المعارضة تكثّف عملياتها لفك الطوق عن حلب.. وتتهم الأكراد بحصارها

المدنيون يبحثون عن سبل للخروج تحسبًا لسقوط المدينة أو لحصار تجويعي طويل

آثار الدمار الذي خلفه القصف الجوي على حارة الباشا في القسم الشرقي من حلب أمس (موقع حلب اليوم)
آثار الدمار الذي خلفه القصف الجوي على حارة الباشا في القسم الشرقي من حلب أمس (موقع حلب اليوم)
TT

المعارضة تكثّف عملياتها لفك الطوق عن حلب.. وتتهم الأكراد بحصارها

آثار الدمار الذي خلفه القصف الجوي على حارة الباشا في القسم الشرقي من حلب أمس (موقع حلب اليوم)
آثار الدمار الذي خلفه القصف الجوي على حارة الباشا في القسم الشرقي من حلب أمس (موقع حلب اليوم)

تحتدم المعارك بين قوات النظام السوري وفصائل المعارضة في مزارع الملاح وعلى طريق الكاستيلو في مدينة حلب شمال سوريا، بمسعى من «غرفة عمليات فتح حلب»، لتكثيف العمليات الهادفة لفك الطوق الذي تم فرضه في الساعات القليلة الماضية على الأحياء الشرقية الخاضعة لسيطرتها، بانتظار استكمال استعداداتها لإطلاق «معركة كبرى» داخل حلب وفي ريفها، تهدف وبحسب مدير المكتب الإعلامي في «تجمع فاستقم كما أمرت»، ورد فراتي، إلى «الضغط على النظام وحل الأزمة جذريا».
وحول رفض فراتي إعطاء تفاصيل المعركة المرتقبة وموعد إطلاقها وتحديد الأهداف التي ستطالها، أكّد في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أنها «ستضع حدا نهائيا لممارسات النظام في حلب وستمنع حصار المدنيين بالكامل». وقال: «في هذا الوقت، تحتدم المعارك على التلال المحيطة بطريق الكاستيلو التي كانت قوات النظام تقدمت باتجاهها يوم الأحد»، لافتا إلى أن لا صحة على الإطلاق لنزول هذه القوات إلى الأسفلت، موضحا أنّها «انسحبت تحت ضغط العمليات العسكرية من التلة المطلة مباشرة على الطريق وباتت في نقاط خلفية متوسطة، حيث تستمر المواجهات لدفعها إلى نقاطها السابقة».
وقال «مكتب أخبار سوريا» إن فصائل المعارضة حاولت يوم أمس استرداد التلتين اللتين سيطرت عليهما القوات النظامية في مزارع الملاح، الأحد، والمشرفتين على طريق الكاستيلو، لافتا إلى أن المواجهات لا تزال دائرة بين الجانبين، وسط استقدام المعارضة تعزيزات عسكرية من الريف لاستعادة النقاط التي تقدمت إليها القوات النظامية والتي سيطرت عليها بدعم جوي كثيف من الطيران الحربي الروسي.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بارتفاع عدد القتلى المدنيين في حلب منذ 22 أبريل (نيسان) إلى 914 مدنيا، بينهم 204 أطفال، جراء قصف قوات النظام والضربات الجوية التي استهدفت مناطق سيطرة الفصائل بالأحياء الشرقية من المدينة، وقصف فصائل المعارضة على مناطق سيطرة قوات النظام في الأحياء الغربية لحلب، بالإضافة إلى رصاص القناصة، وقصف من قبل الفصائل على حي الشيخ مقصود الذي تسيطر عليه وحدات حماية الشعب الكردي.
وتتهم الفصائل المعارضة «قوات حماية الشعب» الكردية بمشاركة النظام في حصار حلب، وهذا ما لمح إليه ورد فراتي، وتحدثت عنه وبشكل واضح «الجبهة الشامية» في بيان، قالت فيه إن «حصار حلب ما كان ليتم لولا احتلال ميليشيا (pyd) حي الشيخ مقصود في المدينة». واعتبرت الجبهة أن «الميليشيا الكردية تتحمل مع نظام اﻷسد مسؤولية الضحايا الذين يسقطون كل يوم، وتبعات المجاعة التي تطل برأسها على مئات اﻵلاف من المدنيين بحلب».
ورد نواف خليل، رئيس المركز الكردي للدراسات والناطق السابق باسم حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي على هذه الاتهامات، معتبرا أنّها «محاولة من بعض فصائل المعارضة التي تشبه النظام تماما، للتهرب من فشلها في معارك الكاستيلو والجرائم التي ترتكبها بحق المدنيين من خلال إلقاء التهم والمسؤوليات على سواها»، مشددا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على أن حي الشيخ مقصود الذي تسيطر عليه وحدات حماية الشعب ويعيش فيه نحو 40 ألف مدني «محاصر من المعارضة كما من النظام ويتلقى الضربات من الطرفين». وإذ تحدث خليل عن ضغوط تمارسها فصائل المعارضة على المدنيين في الشيخ مقصود لمغادرته، نفى نفيا قاطعا أن تكون القوات الكردية تشارك في حصار المنطقة الشرقية لحلب، لافتا إلى أن وجودها يقتصر على حماية المدنيين. وأضاف: «لا يمكن أن نشارك بأي شكل من الأشكال في منع المساعدات عن المدنيين أينما وجدوا، ونتحدى من يقدّم إثباتات تؤكد أننا قمنا بالعكس في أي منطقة من المناطق الخاضعة لسيطرتنا».
وبحسب وكالة الصحافة الفرنسية، يسيطر الخوف على سكان الأحياء الشرقية في مدينة حلب، بعدما باتت قوات النظام تحاصر منطقتهم بشكل كامل، ويسعى كثيرون لإيجاد طريق للمغادرة استباقا لسقوط المدينة أو تحسبا لحصار تجويعي طويل.
ويقول محمد ركبي (38 عاما) من سكان حي بستان القصر في الجهة الشرقية: «أشعر بالخوف من القادم. ربما سيقوم النظام بالهجوم على الأحياء الشرقية، ولن يكتفي فقط بمحاصرتها، فالقصف اليومي الشديد على أحيائنا يوحي بذلك». ويضيف: «لا أعلم ماذا سيحل بنا، لا يوجد أي مكان نذهب إليه.. جميع الطرق مغلقة، ونعاني منذ أيام من نقص الخبز والغذاء وكل شيء تقريبا».
وتدور منذ السابع من يوليو (تموز) معارك ضارية في محيط الكاستيلو من الجهتين الشرقية والغربية، إذ شنت فصائل المعارضة هجمات عدة في محاولة لمنع تقدم قوات النظام، إلا أنها فشلت في تحقيق مسعاها. وبدأ سكان الأحياء الشرقية منذ أيام يعانون نقصا في التموين. ويقول محمد زيتون (44 عاما) من سكان حي المشهد، وهو ميكانيكي سيارات ووالد لخمسة أولاد: «توقفت عن العمل منذ أيام بسبب فقدان الوقود». ويضيف: «لم أكن أتوقع حدوث ذلك فجأة. وخلال أيام معدودة، استطاع النظام الوصول إلى طريق الكاستيلو». ويتابع: «التفكير في الحصار بات يمنعني من النوم ليلا. أسعى للنزوح خارج المدينة، لكن لا يوجد أي طريق آمن». ولدى زيتون، بحسب قوله، مؤن قد تكفيه لمدة أسبوع واحد. ويتخوف «من حدوث مجاعة في حال فقدت المواد الغذائية من الأسواق».
وتستبعد مصادر في المعارضة السورية أن تشهد المنطقة الشرقية في حلب موجة نزوح كبرى في حال تم تأمين ممر آمن، لافتة إلى أن «أهالي هذه المنطقة رغم كل ما تعرضوا له في السنوات الأربع الماضي تمسكوا بأرضهم وظلوا في منازلهم رغم قصفها بشتى أنواع الأسلحة والصواريخ». وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «حاليا موضوع النزوح شبه مستحيل، نظرا لمنع النظام أي حركة على طريق الكاستيلو بضغط ناري كثيف، لكننا لا نتوقع أنّه وفي حال كان هناك قرار أممي بإخراج المدنيين أن تستجيب أعداد كبيرة للدعوة».



انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.