم لهم بالموضوع وإنهم كانوا مجرد سماسرة لبيع شقة. وجرى احتجاز الجميع. واستدعاء الرجل المصري الذي دفع الفدية لتحرير ابنه. وبعد أن بدأت التحقيقات مع مصطفى، تكشفت أبعاد واحدة من عمليات الاختطاف في ليبيا.
وجرى التحفظ على المجموعة. وقالت الشرطة إنهم محتجزون لأنهم على علم بمكان المختطَفين المصريين في ليبيا. وقال محضر التحقيقات إن مصطفى صديق للخاطف المدعو «شاليطة»، لكن مصطفى نفى علمه بطبيعة نشاط صاحبه. وأضاف محضر التحقيقات: «شاليطة وأشخاص آخرون (جاري) تحديدهم، اتفقوا على خطف الأشخاص المصريين الذين يعملون داخل دولة ليبيا، ومساومة أهاليهم وذويهم على دفع مبالغ مالية على سبيل الفدية نظير إطلاق سراحهم، وعدم قتلهم بداخل دولة ليبيا. وأنهم وراء ارتكاب الكثير من تلك الحوادث».
وتابع المحضر قائلا إنه «يجري تحويل الأموال من العملة المصرية إلى الدولار، قبل تحويلها إلى الخاطفين في ليبيا». ويقول مسؤول أمني مصري إن المختطَفين الثمانية دخلوا ليبيا بشكل غير رسمي.
بدأت في منتصف الشهر الماضي أول عملية اتصال من جانب ذوي المحتجزين في قسم مدينة نصر، بشيخ قبلي في مدينة بني وليد. ومن خلال تتبع العملية جرى تحديد موقع المختطفين الثمانية في منطقة وعرة غرب «بني وليد». واتضح أن الخاطفين لا يستجيبون للوساطة القبلية ويصرون على سداد مبلغ 25 ألف دولار عن كل رهينة. وعلى هذا أصدر شيخ من قبيلة ورفلة أوامره بتحرير المصريين بالقوة المسلحة. ووقعت اشتباكات بالرصاص وجرى بالفعل تحرير خمسة من الثمانية، أما الثلاثة الباقين فظل مصيرهم غامضا لعدة أيام تحت رحمة خاطفيهم.
يضيف الدكتور ضو موضحا أن الفضل في تحرير المصريين الثمانية يرجع إلى «المجلس الاجتماعي للقبيلة (قبيلة ورفلة في بني وليد) والسرية الأمنية التابعة لهذا المجلس». ويقول أحد القيادات التي شاركت في عملية التحرير: «عدنا بعد اشتباكات اليوم الأول ومعنا خمسة، لكننا لم نعرف مكان الثلاثة الآخرين في وقتها.. كان الخمسة في حالة جيدة». ولأنه لا توجد سفارة مصرية لدى ليبيا، بدأ البحث عن طريقة لتسليم الخمسة إلى الجانب المصري بشكل آمن. وجرى الاتفاق على تسليمهم لمندوب أمني مصري في مطار بنينا الليبي الذي يقع في مدينة بنغازي، على بعد نحو 900 كيلومتر من مكان الاختطاف. وجرى الانتقال بالخمسة، عن طريق الصحراء الجنوبية للوصول إلى بنغازي، برفقة قوة من «بني وليد» لحمايتهم، حيث إن الطريق الشمالي الساحلي، من مصراتة إلى حدود بنغازي، يشهد مواجهات عسكرية بين الدواعش وميليشيات أخرى. وبعد يومين وصلت معلومات لـ«سرية المجلس الاجتماعي لقبيلة ورفلة» عن المختطَفين الثلاثة الآخرين، وأن أحدهم كان مصابا. وبعد أن جرى تحريرهم في عملية أخرى، تم إرسالهم بالطريقة نفسها إلى مطار بنينا. ومن هناك جرى نقل المجموعة إلى منفذ السلوم البري وإعادتهم إلى المحافظات التي ينتمون إليها في مصر.
ووفقا لما أفادت به مصادر قريبة من التحقيقات في قسم شرطة أول مدينة نصر، فإن الإفراج عن غالبية المحتجزين، بمن فيهم سائق التاكسي «مينا»، مسألة وقت، بينما تسعى السلطات في القاهرة إلى ترحيل الليبيين، ممن وردت أسماؤهم في القضية إلى بلادهم.



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.