لا مفر من الـ «فيسبوك» و«تويتر».. لمتابعة الأخبار

مخاوف من منح مزيد من النفوذ لشبكات التواصل الاجتماعي

ترحيب بمؤسس فيسبوك («الشرق الأوسط»)
ترحيب بمؤسس فيسبوك («الشرق الأوسط»)
TT

لا مفر من الـ «فيسبوك» و«تويتر».. لمتابعة الأخبار

ترحيب بمؤسس فيسبوك («الشرق الأوسط»)
ترحيب بمؤسس فيسبوك («الشرق الأوسط»)

خلال الأسبوع الماضي، كان أول خبر عن قتل الشرطي الأبيض للشاب الأسود في باتون روج (ولاية لويزيانا) نشر في «تويتر». وكان أول خبر عن الشاب الأسود الذي أطلق النار على عشرة من رجال الشرطة وقتل خمسة منهم في دالاس (ولاية تكساس) نشر في موقع «فيسبوك». وكان أول خبر عن مذبحة الشاحنة في نيس، في جنوب فرنسا، نشر في «تويتر». غير أن خبطة «فيسبوك» الصحافية كانت عندما قتل شرطي أبيض شابا أسود في منيابوليس (ولاية منيسوتا)، وصورت المنظر صديقة الشاب، ونشرته، مباشرة، في «فيسبوك».
يوم الاثنين الماضي، كتبت صحيفة «واشنطن بوست» عن هذا الموضوع تحت عنوان: «فيس ايت «فيسبوك» (لا مفر أمام «فيسبوك»). يعنى هذا أن «فيسبوك»، التي تظل الأولى في التواصل الاجتماعي في العالم (مليار ونصف مليار مشترك)، تدري، أو لا تدري، صارت مصدرا هاما للأخبار حول العالم. وصار نفس الشيء ينطبق على «تويتر» و«يوتيوب»، ولو بحجم أصغر.
في الماضي، صورت «فيسبوك» فيديوهات إخبارية بعد الحدث. لكن، لم يحدث أن صورت الحدث وهو يحدث. مثل قتل شاب ولاية منيسوتا عندما كان في سيارته مع صديقته. عندما دخلت دياموند رينولدز موقع «فيسبوك» مع قتل صديقها فيلاندو كاستيلي، بدأت تشغيل فيديو الكاميرا، وكتبت: «ستاي ويث مي» (ابقوا معي). وبقي عشرات من ملايين الناس، من حول العالم، معها، يتابعون الحدث وهو يحدث. حسب أرقام «فيسبوك» نفسها:
أولا: ثلاثون في المائة من المشتركين فيها (جملة مليار ونصف مليار)، أي خمسمائة مليون شخص تقريبا، حول العالم، يعتمدون على «فيسبوك» في متابعة الأخبار، البعيدة والقريبة.
ثانيا: عشرة في المائة (خمسة عشر مليون شخص تقريبا) لا هم لهم سوى نشر الأخبار في «فيسبوك»، القريبة والبعيدة (قالت «فيسبوك» بأن هناك فرقا بين نشر خبر، وتعليق على خبر).
في الأسبوع الماضي، قال آدمز موسيري، مدير قسم التواصل في «فيسبوك»: «لا نحدد نحن الموضوع الذي يقرأه العالم. نركز نحن على تواصل الناس ببعضهم البعض، وعلى تبادل الأفكار والمعلومات، سواء كانت أخبارا أو تعليقات». لكن، صار واضحا أن «فيسبوك» (و«تويتر»، و«يوتيوب») صارت مصدر أخبار من الدرجة الأولى. بل تفوقت على المصادر التقليدية، مثل وكالات الأخبار والصحف والتلفزيونات:
أولا: تفوقت في تقديم تغطية مباشرة بالفيديو (مثل فيديو ولاية منيسوتا).
ثانيا: تفوقت في فتح المجال لصانعي الأخبار ليقدموا أخبارهم بأنفسهم (مثل تغريدات المرشح الجمهوري دونالد ترامب).
ثالثا: تفوقت في نشر ما لا ينشره الإعلام التقليدي (مثل فيديوهات ذبح الرهائن التي وزعها تنظيم داعش).
في الأسبوع الماضي، نقلت صحيفة «يو إس إيه توداي» قول مسؤول في شركة «تويتر»، طلب عدم نشر اسمه أو وظيفته: «لا نريد أن نخدع أنفسنا. لا نريد أن ندعي أننا نقدر على منافسة مصادر الأخبار التقليدية. نحن حديثو عهد بهذا النوع من النشاط الإلكتروني».
وأشار المسؤول إلى أن «تويتر» ترددت، مؤخرا، عدة مرات في نشر أشياء معينة: نشرت، ثم حذفت، ثم نشرت مرة أخرى فيديو تعذيب قوات نظام الرئيس السوري بشار الأسد لطفل.
ونشرت، ثم حذفت، ثم نشرت مرة أخرى فيديو صديقة كاستيل المقتول في ولاية منيسوتا.
كيف تعرف مواقع التواصل الاجتماعي ماذا تنشر وماذا لا تنشر؟
في الأسبوع الماضي، نشرت صحيفة «واشنطن بوست» تصريحات د. زينب توفيقي، مديرة مركز الإنترنت والمجتمع في جامعة هارفارد. قالت: «لاحظوا أن هذه المواقع تخصص خيارات للقراء ليقيموا ما يقرأون أو يشاهدون. لاحظوا مربعات مثل: (منفر) و(مسيء) و(غير لائق). تستخدم هذه المواقع هذه الملاحظات لتحدد ما تنشر وما تحذف».
وهناك تصرفات لها صلة بالأمن، مثل دور مواقع التواصل الاجتماعي في الحرب ضد الإرهاب. حتى الآن، حذف موقع «تويتر» 125 ألف صفحة تقريبا لها صلة بالدعاية للإرهاب والإرهابيين.
في نهاية العام الماضي، تحدثت مجلة «كولمبيا جورناليزم ريفيو» (تصدرها كلية الصحافة في جامعة كولمبيا، في نيويورك) عن هذه القوة الجديدة التي حصلت عليها وسائل التواصل الاجتماعي: قوة نشر الأخبار. وسألت: «هل سيسيطر (فيسبوك) على إعلام العالم؟».
في الحقيقة، بالإضافة إلى إسهامات المشتركين في نشر الأخبار، بدأت «فيسبوك» حملة لإقناع مؤسسات إعلامية وإخبارية لنشر نشاطاتها عبر «فيسبوك». من بين الشركات الإعلامية التي وقعت على عقود مع «فيسبوك»: مجلة «ناشيونال جيوغرافيك»، صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، صحيفة «غارديان» البريطانية، إذاعة «بي بي سي» البريطانية.
حسب هذه العقود، في الحال، تظهر أخبار وتقارير هذه المطبوعات في موقع «فيسبوك»، بدلا من أن ينتظر الشخص حتى تنشرها مواقع هذه الشركات. وبدلا من أن ينتقل الشخص من رابط إلى رابط.
عن هذا قال موقع «بي بي سي»، الذي انضم إلى خدمة «فيسبوك»، بأن الخدمة الجديدة اسمها «انستانت توبيكز» (مقالات فورية)، وأنها «تتيح فرصا للمؤسسات الإخبارية لتقديم محتويات تفاعلية أبسط وأسرع في التلفونات الموبايل». وأضاف «بي بي سي»: «تبدو الفكرة جذابة بالنسبة للمؤسسات الإخبارية التي لا تجد فرصا كافية لتقديم محتوياتها إلى الشباب».
لكن، حذرت «بي بي سي»: «يجب التحلي بالحذر خشية منح مزيد من النفوذ لشبكات التواصل الاجتماعي». لم يرد ريس كوكس، مسؤول الإنتاج في «فيسبوك» مباشرة على «بي بي سي»، لكنه قال: «نعتقد أن الشيء الأكثر أهمية هنا هو السرعة. الدرس الواضح الذي نتعلمه كل يوم هو أن السرعة الفائقة هي الشيء الأكثر أهمية عندما يتعلق الأمر بالتلفونات الموبايل». في بداية هذا العام، أجرى مركز «بيو» في واشنطن العاصمة استطلاعا عن وسائل الإعلام الأميركية. وأوضح الاستطلاع أن نصف الأميركيين الذين يستخدمون الإنترنت يحصلون على أخبار الشؤون السياسية والشؤون الحكومية من شبكات التواصل الاجتماعي. ربما لهذا، جاء السؤال الآتي في تقرير دورية «كولمبيا جورناليزم ريفيو»: «هل سيسيطر (فيسبوك) على إعلام العالم؟».



تساؤلات بشأن سياسات «ميتا» لحماية المستخدمين بعد حذف مليوني حساب

شعار «ميتا» مطبوع بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد على لوحة مفاتيح كومبيوتر جوال (رويترز)
شعار «ميتا» مطبوع بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد على لوحة مفاتيح كومبيوتر جوال (رويترز)
TT

تساؤلات بشأن سياسات «ميتا» لحماية المستخدمين بعد حذف مليوني حساب

شعار «ميتا» مطبوع بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد على لوحة مفاتيح كومبيوتر جوال (رويترز)
شعار «ميتا» مطبوع بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد على لوحة مفاتيح كومبيوتر جوال (رويترز)

أثار قرار شركة «ميتا» بحذف أكثر من مليونَي حساب على منصات «فيسبوك»، و«إنستغرام»، و«واتساب»، خلال الأشهر الماضية، تساؤلات بشأن سياسات الشركة حول حماية بيانات المستخدمين، لا سيما أن القائمين على القرار برّروا الخطوة بأنها جاءت بهدف «مواجهة عمليات الاحتيال الرقمي». ووفق خبراء تحدَّثوا مع «الشرق الأوسط» فإن «الخطوة تعد تطوراً في سياسات (ميتا) لحماية البيانات».

«ميتا» ذكرت، في تقرير صدر نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أن السبب وراء حذف الحسابات هو «رصد عمليات احتيال رقمي كانت قد قامت بها تلك الحسابات». ويُعدّ هذا التقرير الأول الذي تكشف من خلاله «ميتا» عن تفاصيل استراتيجيتها للتصدي للأنشطة الاحتيالية العابرة للحدود. وعدّ مراقبون هذه الخطوة تعزيزاً لاتباع سياسة واضحة تجاه أي اختراق لحماية المستخدمين. وكتبت الشركة عبر مدونتها «لا مكان على (فيسبوك) أو (إنستغرام) أو (واتساب) للمجموعات أو الأفراد الذين يروّجون للعنف، والإرهاب، أو الجريمة المنظمة، أو الكراهية».

هيفاء البنا، الصحافية اللبنانية والمدرّبة في الإعلام ومواقع التواصل، رأت في لقاء مع «الشرق الأوسط» أن «ميتا» تعمل على تحديث أدواتها لحماية المستخدمين. وأضافت: «تركز سياسات (ميتا) على الحدِّ من الجريمة المنظمة عبر استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي (AI) المتطورة، وتعمل هذه التقنيات على تحليل النشاطات المُريبة على المنصات واكتشاف المحتويات المرتبطة بالجريمة المنظمة».

ووفق البنا فإن «(ميتا) تُراجع وتحدّث سياساتها بشكل دوري، كي تتفادى أي تهديدات تلاحق المستخدمين، وكانت الشركة قد أوضحت أن خوادمها الـ(Servers) المنتشرة في الدول يتم تحديثها بشكل دوري؛ لضمان مواكبة أي تغييرات، ولضمان بيئة أكثر أماناً لمستخدمي منصاتها حول العالم».

وأردفت: «التزاماً بلائحة حماية البيانات العامة، تتعامل (ميتا) مع الأشخاص الذين تُحلّل بياناتهم عبر رموز مشفّرة، وليس عبر أسمائهم الحقيقية، ما يضمن الحفاظ على خصوصياتهم»، مشيرة إلى أن حماية بيانات المستخدمين لا تتوقف على «ميتا» فقط.

إذ شدّدت الإعلامية والمدرّبة اللبنانية على تدابير يجب أن يتخذها المستخدم نفسه لحماية بياناته، إذ توصي مثلاً «بتفعيل خاصية (التحقق بخطوتين/ Two-Factor Authentication)؛ لضمان أمان الحسابات، ويمكن أيضاً استخدام تطبيقات مثل (Google Authentication)، التي تولّد رموزاً سرية تُستخدم للدخول والتحقق من هوية المستخدم، وكذا يمكن استخدام خاصية الإبلاغ التي توفّرها (ميتا) بسرية تامة، حيث يصار إلى التعامل مع هذه البلاغات من خلال فرق مختصة أو تقنيات الذكاء الاصطناعي؛ لضمان بيئة آمنة للجميع».

معتز نادي، المدرّب المتخصص في الإعلام الرقمي، عدّ خلال حوار مع «الشرق الأوسط» تحرّكات «ميتا» الأخيرة انعكاساً لـ«تفاقم مشكلة الاحتيال عبر الإنترنت وزيادة التهديدات السيبرانية التي تواجه المستخدمين». ورأى أن «تحديات (ميتا)» تصطدم بتطور الاحتيال، وازدياد عدد المستخدمين بما يتجاوز نحو مليارَي مستخدم، وتشديد الرقابة الرقمية التي تضعها في مرمى نيران الانتقادات، خصوصاً مع انتقاد خوارزمياتها الكثير من الأحداث السياسية التي شهدها العالم أخيراً.

وحول جدية «ميتا» في حماية بيانات المستخدمين، قال معتز نادي: «بنظرة إلى المستقبل، سيكون الأمان الرقمي بحاجة إلى مجاراة التطور من حيث تقنيات الذكاء الاصطناعي، والعمل على تثقيف المستخدمين عبر وسائل الإعلام والمنصات الرقمية لمنع أي اختراق لخصوصياتهم».