ماي تتخلى عن الحرس القديم مع حكومة «أصحاب الكفاءة»

ماي تتخلى عن الحرس القديم  مع حكومة «أصحاب الكفاءة»
TT

ماي تتخلى عن الحرس القديم مع حكومة «أصحاب الكفاءة»

ماي تتخلى عن الحرس القديم  مع حكومة «أصحاب الكفاءة»

* كتبت صحيفة «الغارديان» على صفحتها الأولى «التغيير الحكومي الجذري لماي يفاجئ الحرس القديم». إذ تخلت رئيسة الوزراء الجديدة تيريزا ماي، التي نصبت قبل ثلاثة أيام، عن خريجي مدارس خاصة عريقة مثل ايتون وغيرها والذين كانوا يشكلون نصف حكومة كاميرون. وأكثر من ثلثي الحكومة الجديدة درسوا في مدارس حكومية، تماشيا مع وعد ماي عند توليها منصبها «بناء بريطانيا أفضل.. تعمل من أجل الجميع.. ليس فقط لقلة من المحظوظين». وكتبت «ديلي ميل» على صفحتها الأولى «مسيرة أصحاب الكفاءة». كما أحاطت نفسها بمجموعة من النساء.
بعد ست سنوات في منصب وزيرة الداخلية في حكومة كاميرون، اعتبرت ماي خيارا آمنا لخلافته، لكنها بدأت باستبعاد جذري لبعض زملائها في الحكومة السابقة فأقالت وزير المالية جورج أوزبورن ووزير العدل المؤيد لبريكست مايكل غوف، لكنها أوكلت لجونسون حقيبة الخارجية، الذي كان من أشد المنافسين على زعامة الحزب، ولم يكن مقربا من كاميرون.
كما عينت تيريزا ماي في المواقع الأساسية من حكومتها عددا من أشد أنصار خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ما يثبت عزمها على إنجاز عملية الانفصال عن الكتلة الأوروبية.
كما يعتقد بعض المعلقين أنها استحدثت عددا من الحقائب الوزارية ومنحتها لعدد من الأشخاص المؤيدين للخروج. وهذا ربما سيعفيها من المسؤولية في حالة فشل هؤلاء في الحصول على أفضل صفقة مع الاتحاد الأوروبي.
وكانت المفاجأة الكبرى في تعيينات رئيسة الوزراء الجديدة اختيارها بوريس جونسون الذي تراجعت مكانته كثيرا في الآونة الأخيرة وزيرا للخارجية. فبعدما غدره مايكل غوف، حليفه الرئيسي في حملة الخروج من الاتحاد الأوروبي، تخلى عن الترشح لرئاسة الحكومة وبدا مستقبله السياسي قاتما.
واستحدثت ماي وهي نفسها من المشككين في أوروبا، وزارة للخروج من الاتحاد الأوروبي، وهي تسمية توضح مهمة هذه الوزارة، وعينت على رأسها ديفيد ديفيس، أحد قدامى الحزب المحافظ المعروف بمواقفه الراسخة المشككة في البناء الأوروبي.
وعهدت إلى مشكك آخر في أوروبا هو ليام فوكس بوزارة استحدثت أيضا على ضوء قرار خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وهي وزارة التجارة الدولية المكلفة تطوير روابط بريطانيا خارج الاتحاد الأوروبي وتحديد «الدور الجديد الجريء والإيجابي» الذي وعدت ماي بأن تقوم به بريطانيا. وكتب مارك والاس في المدونة الإلكترونية المحافظة «كونسيرفاتيف هوم» أن هذا الثلاثي لن يقبل بأدنى تراجع عن وعد «بريكست يعني بريكست» الذي قطعته ماي، معتبرا أن دمج دعاة الخروج في الفريق الحكومي هو «خيار ماهر وحاذق».
وأعرب الزعيم السابق لحزب الاستقلال «يوكيب» المعادي لأوروبا وللمهاجرين نايجل فاراج الذي تزعم مع جونسون معسكر بريكست، عن ارتياحه لتعيين ديفيس وفوكس وكتب على «تويتر» «إنه خيار حاذق. أنا أكثر تفاؤلا الآن»، بعدما كان أبدى في السابق خشيته من عدم تطبيق نتيجة الاستفتاء في نهاية المطاف.
وبذلك وزعت ماي على ثلاث وزارات العبء الأكبر لمهمة الخروج من الاتحاد الأوروبي.
وقال بيتر سنودن «ستبقي قبضتها على وزرائها وستحدد الاستراتيجية» مضيفا أن «امتلاك ثلاثة وزراء أقوياء يسمح لها بالاحتفاظ بالسيطرة، سوف تفوضهم مسؤوليات، لكن مع الاحتفاظ بالدور القيادي».
ويرى سايمن اشروود المحاضر في السياسة في جامعة ساري، في تعيينه خطوة في غاية الذكاء من جانب ماي التي نجحت في آن في «توحيد الحزب وتقديم ترضية لخصم محتمل واحتواء فريق بريكست» من خلال توزيعه على ثلاث وزارات، ما يفترض أن يسمح لها بالتفرغ لقيادة البلاد في مواضيع أخرى.
فقد شددت ماي كثيرا في خطابها الأول على أهمية العدالة الاجتماعية، مستخلصة العبر من الاستفتاء الذي عكس استياء جميع المهمشين في المجتمع.
كذلك يندرج رحيل أوزبورن من الحكومة في سياق الضمانات المقدمة لأنصار خروج بريطانيا، بعدما خاض حملة نشطة قبل الاستفتاء دعا للبقاء في الاتحاد الأوروبي.
وسيتحتم الآن على تيريزا ماي على رأس هذا الفريق القوي الدخول في صلب الموضوع، وهي لم تحدد بعد نواياها بشأن الجدول الزمني لآلية الانسحاب من الاتحاد الأوروبي.
ويحضها الأوروبيون يوميا على الشروع بأسرع وقت ممكن في التدابير من خلال تفعيل المادة 50 من معاهدة لشبونة، غير أنها أعلنت قبل وصولها إلى السلطة أنها لن تقدم على هذه الخطوة قبل نهاية العام.
وقال سنودن إنها «ستجري محادثات غير رسمية مع قادة الدول الآخرين. هي لا تحب التسرع في اتخاذ القرارات، ستستمع إلى الجميع وستقرر لاحقا. ذلك كان نهجها في العمل في وزارة الداخلية، ولا داعي لتغييره».



كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.