مجلس الأمن: إيران انتهكت القانون الدولي بتسليح ميليشيات عراقية

متهمون يمثلون أمام محكمة في طهران إثر اعتدائهم على سفارة السعودية وقنصليتها

جنود عراقيون خلال مشاركتهم في عرض عسكري احتفالا بالانتصار على «داعش» في أحد شوارع بغداد (إ.ب.أ)
جنود عراقيون خلال مشاركتهم في عرض عسكري احتفالا بالانتصار على «داعش» في أحد شوارع بغداد (إ.ب.أ)
TT

مجلس الأمن: إيران انتهكت القانون الدولي بتسليح ميليشيات عراقية

جنود عراقيون خلال مشاركتهم في عرض عسكري احتفالا بالانتصار على «داعش» في أحد شوارع بغداد (إ.ب.أ)
جنود عراقيون خلال مشاركتهم في عرض عسكري احتفالا بالانتصار على «داعش» في أحد شوارع بغداد (إ.ب.أ)

أدان مجلس الأمن مجددا الانتهاكات الإيرانية للقانون الدولي بإرسال أسلحة لميليشيات عراقية، وقال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية جيفري فيلتمان إن إيران انتهكت القانون الدولي بإرسالها أسلحة إلى ميليشيات في العراق.
كما أعرب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عن قلقه من إطلاق إيران صواريخ باليستية، وأكد أن ذلك لا يتفق مع روح الاتفاق وخطة العمل المشتركة بين إيران والدول الكبرى، وأن (عمليات إطلاق الصواريخ) يمكن أن تزيد من حدة التوتر في المنطقة.
جاء ذلك، أثناء عقد مجلس الأمن الدولي جلسة مطولة بشأن تنفيذ القرار «2231» الذي اعتمده المجلس في العشرين من يوليو (تموز) من العام الماضي، والذي صادق فيه على خطة العمل المشترك الشاملة بشأن برنامج إيران النووي بين إيران والدول الكبرى (5+1).
واستمع المجلس إلى إحاطة من فيلتمان حول تقرير الأمين العام بشأن تنفيذ القرار، ومن السفير الإسباني رومان أويارزون بصفته الموكل بمهام تتعلق بالقرار، ومن ممثل الاتحاد الأوروبي السفير جواو بيدرو فالي ديالميدا بصفته منسق اللجنة المشتركة.
وركز تقرير الأمين العام على عمليات النقل والأنشطة النووية، والمرتبطة بالقذائف الباليستية، والأسلحة، وأيضا تجميد الأرصدة وحظر السفر.
وجاءت مواقف الدول الغربية وروسيا متباينة بين انتقاد إيران لإطلاقها صواريخ باليستية وتهديدها المستمر لدول المنطقة، بينما طالب البيان الروسي بالتقيد الكامل من الأطراف كلها للاتفاق.
وتوالت ردود الفعل العراقية حيال الانتقاد الأممي لإيران، حيث قال الدكتور سعد الحديثي، المتحدث الإعلامي باسم مكتب رئيس الوزراء العراقي، إن «الآلية الرسمية المتبعة في عمليات تجهيز ودعم العراق بالأسلحة تقوم على قاعدة التنسيق المشترك بين الحكومة العراقية والدولة الأخرى».
وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «القناة الوحيدة المعتمدة على صعيد دعمنا بالأسلحة هي قناة الحكومة فقط، وهو الأمر الذي نتعامل فيه مع كل الدول التي تتولى تقديم الأسلحة للعراق، علما بأن كل الأسلحة التي تقدم إلى العراق تكون مقابل ثمن، ولا توجد أسلحة بالمجان من أي دولة».
وأضاف الحديثي: «من الممكن تأجيل دفع بعض أثمان الأسلحة، لكنها في النهاية عملية بيع وشراء، والحكومة حريصة كل الحرص على هذه المسألة، ولا يمكن السماح لأي قناة أخرى على صعيد السلاح».
في حين أكد ائتلاف دولة القانون الذي يقود الحكومة العراقية أن «طهران تتعاون بقوة مع العراق على صعيد دعمه بالسلاح في حربه ضد الإرهاب، ولكنها لا تجازف في التعامل بشكل مباشر مع جهات غير رسمية، مثل الفصائل المسلحة والحشد الشعبي؛ لأنها لا تحتاج إلى ذلك أصلا، بسبب وجود تنسيق جيد على هذا الصعيد مع الحكومة العراقية».
وقال القيادي في الائتلاف عدنان السراج في تصريح لـ«الشرق الأوسط» ردا على تقرير للأمم المتحدة اتهم إيران بانتهاك القانون الدولي بتقديمها أسلحة إلى جماعات مسلحة في العراق إن «التعاون العسكري بين العراق وإيران معلن وبعلم الأمم المتحدة والولايات المتحدة، ويضاف إلى ذلك أن كون إيران لديها علاقة جيدة مع فصائل شيعية مسلحة لا يبرر لها، مع وجود حكومة عراقية منتخبة، القيام بإرسال أسلحة بشكل مباشر إلى هذه الفصائل لا في زمن المالكي ولا العبادي اليوم، حيث إن طهران تحرص على عدم المجازفة بهذه العلاقة التنسيقية الجيدة»، مشيرا إلى أن «الهدف المركزي الذي يقف خلف حرص الحكومة العراقية السابقة والحالية على صعيد ضبط السلاح الذي يأتي من عدة دول منها الولايات المتحدة الأميركية وإيران وألمانيا وفرنسا وغيرها إنما يعود لحصره بيدها وعدم انتشاره بيد أطراف خارجة عن القانون».
وأضاف: «موقف الحكومة العراقية واضح على صعيد السلاح، وهو القبول به من أي طرف دولي شريطة احترام السيادة العراقية، وهو ما حصل بالنسبة إلى محاولات أميركية لمنح العشائر السنية أسلحة بشكل مباشر، حيث كانت قد أثيرت ضجة بهذا الشأن إلى أن اتضح أن واشنطن تسلمه إلى الحكومة العراقية التي تتولى توزيعه على العشائر السنية، من أجل معرفة مصدره وأعداده».
وكشف السراج عن تملك ميليشيات الحشد الشعبي أسلحة أخرى: «غير تلك التي تمنحها لها الحكومة العراقية، وهي من الغنائم التي تحصل عليها جراء الحرب مع (داعش)، وهي أسلحة متنوعة ومن مناطق مختلفة»، موضحا أن إيران في النهاية لا تريد تقوية فصيل على حساب فصيل، ولها مواقف وآراء مختلفة من بعض الجهات والفصائل».
إلى ذلك، قال كريم النوري، القيادي البارز في منظمة بدر وهي من الفصائل المسلحة التي تملك رصيدا كبيرا من العلاقة مع إيران، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: نحن كفصائل مسلحة نتلقى السلاح عن طريق الحكومة العراقية، ويأتينا هذا السلاح بوصفنا نندرج ضمن «الحشد الشعبي» التابع للقائد العام للقوات المسلحة من مناطق مختلفة، من بينها إيران التي تحرص على دعم الحكومة العراقية وعدم إضعافها من خلال تقوية أطراف على حسابها؛ لأن ضعف الحكومة وتراخيها لن يصب في مصلحة إيران نفسها.
وفي شأن إيراني آخر، ذكرت وسائل إعلام إيرانية أن 9 متهمين بالمشاركة في الهجوم على السفارة السعودية في طهران خلال يناير (كانون الثاني) الماضي، مثلوا أمام المحكمة في طهران بعد أن حث مسؤولون إيرانيون على استئناف القضية خشية إثارة غضب السعودية، وأوضحت وسائل الإعلام الرسمية الإيرانية أن المشتبه بهم يواجهون تهما تشمل الإخلال بالنظام العام وإلحاق أضرار بمباني السفارة. وكان مئات الأشخاص هاجموا السفارة السعودية في طهران وألحقوا أضرارا بأجزاء منها، وكذلك القنصلية السعودية في مدينة مشهد.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.