برعاية الملك المغربي.. طنجة تستضيف مؤتمر «المتوسط» للتغيرات المناخية

رئيس المؤتمر: الحوض المتوسطي أصبح مقبرة للمحافل البشرية ويحتاج حلولاً ناجعة

الملك محمد السادس
الملك محمد السادس
TT

برعاية الملك المغربي.. طنجة تستضيف مؤتمر «المتوسط» للتغيرات المناخية

الملك محمد السادس
الملك محمد السادس

من بين كل البلدان العربية المتوسطية، يبدو المغرب الأكثر انخراطًا في موضوع البيئة والتغيرات المناخية ومحاربة الانحباس الحراري. وبما أن المغرب يرأس قمة المناخ 22 التي ستستضيفها مدينة مراكش في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، فإن الرباط تجد نفسها معنية أكثر من غيرها في جذب الاهتمام لتحديات البيئة ويفسر استضافة مدينة طنجة ليومين، مؤتمرًا واسعًا خصص للتحديات في الحوض المتوسطي، وجاء استكمالاً لمؤتمر مرسيليا «فرنسا» الذي التأم في شهر يونيو (حزيران) من العام الماضي.
المؤتمر الذي حضره ما يزيد على ألفي خبير ومسؤول وناشط وممثل عن المجتمع المدني جاء تحت رعاية الملك محمد السادس وحضور شقيقه الأمير مولاي رشيد. ورغم غياب وزير الخارجية، رئيس اللجنة التحضيرية لقمة المناخ القادمة بسبب اجتماعات الاتحاد الأفريقي وعزم المغرب على العودة إلى المنظمة الأفريقية، وكذلك غياب وزيرة البيئة الفرنسية المسؤولة عن متابعة قرارات قمة باريس نهاية العام الماضي، فإن المؤتمر تميز بالجدية وبوعي المشاركين إلى الحاجة للتحرك وعدم ترك المتوسط على الهامش. لكن الأهم من ذلك أمران: الأول، انخراط الشباب في العملية الأمر الذي برز في اجتماعات متلاحقة لمجموعات كبيرة منهم، ولسعيهم لإقامة شبكة اتصالات تتابع الملف وتتشارك اقتراح الحلول كجزء من انخراط المجتمع المدني، وعدم ترك الأمور للجهات الرسمية وحدها. والثاني التأكيدات التي جاءت على لسان أكثر من مسؤول ومشارك بأن الاجتماع هدفه اقتراح الحلول وليس فقط الاكتفاء بالتوصيف والتشخيص.
وفي كلمته للمؤتمر، نوه الملك محمد السادس بأهمية المؤتمر، معتبرًا أن جميع المنتمين للحوض المتوسطي معنيون وهم «يتقاسمون تحديات اجتماعية واقتصادية وجيوسياسية، وبسبب هشاشة أقاليمنا نتقاسم تحديات بيئية». وبنظره، فإنه مقابل التحديات، فإن الفضاء المتوسطي «الغني بتعدد ثقافاته وروافده ومبادلاته يمكنها أن تجعل منه قوة تآزر قادرة على مواجهة التغيرات المناخية، وعلى اكتساب مقومات التحمل والتكيف الضرورية». وأضاف الملك محمد السادس أن الدورة الثانية للمؤتمر المتوسطي للمناخ ستكون «دورة الترسيخ والاستمرارية»، كما أنها تشكل فرصة «لإعطاء دفعة قوية لمشاريع رائدة» في المنطقة، وبما أنها تنعقد بين قمة المناخ العالمية 21 والقمة التالية في مراكش، فإنها مناسبة «للفاعلين الإقليميين لتنسيق مواقفهم إزاء تفعيل اتفاق باريس ومؤسسة صوت المنطقة المتوسطية على الصعيد الدولي وعلى المحافل التي ترعى مفاوضات المناخ». أما مؤتمر مراكش، فقد رأى فيه محمد السادس «لحظة الحقيقة للدبلوماسية المناخية» للتأكد من تنفيذ قرارات قمة باريس لجهة حصر ارتفاع الحرارة دون الدرجتين. أما أولويات الرئاسة المغربية فهي أربعة: تحقيق المساهمات الوطنية، تعبئة التمويلات، تعزيز آليات التكيف، وتطوير التكنولوجيا.
المؤتمر الذي تولى التحضير له منطقة طنجة تطوان والحسيمة وبمشاركة الاتحاد من أجل المتوسط ومساهمة القطاعين العام والخاص المجتمع المدني والخبراء، رأى فيه إلياس العماري، رئيس المؤتمر فرصة لإعادة المتوسط إلى واجهة الاهتمام الدولي. وقال العماري: «الحوض المتوسطي لم يحظ يوما بالأهمية التي يستحقها في كل قمم العالم حول البيئة والمناخ باستثناء المؤتمر الأخير في فرنسا «مرسيليا». الحوض المتوسطي أصبح مقبرة للمحافل البشرية كما أنه أصبح مقبرة للنفايات بكل أشكالها، بحيث باتت تستدعي إيجاد حلول ناجعة تعيد للحوض المكانة التي يستحقها». ويؤكد العمري أن الهدف هو «الوقوف بوجه الأخطبوط الصناعي الباحث عن الربح السريع، وهو الذي استباح هذه البيئة ولوثها، وهو الذي يقتل المتوسط ببطء» بمساهمة الشركات الصناعية الكبرى. وبرأيه، فإن هذه الجهات هي التي أضرت بالبيئة المتوسطية فجعلتها «هشة» بكل ما تحمل الكلمة من معنى.
في بيئة متوسطية غلبت عليها الحروب والنزاعات والإرهاب، كما في سوريا وليبيا أو الهجرات الجماعية في مياه المتوسط وما تحمله من مآسٍ، تراجع الاهتمام البيئوي إلى المواقع الخلفية. بيد أن أمين عام الاتحاد من أجل المتوسط السفير فتح الله السجلماسي يرى من جانبه أنه لا يمكن الانتظار، وأن معالجة المسائل البيئية هي جزء من معالجة مشكلات الهجرة والعمالة والشباب والنساء، لأن «الأمور مرتبطة ببعضها البعض». ويركز السجلماسي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» على دور الاتحاد، لأنه يعتقد أن الحلول لمشكلات البيئة والمناخ والتصحر وندرة المياه وتوابعها «لا يمكن أن تكون إلا جماعية» ولكن في الوقت عينه محلية وجهوية وإقليمية وعالمية، وبالتالي «يتعين التنسيق بين المستويات المختلفة». ويشدد السجلماسي على الحاجة لأن تلعب كل المكونات المجتمعية الرسمية والخاصة دورها، لأن القرارات الحكومية وحدها لا تكفي بل إن تنفيذها يحتاج لمساهمة الجميع وبداية لوعي حقيقي بأهمية التحديات وضرورة مواجهتها عمليًا. وبرأيه، فإن الاتحاد من أجل المتوسط كمنظمة إقليمية معنية بشؤون البيئة والمناخ، وخصوصا بالبحث عن حلول عملية لها قادرة على أن تلعب دورًا كبيرًا، ليس فقط عن طريق المشاريع التي ترعاها بل أيضا من خلال القيام بدور «المنسق»، بحيث تكون الأجندة المتوسطية منسجمة ومتكاملة، وكذلك منخرطة في الأجندة العالمية. وقد شهد مؤتمر طنجة، أمس، توقيع مجموعة من الاتفاقيات التي تخرج العمل الجماعي من حيز التنظير والكلام إلى حيز التنفيذ، وهو ما يحتاجه المتوسط بالدرجة الأولى.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.