المعارضة السورية قلقة من غموض الاتفاق الروسي ـ الأميركي

عضو اللجنة العليا للمفاوضات: على واشنطن التصدي لممارسات موسكو في سوريا

المعارضة السورية قلقة من غموض الاتفاق الروسي ـ الأميركي
TT

المعارضة السورية قلقة من غموض الاتفاق الروسي ـ الأميركي

المعارضة السورية قلقة من غموض الاتفاق الروسي ـ الأميركي

أبدت الهيئة العليا للمفاوضات في ختام اجتماعاتها في الرياض، أمس، تخوفها من الغموض الذي يكتنف الاتفاق الروسي الأميركي حيال الملف السوري، مؤكدة رفضها طلب فصل «جبهة النصرة» وفصائل «الجيش الحر»، عن المدنيين في سوريا، في الوقت الذي قالت فيه مفاوضة بارزة في المعارضة السورية، إن الولايات المتحدة لا تتصدى لروسيا التي ترتكب «جرائم حرب» في سوريا.
وقال الدكتور رياض نعسان المتحدث الرسمي باسم الهيئة العليا للمفاوضات لـ«الشرق الأوسط»: «ناقشت الهيئة العليا الغموض المريب الذي يكتنف الاتفاق الروسي - الأميركي، فالمعارضة كطرف رئيسي في الملف السوري، لا تدري على أي شيء اتفقا»، وأكد أن غموض موسكو وواشنطن ينسحب حتى على الدول الداعمة من أصدقاء الشعب السوري، فلا فرنسا ولا ألمانيا ولا بريطانيا ولا حتى تركيا أو السعودية، وجميعهم من مجموعة أصدقاء سوريا، مطلعين على فحوى الاتفاق. «ولذلك الهيئة تطالبهما بالشفافية والمصداقية».
وتابع: «ناقشنا الطلب الروسي بالفصل بين الجيش الحر والنصرة وأمثالها، ووجدناه مطلبًا تعجيزيًا، إذ كيف يمكن الفصل بين هذه المجموعات وبين المدنيين الذين تعيش النصرة بينهم؟ في إدلب مثلاً يوجد 800 ألف مدني، يقعون تحت سيطرة النصرة. وقلنا إن هذا الأسلوب من محاربة الإرهاب بالقصف العشوائي عبر إبادة مدن وتجمعات سكنية، يدفع ثمنه المدنيون، لا عناصر التنظيم، فغالبية الضحايا من النساء والأطفال والشيوخ».
وأوضح نعسان، أن اجتماع الرياض الذي اختتمته الهيئة العليا، أمس، لم يقرّ الوثيقة السياسية بشكل نهائي، لأنه أراد أن يتركها مفتوحة لفترة زمنية قصيرة، بهدف استكمال مناقشتها مع مكونات خارج الهيئة العليا، فهناك 300 منظمة مجتمع مدني يمكن لها أن تبدي رأيها، «كذلك أرسلناها للمجالس المحلية وإلى التنسيقيات، وهناك فصائل عسكرية ليست منضمة للهيئة، ولكنها ليست على خلاف مع الهيئة التي هي مستعدة للاستماع لرأيهم».
وانتهى رياض نعسان إلى القول إن «الهيئة العليا وجدت في اجتماعها أن التطورات التي لها تماس مباشر مع عملية المفاوضات، وهي الواقع العسكري والميداني والإنساني في سوريا، لا تشكل ظرفًا ملائمًا يدعو للتفاؤل بإمكانية عقد جولة جديدة ناجحة من المفاوضات»، مشددًا على عدم رغبة الهيئة في تكرار الجولات الفاشلة، «لأننا نبحث عن مفاوضات جادة، ومن الواضح أنه لا شريك لنا فيها بسبب تعنت النظام السوري، وهذا يفسر لماذا لم يطلق المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا الدعوة لجولة جديدة من المباحثات بين الطرفين».
من جهتها، قالت بسمة قضماني عضو اللجنة العليا للمفاوضات: «ما نفتقده هنا هو رد فعل جاد على السلوك الروسي على الأرض.. روسيا تقول شيئًا وتفعل شيئًا آخر».
ونقلت «رويترز» عنها قولها في مؤتمر صحافي، مساء أول من أمس، إن فرص عقد جولة جديدة من محادثات السلام تبدو بعيدة على نحو متزايد مع مشاركة روسيا في الغارات الجوية بعد «الكذب على نحو مستمر» بشأن الخطوات التي تقول إنها مستعدة للقيام بها من أجل السلام في سوريا.
وكانت الأمم المتحدة قد قالت إن المحادثات بين وزير الخارجية الأميركي جون كيري والرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد تؤدي إلى تفاهم بشأن أكبر عقبتين أمام العودة إلى محادثات السلام، وهما الاتفاق على وقف القصف العشوائي والتوصل لصيغة للتحول السياسي.
ولكن كيري اختتم زيارته لموسكو بقوله إنه على الرغم من وجود تفاهم مشترك بشأن الخطوات اللازمة لعودة عملية السلام إلى مسارها، فهناك حاجة لمزيد من العمل قبل إمكان تنفيذ هذه الخطوات.
وقالت قضماني: «ما نحتاجه هو تأكيد روسيا من جديد على اهتمامها بعملية سياسية. لكننا لا نرى ذلك»، مضيفة: «هذا هو المجال الذي نتوقع أن يرد فيه الأميركيون بشكل أقوى، لأن هناك جرائم حرب تُرتكب في الوقت الذي كان يوجد فيه كيري في موسكو ويناقش ترتيبًا أمنيًا واستهداف الجماعات الإرهابية، بينما تشارك روسيا بشكل كامل في هذه العملية في حلب».
وحظيت سوريا بفترة سلام واسع النطاق على مدى شهرين بفضل «وقف للعمليات القتالية» بدأت في فبراير (شباط) الماضي. ولكن ذلك انهار تقريبًا. وقالت قضماني إن جهود استئنافه «فشلت فشلاً ذريعًا».
وتابعت: «نود أن نعرف ما نوع الضمانات التي تستطيع الولايات المتحدة الاتفاق عليها مع روسيا»؟ مضيفة: «ما نريده هو ضمانات قوية بشأن إعادة وقف العمليات القتالية».
وأضافت أنه يجب أن تتمكن الولايات المتحدة وحلفاؤها في أوروبا والشرق الأوسط من اتخاذ خطوات للتأثير بشكل أقوى للتصدي لروسيا، ولكن يبدو عدم وجود مثل هذه الإجراءات.
وختمت تصريحاتها بالقول: «إنه فعلاً شيء محير تمامًا، أن نرى القوى الغربية التي يُفترض أنها صديقة للشعب السوري لا تقدم أي منهج بديل».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.