الإعلام.. «نصف المعركة» في إحباط انقلاب تركيا العسكري

مذيعة واحدة أعلنت نجاح التمرد.. وفشله * كاراش: قرأت بيانهم تحت تهديد سلاح

تيفان كراش مذيعة {تي آر تي} - إردوغان على «فيس تايم»
تيفان كراش مذيعة {تي آر تي} - إردوغان على «فيس تايم»
TT

الإعلام.. «نصف المعركة» في إحباط انقلاب تركيا العسكري

تيفان كراش مذيعة {تي آر تي} - إردوغان على «فيس تايم»
تيفان كراش مذيعة {تي آر تي} - إردوغان على «فيس تايم»

لم تخل محاولة الانقلاب العسكري الفاشلة في تركيا من مفارقات كان البطل الأساسي فيها هو الإعلام، على الرغم من الطبيعة الدراماتيكية لما شهدته تركيا ليل الجمعة - السبت.
وكان التلفزيون الرسمي للدولة «تي آر تي» بقنواته المختلفة في طليعة أهداف محاولة الانقلاب كغيرها من المحاولات والانقلابات، فقد سيطر الانقلابيون على التلفزيون الرسمي وأذاعوا منه بيانهم الذي أعلنوا فيه سيطرتهم على السلطة في تركيا، بعد أن انقطع بثه لفترة وجيزة في فاصل بين عهدين لم يكتمل آخرهما، ولم يصمد أكثر من ساعات، ليعود كل شيء بعدها كما كان.
المفارقة هنا ليست في استيلاء الانقلابيين على التلفزيون الرسمي ثم فقدهم إياه، بل كانت في ظهور مذيعة واحدة بدورين في هذه الأحداث؛ مرة لتقرأ بيان الانقلابيين، ومرة لتعلن فشل محاولة انقلابهم.
في المرة الأولى اضطرت المذيعة تيغان كاراش ذات الشعر الأشقر لقراءة بيان الانقلاب أمام كاميرات الصحافيين، مؤكدة أنها اضطرت لذلك لأنها كانت تحت تهديد السلاح. وقالت كاراش: «أرغموني على قراءة البيان.. طالبني الانقلابيون بقراءة البيان تحت تهديد السلاح، مما دفعني إلى قراءته في ظل تلك الظروف، أحمد الله أنه لم يصبنا مكروه ولا أريد أن أتذكّر هذه اللحظات مرة أخرى». واحتفلت القناة التركية بعودة بثها بعد انقطاع دام ساعات، وأعلن وزير العمل التركي سليمان سويلو «تحرير» القناة من الانقلابيين.
ثم أكدت أن ما أنقذها من براثن الجيش، هو اقتحام مواطنين أتراك مبنى التلفزيون بكثافة اضطرت معها القوات المسلحة إلى الانسحاب.
ووقفت كاراش بين زملائها في العمل معلنة أسفها على ما فعلت، ومؤكدة أنها لم تكن لتفعل ذلك بإرادتها، كما شكرت تفهم الناس وجمهور القناة لموقفها حيث كانت «مسلوبة الإرادة».
ظهرت تيجان كراش مجددا وسط حشد من المواطنين، وهي تلتقط صور السيلفي معهم، ووجهت للمواطنين الشكر لإنقاذها. من جهته، قال مدير قناة «تي آر تي» العربية إبراهيم إلما إن قوة انقلابية سيطرت مؤقتًا على مقر القناة، وقد تم طردها لاحقًا. وكان جنود من الجيش التركي اقتحموا مبنى القناة، وتبع ذلك قراءة بيان للانقلابيين أعلنوا خلاله حظر التجول في أنحاء البلاد، وإغلاق المطارات، بناء على أوامر الجيش، ثم انقطع بث القناة.
وتكرر الأمر مع قناة «سي إن إن تورك» الخاصة بعد انقطاع لفترة وجيزة عقب ظهور الرئيس رجب طيب إردوغان عليها من منتجع مارمريس جنوب تركيا عبر تطبيق «فيس تايم».
فقد تتابعت بسرعة مذهلة أنباء الانقلاب العسكري في تركيا مساء الجمعة وانتظر الأتراك ظهور الرئيس رجب طيب إردوغان على شاشة التلفزيون الحكومي في كلمة مباشرة أو مسجلة، لكنه فضل الظهور الأول عبر أحد تطبيقات التواصل وهو «فيس تايم» الخاص بشركة «آبل» على قناة «سي إن إن تورك» مع أن إردوغان كان صرح مرارًا بأنه لا يحب التعامل مع تكنولوجيا وسائل الاتصال.
وكان ظهور إردوغان بهذه الطريقة وتوجيهه نداء إلى الشعب بالنزول إلى الشوارع لحماية الشرعية دافعًا لتشجيع مؤيديه على النزول إلى الشوارع والتصدي لقوات الجيش التي حاولت الانقلاب على نظام حكمه.
تطبيق «فيس تايم» طرحته شركة «آبل» للتواصل عبر الفيديو بين أجهزتها عام 2010 لأجهزة «iOS» وعام 2011 لنظام «ماك»، ويعد من بين أحد أبرز التطبيقات التي توفرها «آبل» لمستخدميها.
التطبيق نفسه استخدمه الرئيس التركي السابق عبد الله جول لإدانة محاولة الانقلاب ومطالبته العسكريين بالعودة إلى مواقعهم قائلا إن الجندي الشريف لا يخون وطنه، وعلى الجميع الانصياع للدستور والقانون. ويرى محللون أن حديث إردوغان عبر «فيس تايم» في قناة «سي إن إن تركيا» أسهم في تشجيع مؤيديه على النزول للشروع والتصدي لوحدات من الجيش التي حاولت الانقلاب على نظام حكمه.
وكانت شركة «آبل» قد طرحت تطبيقها «فيس تايم» للتواصل عبر الفيديو بين أجهزتها الخاصة عام 2010 لأجهزة iOS وعام 2011 لنظام «ماك»، ويعد من بين أحد أبرز التطبيقات التي توفرها «آبل» لمستخدميها.
وعلى جانب آخر، فقد واجه رواد مواقع التواصل الاجتماعي في تركيا صعوبات شديدة للوصول لمواقع مثل فيسبوك و«تويتر» و«يوتيوب»، بل إن بعض التقارير الإعلامية أكدت أنها كانت محظورة خلال ساعات الاضطرابات والتوتر في تركيا، ولكنها لم تحدد الطرف المسؤول عن الحظر.
في الوقت نفسه، واجه رواد مواقع التواصل الاجتماعي في تركيا صعوبات شديدة للوصول لمواقع مثل «فيسبوك» و«تويتر» و«يوتيوب»، بل إن بعض التقارير الإعلامية أكدت أنها كانت محظورة خلال ساعات الاضطرابات والتوتر في تركيا، ولكنها لم تحدد الطرف المسؤول عن الحظر.



تساؤلات بشأن سياسات «ميتا» لحماية المستخدمين بعد حذف مليوني حساب

شعار «ميتا» مطبوع بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد على لوحة مفاتيح كومبيوتر جوال (رويترز)
شعار «ميتا» مطبوع بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد على لوحة مفاتيح كومبيوتر جوال (رويترز)
TT

تساؤلات بشأن سياسات «ميتا» لحماية المستخدمين بعد حذف مليوني حساب

شعار «ميتا» مطبوع بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد على لوحة مفاتيح كومبيوتر جوال (رويترز)
شعار «ميتا» مطبوع بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد على لوحة مفاتيح كومبيوتر جوال (رويترز)

أثار قرار شركة «ميتا» بحذف أكثر من مليونَي حساب على منصات «فيسبوك»، و«إنستغرام»، و«واتساب»، خلال الأشهر الماضية، تساؤلات بشأن سياسات الشركة حول حماية بيانات المستخدمين، لا سيما أن القائمين على القرار برّروا الخطوة بأنها جاءت بهدف «مواجهة عمليات الاحتيال الرقمي». ووفق خبراء تحدَّثوا مع «الشرق الأوسط» فإن «الخطوة تعد تطوراً في سياسات (ميتا) لحماية البيانات».

«ميتا» ذكرت، في تقرير صدر نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أن السبب وراء حذف الحسابات هو «رصد عمليات احتيال رقمي كانت قد قامت بها تلك الحسابات». ويُعدّ هذا التقرير الأول الذي تكشف من خلاله «ميتا» عن تفاصيل استراتيجيتها للتصدي للأنشطة الاحتيالية العابرة للحدود. وعدّ مراقبون هذه الخطوة تعزيزاً لاتباع سياسة واضحة تجاه أي اختراق لحماية المستخدمين. وكتبت الشركة عبر مدونتها «لا مكان على (فيسبوك) أو (إنستغرام) أو (واتساب) للمجموعات أو الأفراد الذين يروّجون للعنف، والإرهاب، أو الجريمة المنظمة، أو الكراهية».

هيفاء البنا، الصحافية اللبنانية والمدرّبة في الإعلام ومواقع التواصل، رأت في لقاء مع «الشرق الأوسط» أن «ميتا» تعمل على تحديث أدواتها لحماية المستخدمين. وأضافت: «تركز سياسات (ميتا) على الحدِّ من الجريمة المنظمة عبر استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي (AI) المتطورة، وتعمل هذه التقنيات على تحليل النشاطات المُريبة على المنصات واكتشاف المحتويات المرتبطة بالجريمة المنظمة».

ووفق البنا فإن «(ميتا) تُراجع وتحدّث سياساتها بشكل دوري، كي تتفادى أي تهديدات تلاحق المستخدمين، وكانت الشركة قد أوضحت أن خوادمها الـ(Servers) المنتشرة في الدول يتم تحديثها بشكل دوري؛ لضمان مواكبة أي تغييرات، ولضمان بيئة أكثر أماناً لمستخدمي منصاتها حول العالم».

وأردفت: «التزاماً بلائحة حماية البيانات العامة، تتعامل (ميتا) مع الأشخاص الذين تُحلّل بياناتهم عبر رموز مشفّرة، وليس عبر أسمائهم الحقيقية، ما يضمن الحفاظ على خصوصياتهم»، مشيرة إلى أن حماية بيانات المستخدمين لا تتوقف على «ميتا» فقط.

إذ شدّدت الإعلامية والمدرّبة اللبنانية على تدابير يجب أن يتخذها المستخدم نفسه لحماية بياناته، إذ توصي مثلاً «بتفعيل خاصية (التحقق بخطوتين/ Two-Factor Authentication)؛ لضمان أمان الحسابات، ويمكن أيضاً استخدام تطبيقات مثل (Google Authentication)، التي تولّد رموزاً سرية تُستخدم للدخول والتحقق من هوية المستخدم، وكذا يمكن استخدام خاصية الإبلاغ التي توفّرها (ميتا) بسرية تامة، حيث يصار إلى التعامل مع هذه البلاغات من خلال فرق مختصة أو تقنيات الذكاء الاصطناعي؛ لضمان بيئة آمنة للجميع».

معتز نادي، المدرّب المتخصص في الإعلام الرقمي، عدّ خلال حوار مع «الشرق الأوسط» تحرّكات «ميتا» الأخيرة انعكاساً لـ«تفاقم مشكلة الاحتيال عبر الإنترنت وزيادة التهديدات السيبرانية التي تواجه المستخدمين». ورأى أن «تحديات (ميتا)» تصطدم بتطور الاحتيال، وازدياد عدد المستخدمين بما يتجاوز نحو مليارَي مستخدم، وتشديد الرقابة الرقمية التي تضعها في مرمى نيران الانتقادات، خصوصاً مع انتقاد خوارزمياتها الكثير من الأحداث السياسية التي شهدها العالم أخيراً.

وحول جدية «ميتا» في حماية بيانات المستخدمين، قال معتز نادي: «بنظرة إلى المستقبل، سيكون الأمان الرقمي بحاجة إلى مجاراة التطور من حيث تقنيات الذكاء الاصطناعي، والعمل على تثقيف المستخدمين عبر وسائل الإعلام والمنصات الرقمية لمنع أي اختراق لخصوصياتهم».