حادثة مقتل عشرات المدنيين السوريين جراء قصف طائرات التحالف الدولي لشمال مدينة منبج، أربكت الأمم المتحدة والتحالف الدولي الذي سارع إلى فتح تحقيق لتحديد المسؤوليات، حيث أكد مصدر في التحالف لـ«الشرق الأوسط»، أن «التحقيق لم يتوصل إلى نتيجة تحدد المسؤول عن مقتل المدنيين، ولا جديد في هذا الأمر بعد».
وفي حين نفى الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند علمه بأن تكون طائرات فرنسية هي التي قصفت تجمعات مدنية وتسببت بقتل 56 مدنيًا، طالب الائتلاف السوري لقوى الثورة والمعارضة بـ«وقف القصف الجوي على منبج»، في حين أشعل ناشطون سوريون مواقع التواصل الاجتماعي بالتغريدات المنددة بالمجزرة، والدعوة إلى تنظيم مظاهرات في سوريا وتركيا تحت شعار «منبج تباد». بينما منحت «قوات سوريا الديمقراطية» مقاتلي تنظيم داعش فرصة أخيرة لمغادرة منبج مع أسلحتهم الفردية في مهلة أقصاها 48 ساعة، وإلا الاستمرار في الخيار العسكري لاجتثاثهم من المدينة.
وأكد الناطق الرسمي باسم المجلس العسكري في منبج وريفها شرفان درويش، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «ما يحكى عن استهداف المدنيين فيه تضخيم وتشويه للحقائق». وقال: «ما حصل أن طائرات التحالف استهدفت تجمعات كبيرة لـ(داعش) وآلياته عند أطراف بلدة التوخار، أدت إلى مقتل 87 عنصرًا من التنظيم الإرهابي»، معتبرًا أن سبب «استشهاد عدد من المدنيين مردّه إلى أن التنظيم كان أخرج معه عشرات المدنيين من القرية واستخدمهم دروعا بشرية، نحن نعترف بسقوط ضحايا أبرياء ونأسف لاستشهادهم، ولكن عددهم ليس بالضخامة التي يحكى عنها».
وقال الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، أمس، إنه «ليست لديه معلومات عما إذا كانت طائرات فرنسية مسؤولة عن غارة جوية قتلت نحو 56 مدنيًا في المنطقة المحيطة بمدينة منبج في شمال سوريا». وردًا على مزاعم وزارة خارجية النظام السوري، بأن الهجوم الذي وقع يوم الثلاثاء واستهدف قرية طوخان شمال منبج نفذته قوات فرنسية. قال هولاند للصحافيين: «فيما يتعلق بأنشطة التحالف المناهض لتنظيم داعش ليس لدي معلومات محددة عما نفذته الطائرات الفرنسية»، مؤكدًا أن «الضربات توجه تحت مظلة التحالف ونتحلى بدرجة كبيرة من الحرص في ضرباتنا». أما وزارة الخارجية الفرنسية، فقالت في إفادة يومية إنها «لا تعطي أي مصداقية للتصريحات الصادرة عن نظام بشار الأسد». وتحدثت عن «تحقيق يجريه التحالف سيحدد ما إذا كانت الضربات ضد (داعش) تسببت في مقتل مدنيين».
وأثار مقتل عشرات المدنيين عاصفة ردود غاضبة، حيث دعا الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، التحالف الدولي إلى «التعليق الفوري لضرباته الجوية على تنظيم (داعش)». في حين قال ناشطون إن «عشرات المدنيين قتلوا هذا الأسبوع بفعل ضربات جوية للمدينة (منبج) وإلى الشمال منها». ودعوا إلى تنظيم مظاهرات على نطاق واسع، للتنديد بغارات التحالف الدولي بقيادة واشنطن في شمال سوريا. ووجه الناشطون دعوات عبر موقع «فيسبوك» إلى التظاهر يوم الأحد ضد الغارات تحت شعار «منبج تباد». وكُتِب على إحدى هذه الصفحات: «نطالب كل السوريين بجميع انتماءاتهم وطوائفهم وكل أحرار العالم، بالوقوف مع مدينتنا المنكوبة في تضامننا يوم الأحد 24 يوليو (تموز)». وأوضح النداء أن الدعوات «تأتي ردًا على ما يحدث من مجازر يرتكبها طيران التحالف». وطالب ناشطون آخرون بـ«تنظيم مظاهرات في مدينتي إسطنبول وغازي عنتاب التركيتين، حيث يقيم عدد كبير من اللاجئين السوريين».
بدورها نددت منظمة «يونيسيف» بالغارات التي أوقعت «أكثر من 20 قتيلا من الأطفال». وقالت ممثلة اليونيسف في سوريا، هناء سنجر، في بيان لها: «وردت تقارير هذا الأسبوع من سوريا حول مقتل ما يفوق العشرين طفلاً في قصف جوي في منبج، إلى جانب ذبح طفل يبلغ من العمر 12 عامًا بطريقة وحشية أمام عدسة الكاميرا في حلب، إن هذه الحوادث المروعة تضع أطراف هذا النزاع أمام مسؤوليتهم المشتركة لاحترام قوانين الحرب الدولية التي تنص على حماية الأطفال».
أضافت: «وفقًا لمعلومات وردت عن شركاء الأمم المتحدة الميدانيين في قرية التوخار قرب منبج الواقعة على بعد 80 كيلومترًا شرق حلب، فقد كانت العائلات تستعد للفرار من القرية عندما تعرضت لقصف جوي». وأشارت إلى أن «اليونيسف»، تقدر بأن هناك «نحو 35 ألف طفل محاصرين في منبج وضواحيها، يفتقرون إلى ملاذ آمن يلجأون إليه». ورأت أنه «مع تصاعد العنف في المنطقة خلال الأسابيع الستة الماضية، سقط أكثر من ألفين وثلاثمائة شخص، من بينهم العشرات من الأطفال».
إلى ذلك، أعلنت «قوات سوريا الديمقراطية»، التي تقاتل من أجل إخراج تنظيم داعش من منبج، وتدعمها الولايات المتحدة الأميركية، أنها «أمهلت التنظيم 48 ساعة للانسحاب من هذه المدينة المحاصرة». وقال بيان للمجلس العسكري في منبج إن «مقاتلي تنظيم داعش سيتاح لهم مغادرة المدينة سالمين مع أسلحتهم الخفيفة، وهذه المغادرة يجب أن تتم خلال 48 ساعة، وهذه المبادرة هي الوحيدة الأخيرة المتاحة أمام عناصر (داعش) لمغادرة المدينة».
وأوضح الناطق الرسمي باسم المجلس العسكري لمنبج، أن «المهلة التي منحت لمقاتلي التنظيم من المدينة، جاءت استجابة للفاعليات الشعبية والأهالي». وأكد أن «فاعليات منبج قدمت المبادرة ونحن وافقنا عليها، من أجل تجنيب المدينة الدمار وتلافي مرحلة جديدة من الحرب».
وقال شرفان درويش: «الفاعليات الشعبية هي التي ستبحث المبادرة مع التنظيم وتأتينا بالجواب، فإذا وافق على هذا الطرح، سنوفر لهم ممرًا آمنًا مع أسلحتهم الفردية، وإذا رفضوا المبادرة أو لم يأت جوابهم خلال الـ48 ساعة، تُلغى المبادرة حكمًا، وتستمر العملية العسكرية من أجل اجتثاته من المدينة».
إرباك التحالف الدولي بعد مقتل عشرات المدنيين بطائراته
«قوات سوريا الديمقراطية» تمهل «داعش» 48 ساعة للخروج من منبج
إرباك التحالف الدولي بعد مقتل عشرات المدنيين بطائراته
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة